البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

فرنسا أقامت بنية تحتية في تونس، فلماذا نحاسبها ؟

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3666


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تحرك التونسيين لإعادة النظر في علاقتهم مع فرنسا، أثار ردودا مقابلة تطرح أراء تنتهي بالدفاع عن فترة إحتلال فرنسا تونس. وهي في عمومها مواقف لاترتقي للإراء الفكرية المنضبطة منهجيا، وإنما أقرب للمغالطات من حيث بنائها.
كمثل لتلك المواقف، قولهم: أن فرنسا أقامت بنية تحتية بتونس فترة إحتلالها، فوجود فرنسا ليس كله سيئ، وقولهم أن فرنسا لم تقتل منا الكثير مثلما فعلت بالجزائر.

الرد على المغالطات
أولا: الموجودات إما أن تكون مادية فقط، أو لامادية فقط أو مادية ولامادية معا (وهو الأغلب ويكون الجانب اللامادي متضمنا في الموجود المادي).

ثانيا: الموجود إما أن يكون ذا محددات متفق عليها (مثل: المنتوجات المادية متفق على صفاتها وخصائصها مهما اختلفت البلدان)، أو موجود تختلف تقييماته حسب مرجعية قيمية / فكرية.

ثالثا: لما كانت الموجودات المادية متفق على خاصياتها، فلا يمكن ان يختلف حولها من حيث الوجود وإنما من حيث قيمة الخاصية كالطول واللون والوزن وغيرها، بينما الموجودات اللامادية فلما كانت تدور حول مفاهيم غير محورية أي لا تتغير حسب محاور الزمن او الكمية، فإنها لاتملك أبعادا لوجودها، أي أنها في أساس إعتبارها ثنائية فقط، أي ممكنة الوجود في مجال مفاهيمي أو لا مثلا: موقف ما هل يفهم كإهانة أو لا، أو يفهم كتجاوز أخلاقي أو لا، شرب الخمر يجوز أو لا، ممارسة العلاقة الجنسية قبل الزواج ممكنة أو لا...

رابعا: الموجود الذي يحوي بعدين مادي ولامادي، يشترط في صحتهK صحة مكونيه أي المادي ولا المادي، ولما كان المكون المادي موجود إبتداء، كان معنى ذلك أن صحة الوجود مشترطة بصحة المكون اللامادي أي قيمتها المنطقية تكون الإيجاب، مثلا الخمر لكي يكون إستعماله في مجال زمني ومكاني معين صحيحا، يجب أولا أن يتوفر الخمر كموجود مادي ثم الشرط الثاني الإعتبار اللامادي لإستعماله وهو جواز الإستعمال (في منظومة قيمية تجيز إستهلاك الخمر)، وحينما يكون نفس الموجود المادي أي الخمر في بلد مسلم، فإن الخمر كموجود كامل ينتفي ويصبح كأنه غير موجود لأن شرط إجازته يكون العدم.

خامسا: إذن كل موجود مادي ملتصق بمفهوم لامادي، تشترط صحته بصحة البعد اللامادي وتنتفي بإنتفائه، وحينما ينتفي البعد اللامادي، فلا معنى للنظر لقيمة المكون المادي. حينما ننزل هذه الصياغة على أمثلة، يمكن أن نقول: المرأة (يمكن أن نبني المثل على الرجل) حينما تزنى، تبقى العملية زنا سواء أزنت مجانا أو بمقابل مادي كبير، لأن البعد اللامادي وهو إجازة العملية الجنسية من عدمها هو الذي يعطي قيمة لوجود العملية الجنسية في بعدها المادي. أو حينما يرتكب أحد إهانة ضد شخص ما (ليكن وصفه بوصف بذيء)، فهي تبقى إهانة حتى وإن أعطاه مالا مثلا بعد ذلك.

سادسا: علاقة الإحتلال التي بنتها فرنسا مع تونس، علاقة إخضاع وقهر في بعدي المادة كسرقة ثرواتنا وقتل وإغتصاب أجدادنا وجداتنا، وبعد لامادي كمحاربة ديننا وإفراغه من إمكانية ضبط الواقع، وتهميش لغتنا وإستبعادها من مجالات الفعل الحضاري، ثم إن الإستقلال الرسمي فكك الجانب المادي فقط لعلاقة الربط مع فرنسا، ولم يتناول الروابط اللامادية بل عمل على دعمها (هذه ملاحظة إعتراضية لا حاجة لنا بها في بناء برهاننا) .

سابعا: عملية الإحتلال لتونس كموجود، تملك مكونين مادي ولامادي، وهي إحتلال بشرط ركنها اللامادي المتوفر، أي لا تتغير طبيعة العملية ولا تتغير النظرة إليها بتغير مكونها المادي باتجاه الزيادة أو النقصان. معنى ذلك: إحتلال فرنسا تونس يصح بوجود أقل ما يمكن من المكون المادي، يعني هو إحتلال يكفي فيه دخول فرنسا تونس حتى ولو لم تقتل أي تونسي، وحتى لو لم تغتصب اي تونسية وحتى لو لم تسرق ثرواتنا، مادام الربط اللامادي موجودا اي مادام انتهاك ديننا ولغتنا وترابنا من حيث دخول بلادنا من دون اذننا موجودا.

ثامنا: ثبت إذن أن أي كلام عن التفاصيل المادية للوجود الفرنسي بتونس زمن الاحتلال، لاقيمة له، وأن عملية الإحتلال ثابتة بثبوت أقل مكون مادي لها وهو الوجود الفرنسي بتونس، لان ذلك الوجود الأدنى يثبت وجود مكون لامادي للاحتلال المرفوض قيميا لدينا، مما يجعل العملية كلها مرفوضة.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، فرنسا، بقايا فرنسا، التبعية، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-06-2020  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  لا فرق بين الإسلامي والعلماني، ولا يختلفون إلا في درجات السوء
  القضايا العقيمة للتغطية على القضايا الحقيقية لو اهْتَمْمتم بما تفعله بنا فرنسا، لكان ذلك أفضل من عراككم السخيف حول "معاوية"
  الناس تجمعها مساحة الإنفعال وتفرقها مساحة الفعل
  لو لم يكن بورقيبة لكان كذا وكذا، ولو لم يكن الحجّاج بن يوسف لكان كذا وكذا من السوء ... نماذج للتناول الفاسد الذي لايصحّ
  تحول المعرفة الإسلامية لعامل وجاهة اجتماعية دليل إنحراف
  ثقافة التسليم تنتج السلبية الفردية والعقم التصوري
  بمناسبة إعلان "عبد الله أوجلان" التخلي عن العمل المسلح: الزعامة مدخل للتحكم في التشكيلات السياسية
  قضايا الواقع لايمكن استيعابها بالتناول الثنائي: عبير موسي، سوريا، حسن نصر الله
  من وحي الأحكام القضائية ضد رموز "النهضة": وجوب تغيير الفرضية المؤسسة للمشروع الإسلامي
  خطير: آباء وأمهات يلزمون أبناءهم الحديث بالفرنسية
  لايصح تبرير الفعل البشري من خلال القول أنه بإرادة الله
  مرة أخرى، الكوارث الطبيعية جند من جنود الله، والرد على الرافضين الساخرين
  الظواهر الطبيعية جند من جنود الله، نموذج حرائق كاليفورنيا: الرد على الاعتراض
  حول أجور الأطباء: هل أنها فعلا مرتفعة، ومرتفعة نسبة لماذا
  على هامش سقوط آخر قلاع القومية العربية: هل الفكرة القومية سواد حالك
  إن لم تكن ذا موقف خاص فأنت بالضرورة تابع لغيرك
  مشاريع إسلامية لإنتاج التبعية
  علينا الخروج من أسر الثنائيات
  الجماعات الجهادية أفضل من الجماعات الوسطية، لكن ... وأبو مصعب الزرقاوي
  مشاهد السجون والمسجونين في سوريا، التفصيل الذي يغيب ويغطي على الكلّ
  لماذا لن أفرح بسقوط نظام "الأسد": الإسلاميون وأدوار ترويج التبعية لتركيا
  وجوب فهم الأحداث من دون اتخاذ "بشار الأسد" محورا للحديث
  لماذا يجب تغيير مسطرة "أهل السنة والجماعة" والروافض بمسطرة جديدة
  من أشد خطرا، النظام السوري أم النظام السعودي أو النظام الأردني
  لايكفي أن تكون ذا دين، عليك أن تكون قبل ذلك ذا عقل
  حول حكاية رصّ الصفوف: هل أن السيسي وسليم عمامو وهيئة بن عاشور كانوا يرصون الصفوف
  إصلاح النفس لا يكفي
  "العقل" التنفيذي مقابل العقل المفكر
  على الشباب أن يؤسس لفعل سياسي جديد بمعزل عن التنظيمات الحالية
  خطر قنوات "MBC" والإستفاقة المتأخرة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد أحمد عزوز، عمر غازي، محمد يحي، عبد الغني مزوز، يزيد بن الحسين، رمضان حينوني، د- محمد رحال، صلاح المختار، وائل بنجدو، رافد العزاوي، رافع القارصي، ضحى عبد الرحمن، الهادي المثلوثي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- هاني ابوالفتوح، المولدي الفرجاني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد الحباسي، سيد السباعي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد العيادي، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد النعيمي، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أحمد بوادي، فتحـي قاره بيبـان، رشيد السيد أحمد، د. أحمد محمد سليمان، كريم السليتي، يحيي البوليني، أ.د. مصطفى رجب، عواطف منصور، حسن عثمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العراقي، علي عبد العال، سعود السبعاني، سليمان أحمد أبو ستة، د - محمد بن موسى الشريف ، سامح لطف الله، مجدى داود، رضا الدبّابي، عبد العزيز كحيل، صباح الموسوي ، منجي باكير، صالح النعامي ، موسى عزوق، تونسي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أبو سمية، طارق خفاجي، ياسين أحمد، حميدة الطيلوش، فتحي الزغل، خبَّاب بن مروان الحمد، د - الضاوي خوالدية، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عمار غيلوفي، د- جابر قميحة، سفيان عبد الكافي، أحمد ملحم، محمود سلطان، سامر أبو رمان ، عزيز العرباوي، د. صلاح عودة الله ، المولدي اليوسفي، ماهر عدنان قنديل، فوزي مسعود ، سلام الشماع، مصطفى منيغ، عبد الله زيدان، د- محمود علي عريقات، د. أحمد بشير، محمود فاروق سيد شعبان، نادية سعد، كريم فارق، صفاء العربي، صلاح الحريري، محمود طرشوبي، طلال قسومي، د - عادل رضا، حسن الطرابلسي، جاسم الرصيف، سلوى المغربي، محمد شمام ، رحاب اسعد بيوض التميمي، إسراء أبو رمان، عبد الرزاق قيراط ، مراد قميزة، حاتم الصولي، د - محمد بنيعيش، محمد الياسين، د. خالد الطراولي ، د. طارق عبد الحليم، بيلسان قيصر، د. عبد الآله المالكي، د - شاكر الحوكي ، مصطفي زهران، فتحي العابد، الهيثم زعفان، محمد الطرابلسي، الناصر الرقيق، د. عادل محمد عايش الأسطل، أنس الشابي، إياد محمود حسين ، د - مصطفى فهمي، فهمي شراب، عبد الله الفقير، العادل السمعلي، محمد عمر غرس الله، محمد علي العقربي، محرر "بوابتي"، إيمى الأشقر، علي الكاش، د - صالح المازقي، عراق المطيري، د - المنجي الكعبي، خالد الجاف ، حسني إبراهيم عبد العظيم،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز