البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

قاموس المصطلحات الاستعمارية -2-

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - برلين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 11159


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


المصطلحات حسب تسلسلها التاريخي:

1ـ الديمقراطية:


من أكثر المصطلحات الرأسمالية شيوعاً، وأكثرها تعرضاً للتشوه والتحريف. وهذا المصطلح الإغريقي في جذره التاريخي، يعني حكم الأكثرية، والانصياع لرأي الأكثرية، ولكن مفاهيم كثيرة تداخلت حتى غدا هذا المفهوم أكثر من أن يعرف بكلمات قليلة.

وقد تأثر هذا المفهوم بشدة بالتطورات الحاصلة في الفكر السياسي ولا سيما بعد الهزات التي شهدتها الكنيسة الكاثوليكية، من انبثاق تيارات ومدارس فكرية وفلسفية أولها كانت التيار السكولاستي ومن أبرز شخصياته القس توما الأكويني، ومن ثم الهزة الكبرى التي مثلتها حركة المحتجين (البروتستانت) على يد القس الألماني مارتن لوثر. بيد أن التأثر الأعظم حصل في أعقاب عصر النهضة، وانبثاق التيار الليبرالي في السياسة، على يد مفكرين كجان جاك روسو، وديدرو، ومونسيكيو، وفي الاقتصاد على يد آدم سمث وريكاردو، وهنا ألتحم مفهوم الديمقراطية بشدة لا نجد لها انفصاما بالمفاهيم السياسية والاقتصادية الحديثة، فغدا هذا المفهوم يمثل الحرية المطلقة في الاقتصاد ورفع القيود عن الفئات المالية والتجارية والصناعية دون قيد وشرط، ورفض أي سقف أو حدود لنشاطاتها، واعتبرت بالتالي أي محلولة لوضع سقف لنشاطات رأس المال هي عملية غير ديمقراطية، وبذلك أصبح هذا المفهوم يمثل المصالح الرأسمالية.

واليوم تتهم الولايات المتحدة وسائر المنظمات، البلدان التي تنتهج مسيرة اقتصادية وسياسية واجتماعية لا تشايع ولا تساير السياسة الأمريكية بأنها غير ديمقراطية.

2ـ العالم الحر:



بدأ هذا المصطلح بالاستخدام في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبدء التوتر في العلاقات فيما يسمى بالشرق والمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي، والغرب والمعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ثم اشتد التوتر عندما كسر الاتحاد السوفيتي احتكار السلاح النووي عام 1949، ثم اندلاع الحرب الكورية، وفي أعقابها الحرب الباردة، وكانت أنشطة المخابرات العلامة الرئيسية فيه. أعتبر الغرب والولايات المتحدة شعوب المعسكر الاشتراكي (شعوب أسيرة) فيما أعتبر العالم الرأسمالي نفسه ب (العالم الحر)، وكانت الدول الغربية تمنح فوراً بموجب هذا المصطلح اللجوء السياسي لمن يطلبه من مواطني البلدان الاشتراكية.

3ـ النظام الدولي الجديد:



برز هذا المصطلح بعد المؤتمر الثنائي بين الرئيس الأمريكي جورج بوش، والرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف على ظهر بارجة حربية في المياه الإقليمية لدولة مالطة عام 1991.

وقد أراد مطلقوا هذا المصطلح الذي سوق على الفور في أجهزة الإعلام الغربية وعلى نطاق واسع، أن يعبروا أن عهد القطبية الثنائية التي كانت مرحلة تعبر عن ثنائية قطبية يمثل الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية طرفاً، له أجهزته السياسية والاقتصادية والعسكرية من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية والبلدان الرأسمالية المتحالفة معها، ولها بدورها أجهزتها السياسية والاقتصادية والعسكرية المعبرة عنها من جهة أخرى، قد أنقضى دون رجعة، وأن مرحلة أو عهد جديد قد حل تهيمن فيه الولايات المتحدة الأمريكية على مسرح العلاقات الدولية بصفة مطلقة.

بيد أن مطلقوا هذا المصطلح وجدوا أنه يفتقر بشدة إلى مستلزمات أساسية أهمها:

أ‌. الشرعية القانونية: فلم يسبق عبر التاريخ أن قامت جهة معينة بمفردها وصاغت قواعد للعمل والتعامل الدولي على كافة الأصعدة وفرضت تلك القواعد بوصفها لازمة التطبيق، دون إجراء المشاورات اللازمة، ودون أخذ رأي من يشملهم هذا النظام الدولي الجديد، فهذا لم يحدث حتى في عصور ما قبل الميلاد.
ب‌. الافتقار إلى الشرعية الدولية: فعلى الرغم من هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على الأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية، وسهولة استصدارها لأية قرارات تشاءها، إلا أنها تجاهلت ذلك، وتلك إشارة تستحق التسجيل.
ت‌. الشرعية الأخلاقية: وتعبر عن الشرعية الأخلاقية مبادئ حقوق الإنسان، والمبادئ التي قامت عليها منظمة الأمم المتحدة عام 1945 على الرغم من قوة ونفوذ الاستعمار القديم والجديد في تلك المرحلة.

ولهذه الأسباب مجتمعة وجد مطلقوا هذا المصطلح أنه ينطوي على عدوانية خفية، كشفت عنها السنوات اللاحقة عندما أعلن الرئيس الأمريكي بوش الابن، أن من لا يقف مؤيداً للسياسة الأمريكية فهو عدو لها ولذلك موقف تتعامل معه الولايات المتحدة بما لديها من أسباب النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري، فقرروا سحب المصطلح تدريجياً من التداول الرسمي والإعلامي.

وجدير بالإشارة، أن الإعلام الغربي ما زال يشير عرضاً إلى هذا المصطلح للإشارة أن أنه ما زال سار المفعول وإن بصفة غير مباشرة.


4ـ تأمين إمدادات الطاقة:



هذا المصطلح من أخطر المصطلحات التي تعود إلى عهد الاستعمار القديم وتحوله إلى الاستعمار الجديد في أعقاب الحر العالمية الثانية، عندما أصبح النفط مادة مهمة في استراتيجيات الدول الصناعية والاستعمارية، لأهميته الفائقة للصناعة، أو من أجل إدامة الماكنة العسكرية العملاقة للجيوش. حيث تضاعفت عدد الطائرات، وحاملاتها التي تضاعف دخولها في الخدمة العسكرية منذ الحرب العالمية الثانية فصاعداً، ناهيك هن استخدام الآليات بكثافة في الجيوش البرية، إذ أنهت الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، نهائياً سلاح الخيالة (الفرسان) وهو السلاح الذي كان الحاسم في المعارك الكبرى والصغرى على حد السواء.

إذن أصبحت الطاقة كلمة السر في استراتيجيات الدول العظمى، والساعية إلى تقاسم العالم، فبرز هذا المصطلح في مرحلة الخمسينات، عند اشتداد أوار الحرب الباردة، وتبعاً لذلك تضاعفت أهمية الشرق الأوسط بوصفه مستودع العالم الرئيسي للطاقة النفطية، وعندما صدرت عقيدة ايزنهاور (Eisenhauer Doktrin) عام 1958 والذي تضمن أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر منطقة الشرق الأوسط منطقة نفوذ حيوية لها ولا تسمح باختلال الموازين وتبدلات القوى فيه، أو احتمال منافستها، وأعقب ذلك الإنزال الأمريكي من مشاة الأسطول الأمريكي السادس (مقره نابولي / إيطاليا).

على أن الخطوة الأمريكية الأكبر تمثلت بإصدار الرئيس الأمريكي كارت لعقيدته التي مثلت التوجهات الاستراتيجية الأمريكية في مرحلة الثمانينات، باعتبار منطقة الخليج العربي منطقة نفوذ حيوية للولايات المتحدة ولإمدادات الطاقة، وسو تستخدم القوات المسلحة لإحباط أي مخاطر لإمدادات الطاقة.

وكانت الولايات المتحدة وفي أعقاب حرب تشرين الأول / أكتوبر قد شرعت بتشكيل قوات عسكرية مجولقة (منقولة جواً) أطلقوا عليها اسم (قوات التدخل السريع) ووضعت الخطط لاحتلال منابع النفط عند حدوث ما تراه الولايات المتحدة لاتخاذ هذا الإجراء.


5ـ حقوق الأقليات:



هي وسيلة رئيسية من وسائل الإمبريالية والاستعمار وحتى العولمة للتدخل في الشؤون الداخلية لمختلف البلدان. ويندر أن يكون هناك بلد في العالم لا يتألف من أقليات أثنية ودينية، وليس نادراً أن تسعى هذه الأقليات دوماً للحصول على مزيد من الحقوق، ويذهب متطرفون إلى مديات أبعد في تفتيت وحدة البلاد، ويكون هؤلاء المتطرفون أداة التدخل وحصان طروادة.

وتخضع هذه المسألة كغيرها للابتزاز السياسي والاقتصادي، وتشهد أحداث تاريخية كثيرة، أن مسألة الأقليات هي أداة ضغط ليس إلا، ومن أكثر من الدول الاستعمارية اضطهدت وما تزال الأقليات، وتتبع حيالهم سياسات خاصة، تصل إلى التشريع، بل وفي بعض الأحيان تكون هذه التشريعات موجهة أساساً ضد السكان الأصليين للبلاد، كما الهنود الحمر في كندا، والعرب (مسلمين ومسيحيين) في إسرائيل.


6ـ العولمة:



العولمة بديل أريد به تخفيف الآثار السلبية التي يخلقها كانطباعات لمصطلح (النظام الدولي الجديد). برز مصطلح العولمة (Glöbalisation) بعد نهاية الحرب الباردة وتخلي الاتحاد السوفيتي عن دوره القيادي، وتفككه لاحقاً ومن ثم منظومة البلدان الاشتراكية، وحلف وارسو، ومنظمة التعاضد الاقتصادي (الكوميكون).

وقد انطلقت العولمة من نظرية ذات قواعد صحيحة، من العالم ونتيجة للتطور التكنولوجي في عالم المواصلات والنقل، بما جعل منجزات حتى نصف قرن مضى قد عفا عليها الزمن، وقد وضع جزء مهم من هذه المنجزات قيد تداول الأفراد، كالهاتف الجوال، والكومبيوترات النقالة، وضمن الإمكانيات الميسورة نوعاً ما (في التنقل المريح والسريع بين القارات)، وفي الحفظ والأرشفة بقدرات كبيرة.

ويعتقد مطلقوا والمروجين لمصطلح العولمة، أن هذه المنجزات قد صغرت من حجم الكرة الأرضية لصالح الفعاليات التجارية والمصرفية وتكثيف نشاطاتها، فحجم رأس المال المصرفي المتداول يومياً، يفوق بعدة أضعاف ما كان يدور في بلد متقدم حتى قبل عقود قليلة، فالدولنة (التدويل) في مجالات الاقتصاد وغيرها، هو أمر حاصل حقاً وفعلاً، ولكن الولايات المتحدة، تترجم هذا الواقع إلى هيمنة، تفرض فيها إرادتها السياسية، والاقتصادية على العالم، وربما تقبل بشراكة محدودة من بعض الدول الصناعية على أن يتم حسم القضايا الرئيسية في التداول السياسي الحالي أو المستقبلي بأشرافها وأن يكون القول الفصل لها بالدرجة الأولى.

ويرى بعض من فلاسفة في إطار هذا المصطلح، أن هناك تعسفاً شديداً يجري، وإن تغيرات مهمة قد حصلت في إطار العلاقات الإنسانية، ومن ذلك العلاقات الأسرية، وعلاقات أرباب العمل من الصناعيين وغيرهم، وشرائح المجتمع العامل، بل وفي النظر إلى المرأة ووضع الأطفال. ويشير علماء اجتماع أن تدهوراً ملحوظاً على صعيد الخروق الاجتماعية قد حصلت منذ أن تكاثفت الفعاليات الاقتصادية واختفت الحدود الدولية، ولكن بالدرجة الأولى أمام رأس المال التجاري والصناعي والمصرفي، وأما حرية تجارة الهدف الأول منها إزالة أية عوائق أما الإنتاج الواسع النطاق، المستفيد الأوحد منها هو البلدان الصناعية.

7ـ النظام الشمولي:



أشيع هذا المصطلح بعد نهاية الحرب الباردة في إطار تصفية الأنظمة الاشتراكية أو السائرة نحو الاشتراكية، والسير نحو الاشتراكية كان يستلزم في أولى ملامحه:

ـ التوجه الاشتراكي في الاقتصاد الوطني، أن يكون القطاع العام هو القطاع القائد للاقتصاد الوطني.

ـ علاقات تجارية داخلية وخارجية، وهو ما يعني سيطرة القطاع العام على ما يزيد على النصف في التجارة الداخلية وأكثر من ذلك في التجارة الخارجية.

ـ علاقات سياسية واقتصادية متصاعدة مع العالم الاشتراكي. تعد نسبة 10% من مجموع التجارة الخارجية نسبة طيبة إذا كانت مع بلد واحد، وبهذا المعنى فإن الاقتصاديات النامية في البلدان المتحررة والسائرة صوب الاشتراكية كانت تخصص نسباً متصاعدة في التعامل مع بلدان المنظومة الاشتراكية.

ـ السير في سياسة مناهضة للاستعمار والاستعمار الجديد (الإمبريالية)، ومن تلك:
آ. الخروج من الأحلاف العسكرية / السياسية الاستعمارية
ب. الخروج من الكتل الاقتصادية الرأسمالية (كتلة الباون / الاسترليني).
ج. الوقوف موقف إيجابي من حركات التحرر العالمية.
د. تأييد حركات التحرر في العالم الرأسمالي: نقابات العمال، الأحزاب الاشتراكية والعمالية، منظمات الطلاب والمرأة ..ألخ من المنظمات التقدمية.

والنظام الاستعماري الجديد (الإمبريالية الجديدة)، والمسمى تلطيفاً بالعولمة، وجه حصاراً شديداً نحو الأنظمة التقدمية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية بهدف إسقاطها وتصفية المكتسبات التي حصلت عليها، فهو من المصطلحات الحديثة المرافقة للإمبريالية الحديثة.


8ـ المجتمع المدني:



وهو مصطلح شديد الغموض، وبهذه الحالة فهو يتميز بمرونة شديدة، فهو يمكن أن يشار إلى الأنظمة الاشتراكية، ويمكن أن يشار إلى الأنظمة الديكتاتورية، ويمكن أن يوجه كمثلبة وكدلالة سلبية، وقد يستخدم استخدامات لا معنى حقيقي لها.

منظمات المجتمع المدني يقصد بها التعددية الحزبية، ويقصد بها جمعيات النفع العام، وجميع هذه الجمعيات والعناوين متوفرة في الأنظمة التي لا تحضر بتشجيع الولايات المتحدة، فالنقابات مثلاً قد تعتبر أداة ذات أهداف سلبية، والحركات التقدمية كذلك، ولكنها تتحول إلى منظمات مجتمع مدني إذا سارت في ركاب الغرب وأهدافه السياسية.


9ـ حقوق الإنسان:



وقد دخل هذا المصطلح ميدان التجاذب السياسي منذ أن أقرت الأمم المتحدة شريعة حقوق الإنسان المعاصر عام 1948، ولكن حقوق الإنسان بمعناها الأعمق والأوسع ظل قابلاً للتغطية والتمويه، فالاستعمار الذي هو أخطر أنواع خروق الحقوق الإنسانية أستمر جارياً بوسائل متعددة وتحت مسميات شتى، وما زالت الدول القوية تمارس الطغيان وسياسة القوة واستخدام الأسلحة دون هوادة أو توقف، كما أن الالتفاف على المعاني والتفسيرات، والاستثناءات، والحالات الخاصة، سائدة سواء على صعيد حقوق الإنسان داخل الدود الإقليمية، أو على الصعيد الدولي.

بيد أن الولايات المتحدة تستخدم هذا المصطلح وهذه الذريعة بصورة انتقائية وبمعايير مزدوجة، ففي أماكن تعتبرها تصدياً للإرهاب، وفي أماكن أخرى تدين أعمال ربما هي تجاوز بدرجات بسيطة جداً، تعتبرها خروق وتدين أنظمة وتوقع العقوبات السياسية والاقتصادية، ومؤخراً أقامت المحكمة الجنائية الدولية تحيل إليها من تشاء في آلية فريدة من نوعها.

وتعتبر الولايات المتحدة نفسها حامية لحقوق الإنسان رغم أن سجلها يحفل بالمخالفات، ومن تلك إبعادها عن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان، ورفضها شمول مواطنيها وعسكرييها للمحاكم الدولية، في حال ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية، وقيامها بغزو العديد من الدول ذات السيادة ومن الأعضاء في مجلس الأمن، بمختلف الذرائع سواء كانت سياسية أو اقتصادية، وفي السنوات الأخيرة فقط غزت الولايات المتحدة: غرينادا، الصومال، بنما، أفغانستان، العراق. كما ينتشر الجيش الأمريكي بمئات الألوف خارج الحدود الوطنية في مختلف القارات.


10ـ الشفافية:



شاع هذا المصطلح بعد إطلاق عهد العولمة، فهو إذن مشبوه في مراميه وأهدافه الحقيقية، غير تلك الظاهرة من المعنى العام للمصطلح.

والشفافية في المفهوم الأمريكي هو أن تكشف الدول ما لديها من ملفات أي كانت درجة سريتها وخصوصيتها، وصفتها الداخلية، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأن تعلم ما يدور في أي بلد في العالم، وأن حجب تلك المعلومات قد يتسبب في اتهام ذلك النظام بغير المتعاون مع المجتمع الدولي، نظام يفتقر للشفافية، نظام شمولي، وقد عمدت الولايات المتحدة التدخل في الكثير جداً من الحالات في دقائق الشؤون الداخلية لدول تامة السيادة، بشتى الدواعي.


11ـ المجتمع الدولي:



من المعروف تاريخياً، وهو يقع في المقام الأول من الأولويات، هو أن يجلس المنتصرون بعد الحروب، ويقررون ويترجمون عبر قراراتهم المغزى المادي للنصر في الحرب، واندحار الخصم.

وفي مقدمة ما يقررونه، هو معاقبة المهزوم في الحرب، سواء بإعدامه أو خلعه من منصبه، ثم فرض عقوبات قاسية عليه، وقد يكون من بين ذلك، اقتطاع أراض وممتلكات سواء في أراضيها الوطنية أو من ممتلكاتها الاستعمارية. وعقوبات تبعية أخرى يراها المنتصرون، وما أمام المهزوم إلا قبولها باعتبار أنه فقد المقومات المادية والمعنوية للقتال.

تمارس هذه اللعبة منذ غابر العصور، ولكن ومنذ نهاية الحروب النابليونية، أبتكر المنتصرون سبلاً تظهرهم وتبرر مطامعهم، بل وتضيف عليها أغطية من الشرعية، عبر دبلوماسية يمارسها أرستقراطيو تلك الدول ويخرجون وثائق واتفاقيات (دولية)، يصفها مؤرخو العلوم السياسية، العلاقات الدولية بأنها البداية الحديثة لبزوغ عصر المنظمات الدولية.

بيد أن هذه الفعاليات اتخذت شكلاً أكثر تقدماً في أعقاب الحرب العالمية الأولى، فبسبب اتساع الحرب لتشمل دول أوربا الرئيسية، ولكن معاركها دارت في أوربا وأسيا، واستغراق النزاع المسلح بين الدول المشاركة فيه 4 سنوات (1914ـ 1918) والخسائر البشرية والاقتصادية التي تكبدتها شعوب العالم(9 مليون قتيل)، بما في ذلك شعوب المستعمرات الذين سيقوا إلى جبهات القتال، من أجل إقامة إمبراطوريات استعمارية كانوا الوقود الأساسي لها، أبتكر المنتصرون بعد أن عاقبوا المهزومين(ألمانيا / تركيا / النمسا) فسلبوهم مستعمراتهم، واقتطعوا مساحات من أراضيهم الوطنية، وبعد أن فرغوا من ذلك كله، أسسوا ما يسمى بعصبة الأمم(47 دولة) التي اتخذت على عاتقها إعادة تقسيم العالم بناء على النتائج الميدانية وحجم القوى المشاركة وقوتها العسكرية.

على أن إعادة تقسيم جديدة للعالم جرت في أعقاب الحرب العالمية الثانية(1939ـ 1945)، بسبب التناقض الحاد بين المستعمرين القدامى(بريطانيا / فرنسا / الولايات المتحدة)، وأمم نهضت صناعياً ( ألمانيا / إيطاليا / اليابان) وبلغ أعداد القتلى من المدنيين والعسكريين أعداد قياسية بسبب تطور الأسلحة (70 مليون قتيل عسكري ومدني)أكثر أتساعاً وأعمق تأثيرا(شارك بها 100 مليون جندي)، على الرغم أيضاً، كانت المؤشرات السياسية والاقتصادية والثقافية تشير إلى أن عصر الاستعمار القديم قد آذن بالرحيل، وقد صاغ مفكروا الرأسمالية وفلاسفتها، أفكار جديدة تأسست على قاعدة رئيسية وهو مبلغ تطور الرأسمالية العالمية، ونظام الدولة الاحتكاري.


12ـ الإرهاب الدولي:



يقصد بالإرهاب الدولي، كل معارضة للإرادة القوى الاستعمارية المهيمنة على مسرح السياسة الدولية.

وتترجم القوى الاستعمارية إرادتها، بواسطة قرارات تصدرها في محافلها القانونية، وقد تحاول، وفي ذلك بقايا احترام للمنظمة الدولية التي وضعوا أسسها بأنفسهم، ولكن مطامعهم تتجاوز أحياناً، وفي العصور اللاحقة(في عصر العولمة) غالباً، أسس اقتسام العالم، وذلك حصل بعد اختلال التوازن الدولي القديم القائم على الثنائية القطبية، الولايات المتحدة والناتو / الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، وبذلك تخلخلت أسس الاقتسام الذي وضعه المنتصرون في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

فعلى سبيل المثال، اقدمت الولايات المتحدة، ومعها التحالف الدولي المؤلف مما ينوف على 30 دولة، بالحرب على العراق، وتدميره بصورة منهجية مخططة بدقة تامة، واقتراف كل ما تنص علية قواعد جرائم الحرب، مخالفة توصيات مجلس الأمن الدولي، والرأي العام العالمي في كافة أرجاء المعمورة.

ومع ذلك، فالولايات المتحدة، وحلفاؤها في الحرب اللامشروعة، يعتبرون المواطنين العراقيين الذين يناهضون الاحتلال بكافة الوسائل، بما في ذلك استخدام القوة في الدفاع عن ممتلكاتهم التي تعرضت للنهب والتدمير، يعتبرون تلك الأعمال والفعاليات التي تجيزها القوانين والاتفاقات الدولية، يعدونها بالإرهاب.

والمؤسسات الدولية التي يهيمن عليها القوى الاستعمارية، لا تدين، (مجرد الإدانة)، المعتدي المخالف للقوانين الدولية التي وضعوها بأنفسهم، وسياسة الاستيلاء على الأراضي بالقوة المسلحة، ومكاسب استخدام القوة المسلحة، بل تدين من يقاوم هذه السياسة وتعتبره إرهابياً، في معادلة يعجز العقل البشري فهما باستخدام قواعد المنطق.


13ـ إثارة الفتن:



الفتن في القاموس الاستعماري قديماً وحديثاً، هي عندما تدور أحدث سياسية / اجتماعية لصالح القوى الوطنية، ولصالح مسيرة تعزيز الاستقلال الوطني سياسياً واقتصادياً.

وفي لمحة تاريخية سريعة، اتهمت الدول الرأسمالية أحداث ثورة أكتوبر بأنها فتنة، لأنها أطاحت بحكم ملكي فاسد، كانت فيه روسيا تمثل الرجل المريض الأوربي، فسارعت إلى حشد حملات عسكرية كبيرة، باشرت الدخل العسكري في روسيا، كما قامت بإسناد علني لعملية تمرد عسكرية، ولكن هذه التداخلات باءت بالفشل.

وفي بلادنا العربية، اعتبرت البلدان الغربية مرات عديدة، أحداث طابعها وطني بالفتن، كتأميم مصر لقناة السويس، والثورات الوطنية، منها إنهاء الحكم الملكي في اليمن، رغم أنه كان عنوان التخلف.

واليوم، عندما تهب تظاهرات مدفوعة الثمن، تحركها قوى من الخارج في إقليم التبت الصيني، وعندما يقتل أنفار في تلك الأحداث التي تتسم بتبادل العنف، تطلق عليها القوى الغربية بالانتفاضة والثورة، بينما تهب مئات ألوف من المتظاهرين لرفض العولمة أو الحروب العدوانية، كالحرب العدوانية على العراق، وتتصدى لها قوات الشرطة بالهراوات والغاز المسيل للدموع فيسقط قتلى، كما حدث في روما وأثينا، ومئات الجرحى كما يحدث في قمع تظاهرات العولمة وقمة الثمانية، يتم تسطيح الحدث، وتخفيفه ولا يشار إليه إلا بصورة عابرة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

المصطلحات الاستعمارية، الديمقراطية، العالم الحر، النظام الدولي الجديد، حقوق الأقليات، العولمة، عصر النهضة، عصر التنوير، التنوير، مصطلحات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-04-2009  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أقفاص الأسر على مر التاريخ
  مأزق هنية
  ماذا يحدث في بلاد العم سام
  الوضع الثقافي في شبه الجزيرة قبل الاسلام
  سوف تكسبون ... ولكنكم لن تنتصروا Sie werden gewinnen aber nicht siegen
  صبحي عبد الحميد
  الخطوط الدفاعية
  غيرترود بيل ... آثارية أم جاسوسة ..؟
  أمن البعثات الخارجية
  الحركة الوهابية
  ماذا يدور في البيت الشيعي
  الواقعية ... سيدة المواقف
  زنبقة ستالينغراد البيضاء هكذا أخرجت فتاة صغيرة 17 طائرة نازية من السماء
  اللورد بايرون : شاعر أم ثائر، أم بوهيمي لامنتمي
  حصان طروادة أسطورة أم حقيقة تاريخية
  دروس سياسية / استراتيجية في الهجرة النبوية الشريفة
  بؤر التوتر : أجنة الحروب : بلوشستان
  وليم شكسبير
  البحرية المصرية تغرق إيلات
  كولن ولسن
  الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
  بيير أوغستين رينوار
  المقاومة الألمانية ضد النظام النازي Widerstand gegen den Nationalsozialismus
  فلاديمير ماياكوفسكي
  العناصر المؤثرة على القرار السياسي
  سبل تحقيق الأمن القومي
  حركة الخوارج (الجماعة المؤمنة) رومانسية ثورية، أم رؤية مبكرة
  رسائل من ملوك المسلمين إلى أعدائهم
  وليم مكرم عبيد باشا
  ساعة غيفارا الاخيرة الذكرى السادسة والستون لمصرع البطل القائد غيفارا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حسن عثمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، مصطفي زهران، محمود سلطان، رمضان حينوني، د. عبد الآله المالكي، حسن الطرابلسي، سعود السبعاني، جاسم الرصيف، حسني إبراهيم عبد العظيم، رحاب اسعد بيوض التميمي، عمر غازي، أحمد الحباسي، محمود فاروق سيد شعبان، خالد الجاف ، صباح الموسوي ، محمد اسعد بيوض التميمي، عراق المطيري، رافد العزاوي، د- محمود علي عريقات، إيمى الأشقر، محمد يحي، خبَّاب بن مروان الحمد، ضحى عبد الرحمن، د - محمد بنيعيش، د - عادل رضا، فتحي الزغل، رافع القارصي، كريم فارق، سامح لطف الله، عبد الغني مزوز، أبو سمية، د. خالد الطراولي ، نادية سعد، د - شاكر الحوكي ، علي الكاش، حميدة الطيلوش، عبد العزيز كحيل، محمد عمر غرس الله، سفيان عبد الكافي، يحيي البوليني، تونسي، حاتم الصولي، د. صلاح عودة الله ، د - مصطفى فهمي، محمد شمام ، محمد الياسين، المولدي الفرجاني، د - المنجي الكعبي، العادل السمعلي، مصطفى منيغ، يزيد بن الحسين، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صفاء العراقي، الهادي المثلوثي، ياسين أحمد، صلاح الحريري، صلاح المختار، سامر أبو رمان ، د- هاني ابوالفتوح، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العربي، منجي باكير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الله زيدان، أ.د. مصطفى رجب، طارق خفاجي، فتحي العابد، محمود طرشوبي، إياد محمود حسين ، إسراء أبو رمان، بيلسان قيصر، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد العيادي، د - الضاوي خوالدية، محمد أحمد عزوز، محمد الطرابلسي، د - صالح المازقي، طلال قسومي، مراد قميزة، د- جابر قميحة، عواطف منصور، د- محمد رحال، د. أحمد محمد سليمان، سلام الشماع، عبد الله الفقير، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد علي العقربي، الناصر الرقيق، أحمد ملحم، فهمي شراب، كريم السليتي، المولدي اليوسفي، فوزي مسعود ، ماهر عدنان قنديل، د. أحمد بشير، صالح النعامي ، علي عبد العال، د - محمد بن موسى الشريف ، عزيز العرباوي، أشرف إبراهيم حجاج، عمار غيلوفي، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الرزاق قيراط ، أنس الشابي، أحمد النعيمي، سيد السباعي، رشيد السيد أحمد، رضا الدبّابي، محرر "بوابتي"، سلوى المغربي، فتحـي قاره بيبـان، وائل بنجدو، د. عادل محمد عايش الأسطل، الهيثم زعفان، د. طارق عبد الحليم، سليمان أحمد أبو ستة، مجدى داود، أحمد بوادي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة