التقييم يجب أن يكون للسؤال وليس للجواب فقط: هناك أسئلة أساسا لا تصح
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 257 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تعودنا أن نجيب عن الأسئلة التي تطرح علينا هكذا مباشرة، متصورين أن كل سؤال يجب أن يُجاب عنه
علينا بالمقابل أن ندرك أن هذا تصور قاصر، ينتهي بنا في حالات عديدة لأن نكون ضحايا توجيه ذهني
حينما يسأل "عليّ" "زيدا" السؤال التالي مثلا: ماهي الأسباب التي تجعل اللغة العربية لا تصلح للإستعمال التقني والإقتصادي وفي سائر حياتنا
في أغلب الحالات ينطلق "زيد" وأمثاله، في تعداد الأسباب، وهم في هذه الحالة وافقوا على ضمنية السؤال المتمثلة في أن اللغة العربية لا تصلح للإستعمال، وهو موقف مسبق ضد اللغة العربية، يحمله طارح السؤال
هنا السؤال نقل مسكوتا عنه متضمنا في المعنى المباشر، حيث كانت دلالة السؤال أن اللغة العربية لاتصلح للاستعمال، وجرّ ذلك السؤال معه "زيدا" للبحث في دائرة متفرعة عن تلك الضمنية وهي عجز اللغة العربية
فهنا السؤال ظاهره استفسار، وباطنه حامل معنى منقول يراد تأكيده وإيصاله من دون نقاشه ومساءلته
في هذه الحالة يكون الموقف السليم أننا لانجيب عن سؤال "عليّ"، وإنما نرفضه لأنه سؤال يحمل موقفا مسبقا وضمنية لانوافق عليها
وهناك أسئلة عديدة من هذا النوع، بل عموما طريقة عمل منظومات التشكيل الذهني في مستوى الإعلام والتثقيف تتحرك بهذه الآلية المخادعة
--------------
بغرض التفطن لهذا الأسلوب المخادع، علينا أن ندرك أن أي كلام إنما يتحرك في سياق مفترض يعطيه الصوابية، أي أنه لا يوجد كلام نشأ هكذا من لاشيئ، فكل معنى هو بالضروة لاحق عن معنى سابق عنه لم يذكر وإنما تم استصحابه واعتبر فرضية سليمة
إذن نحن علينا أن لا ننظر فقط للجزء الظاهر من الكلام وإنما نتوقف عند فرضياته، لذلك هناك كلام يجب أن يكون فاسدا ومرفوضا من أساسه عندما لا نكون موافقين على فرضياته، وهناك أسئلة لا تصح أصلا كاستفسارات من دون الحاجة لأن نمر للجواب عنها
وكل هذا هو بعض دلالة المنهج الجذري الذي أقول به، ومنه وجوب التوقف عند مسلمات واقعنا ومراجعتها، ومساءلة فرضيات الموجود، ومن ذلك وجوب مراجعة المسلمات التي بنيت عليها بلداننا الحديثة، ووجوب مساءلتها وعدم القبول بضمنياتها التي لم نوجدها وإنما صممتها البلدان الغربية وفي حالتنا خططتها فرنسا وسلمتها لمنتسبيها ممن يقودنا منذ عقود