كريم السليتي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5344
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالمملكة العربية السعودية المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام المطبقة على القتلة و السحرة و تجار المخدرات، أثارت الكثير من السخرية و النقد في الصحافة العالمية و مواقع التواصل الجتماعي، و ذلك بسبب التناقض الكبير الذي وقع فيه الرجل، حيث أن بلاده تعتبر من البلدان التي تدرس انتهاكاتها لحقوق الانسان في الجامعات البريطانية و الأمريكية.
فرنسا و عهد أنوارها هي تلك التي إقترف جيشها في القرن الماضي أسوأ جرائم الإبادة في افريقيا عامة و في الجزائر خاصة. فرنسا التي تحاول جاهدا تقديم الدروس للدول العربية في حقوق الانسان في كل زيارة "تجارية" لرؤسائها المتعاقبين، هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع المحجبات من الدراسة و تمنع المنقبات من حرية التنقل و تمنع جوازات السفر عن الشباب الفرنسي من أصول عربية و حرمانه من حقه في آداء العمرة بتعلة مكافحة الإرهاب.
فرنسا التي تقدم الدروس للمملكة العربية السعودية في الغاء أحكام الإعدام، هي نفسها فرنسا التي قتلت المئات من عرب قبائل شمال مالي بقصف طائراتها أو بتحريض القبائل الأخرى عليهم. فرنسا التي تقدم الدروس اليوم هي نفسها من تقترف بيدها أو بيد حلفائها أبشع الجرائم ضد المسلمين في إفريقيا الوسطى بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى من حكم البلاد بوصفهم الأغلبية.
فرنسا التي تعطي الدروس في حقوق الانسان هي التي كانت تدعم الرئيس الفاسد زين العابدين بن علي في حربه على الهوية العربية الاسلامية في تونس والتي دامت عقدين من الزمن، وهي التي تضغط اليوم على الحكومة التونسية للحيلولة دون اصلاح نظام التعليم وتغيير لغة التدريس الثانوي و الجامعي من الفرنسية إلى الإنجليزية.
فرنسا التي تتشدق بحقوق الانسان هي نفسها فرنسا التي جاء وزير داخليتها لتونس ليضعط على الحكومة السابقة لاغلاق المجال الجوي التونسي أمام الطائرات الليبية المحملة بالمرضى و جرحى الحرب، في ابتزاز رخيص ومقزز و لا إنساني.
اليوم لم يبق لفرنسا من حقوق الإنسان سوى المتاجرة بها في الصالونات و الإعلام و المجالس، أما على أرض الواقع فقد انكشفت عورتها. اليوم لم يبق لفرنسا سوى الدفاع عن حقوق اللواطيين و القتلة و السحرة و تجار الأسلحة و المخدرات. و مغتصبي الأطفال. فرنسا لا تدافع عن حقوق الإنسان العادي المتوازن كالحق في اللباس و الحق في ممارسة شعائره و عقائده و الحق في السفر، و قبل كل ذلك الحق في الحياة.
إذا كانت فرنسا و رئيسها يؤمنان فعلا بحقوق الانسان لماذا يرفعان عاليا شعار الهوية الفرنسية الذي يهدف لنزع ثقافات و عادات و عقائد الآخرين و فرض النمط الفرنسي عليهم بالقوة، أليس من أبسط حقوق الإنسان احترام هوية الآخرين، و عدم التسلط عليهم و ابتزازهم بهدف تغييرها.
فرنسا إختارت أن تقف إلى جانب "حقوق" المجرمين و القتلة و أن تكون في طليعة المحاربين لكل ما يمت للعفة و للقيم الانسانية بصلة، و قديما قيل من بيته من زجاج لا يقذف الناس بالحجر.
------------
كريم السليتي
كاتب و حقوقي تونسي.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: