صالح النعامي - فلسطين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7779
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يرى كثير من الإسرائيليين أن الحياة في هذا الكيان لم تعد تطاق، المشاكل الاقتصادية، البطالة، الفساد وتدهور الأوضاع الأمنية والخوف من المستقبل. وقد ترجم هذا الخوف على شكل توجه الكثير من الإسرائيليين للحصول على جوزات سفر أجنبية لاستخدامها في الفرار من إسرائيل عندما يحين الوقت. المفكر والكاتب الإسرائيلي يونتان شيم أشار إلى هذه الظاهرة من خلال مقال نشره في صحيفة " معاريف " وكان المقال عبارة عن حوار دار بينه وبين نفسه، حيث يوضح فيه أنه سعيد لأن لديه جواز سفر بولندي يمكنه من الفرار في الوقت المناسب، وهذه ترجمة المقال:
يونتان شيم - ترجمة صالح النعامي
لم تعد تهتم برئيس الوزراء الجديد، ولا بوزير ماليته يوفال شطاينتس، ولا وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، لم تعد تأبه بوجوه هؤلاء اللاعبين الذين يخوفونك من أن بحيرة طبريا توشك على الجفاف، لكنهم في نفس الوقت لا ينطقون بكلمة واحدة عن المياه التي تستخدم لزراعة الورود التي يتم تصديرها لهولندا. لم تعد تأبه بالعاطلين عن العمل عن الذين يسدون المفترقات أثناء تنظيمهم المظاهرات، ويتركونك عالقاً في سيارتك. لم تعد تأبه بأولئك الذين يتجاوزونك أثناء تواجدك في الطابور الطويل أمام أبواب المؤسسات المختلفة، ويحاولون اخبارك بما حصل في العالم. لم تعد تأبه بالازمة الاقتصادية، ولا بالبرنامج النووي الإيراني، ولا بالمستوطنين بالضفة الغربية، أو الجيش. لم تعد تأبه بمدراء الشركات الذين يحصلون على الملايين ويقيلون اصدقائك، أنت لم تعد تأبه بكل ذلك، لسبب بسيط أن الأوضاع تسير وغير قادر على وقفها.
تصلك الصحيفة كالمعتاد للبيت حتى الباب، فتعد لنفسك فنجان من القهوة كالمعتاد في ذات الفنجان الاخضر المكسور من طرفه، الذي لا تسمح لزوجتك حتى بإلقائة الى القمامة، لأنك لا تملك مالاً لجلب مزيد من الفناجين. كل شيء كما هو ذاته، باستثناء أمر واحد، وهو أن مطالعة الصحف أصبحت كالإقامة في فندق في بلاد اخرى، فما يحدث في هذه البلاد لم يعد يهمك، لأنه يوجد لديك خيار آخر غير هذه البلاد، بإمكانك التوجه إليه. فأنت لك جواز سفر بولندي.
هذا لم يكن بسيطاً، فلم يكن بالإمكان إقناع ابيك ( في الحلم ) الذي يرقد في قبره، فهو لم يتوقف عن الاعتراض على فكرة العودة إلى بولندا. لقد طردت والدك خلال الحلم، مع أنك حصلت على هذا الجواز بفضله، فهو الذي ولد في بولندا وليس أنت، لكن هذه حياتك وحياة أبنائك، بينما هو قد مات.
لا شك أنك لازلت تذكر القصص التي كانت تسمعها في عهد الطفولة عن تلك البلاد اياها ( بولندا ) في اوروبا ، التي تربى فيها ذووك، وعائلتك، بل وكل اليهود الذين كانوا يعيشون فيها. انت حقا عشت رحلة الفرار، وواجهت المعجزة تلو المعجزة وها هو، أنت الآن فتى في بلاد اسرائيل، تشم هواءها وتلمس ترابها. كانوا يقولون لك أنك تحتاج لان تكافح في سبيل إسرائيل، وقد حدثوك عن السعادة الكامنة في الإمساك بالبندقية، عن الفرح، وكانوا يقولون لك: اذا كان ينبغي ان تموت فانه يتوجب عليك أن تموت وسلاحك في يدك، في الحرب في سبيل بلادك.
لكن حل زمان آخر، ما يهمك الآن مصيرك ومصير أولادك، بل انك لا تروي للجميع بانك مواطن بولندي، انت تحاول صياغة هذا بطريقة أخرى، فتقول بأن لديك جواز سفر اوروبي. انت تدعي أنك لا تعتزم حقا مغادرة اسرائيل، ولكن حسنا انه يمكنك الفرار وقتما ترى أن ذلك ملحاً. ويبقى مصيرك أفضل من مصير اليهود الذين هاجروا من البلدان العربية، فهؤلاء المساكين لا يوجد لديهم مكان يفرون إليه. لقد مات ابوك بالضبط في اليوم الذي أحيت فيه الكارثة، وكما يحدث في كل سنة ستذهب لزيارة قبره، وتروي له كل الاخبار، باستثناء امر واحد، هو أنك تعد العدة للفرار إلى بولندا. فهو لن يتفهم ذلك. اذن آن الأوان لأن تستعد للتوجه للقنصلية البولندية في تل أبيب، ففي القنصلية ستتعلم اللغة البولندية كي تحصل على جواز سفرهم.
رابط المقال:
http://www.nrg.co.il/online/1/ART1/879/973.html
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: