لماذا لا يكون خريجو الشريعة قادة في الحركات الإسلامية
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 314 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يمكن بيسر ملاحظة أنه يندر أن تجد خريجا من "الزيتونة" أو "القرويين" أو "الأزهر" أو من جامعة محمد بن سعود أو من أي من المعاهد الرسمية التي تدس الإسلاميات، يندر أن نجد أحد هؤلاء قياديا في الحركات الإسلامية سواء السلمية منها مثل الإخوان وحزب التحرير أو الجهادية، بينما لوحظ أن غالب قادة الحركات الجهادية خريجو شعب علمية
تفسير هذا يمكن أن يكون في نقاط:
- خريجو الإسلاميات يتلقون في مسارهم التعليمي المعارف، وهم مطالبون باستيعابها والتعامل معها أنها تأطيرات ومسلمات من حيث زوايا النظر التي أوجدتها، وهذا التكثيف المعرفي يضعف النظر الفكري خارج تلك التأطيرات الذهنية
- دلالة التعليم في الدولة الحديثة أنه أداة تلقين وإخضاع إيديلوجية، فالتعليم لا يربي على التفكير المنطلق وإنما يريد تشكيل ذهنيات الناس من خلال المعرفة أساسا ثم بقدر صغير من التفكير الموجه بحيث لا يغادر المسلمات التي أسست لتلك المعارف، فهو تفكيير معرفي وليس تفكيرا خارج تأطيرات ذلك الواقع
- النظام التعليمي هو أداة إقناع بالواقع وليس أداة لرفضه، بهذا المعنى يستحيل أن تجد مؤسسة تعليمية جامعية تدرس الإسلاميات أو غيرها تقول وتدفعك لرفض الواقع، وإنما هي مؤسسات تستعمل لضخ المعارف والتفكير المعرفي للإبقاء في مساحة تصورية لا ترفض الموجود في تأسيساته الأولى، تمّ تحديدها مسبقا من طرف مؤسسي تلك الدولة، في حالتنا بتونس كل المؤسسات الجامعية المختصة في الإنسانيات بما فيها الإسلاميات تدور في أفق المركزية الغربية التي فرضتها علينا فرنسا ثم واصل ذلك التوجه منتسبو فرنسا ممن حكمنا طيلة عقود
- بالمقابل خريجو الشعب العلمية أوّل ما يدرسونه في الرياضيات والميكانيكا وباقي العلوم العقلية، هو الإحداثيات (système de coordonnées / coordinate system) التي دلالتها أن كل شي نسبي ويمكن التعامل معه من زوايا متعددة، وهذا يجعل إعاة النظر في المسلمات أمرا بديهيا لديهم وهذا هو المدخل للتفكير، ثم إنهم لم يتلقوا كمّا معرفيا من معارف الإنسانيات عمل على إخضاعهم ذهنيا، مما يجعل خريج الشعبة العلمية متحررا ذهنيا من تحكمات وتوجيهات النظام التعليمي
- وهذا هو معنى أن المعرفة غير التفكير وأن التعليم يقدم المعرفة والتفكير الموجه، وأن من يريد تغيير واقعا فإنه لا يجب أن يعتمد منظومة التعليم أداة ولا أن يتخذ خريجيه في الإسلاميات أو الإنسانيات مرجعا فيتوقف عند آرائهم
بالمقابل هناك استثناءات وهي من ينجو من تحكمات منظومات التعليم تلك فذلك إنما حصل بسبب تميز شخصي لديه وهو الحال مع كثير من خريجي الإنسانيات والإسلاميات ممن هم منخرطون في مشاريع الحركات الإسلامية أو أصحاب أفكار متميزة تنظر خارج المسلمات المعرفية