المولدي الفرجاني - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6711
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
فاجأتني بالأمس رفيقتي حميدة التي خضنا جنبا إلى جنب بعضا من ردهات ثورتنا العظيمة بالقول في ثنايا كلامها و بنبرة متأكدة باني احد الذين ينتمون الى البوكط ' حزب العمال الشيوعي التونسي ' لكن المفاجأة الثانية و في ظرف يومين صدرت عن رفيق الدرب محمد حين استفسرني اليوم ان كنت انتمي إلى حركة النهضة، بما أن احد أصدقائه المعروفين اعلمه باني انضممت إلى الحركة منذ 4 أشهر ....انه ليسعدني جدا الانتماء إلى هذين الحزبين العظيمين العريقين في النضال و الدفاع عن الكرامة و الوطن...و للأسف اني لم أجد فيهما ما يشدني كما ينبغي و يشفي غليلي .
لم أكن اعلم بان اتجاهي السياسي هو لغز إلى هذا الحد...و لو كنت اعلم 'لُغْزيّتي ' لكنت كشفت المتشابه من ذلك منذ أمد بعيد ...و الحقيقة انه لا يمكنني أن اجمع بين فكرين متقابلين و حزبين متناقضين...و فكرين مختلفين ...حتى أُنعت بما يقال ..
و لعل الذين ذهبوا بي ذات اليمين أو أولئك الذين ذهبوا بي ذات اليسار ...تعجلوا بسذاجة كبرى في إصدار الحكم .. ربما اعتمادا على سوء نية لديهم أو على مظاهر عجزوا عن فك شفرتها و بناء على قراءات متسرعة خلطوا فيها كثيرا من الذاتية و الدغمائية المهلكة المبيرة، و استنادا على عقلية تونسية متعفنة متوارثة من عهد الاستبداد النوفمبري القذر و ملخصها انه يجب تصنيف الآخر - أي المواطن - في إحدى خانتين، مع أو ضد ، ابيض أو اسود، نهضاوي او شيوعي يساري ....رأسمالي او اشتراكي ...من العالم الثالث أو العالم المتقدم ...
سادتي و سيداتي الذين احترمهم: أعلمكم بان الثورة علمتني بأنها خلطت كل هذه الأوراق و أقصت منها كل من لا يصلح لمرحلة البناء ...إن حزبيتي رقم لا يخضع لمعادلتكم التي فاتها الزمن و تولت بلا رجعة بعد ثورتنا العظيمة...و أعلمكم بان انتمائي جعلته لوطني فحسب ..و هو فوق الأشخاص و الأحزاب و الاديولوجيات ... انه الآن يساوي الشرعية و القانون و الحفاظ على الوطن و السعي الدءوب لتطويره نحو الأفضل و مراعاة وحدة ترابه و الحفاظ على ثقافته و الإيمان بقضاياه ...فرغم عدم تحمسي للانتخابات و للتسجيل فيها، فاني ألزمت نفسي بالاعتراف بالمجلس التأسيسي و بالحكومة و برئيس الدولة المنتخب ...لان البديل لن يكون غير التخريب و الحرب الأهلية الدموية ...إن انتمائي هذا هو الذي جعلني لشعبي فحسب ...لثورتي فحسب ...للمبادئ فحسب ... و جعلني أمج من الأحزاب ممارسات قذرة كالكذب و القذف و المحسوبية و الولاء ...هكذا بدأت الثورة و هكذا أواصلها و أبقى عليها....و هو انتماء يقول للمحسن أحسنت و للمسيء اسات ...لكن بأدب و بهدوء ...أدعو لمراقبة الحكومة و للجس و التحسس و الفطنة، لكن دون فظاظة بل في إطار القانون، و أدعو إلى التعبير عن المشاغل لكن دون قطع الطريق و غصبه و اعتماد جرائم الحرق و تهديد الآمنين، أتبنى فض الاعتصامات لكن دون إهمال العاجل من الأمور، و أدعو إلى القوة و الحزم لكن دون تبرير عودة القمع و استنساخ دولة الاستبداد من جديد..لقد ولى ذلك العهد الى غير رجعة .....
إن هذه المبادئ الواضحة جعلتني انقد كل الأطراف على حد السواء، أي تلك المتناقضة في رؤاها و مواقعها من السلطة، و هو السبب الذي جعل أصدقائي يحتارون ...
إن تونس هي من تجمعنا...الشهداء، و الفقراء و المساكين في وطننا ينتظروننا، القدس تنادينا ....و كل هؤلاء سيحاسبوننا إن أفشلنا الثورة، و غيبنا المصالح العليا، و تأسفلنا نحو الحيوانية السياسية و الغريزة الحزبية و الجهوية و القبلية المتوحشة، و فضلنا البقاء أقزاما في عالم من العمالقة و المتغولين و الظالمين و المحتلين....
إنني أريد ان تكون ثورتنا نورا يضيء تونس و ينير القدس و كل العالم .....و هو أمر ممكن التحقيق إذا ما احترمنا الشرعية و ما أفضى به صندوق الانتخاب.....هذا هو انتمائي...فمن يكون معي ؟؟
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: