أندرياس زيلر: ترجمة : ضرغام الدباغ
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 633
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
على الرغم من مرور تسعة سنوات على اختفاء الطائرة الماليزية الرحلة MH370 التي كان على متنها 239 شخصاً، ليس بوسعنا سوى القول أنه لما يزل من غير الواضح تماما ماذا حصل وكيف وأين. وليس هناك سوى شيئ واحد مؤكد، أن الطائرة قد تحطمت بعد ساعات من إقلاعها من كوالالمبور، كما أنه لا جدال في مسألة : كيف ولماذا تتحطم طائرة ذات تقنية عالية وتتحول إلى لغز في تاريخ الطيران الحديث.
أختفاء الطائرة : الرحلة رقم MH370
ومن المؤكد أن طائرة البوينج 777-200 التي كان على متنها 227 راكبا واثني عشر من أفراد الطاقم قد أقلعت من كوالالمبور في 8 مارس 2014 في الساعة 0:42 صباحا. بعد 20 دقيقة ، وصلت الطائرة إلى ارتفاع الطيران الرحلة، وبعد 20 دقيقة أخرى بعثت بآخر رسالة لاسلكية، حتى ذلك الحين كل شيء طبيعي. ولكن بعد ثوان، حدث أن تم (من بين أشياء أخرى)، إيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال، واختفت الطائرة MH370 من شاشة الرادار.
وحدث العديد من التغير في مسار تحليق الطائرة، فمن التحليق فوق ماليزيا،وشمال اندونيسيا، ثم ساعات من الطيران بأتجاه الجنوب، (افتراضاً) فوق المحيط الهندي، حيث سيتم لاحقاً تفسير بيانات الأقمار الصناعية، ومنها يشتبه معظم الخبراء أن موقع تحطم الطائرة هو اقصى غرب أستراليا.
في الدقائق التي اختفت فيها الطائرة ، كانت قد انتقلت من المجال الجوي الماليزي إلى المجال الجوي لفيتنام. ويبدو أن الأمر استغرق وقتا طويلا على نحو غير عادي حتى تم الانتباه لاختفاء الطائرة وإطلاق الإنذار، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن مراقبي الحركة الجوية تصرفوا بإهمال، وفقا للتقرير النهائي لفريق دولي من الخبراء "فريق التحقيق الماليزي في المرفق 13 لمنظمة الطيران المدني الدولي الماليزي".
تقرير غير واضح عن الرحلة MH370: هل كان هناك تلاعب في الأنظمة؟
وإذا القينا نظرة فاحصة على التقرير النهائي الصادر في عام 2018، ، فإن هناك شيئا واحداً يبرز ، أنه لا يوجد شيئ واضح ونهائي على الاطلاق. إذ كانت المشكلة الرئيسية للمهنيين في التحقيق في الحادث، هي عدم وجود قطعة من بدن الطائرة لفحصها والتحقق فيها.وحتى يومنا هذا لا يمكن استبعاد حدوث خلل ما في الطائرة. ومع ذلك، فمن المحتمل حسبما يذكر التقرير أن فقدان الاتصال حدث بسبب " إيقاف تشغيل الأنظمة يدويا، أو بسبب انقطاع التيار الكهربائي". وهذا يشير التلاعب (Manipulation) في صياغة التقرير الذي ركز على طاقم الطائرة والركاب.وأن لا وجود لتشوهات خطيرة.
ومن بين عشرات القطع من حطام الطائرة التي جرفتها أمواج المحيط الهندي على السواحل الأفريقية،تم تشخيص ثلاث قطع بعائديتها للطائرة المنكوبة، وسبعة قطع بأنها " شبه مؤكدة" وعشرون قطعة بأنها " مشتبه بها "، وتؤكد الأجزاء هذه أنها تعود لطائرة البوينغ الرحلة (MH370) وأنها قد سقطت وتحطمت،كما تشير البيانات أن الطائرة مكثت في الجو لمدة سبع ساعات.
ويختتم التقرير إلى أن اختفاء طائرة الرحلة (MH370)، والعمليات الواسعة في البحث عنها كانت حدثاً غير مسبوق في تاريخ الطيران، ويشير إلى ضرورة إدخال تحسينات لضمان سرعة تحديد الحدث وموقعه في المستقبل، ووجود أليات " لتعقب أي طائرة تخرج عن خط الرحلة لأي سبب من الأسباب "، وان يكون موقع أي طائرة مدنية تجارية معروف دائماً، وعدم قبول افتراضات أخرى.
الغموض : أين يمكن أن تكون الطائرة ؟
لكن كيف يمكن أن يحدث لكي تغادر طائرة مسارها وتختفي خلال ثوان؟
في البدء ، يتم تسجيل مسار الطائرة بواسطة ثلاثة أنظمة:
1. من الأرض،
2. ثم من الطائرة نفسها ومن الفضاء.
3. ومن خلال الرادار الأرضي(يسمى الرادار الأساسي ). حيث يتم إرسال إشارات من الطائرة وهذه اقابلة للقياس ماديا "، يوضح روبرت إرتلر، رئيس الاتصالات الخارجية والصحافة الألمانية (Deutsche Flugsicherung (DFS))، أن ذلك يتم بدقة متناهية عند الطلب.
وهذا يعني أن المجال الجوي في ألمانيا يخضع لمراقبة مستمرة حتى ارتفاع حوالي أحد عشر كيلومترا. وما لا يستطيع الرادار قياسه هو ارتفاع الطيران، وهنا يأتي دور ما يسمى بالرادار الثانوي، جهاز الإرسال والاستقبال للطائرة. يقول إرتلر: "نرسل استفسارا وهناك إجابة من الطائرة". تشمل البيانات، من بينها، الارتفاع والسرعة. "ثم هناك الامكانية لتحديد الموقع عبر الأقمار الصناعية" ، إذا كان هناك العدد الكافي منها ".
وقد تم إيقاف تنشيط جهاز الإرسال والاستقبال في رحلة الطائرةMH370. يتم ذلك من قمرة القيادة. ، ويوضح إرتلر. "الطائرات العسكرية تفعل شيئا كهذا والأمر يتعلق بالسرية". أما في حالة MH370 ، يصعب تفسير ذلك: "كقاعدة عامة، لن تقوم طائرة تنقل الركاب بإيقاف تشغيلها بشكل نشط". وهناك ثغرات حتماً في المراقبة الرادارية فوق المحيط الهندي، كما هو الحال مع مراقبة الأقمار الصناعية. وبالتالي، عجزت الأنظمة الثلاثة من تقديم أي بيانات.
تؤشر لنا هذه المعطيات، من خلال الأحداث المحيطة برحلة الطائرة MH370إلى أنه لا ينبغي أن ينحصر البحث عن الخطأ في المقام الأول في الجانب التكنولوجي، ولكن أيضاً في الخطأ البشري. وحتى في دوائر الخبراء، يجري تفسير البيانات الموجودة متباعدا في بعض الأحيان وأحياناً في اتجاه نظريات المؤامرة أحياناً.بل أن بعض الخبراء يشككون حتى في أن الطائرة قد طارت جنوبا (جنوب المحيط الهندي) على الإطلاق. كما تسبب كتاب "اختفى" للصحفية الفرنسية فلورنس دي شانجي، التي تشكك في وجود موقع سقوط وتحطم مختلف تماما، وتسبب كتابها في ضجة كبيرة.
ولم تسفر سنوات من عمليات البحث من قبل عدة ولايات وشركة "Ocean Infinity" الأمريكية لم تسفر عن أي نتائج. في العام الماضي، ولكن شركة Ocean Infinity أعلنت عن خطط لاستئناف البحث.
ووفقا لتقارير نشرت في وسائل الإعلام، سيتركز البحث بعد ذلك على منطقة في المحيط الهندي اختارها مهندس الطيران ريتشارد جودفري كموقع تحطم محتمل. تصدر جودفري عناوين الصحف عدة مرات في السنوات الأخيرة ، إذ طور المهندس المتقاعد في أوقات فراغه نوعا من نظام تتبع الطيران.ببساطة، يحاول من خلاله تحديد موقع الطائرة عن طريق تحليل ما يسمى إشارات الهمس لشبكة راديو الهواة المخزنة في قاعدة بيانات. تتداخل ببيانات الطائرات مع انتشار هذه الموجات اللاسلكية.
وينظر بعض الخبراء، إلى النتائج التي توصل إليها المهندس جودفري العام الماضي(2022) على أنها بصيص أمل في العثور على الطائرة، خاصة أنه قام بتضييق موقع تحطم محتمل إلى منطقة صغيرة جدا. كما قال جودفري في البودكاست "الطب الشرعي للطيران" ما حدث للرحلةMH370؟" (تجدها على موقع flugforensik.de) من خبراء الطيران بنيامين دينيس وأندرياس سبيث أوضح كما يعتقد، أنه اكتشف بطريقته المسار الذي سلكته الرحلةMH370. كما يدعي أنه قدم "ملاحظة مثيرة للاهتمام": ووفقا لذلك، فقد حلقت الطائرة بصورة منتظمة لمدة 20 دقيقة قبالة سومطرة قبل أن تتحول جنوبا. "حتى الآن يفترض المحللون أن طائرة الرحلة MH370 كانت تطير جنوبا مباشرة. ولكن لماذا تحلقالطائرة هذا الوقت الطويل في الانتظار؟ ، على سبيل المثال، هل كانت بأنتظار أتصال أرضي. أو ربما كان هناك تفاوض ما مع الحكومة الماليزية....؟
يمكنك القيام بذلك عندما تطاردك طائرة أخرى أو عندما تريد شراء الوقت للتفكير في الخطوة التالية ، "يقول جودفري. "ولكن إذا جعلت طائرة تختفي، فلن تضيع الوقت والوقود في الانتظار" ، أوضح المهندس جودفري في البودكاست (الموقع عن شؤون الطيران في الانترنيت).
النظرية الأكثر شيوعا حول سبب اختفاء طائرة الرحلةMH370 يعتبرها الخبراء أيضا من ضمن الأسباب، هي نظرية انتحار الطيار. والتي غالبا ما يتم الاستشهاد به كمؤشر، أنه كان قد مارس سابقا دورة على جهاز محاكاة الطيران المنزلي الخاص به والتي كانت مشابهة للدورة الأخيرة المفترضة لطائرة الرحلةMH370. كما ذكرت "مجلة نيويورك" قبل سنوات على أساس وثائق سرية لمكتب التحقيقات الفيدرالي. ولكن، كما تشير التحقيقات الإضافية والتقرير النهائي، لا يوجد دليل أو دافع للانتحار في البيئة الخاصة للطيار(الأسرة أو العمل).ولماذا يجب أن يحلق هذه الساعات السبع بدلا من يحطم الطائرة على الفور؟ وإذا كانت النتائج التي توصل إليها المهندس جودفري صحيحة، فإن المناورة التي انطلقت من سومطرة لا معنى لها في حالة الانتحار المخطط له. لذلك فان هذه النظرية حافلة بالعديد من علامات الاستفهام.
ولكن هل يمكن أن يتكرر مستقبلاً حادث"اختفاء" طائرة ، كما في حالة طائرة الرحلةMH370...؟ وإلى أوضح ريتشارد غودفري قبل عام في مقابلة مع صحيفة "نويه زيورشر تسايتونغ" أن منظمة الطيران العالمية "إيكاو" قد أصدرت مرسوما "بأن جميع الطائرات يجب أن تكون مجهزة بنظام تتبع دائم يعمل بشكل مستقل عن جميع الأنظمة الأخرى على متنها". ومع ذلك، سوف يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتم تجهيز جميع الطائرات به.
ومنذ وقوع الحادث للرحلة MH370، تسعى منظمة الطيران المدني الدولي جاهدة إلى تحسين تموضع الطائرات عن طريق إشارات تحديد المواقع دقيقة بدقيقة. وفقا للتقارير، تعتمد بعض شركات الطيران أيضا على تدفق بيانات الصندوق الأسود. من الواضح أنهم يحاولون التعلم من سوء الحظ. كما منذ ذلك الحين(منذ حادث الرحلة MH370)، أصبحت الملاحة عبر الأقمار الصناعية "أفضل وأكثر كثافة" كما يقول الخبير روبرت إرتلر، ويستبعد احتمال اختفاء طائرة في ألمانيا. أو فوق المحيطات الكبيرة، حيث يصل لا يصل الرادار والرادار الثانوي إلى حدودهما، تماما: "اما إذا لم تكن مجموعة الأقمار الصناعية بحيث يمكنها تحديد الموقع بشكل مثالي ، فقد يتكرر يحدث شيء من هذا القبيل مرة أخرى. ومع ذلك أود أن أصف احتمال أن نشهد شيئا كهذا مرة أخرى بأنه لا يكاد يذكر".
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: