البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لن يرضى عنا الغرب أبدًا، فلنغلق ملف الحوار

كاتب المقال ابتسام سعد   
 المشاهدات: 8545



نفر غير قليل من المسلمين ينخدعون بدعاوى الغرب عن "حوار الحضارات" أو حتى "حوار الأديان"، الذي يتحدث الغرب ومعه نخبة سياسية وثقافية منا عنه بصفة مستمرة، معولين عليه لتحسين العلاقات التاريخية السيئة بين الإسلام والغرب.

الذين أحسنوا الظن بالغرب انخدعوا وهم غير أبرياء من هزيمتهم النفسية تجاه كل ما يصدر من الغرب، فهم يصدقون الغرب دائمًا ومستعدون لذلك مستقبلًا.

والغريب أن هؤلاء المخدوعين ينتمون إلى طبقات مثقفة، ولو قرءوا بقلوب سليمة وعقول منفتحة لتأكدوا أن الغرب كان مخادعًا معنا على طول الخط، ولم يك صادقًا في أي وعد قطعه على نفسه تجاهنا.

الغرب حدد طريقة التعامل مع الشرق العربي المسلم؛ وهي القوة العسكرية المسلحة، فلما فشلت بعد هزيمة الحملات الصليبية وأُسر لويس التاسع؛ تغيرت الاستراتيجية إلى التسلل والخبث والدهاء لاصطناع الصداقة حتى يستطيعوا السيطرة في النهاية، لكن هذه الخطة سرعان ما تم تغييرها بعد أن أصبحت الفجوة بيننا وبينهم كبيرة جدًّا في كل شيء، خاصة المجال العسكري والعلمي.

عندها بدأ الغرب مرة أخرى في الاحتلال العسكري المباشر لبلادنا، الذي بدأ مع الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م، واستمر حتى جلاء آخر جندي غربي عن بلادنا العربية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وسرعان ما عاد الاحتلال الغربي مرة أخرى للعراق عام 2003م.

من استراتيجية الدهاء والخداع كانت دعوى الحوار بين الحضارات، ومن يراجع هذه القضية ويدرسها بعناية؛ يتأكد أن الغربيين ينحازون دائمًا وأبدًا إلى أساليب الضغوط والإملاءات، وكيف لا يفعلون ذلك وهم يجدون كلمتهم مسموعة وآراءهم نافذة في أقطار العالم العربي والإسلامي؛ الأمر الذي جعلهم في غير حاجة للجوء إلى الحوار الذي يفترض فيه لجوء الطرفين إلى التنازلات المتبادلة للوصول إلى قواسم مشتركة.

وكيف تستقيم دعاوى الغربيين وأتباعهم بحوار الأديان والحضارات مع العرب والمسلمين في الوقت الذي تتكشف فيه الحقائق عن خطط ومؤتمرات التنصير في بلاد المسلمين؟! ومن هذه الخطط ما أعلنه بابا الفاتيكان السابق من أنه يريد أن ينصر العالم في الفترة من 1995م حتى عام 2000م، وحدد ذلك بدقة، وقال: إن الفترة من عام 1995م وحتى عام 1997م عامان تمهيديان، ثم يتبعهما عام الاحتفال بالسيد المسيح، ثم في الاحتفال الآخر عام 2000م يقام قربان كبير احتفالًا بتنصير العالم كله.

وفي الخطاب قال البابا: إنه يريد إحياء خط سير العائلة المقدسة، وفي مؤتمر تنصير العالم الذي عُقد في "كلورادو" بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1987م، قالوا في أبحاثهم الموجودة والمتاحة والموثقة: إن الإسلام لابد أن يُضرب من الداخل، وإحياء مسيرة العائلة المقدسة في البلاد العربية كناية عن تنصيرها.

إنهم يلعبون بنقطة خطيرة وهي الحوار بين الأديان، والحوار بالنسبة لهم يعني فرض الارتداد والدخول في النصرانية، وليس المقصود منه الحوار والوصول إلى الحق.

إننا لو ناقشنا القوم فلن نجد عندهم شيئًا ـ وهم يعلمون ذلك ـ ومن أجله يحاولون أن يوهمونا بأننا جيران، ولابد أن نعيش في حب وأمان، ولابد من التسامح والتآخي، والغريب أن المثقفين عندنا يرددون نفس الكلام الذي يردده الغرب؛ إما عن جهل أو غفلة أو عدم مبالاة، أو عن تعتيم فُرض علينا جميعًا وشارك مثقفونا في تدعيمه.

إن العولمة والكوكبية يُراد بها إلحاقنا بالغرب، فحينما نصبح قرية واحدة فستكون اللغة لغتهم، والدين دينهم، والثقافة ثقافتهم، والمصلحة مصلحتهم، ونحن مجرد رعاع لا قيمة لنا وإنما نُساق كالقطيع.

إن فرنسا تعلن أنها دولة علمانية فصلت الدين عن الدولة، ومقابل إعلانها هذا تتحمل ثلثي تكاليف وميزانية عملية التنصير.

إن مسار دعوة حوار الأديان والحضارات حاليًا مضيعة للوقت والمال، فإذا تحدثنا عن دعوة الحوار مجردة فلا يوجد أحد يرفض الحوار الذي هو مقترن في ذهننا بقيم التسامح، والفكر، وسعة الأفق، والهدوء والاتزان، والموضوعية ... إلخ.

وعندما نتحدث عن الحوار بين الأديان والحضارات؛ فعلينا أن نسأل أنفسنا أسئلة معينة؛ مثل: ما هو السياق الذي يجري فيه هذا الحوار؟ ومن هي الأطراف الداخلية في هذا الحوار؟ ومن هم ممثلوها؟ وما هي القنوات والأشكال التي سوف يتخذها هذا الحوار؟ وما هي أهدافه وغاياته وثمرته؟

وإذا فُرض أننا نتحدث عن الحوار الإسلامي المسيحي مثلًا، فالطرف الأول لا يمثله المسلمون الشعبيون، ولكن تمثله حكومات أو بعض شخصيات اختارتها الحكومات، بينما الطرف المسيحي يمثله علماء أو رجال دين مسيحيون على درجة عالية من الثقافة، ويتمتعون باستقلال في الشخصية والرأي، واستقلال أيضًا في المادة؛ لأن المؤسسة الكنسية في الغرب مستقلة عن تدخل الحكومات والسلطات.

وهكذا يدخل الطرف المسيحي كطرف حر ومستقل وفاعل ومثقف، بينما الطرف الآخر يدخل وهو مفتقد هذه الأشياء، بل مجرد موظف ليس على درجة من الكفاءة والعلم التي تؤهله للدخول في هذا الحوار، وهو يدخل هذا الحوار لا يراعي الدين الإسلامي، ولا يراعي وجه الحقيقة، ولكن يراعي فقط أن يحافظ على المواقف السياسية لمن عينوه في موقف المحاور، فهذا المناخ يحتوي على طرفين؛ أحدهما مقيد غير حر ويطرح وجهة نظر سلطة سياسية عينته في موقعه.

وإذا انتقلنا للحوار بين الحضارات، فهنا نجد أنفسنا في موقف عدم التكافؤ ما بين حضارة تتمتع بقوة مادية وأخرى ذات قوة مادية ضعيفة، والممثلون للحضارة الغربية منتخبون ديموقراطيًّا؛ أي يعبرون عنها مائة في المائة.

ولكن هل نستطيع أن نقول عن أي محاور من الطرف الإسلامي إنه منتخب ويمثل الحضارة الإسلامية؟ بالعكس إن معظم مثقفينا يمثلون الحضارة الغربية أكثر مما يمثلون الحضارة الإسلامية.

ثم كيف يتم هذا الحوار في ظل عمليات سيطرة متتابعة منذ أربعة قرون؟ فعرفنا الاستعمار العسكري، والاستعماري الاستيطاني، والاستعماري السياسي، والإمبريالية، والتبعية، ثم الاستعمار الاقتصادي، ثم الغزو الفكري، ثم التبعية الثقافية، فنحن نعيش معهم منذ أربعة قرون في سلسلة متتالية من أنواع الاستعمار، والتبعية، والسيطرة، والتدخل، والأحادية، والإلحاق، والضم، فكيف يمكن أن يقوم الحوار في ظل هذا المناخ؟ فلا بد أن يكون هناك تكافؤ في الاستقلالية والانتماء للحضارة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

حوار الاديان، الغرب الكافر، تغريب، غزو فكري، تنصير، غزو ثقافي، المسيحية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-05-2009   shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمر غازي، د - المنجي الكعبي، سليمان أحمد أبو ستة، سامح لطف الله، د. أحمد محمد سليمان، عواطف منصور، رحاب اسعد بيوض التميمي، كريم فارق، كريم السليتي، يحيي البوليني، صلاح الحريري، المولدي الفرجاني، محمود فاروق سيد شعبان، د- محمود علي عريقات، الهادي المثلوثي، حسن عثمان، صفاء العربي، د.محمد فتحي عبد العال، حميدة الطيلوش، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محرر "بوابتي"، د- محمد رحال، ياسين أحمد، العادل السمعلي، رافع القارصي، مصطفى منيغ، سعود السبعاني، إيمى الأشقر، أحمد النعيمي، فتحي الزغل، فوزي مسعود ، د - محمد بنيعيش، أحمد الحباسي، د - صالح المازقي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أنس الشابي، رافد العزاوي، خالد الجاف ، إياد محمود حسين ، د - شاكر الحوكي ، عزيز العرباوي، د - عادل رضا، خبَّاب بن مروان الحمد، د - الضاوي خوالدية، فتحي العابد، د- جابر قميحة، فتحـي قاره بيبـان، تونسي، عراق المطيري، جاسم الرصيف، ماهر عدنان قنديل، إسراء أبو رمان، الهيثم زعفان، يزيد بن الحسين، حاتم الصولي، محمد شمام ، محمد علي العقربي، صباح الموسوي ، د. أحمد بشير، فهمي شراب، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله زيدان، صلاح المختار، د. عبد الآله المالكي، محمد أحمد عزوز، د. خالد الطراولي ، أحمد ملحم، سفيان عبد الكافي، ضحى عبد الرحمن، مجدى داود، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، بيلسان قيصر، د- هاني ابوالفتوح، علي عبد العال، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، منجي باكير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمود سلطان، د - محمد بن موسى الشريف ، مراد قميزة، عمار غيلوفي، عبد الغني مزوز، علي الكاش، سلوى المغربي، المولدي اليوسفي، أشرف إبراهيم حجاج، د. صلاح عودة الله ، الناصر الرقيق، صالح النعامي ، د. طارق عبد الحليم، عبد العزيز كحيل، مصطفي زهران، طلال قسومي، عبد الرزاق قيراط ، أبو سمية، رشيد السيد أحمد، محمد يحي، وائل بنجدو، نادية سعد، أ.د. مصطفى رجب، سلام الشماع، حسن الطرابلسي، محمود طرشوبي، محمد العيادي، أحمد بوادي، محمد الطرابلسي، د - مصطفى فهمي، رمضان حينوني، سامر أبو رمان ، محمد الياسين، طارق خفاجي، رضا الدبّابي، سيد السباعي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد عمر غرس الله، صفاء العراقي، د. عادل محمد عايش الأسطل،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة