(332) مناقشة لخطة رسالة دكتوراة حول التخفيف من حدة النزاعات الزوجية للمتزوجين حديثا (*)
د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6481
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
آمل أن تتيح لى هيئة المنصة الموقرة الفرصة للحديث، وأن يتسع صدر الأساتذة الأفاضل لإبداء بعض الملاحظات حول خطة البحث المعروضة.
أسلم بكل ما قاله الأساتذة والزملاء الأفاضل بأن البناء الهيكلي لخطة الباحثة، مشوه ومهلهل، كما أسلم برأى الدكتور محمد أبو الحمد بأن هذا الموضوع على ارتباط قوى بقضية الجندر التى يروج لها في بلادنا، كما أسلم كذلك بوجه نظر الدكتور إبراهيم حجاج بأن موضوع المدخل النسائى لا يتفق مع تقاليدنا ومجتمعاتنا الإسلامية، وهذه حقائق لا يمكن إنكارها، لكنني أنظر إلى الموضوع من زاوية أخرى.
أولا: منذ حوالى عام ونصف وفى هذا المكان أثنينا على إحدى الباحثات التى أعدت خطة بحث دكتوراة بعنوان "الممارسة المستندة إلى البراهين" على اعتبار أنها اخترقت حاجز الموضوعات التقليدية، واختارت موضوعا جديدا لم يتطرق إليه أحد من قبل. واليوم هناك باحثة أخرى اخترقت أيضا حاجز الموضوعات التقليدية واختارت بنفسها، وليست بإيحاء من أحد موضوعا لم يتطرق إليه أحد وهو " العلاج النسائى". فهى أيضا تستحق منا التقدير.
ثانيا: الأستاذ الدكتور "إكرام غلاب" سأل سؤالا فى سيمنار الأسبوع الماضي له وجاهته، وهو : هل لهذا الموضوع تطبيقات فى مصر ؟. وها هى الأستاذة الدكتورة "سحر مبروك" تجيب على هذا السؤال، وتقول أن هناك أكثر من رسالة سجلت فى موضوع "العلاج النسائى" بجامعة حلوان. أما عن سؤاله عن الخلط بين "النسائى" والنسوى "، تقول الدكتورة"شيرين ألو النجا: " النسوى feminist يعنى اجمالآ اعادة التوازن الفكري والفعلي لعلاقات القوى بين الرجل والمرأة،فالنسوية توجه فكرى لا علاقة له بالبيولوجى، لذا تلزم التفرقة دائما بين نسوى (أي وعاء فكرى ومعرفي) ونسائي (اى جنس بيولوجى)،وقد يطلق "مصطلح النسائي womenist " على الحركات النسائية الليبرالية التى ترى أن يأتى التغيير تدريجيا، ومصطلح "النسوى"على تلك التى تنحى منحى راديكاليا أى التى تريد تغييرات جذرية فى المجتمع....".
ولعل أفضل ترجمة لكلمة " نسوى" هى ترجمة الدكتور "المسيرى" لها بأنها "التمركز حول الأنثى" وهى قضية تحتاج إلى تفصيل لانحتاجه الآن.
وهنا يكمن تحقيق أهم شرط فى اختيار طالب الدكتوراه لمشكلته البحثية، وهو :أن يكون الموضوع جديدا.
ثالثا : أوضحت للباحثة حينما استشارتنى فى هذا الموضوع أن هذا الموضوع شائك ومعقد للغاية،ويحتاج إلى باحثة قادرة على تمييز الغث من السمين، وعلى أن تؤثر ولا تتأثر، ولما بينت لها ذلك قالت لى " أنا لها "، ومن هنا شجعتها على المضى فى البحث.
رابعا : تنقسم وجهة نظرى فى هذا الموضوع إلى شقين :
الشق الأول هو :" أنه موضوع خطر،تكمن خطورته فى أنه يستند إلى قاعدة إيديولوجية لادينية وهى " الفلسفة النسوية " التى لا تتفق مع تقاليد المجتمعات الإسلامية المحافظة، فالتيار النسوي تيار علماني يرى في الدين السبب الرئيس لتردي أوضاع المرأة، ويتهمه بتكريس فكرة الأبوية وتكريس نظرة الرجل للمرأة باعتبارها زوجة وأم فقط وبالتالي تبرير خضوع المرأة وقهرها لاعتبارات دينية.
أما الشق الثانى : فهو أن إقصاء هذا التيار النسوى من دائرة الخدمة الاجتماعية كلية هو خطر أشد من خطر اعتماده فى التحليل، وأستند فى ذلك إلى قاعدة "أنه ليس هناك مانع من تعلم ما يخالف العقيدة،بشرط ضرورة كشف حقيقته وإثبات بطلانه وزيفه". وأقصد بذلك أنه لا بد أن تكون لباحثينا القدرة والشجاعة على مصارعة هذا الفكر المخالف لعقيدتنا وأن يتصدون له بغرض إثبات بطلانه وزيفه لا لتبنيه وإقراره.
خامسا: إذا لم يكن للخدمة الاجتماعية أى دور فى التعامل مع هذا الموضوع،ستكون الساحة مفتوحة أمام علم الاجتماع وعلم النفس لاعتماده وإقراره فيرتعان فيه كما يحلو لهما –وقد حدث هذا فعلا-، ويضعان الخدمة الاجتماعية فى موضع المتفرج، بل يكون موقف الخدمة الاجتماعية عندنا موقف حرج للغاية لتخلفها عما يدور من تطورات فيها على مستوى العالم.ومن هنا تقع على الباحثين فى جامعة الأزهر مهمة كشف حقيقة هذا التيار النسوى لا لتبنيه.
سادسا : ظهر اتجاه مدمر الآن يعرف بالنسوية الإسلامية، وهى أكثر اتجاهات النسوية خطرا على عقيدتنا. ولهذا أخشى على الباحثة، وهى تحاول أن تنتقد النسوية الغربية أن تقع – بحسن نية- فى شرك النسوية الإسلامية وهى فلسفة عرف أصحابها بأنهم ينتقدون تعدد الزوجات ويطالبون بمنعه،ويطالبون بالمساواة في الارث، ويؤمنون بأن المرأة يمكن لها قيادة الدولة،وبأن المرأة لا ينبغي أن تكون معزولة عن الرجال في المجتمع. ويقبلون بالسماح للمرأة بأن تؤدي الصلاة في مجموعة مختلطة بدلاً من أن تؤدي الصلاة في أماكن مخصصة للمرأة في المسجد سواء كانت هذه الأماكن المخصصة وراء الرجال أو في مكان منفصل عن الرجال. ويطالبون بحق المراة في العمل والتصويت لفتح باب واسع من أبواب العلاقات الإنسانيه المختلطه الشامله إلى آخر ذلك ".
سابعا: بعض الحقائق عن الخدمة الاجتماعية النسوبة
1- فى عام 2002 صدر كتاب بعنوان "الخدمة الاجتماعية النسوية : النظرية والتطبيق" للكاتبة البريطانية " لينا دومينيللى" Lina Dominelli،وصدرت كتابات أخرى فى نفس الموضوع اختصت بالحديث عن الخدمة الاجتماعية النسوية، وكانت أهم أفكارها تدور حول الآتى :
أ-الخدمة الاجتماعية النسوية من زاوية النظرية والممارسة هى كيان جديد إلى حد ما،ظهر على المستوى الأكاديمى فى أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات وكانت بدايته تركز على على الطبيعة المختلفة لخبرة المرأة فى الخدمة الاجتماعية.
ب-تعرف الخدمة الاجتماعية النسوية بأنها : "شكل من أشكال ممارسة الخدمة الاجتماعية تدور حول مبدأ أن خبرات المرأة عن العالم هى نقطة البدء فى التحليل، كما تركز على العلاقة بين وضع المرأة فى المجتمع، واستجاباتها لحاجاتها الخاصة، بالإضافة إلى قضية العلاقة المتساوية فى تعاملات (الاخصائى-العميل).
ثامنا : بالنسبة للعلاج النسائى هناك بعض النقاط التى شرحتها " شيلا جرانت " Shila Grant أستاذة علم النفس فى جامعة كاليفورنيا ومنها:
1-بدايات العلاج النسوى كانت فى بداية الستينيات متزامنة مع ظهور الحركات النسوية فى العالم.
2-أن العلاج النسائى يدور حول المشاكل التى تتعرض لها النساء كالعنف والاغتصاب وغير ذلك.
3-أنه يقوم على مبادئ العلاقات المتساوية ومقاسمة المرأة للرجل فى المصادر والسلطة، وكذلك العمل على تمكين المرأة.
4-أن المفاهيم الأساسية للعلاج النسائى تقوم على أن العميلة هى أكثر الناس معرفة بحياتها الخاصة، والتركيز على تعليم العملاء عملية العلاج،وأن تغيير العميل يحدث خلال التغير الاجتماعى، وكذلك تشجيع العميلات على الفعل الاجتماعى.
5-أن هناك أربعة مداخل للعلاج النسائى تستند إلى الفلسفة النسوية، وهى النسوية الليبرالية،والنسوية الثقافية، والنسوية الاشتراكية،والنسوية الراديكالية.هى مداخل مختلفة لكن هناك قواسم مشتركة فيما بينها.
6- للعلاج النسائى عدة مبادئ منها: ماهو شخصى هو سياسى واجتماعى، الهوية الشخصية والاجتماعية مترابطتان،وأن خبرات المرأة لابد أن تحترم، وأن المساواة هى الأساس فى التحليل، وغير ذلك.
7- أن أهداف العلاج النسائى، هى أن تكون المرأة على علاقة بدور الجندر فى التنشئة الاجتماعية. (عرفت منظمة الصحة العالمية) الجندرعلى أنه "المصطلح الذي يفيد استعماله في وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعيًّا، لا علاقة لها بالاختلافات العضوية"،وأن على المراة أن تحصل على المهارات اللازمة لإحداث تغيير فى البيئة،وأن تختار بنفسها السلوكيات التى ترغب فيها،بالإضافة إلى مبدأ تمكين المرأة.
8-آليات التدخل المهنى فى العلاج النسائى هى آليات تحليل الجندر،وتحليل السلطة،وآلية إعادة تحديد وضع المرآة، وإعادة النظر فيما وصمت به المرأة وأصبح عنوانا لها.
تاسعا: إذا كان لدى الباحثة الاستعداد والقدرة والارادة على التصدى لهذه القضايا الشائكة والمعقدة، والمخالفة لعقيدتنا بالتحليل والنقد، وبيان البديل، فهذا شيئ طيب، ونحن في حاجة إليه، وسيكون إضافة جديدة للقسم.
-----------------------
لنظر تفصيلا: د أحمد إبراهيم خضر (مقال رقم 186 :دعوة للنظر : ماهية أهداف الحركة النسوية – مقال رقم 170: دعوة للنظر حقيقة مفهوم الجندر – مقال رقم 165: خمس شهادات من الغرب وأفريقيا على تدمير الحركة النسوية للزواج والأسرة ) موقع بوابتي تونس.
-----------
(*) وقع إختصار العنوان لطوله، والعنوان الاصلي كما وردنا هو:
مناقشة (عقدية ومنهجية) لخطة رسالة دكتوراة بعنوان "استخدام آليات نموذج العلاج النسائى للتخفيف من حدة النزاعات الزوجية للمتزوجين حديثا"
(محرر موقع بوابتي)
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: