يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بمناسبة الرفض الشعبي لما يقع من أحداث ( غ ز ة ضد اس ا ى يل)، لسبب ما، لا أكاد أتوقع شيئا ذا بال من هذه التظاهرات والحشود المتدافعة، لأن هذا التعامل المولع بالكثرة والضجيج وتقييم الأمور بالكمّ يؤشر على غياب عمق في التناول، فهو يسطّح ويفهم المشاكل أنها موجودات مادية تقيم بالكثرة والكمية، ولأن هؤلاء كذلك فهم لاينتبهون أنهم يكررون نفس المنهج رغم فساده وعدم فاعليته منذ عقود
وها نحن نرى الشعوب تتظاهر كل بضع سنوات وتحشد الملايين وتبرع في الصّياح وتوليد الشعارات الطنانة، فهل غير ذاك حالا، وهل أزاح ذلك مجرد حاكم فضلا أن يزيل اس ر ى يل
مشاكلنا بالمقابل يجب أن تحلها مجموعة قليلة من الأفراد ذوو فاعلية من دون الحاجة لأي ضجيج
التظاهرات والحشود يمكن أن تكون لها قيمة في حالات أخرى وهي حينما يكون البناء سليما فتكون تلك الحشود تذكيرا وحثا، أي في حال دول تحكمها انظمة متجانسة مع شعوبها كما في البلدان الغربية مثلا، لكن نحن مشكلتنا في كون أصل البناء الأولي فاسد، فلا تنفع معها الحشود والتظاهرات
لذلك أرى أن المسألة موجودة في اتجاه آخر
اعتقد أن علينا إعادة النظر:
- في زاوية النظر: علينا تغيير الزاوية التي ننظر منها لفهم واقعنا ومشاكلنا، وأول ذلك وجوب رفض مسلمات واقعنا ورفض تصور أن واقعنا في أساسه اللامادي الأولي الحديث سليم، لأن الخلل يوجد في البناء المؤسس لتونس الحديثة، وما لم نعد النظر ونفكك تلك الهيكلية الأولى فسيبقى كل فعل فاسد لا محالة
- في الطريقة: طرق التعامل مع مشاكلنا يجب أن يعاد النظر فيها، علينا الكفّ عن فهم كل مشكلة أنها كمية مادية فقط تقاس بالكمّ والكثرة والقلّة، وإنما علينا تناول المشكلة والواقع عموما من زاوية أسسه اللامادية أولا التي أوجدته، أي النظر لتأسيساته الفكرية العقدية أي المجال المفاهيمي والمركزية العقدية التي تؤطره
- في الفهم: علينا الكفّ عن التعامل مع الأحداث أنها نقاط سائبة من دون امتداد زمني كأنها صدف، علينا بدل ذلك فهم الأحداث أنها نقطة من سياق زمني متصل أي أن الحدث له أسباب سابقة وله نتائج لاحقة علينا توقعها وملاحقتها