البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات
   رأي القُرعة

الاستحقاق التاريخي
كيف ولماذا انتهى حزب الاستقلال

كاتب المقال د. ضرغام الدباغ - ألمانيا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 259


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هي تجربة تاريخية كبيرة، مثيرة للإعجاب وللدهشة معاً. ومدهش أكثر أن لا يتطرق لها أحد لا من بعيد ولا من قريب. وسأسوق ملاحظة هي أن لا أحداً من كتاب التاريخ المحترفين (أساتذة وعلماء)، أو من هواة تسجيل التاريخ (chronologie). أن يبحث فيها المختصون والباحثون، وهي تجربة مثيرة تستحق البحث التفصيلي، ومن المؤكد أن في ثنايا الأحداث الكثير من القصص الصغيرة والروايات التي تستحق عناية المدونين.

ما أريد بحثه اليوم، هو ظاهرة التلاشي التدريجي لحزب الاستقلال في العراق. وهي قضية بتقديري مهمة للغاية، وتستحق الدراسة والتمعن، لا سيما في الظروف الحالية. وهو تساؤل كبير: كيف ولماذا أنتهى حزب الاستقلال ... وحزب الاستقلال كان حزبا سياسيا رئيسياً في العراق، قاد التيار القومي التحرري لسنوات طويلة (من الأربعينات وحتى الستينات)، وكان يضم النخب الممتازة من الشباب والرجال الناضجين، والعديد منهم كان يمتلك قدرات فكرية وسياسية مهمة. وتميز بخط وطني / قومي، معاد للأستعمار، وله أهداف اجتماعية كانت جذابة وجديرة بالأهتمام. وقادة الحزب من أمثال : محمد مهدي كبة، ومحمد صديق شنشل، وفائق السامرائي، وآخرون، كانوا يتمتعون بالاحترام التام في كافة الأوساط لمكانتهم، وثقافتهم، ووطنيتهم الخالصة، وبعدهم التام عن الطائفية المقيتة، وعن المناطقية والعشائرية، فكانوا يمثلون بحق خطاً وطنيا تحررياً لا تشوبه شائبة.

وكمعظم الحركات التاريخية، لم يولد حزب الاستقلال بمرسوم حكومي، ولا برعاية أجنبية من دولة قريبة أو بعيدة، بل أنحدر من تجمع وطني معاد للاستعمار قومي الاتجاه، هو نادي المثنى الذي نشط بصفة خاصة في مطلع الأربعينات، دعماً للحراك الوطني العراقي عام 1940/ 1941، وتأسس حزب الاستقلال (كانون الأول / 1945) في ظروف عصيبة بعد فشل حركة مايس 1941 (واقعيا كان كتيار موجود في المجتمع العراقي)، أبان حملة الاعتقالات التي شنتها السلطات البريطانية. ومثل حزب الاستقلال آنذاك التجمع الوطني القومي العراقي النظيف الذي يجمع العناصر الوطنية العراقية في عمل موحد ضد الاستعمار وقوى الانتداب البريطاني مؤكداً على الوحدة الوطنية العراقية ووحدت التوجه صوب الاستقلال، وصيانته والدفاع عنه. وكان نادي المثنى في الوقت نفسه يضم بين جناحيه في ذلك الوقت المبكر الشخصيات الوطنية / القومية الساعية للاستقلال كالسيد رشيد عالي الكيلاني، ومحمد يونس السبعاوي، ويحضى بتأييد الضباط الوطنيين وفي مقدمتهم ضباط المربع الذهبي العقداء الركن الأربعة (الشهداء فيما بعد) : صلاح الدين الصباغ، محمد فهمي سعيد، كامل شبيب، محمود سلمان.

كان حزب الاستقلال يفتقر إلى الوضوح النظري، ومتانة الجانب التنظيمي، ورؤيته السياسية لم تكن عميقة بحيث تقنع الجماهير، وتدفعها إلى تنظيم حديدي، وهو ما حال أن يكون حزب الجماهير الشعبية في الشارع الملتهب، ورغم وضوح خطه القومي، إلا أن الحزب أفتقر للجانب الآيدولوجي، وبدا هذا النقص في حينه مهماً، ولكن الحزب الذي كان يحترم قواعد العمل الديمقراطي، كان موقفه المعارض واضحاً كل الوضوح، بدرجة كان مشاركا بالأنشطة الوطنية، حتى توجها بالانظمام إلى جبهة الاتحاد الوطني، التي تأسست عام 1956 من : الحزب الشيوعي العراقي، حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب الاستقلال، الحزب الوطني الديمقراطي، الحزب الديمقراطي الكردستاني التي كانت بتقديري، هي أفضل حالة تحالفية متقدمة شهدها العراق في تاريخه.

ومن سوء الحظ، أن لا تتولى جبهة التحالف الوطني الحكم والسلطة الفعلية في العراق، لمدة انتقالية معينة (سنة أو سنتان) تمهيداً لنظام ديمقراطي انتخابي برلماني، في غضون ذلك الابتعاد عن كل فكرة متطرفة وعن الاتجاهات التوتالية، وترسيخ سيادة الدولة والقانون، والابتعاد عن صيغ العنف في العمل السياسي، وبتقديري أن حزبين كانا في وارد مثل هذه السياسات البناءة، هما : حزب الاستقلال، والحزب الوطني الديمقراطي.

ولكن الساحة في العراق وفي المنطقة كانت ملتهبة بشعارات ثورية، والتطرف كان يتسيد المواقف النظرية والسياسية، ويبدو لي أن حزب الاستقلال والحزب الوطني الديمقراطي كانا سابقان لعصرهما، ومتأثران بالحياة الحزبية في البلدان السابقة في التجربة.

حزب الاستقلال كان حزبا قوميا رائداً، ولكن الحزب لم يكن لينظر إلى عمق الواقع، وتنقصه الرؤية العريضة، في تشخيص الأوضاع والتطورات، وفي تحليلها، وأفتقر للمؤتمرات، تخلق التفاعل الضروري، فكان يبتعد عن المسرح السياسي العراقي...وبأسف أقول: كان الحزب بتضاؤل دوره وأهميته ... يتلاشي تدريجياً ويندثر.

وما أن أطلت أحداث شباط / 1963، ونهاية حكم الزعيم كانت ذلك يؤشر آخر تواجد لحزب الاستقلال الذي كان وجوده بعد 14/ تموز / 1958 شكلياً في الساحة السياسية العراقية وأصبح أثراً بعد عين بعد أن تواجد على الساحة نحو عقدين من الزمان (20 عاماً).

في هذه العجالة أريد التنويه : أن الأحزاب التي تعبر عن إرادة وتطلعات الجماهير، لا تسحق بالإرهاب، فقد يلحق بها الإرهاب بعض الخسائر، ولكن من جهة أخرى هناك مكاسب، إذ يتجذر الحزب بين الجماهير إذا كان ملبيا لطموحاتها، والطموحات هي الرؤية العصرية المتجددة لمشكلات اليوم، كيف نتصدى لمشكلات الوطن والأمة، ما هي جوهر المشكلات، وكيف نضع لها الحلول المناسبة، الحديث العام والعائم ... المشحون بعبارت ملتهبة لا تصيغ واجبات ومهمات وآليات العمل السياسي ...

سيقول لي أحدهم ... أنك تلمح لشيئ ولا تصرح به ...!

أقول: أنا لا ألمح، بل أصرح ..... أنظروا إلى الساحة وتجدون ما ألمح له حاضراً ماديا ملموساً ...


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، تاريخ العراق، الاحزاب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-07-2022  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  لعبة الشطرنج الأخيرة
  الصراحة المرة
  لغز الطائرة الماليزية
  إيران : عرف الحبيب مقامه فتدلل
  ماذا حدث في الصين الشعبية
  لقاءات مع ثلاثة قادة في الجيش العراقي
  يوليوس فوجيك
   من صورة الموقف
  البروليتاريا الرثة  Lumpenproletariat
  معطيات تاريخية قادت لمستقبل مظلم
  الكوزموبوليتيك أعلى مرحلة للعولمة / الإمبريالية
  لماذا انهار الغرب
  مشكلات الجرف القاري التركي / اليوناني
  مصير نظام ولاية الفقيه
  الزيادة كالنقصان
  الأمم المتحدة
  هل يتجه العالم لتصفية آثار ونتائج الحرب العالمية الثانية
  الشهور القليلة المقبلة ستحدد مسارات السياسة الدولية
  سيناريو الحقد الاسود
  نظام الانتداب MANDATE SYSTEM
  إعادة استكشاف لديمقراطية الغرب ..؟
  ارقص على موسيقانا ... وإلا ....!
  إبن أبي الربيع
  حين يحاكي البشر الطيور 4 محاولات رائدة بين الأسطورة والواقع
  حصيلة واستنتاجات الموقف في أوكرانيا
  زيارة بايدن الفاشلة
  تدهور حالة الديناصور
  الفكر القومي / الإسلامي ....
  الاستحقاق التاريخي كيف ولماذا انتهى حزب الاستقلال
  الدخالة عند العرب: قضايا اللجوء السياسي والإنساني

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
خبَّاب بن مروان الحمد، سلام الشماع، سليمان أحمد أبو ستة، إيمى الأشقر، أنس الشابي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. صلاح عودة الله ، صباح الموسوي ، سفيان عبد الكافي، أحمد ملحم، العادل السمعلي، أحمد بوادي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الله زيدان، نادية سعد، د - شاكر الحوكي ، د- جابر قميحة، سلوى المغربي، حميدة الطيلوش، عمار غيلوفي، إسراء أبو رمان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. أحمد بشير، محمد شمام ، حسن الطرابلسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. خالد الطراولي ، فتحـي قاره بيبـان، ياسين أحمد، د- محمد رحال، عراق المطيري، علي الكاش، عمر غازي، د - المنجي الكعبي، وائل بنجدو، مجدى داود، حاتم الصولي، د. أحمد محمد سليمان، حسن عثمان، د. عبد الآله المالكي، د - محمد بن موسى الشريف ، صالح النعامي ، د - صالح المازقي، الناصر الرقيق، الهيثم زعفان، صلاح الحريري، إياد محمود حسين ، د. عادل محمد عايش الأسطل، كريم فارق، عزيز العرباوي، فتحي الزغل، كريم السليتي، ضحى عبد الرحمن، رحاب اسعد بيوض التميمي، المولدي الفرجاني، د- محمود علي عريقات، محمد الياسين، خالد الجاف ، محمود سلطان، رضا الدبّابي، رافد العزاوي، سعود السبعاني، جاسم الرصيف، عبد الغني مزوز، محرر "بوابتي"، الهادي المثلوثي، أحمد النعيمي، د - الضاوي خوالدية، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رشيد السيد أحمد، طلال قسومي، فوزي مسعود ، أبو سمية، أشرف إبراهيم حجاج، سامح لطف الله، فتحي العابد، رافع القارصي، ماهر عدنان قنديل، عبد الله الفقير، محمد أحمد عزوز، د- هاني ابوالفتوح، فهمي شراب، مصطفي زهران، سامر أبو رمان ، محمد الطرابلسي، أحمد الحباسي، صفاء العراقي، محمد اسعد بيوض التميمي، رمضان حينوني، أ.د. مصطفى رجب، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - عادل رضا، يزيد بن الحسين، مراد قميزة، د. طارق عبد الحليم، منجي باكير، محمد العيادي، محمود طرشوبي، د - محمد بنيعيش، تونسي، سيد السباعي، محمد عمر غرس الله، د.محمد فتحي عبد العال، محمد يحي، صلاح المختار، يحيي البوليني، عبد الرزاق قيراط ، محمود فاروق سيد شعبان، حسني إبراهيم عبد العظيم، عواطف منصور، صفاء العربي، مصطفى منيغ، د - مصطفى فهمي، علي عبد العال،
أحدث الردود
مقال ممتاز...>>

لغويا يجب استعمال لفظ اوثان لتوصيف مانحن بصدده لان الوثن ماعبد من غير المادة، لكني استعمل اصنام عوضها لانها اقرب للاذهان، وهذا في كل مقالاتي التي تتنا...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

واضح أن الكاتب يعاني من رؤية ضبابية، وهو بعيدٌ عن الموضوعية التي يزعم أنه يهتدي بها..
نعم، وضعت الأنظمة القومية قضية تحرير فلسطين في قائمة جدول...>>


الأولى أن توجه الشتائم التي قدمتها لما يُسمى بالمعارضة الذين هم في الحقيقة تجار الوطن والشرف.. ارتموا كبائعات الهوى في حضر التركي والأمريكي والقطري وا...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة