الرد المفحم عن السؤال المبهم :
هل تنتهي شرعية المجلس التأسيسي يوم 23 أكتوبر ؟
د. شاكر الحوكي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5756
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
زورا و بهتانا ليس إلا ؛ يصر البعض على ان شرعية عمل المجلس التأسيسي تنتهي يوم 23 اكتوبر . فهل المطلوب ان يكون الرد عليهم سياسيا و قانونيا، فليكن :
فأما سياسيا فان الاتفاق على وثيقة 15 سبتمبر - التي تقضي بتحديد مدة أعمال المجلس التأسيسي بسنة -كان خطئا منذ البداية و الخطأ في المنطلقات لا يعني تمسكا بالنتائج و سوء تقدير الموقف ليس بيّنة على إخلال العهود .
و سياسيا فان النهضة لم توافق على وثيقة 15سبتمير الا على مضض و بعد رفض دام اسابيع و في ظل محاولات حثيثة لمحاصرتها و ابتزازها . الم يصمم القانون الانتخابي خصيصا على أساس حرمان النهضة بان تفوز بالأغلبية؟ فشل القانون الانتخابي و الرهان عى انتهاء شرعية المجلس التأسيسي يوم 23 اكتوير كمدخل لخلط الاوراق من جديد هو في طريقه إلى الفشل.
و سياسيا هناك طرف رئيسي في الترويكا رفض هذا الاتفاق. و أنا لا افهم لماذا يجب ان يأخذ المؤتمر بما التزمت به النهضة . إن الدخول في ائتلاف حكومي مع المؤتمر هو ضمنيا تجاوز كل الاتفاقيات السابقة. و ضرورة الالتزام الأدبي مع الشركاء هو أولى من الالتزام الأدبي مع الفرقاء.
و سياسيا فان اتفاق 15 سبتمبر ابرم بمشاركة عديد الاطراف التي ما ان جرت انتخابات 23 اكتوبر حتى اندثرت و تلاشت و انحلت و هذا يفقد الاتفاق مصداقيته فلا معنى لأي اتفاق في غياب أطرافه و هو دليل أيضا على ان الاتفاق وقع في غياب التقدير الحقيقي للأحجام الحزبية.
وسياسيا لا تتحمل الحكومة و لا المجلس التأسيسي مسوؤلية عدم اعداد الدستور في بحر سنة و الحال ان أسباب التاخير عديدة ، وهي اسباب موضوعية فرضت نفسها على الجميع.
و سياسيا فان القياس على ما حدث من توافق في ظل حكم السبسي بغية الاستجابة للاستحقاق الانتخابي قياس باطل لان التوافق السياسي آنذاك فرضه واقع الغياب الكلي للشرعية و ليس حال الأمس من حال اليوم .
و سياسيا على المعارضة التي تعتبر أن مهمة المجلس تنتهي يوم 23 أكتوبر ان تنسحب منه نهائيا . فليس معقولا ان تدعو إلى انتهاء الشرعية يوم 23 أكتوبر و في نفس الوقت تستمر في أعماله.
و سياسيا فان نداء تونس – الذي يتزعم هذا المطلب- لم يكن طرفا في أي اتفاق و عليه فهو غير معني بأي اتفاق و لا يملك حق المطالبة باحترام أي التزام و الالتزام الوحيد الذي ينبغي على السبسي احترامه بوصفه زعيم هذا الحزب، هو ما الزم به نفسه – وهو رئيس حكومة - عندما وعد بان يختفي من الساحة السياسية بعد 23 اكتوبر.
و سياسيا فان مطلب حوار السلطة مع المعارضة انما يؤكد على عجز الطبقة السياسية عن التحرر من الموروث السياسي القديم و أساليبه البالية عندما كان النظام يلتجأ إلى الحوار معهم بغية القفز على القانون و الشرعية . وهي أساليب استمرت إلى غاية 13 جانفي ليتبين بعدئذ تهافتها و سخفها.
و سياسيا فان المطالبة بالحوار السياسي ليس إلا محاولة اخرى للابتزاز و افتعال مكان تحت الشمس تقوم على المعادلة التالية. الشرعية مقابل الحوار . و النتيجة : متى عارضتك سأعطل شرعيتك و متى رفضتك تزول شرعيتك. و الخلاصة هو هذا الكوجيتو المزدوج : انت تتحاور معي اذن انت موجود و انت تتحاور معي اذن انا جزء من الشرعية .
أما قانونيا فالمجلس التـأسيسي هو سلطة تأسيسية و السلطة التأسيسية تتميز بمميزات أربع : اولى و عليا و مطلقة و متعددة الاختصاصات.
و سلطة أولى تعني نسخ و الغاء كل النصوص السابقة عن المجلس التأسيسي بما فيها تلك التي ساهمت في تاسيسه . و ان شرعية المجلس مستمرة إلى غاية انهاء أعماله و هي وضع الدستور ، علما وان المجلس التأسيسي وحده الذي يملك السلطة في وضع حد لمهامه.
و سلطة عليا تعنى ان سلطة المجلس التأسيسي لا تعلوها اي سلطة اخرى فهو سيد نفسه و هو المنتخب من قبل الشعب مباشرة و عليه فلا معنى لاي قرار او مرسوم صادر عن جهة فردية لاسيما و ان هذا الفرد نفسه غير شرعي .
و سلطة مطلقة تعني ان سلطة المجلس التأسيسي غير مقيدة باي نص و لايخضع لاي استثناء الا ما يلزم المجلس به نفسه.
و سلطة متعددة الاختصاصات تعني أن المجلس لا يتولى وضع الدستور فحسب بل يتولى تعيين الحكومة و مراقبتها و اقتراح ما يستوجب من تشريعات و المصادقة عليها.
وقانونيا فان التونسي لم ينتخب أعضاء المجلس التأسيسي لمدة معينة و محددة علما و انه وقع اقتراح ذلك في إطار هيئة بن عاشور و لاحقا في اطار القانون المنظم للسلطات العمومية و لكن لم يتم الاتفاق على ذلك و عدم الاتفاق كالاتفاق له استحقاقاته القانونية .
و قانونيا لا يمكن للحوار السياسي او التوافق السياسي أن يحل محل الشرعية القانونية او يحددها ، و الشرعية أما أن تكون أو لا تكون، و دون ذلك فاننا نشرع للتجاوزات القانونية القادمة على غرار ما كان يحصل في عهد بن علي الذي كان يواجه ازماته السياسية بالتوافق – و متى حل التوافق ( الاصطناعي) تلغى النصوص القانونية و الدستورية ( كما حصل في استفتاء 2002 و بقية التعديلات الدستورية).
وقانونيا فان الشعب فوض سيادته الى المجلس التأسيسي و المجلس التأسيس كلف الائتلاف الثلاثي بممارسة السلطة و السلطة الحاكمة مدينة بشرعيتها إلى الشعب و على هذا الاساس فان اي تفاهم مع نداء تونس لا يمكن ان تنجر عنه أي استحقاقات قانونية : باي معنى يمكن ان يحل الحوار مع نداء تونس محل الارادة الشعبية ؟
و الجقيقة فان القانون بات مسيّسا و الأصل انه شكلاني و محايد و جامد .
و الحقيقة فان السياسة ليست لها اخلاق و ما يحصل اليوم هو ابتزاز للحكومة وضغط على الشعب و محاولة لتصدر لمشهد السياسي و جني مكاسب سياسية.
و الحقيقة فان النهضة تدفع ثمن بعض حساباتها السياسية الضيقة : ماذا لو وافقت مثلا على ان يكون الفاضل موسى مقررا للدستور و كان حبيب خذر نائبه . ماذا لو احتفظت بالطيب البكوش وزيرا للتربية ، ماذا لو ساندت ملف ترشيح راضية النصراوي إلى هيئة الامم المتحدة , ماذا لو مدت يد الحوار للعديد من الأطراف السياسية و المدنية منذ البداية : كانت ستضرب أكثر من عصفور بحجر واحد..
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: