فوزي مسعود - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6822
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يمكنني أن أقترح قاعدة عامة: كلما ندر موجود كلما دل ذلك على إرتفاع قيمته، وكلما أنتشر كلما كان ذلك دالا على إنخفاض قيمته، ويصح ذلك على القيم المعنوية
بالنظر العقلي المقرون بالإستقراء يمكن الخروج بمايشبه القاعدة العامة التي تؤطر العلاقة بين ندرة الموجود وقيمته المعيارية
كلما كان الموجود نادرا، كلما كان ذلك مؤشرا على إرتفاع قيمته، والعكس صحيح، كلما إزداد الموجود كثرة كلما كان ذلك مؤشرا على إنخفاض قيمته
لو نظرنا لعالم الماديات الطبيعية أي التي لم يطرأ عليها تدخل بشري، نلاحظ أن المعادن النادرة كالارمنيوم ومكوناته تعد أغلى المواد، وحينما نصل للتراب أكثر المواد الطبيعية وجودا، فهو يعد أقل المواد قيمة
لو نظرنا لعالم الماديات الاطبيعية، فإن السيارات التي تصنع بالجملة من خلال الرجل الآلي، تعد نسبيا منخفضة القيمة والتكلفة مقارنة مع سيارات الرولس رويس مثلا التي تعد نادرة لأنه يتم تصنيعها يدويا لطلبيات مخصوصة
لو أنتقلنا لعالم القيم المعنوية، فإن القيم التي لا يشترك فيها الجموع تعد القيم الأكثر رفعة، فكلما تفرد أحدهم بصفة كلما كانت محل قيمة أكبر، فالجرأة والتمرد على السلطات قيمة نادرة، وهي لذلك تمثل قيما عليا
وقيم الشجاعة في الحروب وغيرها قيم نادرة في الجموع ولذلك يمثل أصحابها قدوات في مجالهم
والتميز الفكري والعبقرية قيم نادرة، وهي عوامل رفعة لأصحابها
إذن يمكن القول أن الفرد كلما كان منضبطا في الجموع وقيم الواقع مقبلا عليها، كلما كان ذلك مؤشرا على قيمة ذاتية منخفضة، وكلما كان رافضا للاندماج في القطيع ومحدداته كلما كان ذلك مؤشرا على ارتفاع قيمة ذاتية له
لو تعمقنا، لوجدنا أن الندرة المعنية هي ندرة الإمكانية وليس ندرة الوقوع، بمعنى أن هناك قيما تنتشر واقعا، ولكنها من حيث بداياتها كانت نادرة الوقوع، هنا ينظر فقط لمن كانت له الجرأة لتنزيل تلك القيمة واقعا أول مرة، أما الباقون فهم محرد أتباع وعادة إمعات، ولا تنطبق عليهم تلك القيمة من حيث ندرتها
بينما هناك قيم من حيث إمكانية تنزيلها واقعا ليست صعبة، كالتبسم في وجه الجار والاحسان إليه مثلا، فهي لهذه الزاوية لا تعد قيمة ثمينة نسبة لغيرها، لأنها ليست نادرة من حيث الامكانية و إن كانت واقعا ليست منتشرة
خذ مثلا قيمة الثورة والتمرد ورفض الظلم، فأصلها ينطلق به قلة، ولكن حينما تنتشر الثورة وتنجح أو تعم، يتبناها الكثير، ولكن تلك الحموع لا يعني أنها متشبعة بكل القيم التي انتجت الثورة، أي لا يعني أنها أنتقلت كلها حمالة لمجموع القيم المنتجة للثورة، أي أن الاصل هو المرور للسابق في الوجود وهو القيمة ولبس العكس، أي الفعل ومن بعده إستخلاص القيم
بمعنى آخر أن ما يأخذ في التقسيم المنهجي هو أصل القيمة إبتداء، أي إمكانية دخولها الأولي في الوجود وليس إنتشارها واقعا حينما تكون موجودة
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: