(224) مواطن الخلل فى عرض الباحثين للمفاهيم العلمية والإجرائية فى رسائل الماجستير والدكتوراة
د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8376
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أولا: مقدمة:
يحتاج الباحث عند تحديده للمفاهيم التى يتعامل معها فى دراسته إلى عرضها على ثلاث مستويات: ( لغوية واصطلاحية وإجرائية)، وذلك للأسباب الآتية :
1- يسجل علماء اللغة المفهوم بمدلولاته المختلفة حسب استعمالاته المتعددة،وهم يستخدمون عادة الكلمات أو العبارات لتعريف المفهوم الذي يريدون تسجيله. وهذا يسمى بالتعريف الأساسي أو التعريف اللغوي الرسمي Constitutive definition، ولكن هذا التعريف اللغوي متعدد المدلولات في الغالب، ولا يمكن الاعتماد عليه فى إجراء بحث علمي على المفهوم نفسه.
2- طالما أنه لا يمكن الاعتماد على المفهوم اللغوى فى إجراء بحث علمى، فإنه لا بد من وضع مدلول محدد له، وهذا ما يمكن تسميته بالتعريف الاصطلاحي constructive definition. ويكون هذا التعريف كافيا فى الدراسات التي تستخدم الأسلوب الكيفي،أما في الدراسات التي تستخدم الأسلوب الكمي، فإن هذا التعريف لا يكفي.
3- التعريف اللغوي للكلمة فى اللغة العربية يعنى "استعمال العرب لتلك الكلمة" مثل كلمة الصلاة التى تستعمل بمعني الدعاء وهذا ما تعارف عليه العرب للكلمة.
أما التعريف الاصطلاحي فيعنى "معني هذه الكلمة عند اهل الصنعة اوعلم معين مثل الصلاة التى تعنى عند الفقهاء الأقوال والأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم ".
4- هناك حاجة عند إجراء الدراسات الكمية، إلى تعريف المفهوم بصورة تجعل في الإمكان قياسه ومعرفة أبعاده بشكل محسوس أو قريب من ذلك.وقد يأخذ الشكل المحسوس هيئة رسومات على الورق أو كلمات منطوقة أوحركات ذات معنى. وذلك لأن المعنى الاصطلاحي شيء موجود فقط في الذهن،لا يمكن قياسه. هذا المفهوم الذى يحتاجه الباحث يسمى بالتعريف الإجرائى operational definition. وهو الذى يعطى المفهوم معنى محسوسا محددا. فمن المفروض في التعريف الإجرائي أنه يزودنا بالمعايير أو الخطوات المحسوسة اللازمة لقياس المفهوم موضوع الدراسة، حتى نحصل على حقائق جزئية مؤكدة نبني عليها استنتاجاتنا.
ثانيا :
هناك بعض مواطن الخلل التى تبرز عند مراجعة الرسائل العلمية التى يتقدم بها بعض الباحثين لنيل درجتى الماجستير أو الدكتوراة، فيما يتعلق بعرضهم للمفاهيم المتضمنة فى موضوعات هذه الرسائل وذلك على النحو التالى :
1- يعرض الباحثون لعدة تعاريف للمفاهيم المطروحة دون مناقشة أو نقد لهذه التعاريف، ودون تَبَنّ منهم لمفهوم محدد يسترشدون به فى دراستهم.
2- إغفال المعنى اللغوى للمفهوم والإكتفاء بالمعنى الاصطلاحى، أو التركيز فقط على التعريف الإجرائى، أو عرض المعنى اللغوى لبعضها وإغفال البعض الآخر.
3- عدم إدراكهم للأسباب التى تستلزم شرح هذه المفاهيم بمعانيها اللغوية والاصطلاحية والاجرائية التى تم شرحها أعلاه.
4- عرضهم التعريفات الإجرائية لمختلف المفاهيم فى موضوع دراستهم سواء فى جانبها النظرى أو الميدانى، دون إدراك لحقيقة أن الدراسة النظرية تقف عند حدود المعنى الاصطلاحى، فى حين أن الجانب الميدانى يستلزم وجود تعريف إجرائى.
ثالثا :
يلزم على الباحث أن يتبنى مفهوما علميا وآخر إجرائيا يرشدانه فى دراسته.
وعليه مراعاة الآتى بالنسبة للمفاهيم العلمية :
1- أنه يُطلَق على المفاهيم العلمية أحيانا المفاهيم المجردة أو المفاهيم النظرية.
2 - أن تحديد المفاهيم والمصطلحات العلمية أمر ضرورى فى البحث العلمى، وأن هذا التحديد لا بد أن يكون دقيقا وواضحا.
3- أنه قد يكون لبعض المفاهيم أكثر من معنى، أو أنها تستخدم فى عبارات مختلفة بمعانى متعددة. وقد يتغير المعنى الذى يؤديه المفهوم العلمى بمرور الوقت، فكلما ارتقى العلم ظهرت مفاهيم فرعية تؤدى نفس المعنى للمفاهيم العامة، ومن ثم تصبح هناك حاجة إلى الوصول لتحديدات أدق للمفاهيم. وهذا هو ما نعنيه من أن الباحث يعرض لعدة تعاريف لمفهوم واحد دون مناقشتها ونقدها.
4 - عند تحديد المفهوم العلمى يلزم الباحث أن يبين الخصائص البنائية والوظيفية للمفهوم. وتشير الخصائص البنائية إلى المادة التى يتكون منها المفهوم،والتغيرات التى تطرأ على خواص هذه المادة. أما الخصائص الوظيفية فتشير إلى الوظيفة أو مجموع الوظائف الخاصة بالمفهوم.
رابعا :
لكى يصل الباحث إلى تحديد دقيق للمفهوم العلمى الذى يتبناه عليه أن يقوم بالآتى:
أ- أن يرجع إلى التعريفات السابقة والحالية للمفهوم.
ب- أن يصل إلى المعنى المتفق عليه فى أغلب التعريفات.
ج- أن يُكوّن تعريفا مبدئيا يتضمن المعنى الذى تجمع عليه أغلب التعريفات.
د- أن يخضع التعريف الذى توصل إليه للنقد على أوسع نطاق، ثم يُعدّل فيه حتى يطمئن لصلاحيته.
هـ -أن يتأكد من دقة هذا المفهوم،وعموميته،وأنه موجز ويؤدى معنى محددا قاطعا، ويعبر عن فكرة واحدة مرتبطة به ولازمة لشرحه.
خامسا:
على الباحث مراعاة الآتى بالنسبة للمفهوم الإجرائى :
1- أن التعريف الإجرائي يتفاوت من حيث درجة مصداقيته في تمثيل التعريف الموجود في الذهن.
2- أن التعريف الإجرائى هو الذى يحدد المفهوم باستخدام ما يُتّبع فى ملاحظته أو قياسه أو تسجيله، فمفهوم الذكاء الإجرائى – على سبيل المثال- هو الذى يقيسه اختبار الذكاء.
3- لا تتقيد المفاهيم الإجرائية بالشروط السابقة الخاصة بالمفهوم العلمى، لكنها يجب أن تكون واضحة عند الباحث إلى أقصى حد.
4-ان الكثير من المفاهيم لا يمكن تعريفها إجرائيا لأن ذلك يتوقف على تقدم المقاييس العلمية فى العلوم الاجتماعية.
5- أن الحاجة للمفاهيم الإجرائية يرتبط بالدراسات الكمية.
6- أن التعريفات الإجرائية تنقسم إلى قسمين :
يتمثل الأول في ترجمة المفهوم إلى أشياء متدرجة قابلة للقياس ومثال ذلك الآتى :
أ-اختبار الذكاء –كما أشرنا- هو تعريف إجرائي لمفهوم "الذكاء" .
ب-اختبارات التحصيل هي تعريف إجرائى لدرجات التحصيل.
ج- التعريف الإجرائى للـ" المركز الاجتماعى"يكون بالدرجة العلمية، والمنصب، والدخل السنوي، ونوع المهنة.
ويتمثل الثاني في وصف الإجراءات التفصيلية اللازمة لتنفيذ بحث تجريبي. ومثال ذلك ما قام به عدد من الباحثين في دراسة تجريبية لمفهوم "الإحباط". فقد وضع الباحثون عددا من الأطفال في غرفة تحتوى على مجموعة من الألعاب الجذابة جدا، ثم وضعوا حاجزا يُمَكّن الأطفال من رؤية تلك الألعاب، لكنه لا يمكنهم من لمسها. وتم وصف حالتهم هذه بصفتها حالة الإحباط. وبعبارة أخرى، تم اعتبار هذا الوضع التجريبي المحسوس والقابل للقياس تعريفا إجرائيا لحالة الإحباط.
7- درج علماء البحث العلمي على تسمية المفاهيم أو التعريفات الرسمية أو التعريفات الاصطلاحية أو الإجرائية للأشياء أو الظواهر بالمتغيرات variablesوذلك في حالة دراسة العلاقة بين بعضها البعض.
""""""""""""""
انظر :
1- أحمد إبراهيم خضر، الفروق بين المفهوم والمصطلح والتعريف (218)، موقع بوابتى.
2- الفرق بين التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي
www.imanway.com/vb/showthread.php?t=7324
3- سعيد اسماعيل صينى، قواعد أساسية فى البحث العلمى، شبكة الألوكة.
4- عبد الباسط محمد حسن، أصول البحث الاجتماعى، مطبعة لجنة البيان العربى، 1966.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: