المحروم من عاش في غفلة الدنيا ولم يستيقظ منها إلا بعد فوات الأوان ،بعدما إستنفذت شبابه وصحته وفراغه في دهاليزها ومادياتها دون أن تبقي له ما يستند به في عاقبته أمره،أو يملأ به كتابه يوم القيامة.
المحروم من عاش طول الأمل في حياة مديدة،يتمنى بها تحقيق ما يريد من مكاسب دُنيوية منفصلة إنفصالاً تاما عن أخرته ولم يسخر الدنيا لتحصيلها.
المحروم من إستشعر رحمة الله ولم يستشعر عقابه.
المحروم من ذكر عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يُصلي عليه.
المحروم من رأى الفتن التي نعيشها وكأنها لا تعنيه ولم يتعظ أو يأخذ العبرة منها ولم تحرك له ساكنا ولم يُغير ولم يُبدل.
المحروم من إغتر بنفسه وراءها فوق الجميع ونسي أن الله تعالى ذم المتكبرين بقوله عليه السلام
((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)
أوكما قال عليه الصلاة والسلام
((قال عن المتكبرين أنهم يأتون يوم القيامة كأمثال الذر يدوسهم الناس بأقدامهم)).
المحروم كما جاء في الحديث هو
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,أَنَّهُ قَالَ:" أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي؟"قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ،وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا،وَقَذَفَ هَذَا،وَأَكَلَ مَالَ هَذَا،وَسَفَكَ دَمَ هَذَا،وَضَرَبَ هَذَا،فَيُقْتَصُّ لِهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ،وَلِهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ،فَإِذَا فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ،أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ" ذلك لان عبادته كلها لم تتجاوز جوارحه ولم تلمس قلبه،ولم تخرج عن نطاق العادة إلى العبادة والمحروم من أنعم الله عليه بنعم كثيرة ونسي أن يحمد الله عليها ﻹنشغاله وعدم رضاه فيما أخذ منه فلا أصابه خير الحمد ولا رزق بركة الرضى بماقسم الله.
المحروم من علم أن الرضى بما قسم الله يرزقه الشعور بأنه يملك الدنيا بما فيها فيعرض عنه ويُصرعلى النظر بما في يد الآخرين قال عليه الصلاة والسلام:
المحروم من ظن أن السعادة كل السعادة في جمع المال فقضى شبابه وأنهك صحته في جمعها ثم آفاق ولم يتبقى من الصحة والشباب ما يستعين بها على طاعته.
المحروم من حاصره ألياس من حال الدنيا وحال أولاده ورزقه ونسي أن الدعاء يغير الأحوال ويغلب الأقدار في بعض الأحيان.
المحروم من علم أن في رضى الوالدين كل السعادة في الدارين،ولم يبالي وإختار راحته على راحتهما،وعاملهما معاملة الأنداد،ولم ينزلهم منزلهما في البر والإحسان ،والتزلل والتودد،ومر على آيات وأحاديث البر مرور غير المبالي،ونسي قوله عليه السلام
((ويل لمن أدرك أبويه إحداهما أو كلاهما ولم يدخلاه الجنة))
والمحروم من علم أن البر بالوالدين يسوق الرزق ،ويفتح أبواب الخير ،ويبارك بالذرية ويمد له في عمره ولم يتعامل بيقين فأصبح من الخاسرين .
المحروم من علم أن في صلة الرحم العافية،وتيسير الرزق لقوله عليه الصلاة والسلام.
((من سره ان يبسط الله له في رزقه وينسا له في اثره فليصل رحمه))
ثم يدركها بظاهرها دون أن يصيب الإخلاص فيها،حتى أصبحت الأرحام عبئ بعضها على بعض تقاس بين البشر بالخطوة والدرهم مفرغة الصلة من محتواها ونسي قوله عليه السلام
((ليس الواصل بالمكافىء،ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها))
ثم يشكي الناس الضيق في الرزق،ولم يدركوا أن صلتهم لأرحامهم مفرغة من محتواها ولم تتعدى سقف بيوتهم لأنها لم يدركها الإخلاص والمحروم من أعرض عن اﻹستغفار,وقد علم أنه يجلب الأرزاق لقوله تعالى
المحروم من علم أن الإيمان لا يكتمل إلا بتمني الخير للآخرين لقوله عليه الصلاة والسلام
((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
واصبح لا يتمنى الخير إلا لنفسه وأولاده ويتمنى زوال النعم عن الاخرين,فحُجب الخيرعنه وعن أولاده لسوء نيته التي نسي أن الله مُطلع عليها.
المحروم من ظن أن رعاية الأبناء تقتصر على الرعاية البدنية والصحية,وتوفير ما يستطيع توفيره لهم من ماديات وتجاهل أقدارهم التي هو سبب فيها سلبا أو إيجابا لأنه يتحمل الجزء الأكبر من حمايتهم من الشقاء والضيق الذي قد يعترض طريقهم نتيجة تقصير والديهم في عبادات أو تعديهم وظلمهم للآخرين،أو إنكار لحقوق الأخرين ونسي تحذير الله بأخذ الذرية بعمل والديهم نتيجة ظلم الوالدين أو إحداهما لقوله تعالى
المحروم من أعرض عن ذكر الله الذي يحمل ويجلب على الإنسان الخير الكثير,وقد مر على آيات وأحاديث الذكرولم يُدرك أهميتها وأن بها العلاج من كل ضيق وهم ونكد لقوله تعالى
والذكر هو الباب الأوسع لعلاج النفس وطرد الشيطان منها,ولو علم به علماء النفس والأعصاب النتائج التي يعطيها لمن يعتريه الوساوس في مقاومتها لأغلقوا تخصص الأمراض النفسية وإستبدلوها بمادة((اﻹستغفار والصلاة على النبي))لما فيها من معالجة بليغة للنفس.
المحروم من حرم أولاده من الرُقية الشرعية التي تشفيه من العين ومن تخبط الشيطان،ان إعترض أحدهم مس العين أو غيرها،فترك أهم جزء من مسئوليته تجاههم،ولم يحفظها أويقتنع بها وهي جزء من عقيدتنا بها يستطيع أن يُميز الإنسان ان كان ما يعتريه يحتاج الدواء أو يكتفي بالرقية.
المحروم من ركن إلى العبادات والطاعات بعيداًعن حُسن الخُلق أو من ركن إلى حُسن الخُلق مع تقصير في الطاعات .
المحروم من علم أن طهارة أجواء البيت والمكان لا تكون إلا بمواصلة ترديد أذكار المداخل والمخارج للأماكن،واستمرار قرآة سورة البقرة،ثم أعرض عنها ولم يجربها باستمرار فكانت عليه حسرة لقوله عليه السلام فيها
(اقرؤوا سورة البقرة فإن اخذها بركة،وتركها حسرة ولا تستطيعها البطله)
أي السحرة وبذلك يضمن الإنسان محاربة السحر والعين بها،وطرد الشياطين من البيوت وكل سُنة أعرضنا عنها ولم نُحيها فنحن في عداد المحرومين،من إحسان للجار,إكرام للضيف،احترام للكبير,وغيرها الكثير,وما أكثر ما نحرم به أنفسنا من الخير نتيجة إهمال أوكسل أوحتى إستخفاف بقيمة الشيء,فلا نعطي الطاعات حقها ولا تلمس قلوبنا فنستشعر رحماتها،فنستزيد منها,فلنصلح ما بيننا وبين الله حتى يصلح الله أحوالنا وحتى لا نكون من المحرومين.