البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

محاولات بوليسية فاشلة لاسترداد 'الهيبة'

كاتب المقال المولدي الفرجاني - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 9307


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


حصل خلال الأسابيع الأخيرة تطور ملحوظ في وتيرة القمع التي تنتهجها داخلية السبسي اللاشرعية ضد شعب تونس العظيم، هذا الشعب الذي أطاح بأخطر الطغاة الذين عرفتهم تونس الحديثة بعد المدعو مراد بوبالة...و الهدف المفضوح من الهجمة القذرة هو كسر إرادة الشعب الطامح إلى التحرر النهائي من كل أشكال الاستبداد ...و احدث محاولات القمع هي تلك التي جرت منذ أيام بشارع بورقيبة في الخامس عشر من أوت الجاري والتي حاول خلالها الثوار التعبير عن رفضهم لسرقة الثورة و عزمهم على حمايتها ...لكن الأحرار العزل إلا من الإيمان جوبهوا وقتها بكم هائل من العنف غير المبرر...

ليست هذه هي المرة الأولى التي يعامل بها الشرفاء بهذا الشكل، حيث سبق ذلك عدة محاولات في طول البلاد وعرضها لكسر الإرادة الشعبية...فبعد أن استردت قوى القمع الحكومية قليلا من ثقتها التي فقدتها إبان الثورة بسبب ما واجهته من صمود شعبي لم تكن تتخيله، آلت على نفسها مطاردة شرفاء الوطن بتهمة المشاركة في الثورة المجيدة !!!...فحبست العشرات....و عذبت أكثر من ذلك عددا...من ذلك مثلا ما حصل في العاصمة من تصفيات لعشرات المظاهرات ولاعتصام القصبة واحد و اثنين و ثلاثة...و ما تزامن من إيقافات لشرفاء الوطن مثل سمير الفرياني و المناضل احمد الزغبي السلياني ....

و ليس هذا إلا غيض من فيض، ففي السابع من ماي الماضي تعرض الثوار إلى قمع بربري وحشي ذكرهم بجرائم النازية والفاشية والصهيونية...ونال بالمناسبة المارون من وسط العاصمة وأطفال المدارس العائدون إلى ديارهم والكبار والصحفيون صنوفا شتى من الإرهاب البغيض...وتلا ذلك جرائم قتل أميط عن بعضها اللثام وبقي البعض الآخر ينتظر التحقيق؛ ففي22 جويلية الماضي و في حي الزهور التونسي تعرض الشاب الطاهر المليتي ذي 19 ربيعا إلى القتل ضربا وركلا وكدما من قبل البوليس، وكان الشاب اليافع قد تحصل في جوان الماضي على الباكلوريا، و أمل في مزاولة تعليمه بإحدى الجامعات، لكن مستقبل صاحب البدن النحيل قررت اليد البربرية أن يكون في حفرة سحيقة حيث توفي بعد عشرة أيام من الاعتداء، و رفض الأطباء تسليم أهله شهادة طبية تثبت ما تعرض له...أما يوم الخامس عشر من أوت الجاري و إزاء ما حدث في قلب العاصمة، فقد خال التونسيون أنفسهم امام مشهد سوري بربري، من أركانه: رفس المتظاهرين، لكمهم، ضربهم، شتمهم، جر المغمى عليه منهم على الإسفلت، إطلاق نار على الجرحى و المصابين...و في خضم ذلك سقط الشاب انيس العمراني البالغ 32 عاما متخبطا في دمائه، و ادعت الداخلية انه انتحر...و بعد أن بقيت جثة الشاب ملقاة طيلة ساعتين من الزمن، رفعت دون حضور النيابة العمومية و خلافا للصيغ القانونية؟؟؟مما يوحي بان وفاته لم تكن عفوية، بل بفعل فاعل لا يزال هاربا من القصاص إلى الآن...؟ ولم يتعرض السبسي في خطابه المستهجن الأخير الذي ألقاه أمام الأحزاب في الثامن عشر من هذا الشهر إلى هذه الاعتداءات...

لكن السؤال الجوهري الذي يظل مطروحا منتظرا الإجابة هو: ماذا تخفي هجمة القمع الأخيرة ضد أحرار تونس؟... لا بد أن نفهم أن نظام ما قبل الثورة المجيدة كان من أسسه التي أطالت أمد حكمه هو غرس ثنائية الخوف والطمع في قلوب التونسيين والتونسيات والعمل على رعايتها داخلهم وتطويرها وتطعيمها بالمضللات المخللات من دعايات إعلامية زائفة ووعي مغلوط، وثقافة مسطحة قاحلة، وتعليم ضحل، وقضاء متواطئ، وإدارة مستقوية على المواطن، ورهانات غرائزية، وحب للذات، وتوجيه ما تبقى من الانتباه إلى رموز قشورية تافهة هي من حثالات المجتمع....مما ولد شخصية عامة ذات ملامح 'قطيعية' فاقدة لكل إحساس بالقضايا الشخصية و الإنسانية، منفصلة عن ذاتها أولا وعن تطلعات الأخرين وعذاباتهم آخرا، أنها الشخصية المندسة في اطر من المظاهر المختلفة.. فلما فُقد الوعي ودُجّنت الأنفس، أمكن لعصابات النهب ركوب ظهور الشعب ومن ثمة استغلاله لعقود من الزمن، أما من وعى وصمد فكان الإرهاب نصيبه....و كان لكل مؤامرة نهاية، حين استرد قسم من الشعب وعيه المسلوب و ثار على جلاده، فانكسرت العملية برمتها، و استرد الاحرار الثقة بالنفس ووعيهم المسلوب...و نُقل الخوف من مكانه...

إن الهم الأول لحكومات ما بعد الفرار التي قادت الأوضاع بأمانة لصالح أعداء الثورة، هو إعادة 'تأهيل' الخوف في مكانه المعتاد وإعادة إنتاج الشخصية 'القطيعية' المفصولة عن واقعها المحلي و العربي و الإنساني ... وقد أكد الغرب الاستعماري وعصابات الصهيونية العالمية على ذلك بحرص حين دعوا في الإبان إلى ايلاء استرجاع 'الأمن' المكانة الأولى في عمل الحكومات؟؟؟؟ و المقصود بهذا المفهوم – أي الأمن – هو إعادة زرع الخوف عند المواطن، ليطعّم لاحقا بالبرامج المصاحبة... و بلوغ هذا الهدف هو ما يفسر نوعية القمع المنتهج و وتيرة التعسف التصاعدية التي جوبه بها المتظاهرون و التي كشفت عن الوجه الحقيقي للحكومة اللاشرعية 'الانتقالية' ... لكن إصرار الأحرار بالعاصمة على استكمال الثورة الحقيقية، و ليست تلك التي يتشدق بها أعداء الثورة، حال دون بلوغ هذا الهدف رغم وجود قوات جاهزة للفتك تحاول جاهدة استرداد بعضا من الثقة و تطعيمها بآلاف من المجندين الجدد...و عبثا يحاولون كسر الإرادة الشعبية التي حطمت قيودها و غادرت قمقمها إلى الأبد....و ما عليهم إن أرادوا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلا انتظار أجيال من البشر...

إنّها بالفعل وضعية حرجة ومأزق مكين لأعداء الثورة والانقلابيين، حين يواصل التونسيات والتونسيون امتلاك الشعور بالثقة والشجاعة والممارسة الشارعية اليومية للامبالاة بالة الفتك البوليسية...لقد توقف الزمن بأعداء تونس في الداخل و الخارج، و تعطب قطارهم إلى الأبد، وبدؤوا يلمسون فشلهم الذريع في كسر إرادة الشعب، و يعون أن المحاكمات القريبة ستنالهم لا محالة نتيجة جرائمهم التي اقترفوها بعد الرابع عشر من جانفي المجيد، و انه لن يفلت من العقاب لا الرئيس و لا الوزير الأول و لا وزير الداخلية و كل من لف لفهم... فها أن هيبة الأحرار قد بدأت بعد أن اكتسبوا حصانة من كل تخويف ومن كل موت..إذ أصبحت الشهادة أمنية تراود الجميع ...


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة المضادة، الثورة التونسية، تظاهرات 15 اوت، الباجي قائد السبسي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-09-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  الانقلاب على المجتمع
  مثلث الانقلاب في تونس: اعلاميون، امنيون و سياسيون ..
  الاعلام المتواطئ يصنع خطر السلفيين
  النهضة و مواقع الاغتصاب
  سوريا الجديدة ....كيف ستكون ؟؟
  هؤلاء يريدون ان يصبحوا ابطالا
  من قتل الشهداء، سؤال أجيبكم عنه
  جواب عمن يسالني انتمائي ؟؟؟
  إلى رئيسنا المنتخب
  تحذير شديد اللهجة الى كل من يروم إحراق الوطن
  أي موقف للمسحوقين من الأقلية المتحفزة للسطو على كراسي التأسيسي؟
  محاولات بوليسية فاشلة لاسترداد 'الهيبة'
  الكارثة الغذائية ليست صومالية فحسب، بل هي عربية أيضا
  المكتبة الوطنية في تونس تجسيد لدولة الفساد و الدكتاتورية (ج1)
  ما رمزية سقوط اللحي الكاذبة في تونس الثورة ؟
  ماذا يريد السبسي من الشعب التونسي ؟؟؟
  لماذا لن أسجل اسمي في انتخابات التأسيسي؟
  شكري بن عيسى: الثائر الميداني، حينما يصر على مبادئ الثورة

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. كاظم عبد الحسين عباس ، الهادي المثلوثي، د- محمود علي عريقات، الهيثم زعفان، حسن الطرابلسي، أنس الشابي، د. مصطفى يوسف اللداوي، خالد الجاف ، عبد العزيز كحيل، فتحي الزغل، محمد يحي، رافع القارصي، د - شاكر الحوكي ، كريم فارق، محمد العيادي، د - مصطفى فهمي، د. صلاح عودة الله ، صلاح المختار، إياد محمود حسين ، علي الكاش، ضحى عبد الرحمن، صلاح الحريري، رضا الدبّابي، نادية سعد، محمد أحمد عزوز، فوزي مسعود ، عواطف منصور، محمد عمر غرس الله، محمود سلطان، مراد قميزة، حسن عثمان، أحمد ملحم، خبَّاب بن مروان الحمد، أشرف إبراهيم حجاج، رحاب اسعد بيوض التميمي، سعود السبعاني، د - محمد بن موسى الشريف ، أبو سمية، طارق خفاجي، سامر أبو رمان ، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الغني مزوز، محمود طرشوبي، عزيز العرباوي، سلوى المغربي، تونسي، صفاء العربي، فتحي العابد، إسراء أبو رمان، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، المولدي الفرجاني، سيد السباعي، المولدي اليوسفي، مصطفي زهران، أ.د. مصطفى رجب، محمد شمام ، يحيي البوليني، سليمان أحمد أبو ستة، صفاء العراقي، د. أحمد بشير، د - عادل رضا، صباح الموسوي ، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الرزاق قيراط ، د- جابر قميحة، عمر غازي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. خالد الطراولي ، د - محمد بنيعيش، سامح لطف الله، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد علي العقربي، سفيان عبد الكافي، طلال قسومي، حاتم الصولي، فهمي شراب، رمضان حينوني، د- هاني ابوالفتوح، عبد الله زيدان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - صالح المازقي، منجي باكير، أحمد بوادي، علي عبد العال، رشيد السيد أحمد، بيلسان قيصر، د. عبد الآله المالكي، أحمد النعيمي، عراق المطيري، حميدة الطيلوش، عبد الله الفقير، الناصر الرقيق، أحمد الحباسي، إيمى الأشقر، ماهر عدنان قنديل، محمد الياسين، كريم السليتي، د.محمد فتحي عبد العال، فتحـي قاره بيبـان، د. طارق عبد الحليم، سلام الشماع، جاسم الرصيف، د - الضاوي خوالدية، د. أحمد محمد سليمان، مصطفى منيغ، يزيد بن الحسين، عمار غيلوفي، ياسين أحمد، وائل بنجدو، محرر "بوابتي"، العادل السمعلي، محمد اسعد بيوض التميمي، مجدى داود، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- محمد رحال، صالح النعامي ، د - المنجي الكعبي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة