البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الأبعاد الثقافية والفكرية لظاهرة الهجوم على الحجاب

كاتب المقال د . ليلى بيومي   
 المشاهدات: 8845



المورد الذي غذى ظاهرة الهجوم على الحجاب في عالمنا العربي والإسلامي ليس موردًا مستقلاً خاصًا بذاته، وإنما كان هذا المورد هو العلمانية والإطار العلماني العام الذي تم إحلاله تدريجيًا، وعلى مراحل في بلادنا العربية والإسلامية إبان فترة الاستعمار الغربي وما بعدها محل الشريعة الإسلامية التي تحكم حركة التصورات والأفكار في المجتمع.

ومن هذا المنطلق كان الاستعمار حريصًا على تغيير مناهج التعليم في البلاد التي احتلها؛ وذلك من أجل إعادة صياغة العقول الناشئة على المرجعية الأوروبية المادية وغير الدينية.
فقد كان "دانلوب" هو أهم خبير ومستشار بريطاني في مصر، في فترة الاحتلال، من أجل هذا الغرض تحديدًا.

ولعلّ المثال الواضح على تركيز الغرب على المناهج في بلاد المسلمين هو ما يوضحه الموقفان الغربيان الآتيان:

الموقف الأول: بعد أحداث 11 سبتمبر2001 في الولايات المتحدة، شنت الإدارة الأمريكية حملة شرسة ضد مناهج التعليم في السعودية ومصر وباكستان، وغيرها من الدول العربية والإسلامية، ومارست ضغوطًا شديدة على حكومات تلك الدول من أجل تغيير المناهج الدينية، حتى في المعاهد والجامعات العريقة المعروفة بالاعتدال، مثل جامعة الأزهر والجامعة الإسلامية في السعودية وباكستان.

الموقف الثاني: بمجرد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق "صدام حسين"، ودخول القوات الأمريكية بغداد، كان أول ما فعلته إدارة الحاكم الأمريكي(بريمر) هو البدء في تغيير مناهج التعليم العراقية؛ من أجل تطويع العقلية العراقية الناشئة وفق الصياغة الأمريكية المرتجاة.

كما مثلت ظاهرة ابتعاث الطلاب العرب والمسلمين إلى البلاد الأوروبية بعد فترة الاستقلال رافدًا أساسيًا في تغذية وتثبيت العلمانية في العالم العربي والإسلامي، فقد قامت الفكرة العلمانية في بلادنا على أيدي هؤلاء العائدين من الغرب المنهزمين أمام ثقافته.

وهكذا وصلنا إلى بداية القرن التاسع عشر وظهور ما أطلق عليهم الفكر العلماني العربي "رواد التنوير" أمثال قاسم أمين، وأحمد لطفي السيد، وسلامة موسى، وطه حسين، بالإضافة إلى مدرسة الشام التي مثلها علمانيون مثل: فرح أنطون، وشبلي شميل، وجورجي زيدان... الخ.

وكانت الرسالة الأساسية لهؤلاء هي الطعن في الإسلام والثقافة الإسلامية، ووصفها بالتخلف وعدم القدرة على بعث العرب والمسلمين من تخلفهم ورقادهم لدخول واقتحام آفاق النهضة والتنمية والتطور، والادعاء بأن الحل الوحيد أمامنا هو الاعتراف بالثقافة الغربية وجعلها هي المرجعية.


وعلى يد هؤلاء الرواد العلمانيين بدأت الحركة النسائية العربية العلمانية، التي جعلت معركتها الأساسية هي الهجوم على الحجاب، ووصفه بكل صفات السوء، وكان رواد هذه المدرسة: هدى شعراوي، وسيزا نبرواي، ودرية شفيق، وأمينة السعيد وما تبعهن.

لكن رغم الضغط السياسي العلماني المتواصل ضد الحجاب، والذي يوظف ما في أيدي العلمانيين من مراكز سياسية، ومن مؤسسات ثقافية وفكرية، ومن وسائل إعلامية، ظل الحجاب - والنقاب- منتشراً في مجتمعات المسلمين حتى العشرينيات من القرن العشرين عندما بدأت حركة السفور تظهر في تركيا الكمالية ثم في مصر -على اختلاف درجة الحدة- قبل أن تنتشر إلى بلدان عديدة، ومع ذلك فقد ظلت مجتمعات إسلامية ملتزمة بالحجاب والنقاب على الطريقة القديمة حتى زمن عودة الحجاب.

ويشهد ارتداء الحجاب انتشارًا واسعا يكاد يشمل غالبية الفتيات في البلاد العربية والإسلامية وبعض المسلمين في الغرب يصل حدا في بعض الجامعات الإسلامية والعربية أن يكون جميع فتيات الفصل الدراسي أو قاعة المحاضرات ممن يرتدين الحجاب، وأصبح منظرا مألوفا وغالبا على لباس الفتيات في شوارع هذه البلاد ومدنه ومؤسسات العمل فيه.

والحجاب، على سبيل المثال، جعلته 80 % من النساء المصريات زيا لهن كما تقول إحدى إحصائيات مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء. وليس خافيا عن الأنظار أن ظاهرة انتشار الحجاب بين المصريات في السنوات العشرين الأخيرة جعلته القاعدة في الزي لا الاستثناء، خاصة في الأقاليم المصرية التي يصبح فيها الحجاب شيئا طبيعيا مع بلوغ الفتاة سن الثانية عشرة على أكثر تقدير ومن دون إجبار من الأسرة. ولا يختلف الحال كثيرا في العاصمة المصرية القاهرة خاصة في الأحياء الشعبية التي تزيد فيها نسبة الحجاب وذلك لأسباب عدة من بينها ارتباط الحجاب بالعادات الاجتماعية وما يتردد عن ضرورة ستر الفتاة لجسدها.

وفي الجامعات المصرية الآن تستطيع أن ترصد انتشار ظاهرة المحجبات في مدرجاتها التي يتلقى بها الطلاب دروسهم، فالرؤوس التي يغطيها الحجاب باتت أكثر من نظيرتها غير المحجبة إلى الحد الذي يدفع ببعض الطلاب إلى القول إن الفتاة غير المحجبة غالبا ما تكون مسيحية وليست مسلمة وان القاعدة العامة باتت للحجاب في الجامعات.

وقد انعكست ظاهرة الحجاب في الشارع المصري حتى وصلت إلى شواطئ الاصطياف، فشكل وطبيعة الشواطئ المصرية الآن تغير تمامًا عن ذي قبل، فاختفى المايوه، والفتيات والسيدات إما لا ينزلن البحر مطلقًا أو ينزلنه بكامل لباسهن، وأصبحت هناك شواطئ مغلقة لا يدخلها إلا العائلات. ولا يسمح بوجود الرجال والنساء على الشاطئ في نفس الوقت، ولكن هناك ساعات للرجال وأخرى للنساء، أما الشباب فأصبح ستر العورة وارتداء الشورت الطويل أو البنطلون الكامل منظرًا لا تخطؤه عين.

وما يحدث في مصر يحدث في العديد من الدول العربية، بفعل انتشار الصحوة الإسلامية، وظهور وسائل إعلام تنشر الثقافة الإسلامية، وتهتم بالقضايا الإسلامية، وتدعم بالتالي الحجاب.


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 07-08-2008   shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
المولدي الفرجاني، عبد الرزاق قيراط ، أشرف إبراهيم حجاج، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد عمر غرس الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - صالح المازقي، عبد الله زيدان، محمد العيادي، حاتم الصولي، محمد يحي، أحمد بوادي، رشيد السيد أحمد، مصطفي زهران، نادية سعد، سليمان أحمد أبو ستة، الناصر الرقيق، كريم السليتي، د- محمود علي عريقات، محمد شمام ، صفاء العراقي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن الطرابلسي، عمار غيلوفي، محمود طرشوبي، د - الضاوي خوالدية، سفيان عبد الكافي، عراق المطيري، سامر أبو رمان ، سلوى المغربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، الهادي المثلوثي، د - مصطفى فهمي، خالد الجاف ، د- هاني ابوالفتوح، فتحي الزغل، محمد الطرابلسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. عبد الآله المالكي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أ.د. مصطفى رجب، د - عادل رضا، مراد قميزة، د. أحمد محمد سليمان، يزيد بن الحسين، منجي باكير، سلام الشماع، محمود فاروق سيد شعبان، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الغني مزوز، محمد أحمد عزوز، مجدى داود، صلاح المختار، فوزي مسعود ، كريم فارق، د. خالد الطراولي ، مصطفى منيغ، ضحى عبد الرحمن، علي الكاش، أحمد النعيمي، ياسين أحمد، طلال قسومي، جاسم الرصيف، علي عبد العال، إياد محمود حسين ، فهمي شراب، رضا الدبّابي، صلاح الحريري، فتحـي قاره بيبـان، حسن عثمان، وائل بنجدو، أنس الشابي، د- محمد رحال، د. أحمد بشير، خبَّاب بن مروان الحمد، إيمى الأشقر، فتحي العابد، صفاء العربي، صباح الموسوي ، العادل السمعلي، د - المنجي الكعبي، إسراء أبو رمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - محمد بنيعيش، سامح لطف الله، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محرر "بوابتي"، رافع القارصي، أحمد ملحم، محمد الياسين، د - شاكر الحوكي ، الهيثم زعفان، د. طارق عبد الحليم، صالح النعامي ، عمر غازي، أحمد الحباسي، رمضان حينوني، محمد اسعد بيوض التميمي، رحاب اسعد بيوض التميمي، رافد العزاوي، حميدة الطيلوش، عزيز العرباوي، عواطف منصور، سيد السباعي، عبد الله الفقير، يحيي البوليني، د.محمد فتحي عبد العال، تونسي، سعود السبعاني، محمود سلطان، د- جابر قميحة، أبو سمية، د. صلاح عودة الله ، ماهر عدنان قنديل،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة