البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك

سقف المعنى أهم من المعنى: في فهم خطر بعض المشتغلين بالإسلاميات في المجال العام

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 176
 محور:  المفكر التابع

 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كل قول منتج للمعنى المعلوم (معرفة) أو المعنى المجهول (فكر) يحكمه عاملان:

أولا: مجال مفاهيمي عام مشتق من مركزية عقدية عليا تؤطر التصورات وتعطيها الصوابية، فلا يوجد معنى من دون مركزية عقدية ضمنية لا يقع إدراكها (حالة الشعوب البدائية التي تتحرك في مركزية بدائية ضمنية تولد التصورات التي تحكم أفعالهم وتعطيها الصوابية، وكذلك عموم الناس في حالة المركزيات المتطورة)، أو مركزية معلومة يتم إدراكها مثل المركزية الاسلامية أو المركزية الغربية حاليا في حالة منتجي المعنى ممن يُدرك في أي أفق تتحرك معاني قوله وهم عموم الفواعل المفكرة

ثانيا: السقف الفكري للمعنى المنتج، إذ أن المعرفة أو الفكر يتحرك وجوبا في مستوى يوجد تحت سقف فكري لايجاوزه

المعرفة كانت فكرا قبل أن تصل لاحقا حقل المعاني المعلومة، لذلك المعرفة في مسار توليدها لم تخرج عن سقف فكري أعلى
أما بالنسبة للفكر، فإن الأفكار التي تطرح على الناس إنما تنضبط بسقف أعلى لم تجاوزه حتى وإن كان منتج الفكرة لايقصد ذلك

السقف بالنسبة للأفكار لايوجد له اعتبار كبير لأن الفكر أساسا مسار متحرك مما يجعل السقف غير ذي أهمية

بينما السقف بالنسبة للمعارف أي المعاني معلومة المساحة، فهو أمر هام لأن السقف معطى ينقل ضمنيا للمتلقي مع حمولة المعنى المعلوم
سبب ذلك أن المعارف التي يوردها الكلام تنقل ضمنيا معها سقفا لا تخرج من تحته

الخطر هنا أن المتلقي تصله التحديدات أي السقف الذي حمله المعنى الظاهر وتقبله من دون مراجعة واعتبره مكونا من المعنى، فتكون المعرفة طريقة لنقل تحديدات معرفية لايتم الإعلان عنها ولا الإنتباه لها، ثم تتحول المعرفة لأداة ليس لنقل المعنى فقط وإنما لنقل التحديدات الذهنية والتنبيهات الملاصقة لها مما لا يصرح به مباشرة

المعرفة إذن هي ظاهر معلوم وظيفته نقل باطن غير معلوم

يمكن القول أن هذه قاعدة تنطبق على كل المعارف، بداية من المعارف التي تدرس بجامعاتنا شق الإنسانيات في حقول علمية معرفية تنقل معها سقفا تجعل المشتغلين بها أي المدرسين الجامعيين والطلبة خاضعين ملتزمين للتحديدات العليا لتلك المعارف لايراجعونها وهي عموما تحديدات عقدية مشتقة من النموذجية الغربية وإن كان يروج لها أنها من العلم، وصولا للمعارف التي يقولها المشتغلون بالإسلاميات في المجال العام

في هذا المقال سأتوقف عند خطر النوع الثاني لاعتبارهم يوظفون المعارف الإسلامية لتأبيد الواقع والإقناع الضمني بوجوب عدم رفضه أو مساءلة جذوره، مما يحول المعرفة الإسلامية لأداة تأبيد الموجود وخدمة سادته

-------------

رأيت أحدهم يسبق عادة اسمه، لقبا: الشيخ الدكتور من الذي يعتبره عموم الصف الثوري رمزا، يكتب كلاما حول قصة سيدنا يوسف وعلاقته مع أبويه وكيف أن القرآن فرق بين دلالة الأب والوالد، وأن هذا فيه عبرة ودليل على دقة القرآن
ياله من اكتشاف عظيم، كأن متابعيه لديهم شك في القرآن

ورأيت شيخا دكتورا ممن لا يدور حول السلطة أيضا، يكتب لإطلاع المتدافعين على صفحته، ويوضح لهم كيف يصلون العيد بطريقة سليمة

أما من يدور حول السلطات فيكفي أن أحيلكم للمشتغلين بالإسلاميات في السعودية، ك"العريفي" وغيره الكثير ممن يصل عدد متابعيهم على شبكات التواصل الملايين

وهؤلاء مثلهم مثل الشيوخ الدكاترة لدينا ممن لا يدور حول السلطات، كلهم يقول كلاما معرفيا حول تقوى الله والصلاة وقصص القرآن، مما يعرفه ويتفق عليه كل المسلمين

-----------

دلالة ما فعله الشيوخ الدكاترة، بقطع النظر أكانوا يدورون حول السلطة أو لا:

- ما يقولونه هو معارف إسلامية وهي عموما حول الصلاة والزكاة وتقوى الله وبرّ الوالدين وبديهيات الإسلام

- إصرار هؤلاء على إعادة ترويج معارف متفق عليها ويدركها المسلمون منذ أكثر من ألف سنة، يجعل كلامهم في مستوى ظاهره لايحمل معنى أو بالدقة لايحمل معنى جديدا

- لكن حينما ننظر للمتضمن في كلامهم أي المستوى غير المصرح به، ندرك أنه يحمل معنى آخرا، إنه يحدد سقفا للناس لا يتجاوزونه، وذلك هو المعنى المستبطن مع المعنى الظاهر

- هؤلاء الشيوخ نقلوا للمتلقي أنه لسبب ما، لايمكن أو لايجوز أو لايحسن الحديث بسقف فكري يتجاوز ما نحدثكم فيه أيها الناس
ومادمنا نحن قدواتكم، أكبر المشتغلين والمختصين بالإسلاميات ودليله حملنا أعلى الألقاب وهي الشيخ الدكتور، ثم لم نجاوز حدودا معينة، فبدرجة أولى أن لا تتجاوزوها أنتم يا من تتخذوننا مراجعا وتتهافتون على التلقّي منا

- من زاوية أخرى، علينا أن نقرّ أنه ليس من حقنا لوم مشتغل بالمعارف على عدم إنتاج الفكر لأنه أساسا لم يدّع ذلك فأن يكون شيخا أو أستاذا جامعيا لايعني أنه منتج للفكر إلا أن يكون فكرا معرفيا متعلقا بتلك المعرفة
لكن المشكل يطرح لدى المتلقين المتدافعين حول هؤلاء الشيوخ، إذ عموم الناس لاتفرق بين المعرفة والفكر، لذلك تتخذ منتج المعرفة من هؤلاء الشيوخ قدوات فكرية، أي تتخذ مواقفهم من الواقع والغرب عموما قدوة، بينما هؤلاء الشيوخ قدوة في المعرفة وليس في الفكر

السلطات تدرك هذا الخلط لدى الناس بين الفكر والمعرفة، وتدرك أن المستوى الفكري لهؤلاء الشيوخ لايختلف عن موقف فكري لفرد عادي، فتعمل على الإعلاء من مكانة هؤلاء الشيوخ وترويج أنهم قدوات لكي يزيد ثقلهم الإجتماعي وتأثيرهم، ومن هناك يتمّ التحكم في الجموع من خلال التحكم في أولئك الشيوخ أصحاب المعرفة لكن ضعيفي أو منعدمي الفكر

وبهذه الطريقة يتحول هؤلاء الشيوخ لأدوات دورها المحافظة على المستوى الفكري المنخفض في واقع ما ومن هناك المساهمة في تأبيده

---------
فوزي مسعود
#فوزي_مسعود

الرابط على فايسبوك
. سقف المعنى أهم من المعنى: في فهم خطر بعض المشتغلين بالإسلاميات في المجال العام


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فايسبوك،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-06-2024  


تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء