د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7656
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الانتخابات التي خضناها أشهراً بعد الثورة أفرزت سلطة وكان ينبغي أن لا تفرز تقاسم مجلس تأسيسي بين معارضة ومعارضة مضادة، أي حكومة. لأن الحكومة والمؤسسات الرسمية غيرها، التي انبثقت عن السلطة التأسيسة للثورة كل عناصرها أتت بها صناديق الاقتراع التي أعقبت أول تنظيم لانتخابات ديمقراطية بعد الثورة، ولم يتقدم لها - حسب علمي - فردٌ أو أفراد أو قائمات أعلنت نفسها معارضة أو أحزاب معارضة لتمارس بمجرد افتتاح المجلس وانتخاب هيئاته الدستورية دورها كمعارضة تقليدية في ديمقراطية برلمانية أو رئاسية أو ملكية قائمة مطمئنة في دولة آمنة مستقرة.
هل تكون الرغبة في صفة المعارضة لمعارضين سابقاً في نظام المخلوع هو الذي حدد مصائر بعض زعمائهم وقادتهم للتشبث بصفة المعارضة التي من معانيها التداول على الحكم، ولكن لا تداول على الحكم بدون مدة فاصلة ومراقبة لأداء معين، لا بتشويش على ممارسة الحكم أو استنزال الخصوم من أجل سرعة المداولة عليهم؟
ومع الاقرار بأن كل سلطة تستتبع معارضة إزاءها من يوم ميلادها، ولكن استعجال الأمور وهو عنصر غالب، يقدح في كل تطرف مفرط للمعارضة إذا كان لا يقوم على أسس مقبولة عقلاً، فحين تتجاوز كل أساليب المنازعات على السلطة حد المسموح به اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً يعود الخلل على المنظومة الديمقراطية عامة، وفي المقدمة موعد الانتخابات.
ومع أن كل تأخير محاسب عليه بما يكذب أحياناً تنائج سبر الآراء لصالح بعض الأطراف دون بعض، ولكن ردود فعل الجماهير الذين قد لا تمتلكهم صناديق الاقتراع أو تصادر إراداتهم نتائجها الموجهة أحياناً بأنواع من الضغوط والاعتبارات ويعجزون عن صدها، تكون قاتلة وتصيب المخطئ والبريء.
ولذلك، فما لم تقم ضوابط لاحتواء التجاوزات قبل وقوعها أو تسليط العقاب على مرتكبيها بالعدل والإنصاف، فإن المعارضة المتلفعة في رداء شرعيتها الانتخابية أو الشعبية - بدعوى أصحابها - بإمكانها أن تبقى حجر عثرة في تقدم الثورة نحو تحقيق أهدافها ويقول المثل كما تدين تدان.
وليس من الحكمة بناء معارضة لأول سلطة شرعية للثورة، لأنها عدوانية على براءة الشعب في انتخاباته التي لامست توجهاته بحق شهوراً قليلة بعد الثورة، قبل أن تتدخل في التشويش على توجهاته السلمية والسليمة في الوقت نفسه عوامل كثيرة. وغير معذور، كان من كان، بقلة نصيبه أو حصته من مقاعده في إدارة دفة شؤونها إذا أعوزته الأصوات في تلك اللحظة الفارقة بين الحق والباطل يوم 23 أكتوبر 2011.
ومن التضييع التفريط في أقل شبر من استحقاق الثورة الذي منحته يومها بموجب انتخابات حتى تأتي انتخابات أخرى تنسخ الشرعيات أو تبدلها.
ومن واجب المعارضة أن تكون رفيقة بمن يؤمن بسلامة قيامها لتوازن أفضل في مجتمع ما بعد الثورة كما في غيره حتى لا تكون كل معارضة شبيهة لدينا بغيرها في السابق واللاحق أو تحفة للتزيين من ركن الى ركن.
-------------
تونس في 22 ديسمبر 2013
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: