احمد النعيمي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9172
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بهذه الكلمات التي ستأتي افتتح الملك السعودي كلامه مخاطباً وفد مدريد .. أثناء تواجده في نيويورك لحضور مؤتمر حوار الأديان الذي كان هو الداعي إليه، مؤتمر الكذب والتدليس والتآمر على الإسلام وعلى عقائده، بحجة الدعوة الكاذبة إلى التقارب بين الأديان، والقضاء على الإرهاب .. قال جلالته :
(( أيها الأخوة الكرام : يطيب لي أن أرحب بكم، وأتمنى أن يكون هذا الحوار فاتحة خير للإنسانية، فليس للإنسان إلاّ أخاه الإنسان مهما كان. وأعتقد أن الأيام والسنين التي فاتت لن تعود - إن شاء الله - كفى ما حصل من القتل ومن العداوة ومن الإفراط في حقوق الغير.
والحمد لله الذي سخركم من جميع الأديان، لأن الأديان نقية، كلها منزلة من الرب عز وجل، ويحثنا الرب عز وجل على التآخي والتآلف وعمل الخير للعاجز والفقير والمحتاج والمريض وهذه كلها طرق إنسانية، وأعتقد أنكم وغيركم - إن شاء الله - تحثون على محبة الإنسان لأخيه الإنسان، وعندما يفكر الإنسان في الماضي وما ارتكبه من أخطاء على أخيه يتساءل ما هي الأسباب ؟ ما هي الأسباب إلاّ النفس، والنفس كما تعرفون أمَّارة بالسوء، وأعتقد أن العالم أحسّ وانتبه لهذه الأمور؛ لأن ليس فيها فائدة ، فإلى متى سفك الدماء ؟ والعداوات لماذا ؟ وبأي حق ؟ )) اهـ قوله .
إنني ألفت انتباه القارئ – بعد هذا الاقتباس – إلى أمرين مهمين :
الأمر الأول : أن الله تعالى بين أن محمداً – صلى الله عليه وسلم – هو الرسول الخاتم ، قال تعالى : (( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) الأحزاب 40 ، وأن رسالته المنزلة من الله تعالى قد جاءت للبشرية جمعاء وليس للعرب وحدهم، (( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) الأعراف 158 .
ثم بين الله عز وجل أن الدين عنده هو الإسلام ، وأنه لن يقبل من أحد ديناً سواه ، قال تعالى : ((وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) آل عمران 85 ، وأكد رسول الله محمدٌ عليه الصلاة والسلام، أن نبي الله موسى لو كان حياً لكان واجباً عليه أن يتبعه ، فما بالك بمن هو دون موسى عليه أفضل الصلاة والسلام .. فقال – صلى الله عليه وسلم – : " إنه والله لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني " رواه الدارمي وأحمد وغيرهما، وقال عنه الألباني حديث حسن .
ثم بين الله سبحانه أن أتباع الكتب السماوية السابقة قد حرفوا الكتب التي أنزلت على أنبيائهم (( فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ )) المائدة 13 ، وأنهم غالوا في بعض أنبيائهم وصالحيهم فجعلوهم أبناءً لله – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً –وأنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ، وقد بين الله كفرهم في أكثر من آية من آيات القران (( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )) التوبة 30.
وقد أخبر الله تعالى في الكتب السابقة، عن بشارته بأنه سيبعث من بعد عيسى – عليه السلام – برسول، ودعاهم إلى الإيمان به وإتباعه .. فقال عز وجل : (( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ )) الصف 6 .
فقام أحبارهم بتحريف كلام الله المتعلق ببشارته في الرسول الخاتم حسداً وعناداً، وأخفوا هذا من كتبهم؛ كما أخفوا كثيرا غيرها، فهم لا يؤمنون بأن هناك نبي اسمه أحمد .. ولا يقرون به ؟؟ وما قاموا بهذا الإخفاء إلا ليلبسوا على أتباعهم دينهم، ويردوهم ويصدوهم عن سواء السبيل. لأنهم لو اقروا بهذا النبي – صلى الله عليه وسلم – وأنه سيكمل الرسالات ويكون خاتمها لوجدتهم جميعا يدخلون في دين الله (( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ )) المائدة 15 .
بينما وجدنا خادم الحرمين يقول: " أن هذه الأديان أديان نقية !! " فمن أعلم؟ أنت يا جلالة الملك أم الله !؟ (( قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )) البقرة 140 . (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )) الصف 7 ..
ثم وجدنا جلالتكم تدعون المسلمين إلى التسامح مع الغير والابتعاد عن سفك الدماء .. ونريد هنا أن نسال جلالتكم : من الذي يحث على احترام الإنسان لأخيه الإنسان ؟ من الذي سفك وما يزال يسفك الدماء ؟ ألم تتعرض بلادنا إلى الحملات الاستعمارية حسب دعواهم، وهي ليست حملات استعمارية وإنما هي حملات تخريبية لديار الإسلام التي ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الشهداء المسلمين .. ولم يخرجوا منها إلا بعد أن جعلوها قطعاً وأشلاءً ضعيفة وأوجدوا أمثالكم فيها، وأعطوا بعضاً منها لأوليائهم من اليهود والفرس كفلسطين والأهواز ليكونوا شوكة في خاصرة بلاد المسلمين، ثم عادوا من جديد إلى تقتيل المسلمين في العراق وأفغانستان والشيشان والصومال وغيرها من ديار المسلمين، فمن الذي اعتدى؟ ومن هو المعتدى عليه ؟
إن من المؤكد أن دعوة جلالة الملك لهؤلاء المجرمين والتسامح معهم، يريد أن يبرئ الجزار من فعلته، ويشير بأصابع الاتهام إلى الضحية التي كان همها دفع الظلم عنها، فهذه الضحية قد حكمت عليها بأنها إرهابية لا مجال لأي تسامح معها.
أما آن لنا أن نضع النقاط على الحروف !؟ هل تريدون من تسامحكم أن تستسلم الضحية بكل خضوع لسكين الجزار !؟ وأن نضع أيدينا بأيدي قتلتنا ونفتح صدورنا لهم بكل رحابة حتى نكون من الذين دعون إلى احترام الإنسان لأخيه الإنسان !؟ ومع ذلك تضيق صدوركم لإخوتكم من المسلمين، ويتحول معنى التسامح عندكم إلى سجون تفتح أبوابها لكل مصلح وداعية إلى الخير، ويصبح أمثال هؤلاء عندكم خطراً على العالم يجب التخلص منه بأية وسيلة ولا مكان للتسامح معه أبدا !! بينما مجرمي العصر .. هم أصلح الناس في نظركم لهذا التسامح .
وهل التسامح يا جلالة الملك ، أن تقرع كؤوس الراح مع قتلة المسلمين ؟ والله تعالى يقول :(( إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )) الممتحنة 9 ، ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام يقول : (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )) رواه البخاري ومسلم، فهل جلوسكم مع قتلتنا؛ يا جلالة الملك .. هو لحمة الجسد الواحد، والتزام أوامر رب العباد ؟؟
هل تريد أن تقول لنا يا جلالة الملك : أن تسامح حكامنا يجب أن يكون مع شياطين الأنس والجن جميعاً، ولا مكان فيها للتسامح مع الإنسان المسلم الذي يدعو إلى الله ويعمل صالحا!
والأمر الثاني:
أن تطبيق قيم الإسلام بصورة غير صحيحة ، تجعل الناس يكرهون هذا الدين ، فقد ناديتم يا جلالة الملك !! بالتسامح مع الظالمين المعتدين على المسلمين، وشددتم العقوبة على المظلومين، وهذه القضية في التطبيق الخاطئ للإسلام ليست الوحيدة عندكم، بل هناك العديد من القضايا التي يطبق فيها الإسلام بصورة شوهاء ..
ففي قضية تطبيق العقوبات، تجلدون بعض من يرتكب المعاصي من رعايا الدول الإسلامية، أو العربية، أو من المستضعفين منكم، وتتركون أمرائكم وأشرافكم من العصاة، فقد رأينا منذ أيام كيف قمتم بجلد عدد من المصريين على تجرئهم على شرع الله .. وقد صدق فيكم قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ((إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )) رواه البخاري ومسلم، وقد لاحظنا يا جلالة الملك .. سكوت الدول الغربية التي دعوتموها إلى هذا المؤتمر عن فعلكم هذا .. ولو كانت هذه العقوبة قد حصلت في أفغانستان أو الشيشان أو الصومال أو العراق لرأيت هذه الدول تشن هجماتها وانتقاداتها عليهم .
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى .. لا بد أن نبين حرصكم الشديد على التعامل بالربا، ووضع أرصدتكم في البنوك الغربية، وقد نهاكم الله تعالى عن ذلك، وهذا الفعل يوجب إعلان الحرب من الله عليكم، ولا ادري هل بعملك هذا فعلا تطبقون الشرع في بلادكم ؟ أم أن الربا قد حلل عندكم ؟ مع أنه بات معلوما أن هذه الأموال هي نفسها التي تسخر لحرب الإسلام والمسلمين !! بالإضافة إلى ما سهلتموه للقوات المحتلة من قواعد أنشأت خصيصا من أجل احتلال بلاد المسلمين كالعراق وغيره .
أهكذا تورد الإبل يا سعد بل يا آل سعود، إن ما تفعلونه لا يرضي الله ولا رسوله ولا الصالحين من المؤمنين، وأن هذا التصرفات والدعوات التي تقومون بها، ما هي إلا خدمة للمحتل وترسيخ لإقدامه في بلاد المسلمين، ويصدق فيكم قول الشاعر :
إن كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
يا جلالة الملك .. اسمح لي أن أقول لكم، أن الشعوب باتت تكرهكم وتكره انبطاحكم، وذلكم، وخنوعكم، وجبنكم، وتتمنى أن تتخلص منكم لتصبحوا مزابل بلا تاريخ .
واعلم يا جلالة الملك، أنكم مهما طغيتم وتجبرتم واتخذتم آيات الله هزوا، فلا شك أن الله لكم بالمرصاد، وأن الله سينصر جنده المؤمنين؛ وعد الله لا يخلف الله الميعاد .. فاكذبوا على آيات الله واستمروا في جبنكم وتقاعسكم عن القيام بالواجب، وتفاخروا بمعاقرة الخمور وقرع الكؤوس مع أعدائنا من قتلة شبابنا وسجنة شيوخنا ومرملي نسائنا وميتمي أطفالنا، وافعلوا كل ذلك تحت شعار الدعوة إلى التسامح !؟
واسمح لي أن أقول لك كذلك .. أنت أحق بالجلد من الذين جلدت من أيام، فمعاقرتكم للخمر واحمرار عيونكم أمر يعلمه كل سعودي . بل أنت بحاجة إلى قص لسانك الذي تجرأ على تكذيب آيات الله واتخذها هزوا .. ولا شك يا جلالة الملك أن لكل امة كتاب وأن هذا الدنيا إلى زوال، وأن الحساب قريب، وعندها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون !!
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: