وقفة مع الإعلانات .. يبقون ونمضي!
عبد الله الفقير
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
المشاهدات: 10881
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كان لي صديق معماري من أهالي السماوة (أو إحدى المناطق القريبة منها),صادف أن التقيته في أيام الاحتلال الأولى, ودار بيننا الحديث حتى تطرقنا الى وضع القوات اليابانية في الموجودة في مدينتهم فقال لي:اعلنت القوات اليابانية عن حاجتها لبعض المهندسين لأجل انشاء مجمع ضخم لتصفية المياه, ذهبنا لطلب التعيين, لكننا فوجئنا بان محطة التصفية التي يريدون انشاءها تبعد لمسافة كبيرة جدا عن الاحياء السكنية, وعندما ابدينا نصحنا بضرورة ايجاد موقع اخر يكون اقرب الى الاحياء السكنية اكتفى المسؤول الياباني بابتسامة عرفنا سرها لاحقا عندما علمنا ان القوات اليابانية كانت تعد محطة تصفية المياه تلك لاجل تغذية القاعدة الأمريكية الضخمة التي سوف تقام لاحقا!!. كم كنت اضحك في سري وانا اتطلع قبل خمس سنين الى صورة جدارية كبيرة جدا علقت على اعلى عمارة في حينا, تظهر فيها مدرعة أمريكية مصورة من الخلف وقد كتب في أعلى الجدارية"يمضون ونبقى"!, وهي لقطة من اعلان تلفزيوني كان يعرض كل يوم من على شاشات الفضائيات التي تسمر العراقيون أمامها ظانين ان تلك الفضائيات هي اول نسمات الحرية التي جاء بها الامريكان وان "الخير آت"!.
ضحكت لانني لا اراديا كنت ارددها بعكس الكلمات,هكذا "يبقون ونمضي", وكان من حولي يتندر مبتسما عندما يسمعني ارددها بهذا الشكل وهو لا يملك سوى ان يهز كتفه تعبيرا عن سخرية مكنونة.مرت خمس سنوات, وصدقت نبؤتي, فها نحن نمضي تاركين العراق للمستوطنين الجدد ومستعمرهم الامريكي الذي لم يكتفي باحتلال العراق وتهجير اهله, وانما راح يجبره على ان يجعل اقتحامه لذلك البيت وسرقته شرعيا وبموافقة وبصمة من مراجعه العظام( بدون لحم).اليوم اصبح شائعا ان تسمع العراقيين وهم يرددون"يبقون ونمضي" خصوصا عند محطات الباصات المغادرة الى سوريا,وهم يرون الارتال العسكرية الداخلة الى العراق والقواعد الامريكية التي تبنى حديثا.
في ايام الانتخابات نشطت الإعلانات حتى غطت لون الجدران, وكانت صور السيستاني تملء شوارع المدينة وهي تحمل دعوته لضرورة المشاركة في تلك الانتخابات,علما ان لجنة الانتخابات كانت تدعي انها غير طائفية!.اما احلى ملصق اعلاني فكان ذلك الذي نشر بعد اجراء الانتخابات, حيث تظهر فيه صورة امرأة عراقية وهي تلبس الملابس التقليدية وترفع سبابتها الممرغة بالحبر الازرق وقد كتب في اعلى الملصق"هذا هو العراقي",ولا ادري هل كانوا يشيرون الى ان "العراقي "هو " امرأة "وانه اصبح "مرة كبيرة السن وفجها واكع"؟!,رغم اني كنت اظنه دعاية لمحلول "الدوة الازرك" الذي تضعها "نسوان كبل" لفروج اطفالهن لمعالجتهم من البكتريا والفطريات, وحيث السبابة وهي مغطاة بالحبر الازرق فيها ما يكفي للدلالة على ذلك وربما اشياء اخرى!!.
وحديثا يظهر إعلان ساذج جدا على إحدى القنوات الفضائية يصور عملية محادثة انترنيتية بين شخصين, حيث يتافجئ احدهم من وجود الكثير من المسلمين في امريكا, وان بعض الجنود الأمريكان هم من المسلمين، ولعل الاعلان اراد الاشارة الى صورة ذلك الجندي الشيعي الملفوف بالعلم الامريكي ويصلي عليه احد السادة الشيعة في احدى الحسينيات الامريكية كما ظهر في الصور التي انتشرت مؤخرا في الانترنيت، او ربما ارادوا ان يقولوا ان دعوة التكفيريين للامريكان بانهم"كفار" هو محض افتراء وغلّو "وهابي" لا اساس له من الصحة, وانه يجب تجنب استهداف الجنود الامريكان لان فيهم من هو مسلم!!,وهم لا يعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد امر الصحابة بقتل احد صناديد الكفار حتى لو وجدوه معلقا باستار الكعبة، وان كون الجندي مسلم لا يعصم دمه لانه دخل تحت راية الكفار وتولاهم, وانه لم يحترم دماء المسلمين التي سالت تحت بساطيل وسرف دبابات الجيش الذي يخدم فيه فكيف يريد من المجاهدين ان يعصموا دمه!.
قبل سنة تقريبا, بدأت قناة "روتانا" تبث مجموعة من الاعلانات سيئة الاخراج وسيئة الانتاج وسيئة المضمون وسيئة في كل شيء, حتى كنا لنعجب كيف قبلت قناة روتانا بث مثل هذه الاعلانات بهذا المستوى الرديء, المهم ليس رداءة هذه الاعلانات, وانما فحوى بثّ هذه الاعلانات في قنوات مثل "روتانا", واحد تلك الاعلانات كان يظهر صورا لزيارات الشيعة ولطمياتهم وكيف تنتشر موائد الطعام والشراب لسقاية"الحجاج!!", وكيف تساهم قوات الجيش في حماية الزوار, ثم تظهر صور محمد الصدر!!,ولا نعلم ما المغزى من عرض صور محمد الصدر في هذه الاعلانات, ووسط صور للجيش العراقي, وعلى قناة روتانا الخليعة!!.
قص علي احد الأشخاص طرفة حدثت له بينما كنا نمتطي "الكيا" من باب المعظم الى البياع, قال لي: انتشرت تجارة الأفلام الخليعة بعد احتلال العراق, وكانت "الوكفة" في الباب الشرقي من اشهر اماكن بيع تلك الافلام والسيديات, لكن بعد ان ظهر جيش المهدي الى الوجود, اتخذ جيش المهدي وسيلة حضارية لمنع بيع هذه الافلام، فقلت له متعجبا:ماذا فعل؟
قال لي:انتشر بين الباعة عناصر جيش المهدي, ووضعوا امامهم سيديات مكتوب عليها انها خليعة, ثم ما ان ياتي احد الاشخاص ليشتري ذلك القرص...قاطعته بسرعة:يلقون القبض عليه ويعاقبونه. قال :لا,انما قام عناصر جيش المهدي بطبع مجموعة من اللطميات بدلا من الأفلام الخليعة, يشتريها الشخص وهو لا يعرف ما بداخلها,ثم عندما يعرضها في جهاز السيدي تظهر انها "لطمية "وليست فلم خليع. قلت "لا فرق بين الاثنين فكلها خليعة, الاولى خليع للرجال والثانية خليع للنساء!!,فمثلما تستثير الرجل صورة المراءة العارية, تستثير المرأة صور الرجال عراة وهم يلطمون!!!".ثم قلت له: واين يذهبون بثمن هذه السيديات؟,الا يعلمون انهم ياخذونها بطريقة غير شرعية, لانهم يخدعون الناس, حتى لو كان المخدوعين اناس فسقة او كافرين فان ذلك لا يجيز لهم خداعهم واخذ اموالهم بهذه الطريقة!. قال لي:انهم يستخدمون تلك الاموال لتجهيز جيش المهدي بالسلاح, او توزيعها على الفقراء؟. قلت له:الا يعلمون ان الله طيب,لا يقبل الا طيبا. وان لا صدقة في المال الحرام!.
اما اغرب الاعلانات التي شاهدتها على الفضائيات,فهي ذلك الإعلان الذي يصور احد الانتحاريين (الاستشهاديين حسب وصفنا) ويده مغلولة الى مقود السيارة, تسبر سيارته في الشارع متوجهة الى احد الاسواق, ثم فجأء تحاصره خمسة سيارات من سيارات الشرطة, ويترجل منها الشرطة وهم يصوبون سلاحهم اليه، وذلك هو أغبى اعلان رايته في التلفزيون رغم ان احدى مذيعات قناة العربية استشهدت به للاشارة الى ان "الانتحاريين" يغلون ايديهم الى مقود السيارة حتى لا يهربوا!!.ولا ادري لم لم يفكر من انتج هذا الاعلان او كتب فكرته:ما الذي يمنع ذلك "الانتحاري" من تفجير سيارته وسط سيارات الشرطة التي احاطت به من كل جانب؟! ام تراه سيخاف ويرتبك ولن يستطيع الوصول الى زر التفجير!,ام ربما ستاخذه الرافة بعناصر الشرطة ويحن قلبه عليهم ولن يعتبرهم عملاء وخونة أعانوا المحتل على استباحة ارض المسلمين واعراضهم؟!.من يدري لربما كان بعض الاستشهاديين عندما يرى ذلك الاعلان , وكيف احاطت سيارات الشرطة بسيارة ذلك الانتحاري, سوف يمني نفسه بإمكانية ان يحالفه الحظ وتحيط به سيارات الامريكان ودباباتهم ليفجر نفسه بهم, ولا يصيب اي مدني باذى..ثم الم يسال ذلك العبقري الذي وضع سيناريو ذلك الاعلان كيف يمكن لشخص ربط يده بالسلاسل الى مقود السيارة,كيف يمكن له ان يغير معجل السيارة او مغير التروس "اي كيف يبدل الكير"؟,ام ان سيارات الانتحاريين بدون "كير"؟!,او ان سيارات "الانتحاريين" تجري بسرعة واحدة "على الواحد"؟!!,وصدق من قال ان الغباء موهبة.
4-12-2008
|
5-12-2008 / 19:04:47 همام بن على سفيان