صالح النعامي - فلسطين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7664
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يشكل الخلاف حول طابع الدولة وعلاقتها بالدين، أحد مظاهر الإستقطاب في المجتمع الإسرائيلي. فهناك تيارات تدعو إلى توثيق العلاقة بين الدين والدولة، وصبغ الحياة في هذا الكيان الذي يقدم نفسه على أساس أنه كيان علماني بمزيد من المضامين الدينية، وهناك تيارات أخرى تدعو إلى فصل الدين عن الدولة. المفكر اليميني واستاذ الفسلفة في الجامعة العبرية موشيه روزنفيلد يعتبر الدعوة لفصل الدين عن الدولة وصفة لتصفية المشروع الصهيوني. وفي مقال نشره على موقع صحيفة " يديعوت أحرنوت " على شبكة الانترنت دافع روزنفيلد عن وجهة نظره، وهذه ترجمة المقال
موشيه روزنفيلد
ترجمة صالح النعامي
إن الدعوات التي تنطلق من المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل وغيرها للفصل بين الدين والدولة تنطوي على مخاطر كبيرة، وهذه الدعوات تتجاهل الطابع الخاص لدولة إسرائيل، بحيث أنه لا يمكن تطبيق النموذج السائد في الدول الغربية حيث يتم فصل الدين عن الدولة.
أن نموذج الفصل بين الكنيسة والدولة الذي رأى النور مع تفجر الثورة الفرنسية، لم يتم تطبيقه حتى في أكثر الدول الأوروبية تقدماً، وحتى تلك الدول التي تشدد بشكل خاص على الفصل بين الدولة مثل الولايات المتحدة وهولندا وفرنسا لا يوجد في الواقع فصل بين الهوية الدينية والدولة. فعلى سبيل المثال، في فرنسا، على الرغم من أن القانون ينص على الفصل بين الدين والدولة منذ العام 1905، يوجد هناك مدارس ترتبط مباشرة بالكنيسة، وتحظى بتسهيلات ضريبية من قبل الدولة، وفي مقاطعة الزيس لورين الفرنسية يوجد قانون ينص بشكل واضح على ضرورة تقديم دعم من الحكومة للمؤسسات. وفي الولايات المتحدة وعلى الرغم من وجود مواد قانونية في الدستور التي تنص على فصل بين الدين والدولة، إلا أن النظام التعليمي الأمريكي يحث الطلاب على احترام الرموز الدينية، وعند فتح جلسات الكونغرس فإن أعضاءه يقومون بالصلاة، بمعنى أن الحياة العامة في أمريكا تتأثر إلى حد كبير بالدين. وفي بريطانيا تم الإعتراف بالكنيسة الرسمية للدولة، ومراسيم الكنيسة تتطلب مصادقة البرلمان، وفي السويد تعبر الكنيسة المحلية عن دين الدولة، على الرغم من الفصل الجزئي بين الكنيسة اللوثرية والدولة قبل عشر سنوات، وفي إيطاليا يتم رسم الصلبان على جدارن المدارس، وفي أسبانيا تراعي الدولة تفضيل الدين المسيحي على بقية الأديان.
وحتى حظر مأسسة الدين التي ينص عليها الدستور الأمريكي، والتي يعتبرها البعض دليل على الفصل بين الدين والدولة لا يتم احترامه في معظم الدول الأوروبية. وإسرائيل مثل غيرها من الدول الديموقراطية تسمح بوجود مؤسسات قائمة في إسرائيل على أساس ديني، ، ولا يعد هذا مساً بحقوق العلمانيين في الدولة. أن التحرر من الدين غير قائم في معظم الدول الأوروبية، وحتى عندما تتعرض حقوق العلمانيين للمس بسبب العلاقة بين الدين والدولة، فإنه ينظر لذلك على أساس أنه أمر يمكن التعايش معه
لكن لو افترضنا أن جميع دول العالم الغربي تفصل بين الدين والدولة ولو كانت القوانين والدساتير تنص بشكل واضح وجلي على وضع خط فاصل بين الدين والدولة، فإن على إسرائيل عدم الفصل بين الدين والدولة على الإطلاق، وإن كان هذا لا يعني رفض وجود إصلاحات في مجال الدين، وفي نفس الوقت فإن هذا لا يعني اضفاء شرعية على استغلال المؤسسة الدينية ذلك من أجل الحصول على موازنات مالية مبالغ فيها.
وقد تبلورت الهوية القومية لإسرائيل من حقيقة أن المجموعة الأكبر التي تعيش هنا هي مجموعة يهودية تحولت إلى مجموعة قومية عندما انطلقت الحركة الصهيونية. وحتى عندما لا يؤدي معظم اليهود الطقوس الدينية، وحتى عندما لا يؤمنون بوجود خالق للكون، فإن هذا لا يعني أن الوجود اليهودي في إسرائيل ينطوي على بعد ديني. ولما تبلورت الديانة اليهودية وفق منطلق ثقافي جماعي ولغوي، فقد تحولت القطاعات اليهودية التي لا تؤمن بالخالق إلى جزء لا يتجزء من الشعب اليهودي.
يجب رفض كل النداءات الداعية لفصل بين الدين والدولة حتى عندما يقف وراء هذه النداءات تيارات ليبرالية، وبكل قوة.
أن الدعوات لفصل الدين عن الدولة تهدف الى الدفع نحو انهيار السمات اليهودية للدولة، من أجل تسويغ الدعوات لإقامة دولة لكل مواطنيها. أن الدعوة لفصل الدين عن الدولة يعني تصفية المشروع الصهيوني.