د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2748
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كنا نقدنا تفسير الشيخ محمد المختار السلامي، المفتي السابق للجمهورية التونسية والخبير الشرعي في المالية الإسلامية، المسمى «نهج البيان في تفسير القرآن»، بعد شهر من صدوره، في مقال مطول بالصحافة، ثم نشرنا المقال فيما في كتاب بعنوان «تقويم (نهج البيان) تفسير الشيخ السلامي»، وجمعنا اليه ردوده علينا وردودنا عليه وأتبعنا ذلك كله بمراجعات وعدْنا القراء بالوقوف فيها على تلك المواضع من تفسيره التي ادعى فيها أنه خالف عامة المفسرين في رأي لهم أو رجح رأياً له على آرائهم في فهم آيات بعينها، حتى قال هو نفسه في مقدمة الكتاب: «سيجد الناظر في هذا التفسير أنني فسرت بعض الآيات على وجه ما رأيت أحداً سبقني اليه».
وقلنا في مقالنا إن كتابه من حيث الإخراج الفني لا يرقى الى أدنى ما ينشر من كتب في تونس، فضلاً عن مقارنته بالتفسير الذي نشرناه قبله بسنتين للشيخ المرحوم الصادق بلخير السياري على تواضع إمكانياتنا، وقلنا كذلك وهو الأهم إنه مليء بالأخطاء المطبعية وغير المطبعية، وأن الآيات في عدد كبير منها لم تسلم مع الأسف من التحريف، سواء في رسم المصحف أو في كتابتها في سائر التفسير، وهو ما دعانا الى اقتراح سحب الكتاب من التداول تأدباً مع القرآن وحرمة للتفسير، بنية تصحيحه في طبعة لاحقة، وأشرنا الى بيت الحكمة عندنا التي لها قسم للعلوم الاسلامية، لعلها تساعد عليه.
ولكننا لم نستغرب بعد حملته الهوجاء علينا في ردوده على تصحيحاتنا التي أوحينا له بها في مقالنا أن يصم أذنيه عن كل دعوة حق، ويمتنع عن تأثيم الناس بقراءة عمله في تلك الطبعة السيئة الإخراج والكثيرة الأخطاء. ثم لم يجد بداً حين أجبره مقالنا للتكلم والرد من الكشف عن تصويبات له كان قام بها في مرضه كما قال لرفع الملامة عنه، وألحقها بالكتاب لعناية القارئ. ولكن لماذا تأخرتْ هذه التصويبات عن توزيع الكتاب في الأول؟
وبالتحقق من الأمر تبين لنا أنها أولاً تصويبات بالمئات في أوراق طيارة غير معنونة باسم التفسير، وهذا غريب وفي ظرف غير معنون كذلك. وأكثر من ذلك أنها لا تُعطى إلا لمن يطلبها فقط بمكتبات البيع، أي من بلَغهُ العلم بها من خلال رده علينا! وهذا أشبه بفنون الغش في التعامل مع القارئ. وتبين لنا ثانياً أنها بنسبة تسعين بالمائة منها أخطاء مطبعية لا أهمية لها، من نوع موقع الفاصلة وتصحيف حرف، وتشكيل كلمة غير مشكلة أصلاً. ولكننا تفاجأنا بخلو تلك التصويبات من كل خطإ أشرنا اليه في مقالنا من الأخطاء الكثيرة التي ألمحنا الى قليل منها دون استقصاء، مما يدل على إخفائه لتلك التصويبات قبل ذلك لعدم إلقاء ظل على عمله، وربما على تقدير استدراكها في طبعة لاحقة بعد توقعه نفاد طبعة الكتاب بسرعة غير مسبوقة، رغم كمية السحب الكبيرة منه التي بلغت ستة آلاف نسخة، وهو رقم قياسي بنسبة السدس مقارنة بطبعتنا من تفسير الشيخ السياري، مع فارق الثمن الزهيد بينهما رغم قرابتهما نسبياً في الحجم. فقد حدد سعره للأجزاء الستة بأربعين ديناراً! أي بالثمن المعهود للجزء الواحد في سوق الكتاب تقريباً.
ولا شك أن هذا النفاد الذي عرفه تفسيره يرجع الى سعة دائرة علاقاته وأعماله في عالم المصارف الإسلامية وغيرها. وهو ما عوّل عليه وقدّره في مقدمة كتابه عندما قال طَلب إليّ كثيرٌ من المهندسين والأطباء والصيادلة والحقوقيين أن أؤلف لهم تفسيراً يلبي رغبتهم بعد أن لم أجد من أدلهم على تفسير له يفي بحاجتهم!
ومضى الآن الى رحمة الله، ولكن ليس قبل أن يصدر طبعة ثانية من الكتاب يحقق بها عزمه ويكتحل بها نظره. وكان أملنا منذ عِلمنا بانكبابه عليها أن نجده قد أحسن فيها لنفسه وللقرآن الكريم، فوفى حقوقهما عليه ووفى حقوق غيره عليه، فأصلح جُهدَه ما نبّهنا اليه في مقالنا وفي كتابنا من أخطاء واستدراكات. ولكنه لم يفعل وخيب الظن، أو أعجزه المرض وتقدم السن عن الوفاء بحقوقه بيد من أَوكل له مراجعة كتابه وإعداده لهذه الطبعة الجديدة. وإن كان لم يصرح في مقدمة هذه الطبعة بما سوى ما جاء في طالعها بأنها طبعة ثانية.
وهي التي لم يمكن الرجوع اليها قبل الآن للتعرف على كيفيته في التعامل مع تصحيحاتنا ومراجعاتنا العلمية لجوانب في طبعته الأولى، لا نعتقد أنه أهمل التنويه بها في مقدمته لهذه الطبعة الجديدة دأْبَ العلماء والمحققين الذين يَعْلُون على حساسية النقد وآثاره المدمرة لأعمالهم إذا غضوا منه أو تجاهلوه.
***
وطبعاً قدّرنا أن تكون هذه الطبعة قد استوعبت تصويباته تلك التي أشرنا اليها قبل قليل، فلم يَعْنِنا أن نتحقق من استيعابها وغيرَها بالكامل في عمله، فقط أردنا أن نقف على مجموع الآيات التي أشرنا اليها في مقالنا وفي كتابنا للخطإ الواقع فيها. كما لم يسعنا الوقت لاستقصاء ملاحظاتنا العلمية الكثيرة التي أبديناها في سائر كتابنا المنشور إنْ كان أخذ بها أو أهملها، إلا في موضع أو اثنين تحققنا من كونه لم يعد اليهما لتوضيح ما أوضحه، أو على الأصح ما اضطر الى توضيحه في ردوده علينا بشأنهما.
ولم يُشغلنا كون هذه الطبعة الثانية جاءت من حيث التسفير أفضل من الأولى وأفخم، ولكنها في الشكل لم تختلف عن الأولى كتابة وإخراجاً إلا بالأخذ ببعض ملاحظاتنا المتعلقة فيها بما يُدوّن عادة بأعلى صفحات الكتاب من العنوان الفرعي ومن الترقيم للصفحة بالرقم فقط كالمعتاد لا بشكل «صفحة عدد 8٠» - مثلاً - كما درج على ذلك سابقاً في كامل الكتاب.
ويجد القارئ بعد قليل بيانات بمواضع الاستفادة من عملنا لإصلاح ما لفتْنا نظره اليه في تفسيره، نضعه تحت نظر القارئ للمقارنة إن كانت بيده نسخة من الطبعة الثانية منه، أو يعالج بها نسخته من الطبعة الأولى على الأقل. وأكبر أسفنا أننا، على ما رأيناه من استقصاء للاستفادة من نقدنا لكتابه لم نوجّه الجهدَ لإجالة نظرنا في أجزاء تفسيره الستة جميعها، وإنما الأخطاءُ التي سجلناها عليه اقتصرتْ فقط على المائتي صفحة (مجموعها) تقريباً التي نظرنا في تفسير آياتها حسبما قال هو على نحو خالف فيه جميع المفسرين، أو أتى برأي أرجح من آرائهم. ليعلَم القارئ أننا لو أجلْنا النظر في غير تلك المئتين من الصفحات في تفسيره لوقعنا على أخطاء أكثر مما أوردنا في كتابنا بناء على ما تقدم.
لأن إخفاء كل أثر لنقدنا لتفسيره ليس غفلة أو سهواً من وكيل أو ناشر، وأعظم منه أن يكون عن قصد وتعمّد من المؤلف إسوة بما قاله قبل وفاته في أحد ردوده على نقدنا إياه، وهو: «كنت مشفقاً عليه من الحلقة الأولى الى الحلقة الثالثة وهو يلهث لنقد نهج البيان في تفسير القرآن. وذكّرني بما قام به أحد الموثقين «العدول» (والظفرين له) إثر نشر الشيخ سيدي محمد الطاهر ابن عاشور للمقدمات العشر من تفسيره فكتب رسالة سماها البشر في نقض المقدمات العشر:
كناطح صخرة يوماً ليُوهِنها ** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
مرت قافلة التحرير والتنوير ومقدماته العشر وبلغت أقصى آفاق العالم، تمثل خلاصة المعارف الإسلامية في التفسير واللغة، مضافاَ اليها العلم العميق، والتحقيقات المهمة، والتدقيق المتميز، المفتوح به على الشيخ ابن عاشور رحمه الله. ولم يضرها الأصوات النشاز التي ولدت للموت» (نظر كتابنا «تقويم نهج البيان …» ص13).
فهو مجبول على إنكار كل نقد لتفسيره تيمناً بالشيخ ابن عاشور الذي أهمل كما رآه كل إشارة الى نقْض «مقدماته» ممن تعثَّر لسان الشيخ السلامي عن تسميته بالواضح، وإنما هو الشيخ عثمان بن منصور، وكتابه عنوانه بدقة «البِشْر في نقد المقدمات العشر». ونشرناه بالمناسبة تنويهاً بجهد هذا الشيخ الجليل في نقد أستاذه العلامة ابن عاشور، والذي ألمح الى صفته الشيخ السلامي بالعدول بين ظفرين تهويناً منه. نشرناه في وقت واحد هو وكتابنا «تقويم نهج البيان»، وسميناه «مقدمات الشيخ الطاهر ابن عاشور بنقد الشيخ عثمان بن منصور».
ولم يُصدِّق الشيخ السلامي في آخر ردوده على مقالاتي في نقده أنْ أوفق في الوفاء بوعدي بالعودة الى تفسيره لإطلاع القارئ على جوانب أخرى من تفْييل رأيه فيما اعتبرَه مخالفاته التفسيرية للسابقين أو تفّرده بالرأي الصحيح والأرجح دونهم، حتى قال يُعَرّض بي: «وما جاء في آخر تعليقه أن له عودة وستأتيك الأيام بما لم تزود. أقول له متمثلاً:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً ** أبشر بطول سلامة يا مربع
وليكن واثقاً أنني سوف لن أرد عليه في المستقبل ولا أشغل نفسي بتفاهاته التي يدركها القارئ الفطن. والتي تعلن عن شحنة البغض والكراهية التي لفتُّ إليها نظره في فاتحة ردي الأول، كاشفاً عن خبايا نفسه المريضة التي تتميز حقداً وإيذاء. ولا أستثني إلا ما التزمت به في الإجابة الثانية عن سؤاله أين كنت؟ فليواصل ثرثرته لاهثاً».
ولا نقول اليوم إلا أننا كنا نتمنى أن ينسئ الله في أجله ليَعلم أننا أوفينا بما وعدنا ونشرنا مراجعاتنا على تفسيره في أكثر من ثلاثمائة صفحة إشهاداً على تقديرنا للعلم وللتفسير للقرآن الكريم خاصة. ولا ندري بأية عين رأى ذلك وكان لم يزل على قيد الحياة حين نشرنا الى جانبه كذلك كتابنا عن مقدمات الشيخ ابن عاشور بنقد الشيخ بن منصور الذي غض منه وتجشمنا ذلك إنصافاً للرجل وإحياء لذكره.
***
وختمنا اليوم عنايتَنا بطبعته الثانية من هذا التفسير، لتفقد ما أَخذ منا وما لم يأخذ مما هاجمنا من أجله، وحسبنا أن يقف القارئ على حقيقة حركة العلم في بلادنا في ظل ظروف تكاد تكون معدومة في حفظ الحقوق لأصحابها، إذ لو كانت الرقابة العلمية أو القضاء التحكيمي في النزاعات الفكرية أو السرقات الأدبية ونحوها، قائماً كلاهما بدوره قيام السلطات الرقابية والمحاسبية بمختلف المؤسسات في الدولة، لما اشتكينا في هذا القطاع وغيره من الفساد والمفسودية، رعاية للتقدم ورقي العلم.
وسنقتصر هنا على نقل ما دوّناه في كتابنا «تقويم (نهج البيان) تفسير الشيخ السلامي» من تصحيح للآيات الخاطئة في عمله، وإيراد الصفحات المعنية في الطبعتين للمقابلة، والوقوف على التغيير بينهما موضوع الاستفادة من نقدنا دون أدنى إشارة إلينا أو ذكر في كل موضع عرض اليه، وكأن هذه الطبعة مطابقة تماماً لسابقتها دون تغيير. والسكوت عن ذلك فيه مخالفة واضحة لكل الأصول التي تقتضي من صاحبها بيان ما أدخل على الطبعة الثانية في المقدمة أو وصفها في بيانات الطبعة الثانية بكونها طبعة مصححة.
وجاء ذلك في موضعين، الأول في ص 81- 91، كالآتي:
« ... أخطاء في الآيات
1- في أول استشهاد له بالقرآن في مقدمته لهذا التفسير (ج1 ص4-5) أخطأ في الآية 29 من سورة ص ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، فإنه لما أعاد العبارتين من الآية ﴿لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) و﴿وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ رسمهما كالآتي (ويدبروا آياته) و (وليذكر أولو الألباب)، وهو خطأ يُستغفر عليه فما بالك في تفسير. وليس في القرآن (ويدبروا آياته) بواو عطف أما الآية ﴿وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الألْبَابِ﴾ ففي سورة إبراهيم رقم 52 وربما اشتبهت عليه.
2- في أول تفسيره للآية الأولى من سورة التوبة (ج2 ص 495) أخطأ إذ كتب (1- براءة من الله من المشركين) وإنما هي ﴿براءة من الله ورسوله الى الذين عاهدتم من المشركين﴾. فلو التزم بالأسلوب المتبع في الإشارة الى الآية اختصاراً كما أوضحنا سابقاً لما وقع في هذه الإحالة في الكتاب العزيز. لأن الغلط أو السهو حصل له بسقوط النقط الثلاث التي التزم بها بين عبارات الآية.
3- الآية 188 من سورة آل عمران ﴿لاَ يحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسِبَنَّهُمُ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أولاً كتبها هنا (ج1 ص380) بدون شكل وكان ينبغي أن يميزها على الأقل بالشكل الجزئي لتظهر برواية قالون كما التزم بذلك في مقدمته أي بكسر السين في (يحسبن) وياء المضارعة وبضم ميم الجمع في (تحسبنهم) و (لهم). ولكن الخطأ واقع هنا من جهة المؤلف في لفظ الآية 188 أيضاً فقد كتب: (الذي) والصحيح (الذين)، وخطأ آخر فيها أيضاً هو أنها بدون واو العطف في أولها.
4- وأخطأ أيضاً في الآية 178 من السورة نفسها فالذي أثبته منها يخالف القراءة عند قالون وهي (ولا يحسبن) بالياء لا بالتاء. وإظهار الشكل لو اعتنى به لكانت حركة الضم على الميم في الضمير (لهمُ) و (لأنفسهمُ) تميّزُ قراءةَ قالون هذه من غيرها.
5- المصوّرة للمصحف التي اعتمد عليها نجدها من أول سورة الفاتحة غير مطابقة لرواية قالون، التي من بين ما يميزها على غيرها ضم ميم الجمع مع صلتها بواو ومده قدر حركتين كالمد الطبيعى في قوله تعالى في آخر سورة الفاتحة (عليهمُ ولا الضالين) ولكنها هنا لا نجدها مطابقة لما هو معلوم من رواية قالون. والأمثلة كثيرة في (عليكمُ أنفسكم) المائدة 115 ففي هذا التفسير بتسكين ميم (عليكمْ) وهذه ليست رواية قالون قطعاً. وقالون يهمز الياء في (والنبيين) (سورة النساء 163) ولكنه وقد عرض لذكرها (ج 2 ص329) جاءت على قراءة حفص.
6- خطآ آخر في قوله من تفسير سورة النساء (ج1 ص433): «فمعنى (قليلا ما يؤمنون) أن قلوبهم قد أقفلت... « الخ، فالعبارة في الآية (فلا يؤمنون إلا قليلا) وليس ما ذكر. فقد يكون سبق لسانه الى آية أخرى قريبة منها لفظاً ولكنها تختلف معنى وهذا من معايب الفصل ما بين الآية وبين تفسيرها على طريقته التي بيناها. فهي في البقرة 88 (فقليلاً ما يؤمنون). وهناك اختلاف بين التعبيرين في الآيتين من سورة البقرة وسورة النساء (فقليلا ما يؤمنون) على معنى ما يؤمنون بشيء، وأما (فلا يؤمنون إلا قليلاً) فعلى معنى فقليل من يؤمن منهم أو قليل إيمانهم.
7- الآيات من 67 الى 71 العلامة بين الرقمين ليس سهماً (ج1 ص70) كما في الآيات الثلاث من 87 الى 89 (ج1 ص318)، والآيتان 105 و 106 بينهما علامة سهم وهما فقط آيتان (ج1 ص483). فهذا من عدم التقيد بمنهج وهو أمر يشوش على القارئ.
...الخ».
وفي الموضع الثاني من نقل ما دوناه في كتابنا (ص ٧٧-٨١) ما يلي:
«... الآيات
هذه مجموع الآيات موضوع التصحيح في التفسير المسمى بـ «نهج البيان في تفسير القرآن» للشيخ محمد المختار السلامي، التي أعثرنا عليها البحث عند الإعداد لهذه المراجعات على اختياراته التفسيرية، دون استقصاء لباقي التفسير:
1- (ج1 ص215)
﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ 238﴾ البقرة.
كتب الآية خطأ بلفظ (الصلاة) في المفرد، هكذا: (حافظوا على الصلاة... قانتين) والصواب: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ).
2- (ج1 ص304)
اقتطاع في غير محله في كتابة الآية 54 من سورة آل عمران (ومكروا ومكر الله... والله خير الماكرين). والآية كلها هي: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ الَلَهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ ولا موجب للنقط الثلاث دليل الاقتطاع من وسطها.
3- (ج٢ ص234)
خطأ في الآية 117 الى 119 من سورة الأنعام وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119)﴾
فقد كتبها على منهجه السقيم في الاقتطاع كالآتي: (117: إن ربك هو أعلم... وهو أعلم بالمهتدين). وكان ينبغي أن يكتبها بالكامل ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ فهي في أقل من سطر.
وفي الصفحة الموالية كتب ما هو خطأ فضيع، وهو ما يلي: (116- 119: فكلوا مما ذكر اسم الله... وهو أعلم بالمهتدين) وإنما بقية الآية 119: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾.
4- (ج2 ص288)
﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ﴾ 12 الأعراف.
أخطأ هنا في كتابة الآية بسقوط اللام من ﴿أَلاَّ تَسْجُدَ﴾ فكتبها كالآتي: (قال ما منعك أن تسجد).
5- (ج3 ص73)
سقوط آية من المصحف المصور الذي اعتمده لتفسيره. وهي آية من مجموع الآيات التي أوردها مصورة من المصحف بالخط العثماني وفسرها بداية من ص73 من الجزء الثالث. وهذه الآية هي الآية 66 من سورة يونس وهي قوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾.
ففي بيان معاني هذه الآيات الست المفسرة في ذلك الموضع جاءت كلمة ﴿يَخْرُصُونَ﴾ دون أن تكون الآية نفسها التي في فاصلتها هذه الكلمة موجودة. فقط أشار المفسر الى تلك الآية التي حصل سهو بإثباتها في مكانها والى رقمها عندما عرض لها بعد قليل بالتفسير (ص 77) ولكن باختصار مخل، حيث لم تذكر تماماً في السابق في موضعها من الآيات الست المبوبة لتفسيرها من مصورة المصحف.
6- (ج 4 ص 77)
الآية 14 من سورة طه وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ جاء رسم كلمة ﴿إِنَّنِي﴾ في المصحف (في مصورة المصحف الذي اعتمده، باللون الأخضر) خطأ، بنون واحدة (إني)، وكذلك في تفسيره للآية.
7- (ج4 ص194)
الآية رقم 106 من سورة الأنبياء وهي قوله تعالى ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾ لم يرقم لها في موقعها من مصورة المصحف الذي اعتمده للتفسير.
8- (ج4 ص209)
(وإن كنتم في ريب من البعث) الخ.
والصواب بدون واو في قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ﴾ الآية 5 الحج.
9- (ج4 ص٤20)
الآية 48 من سورة الفرقان وهي قوله تعالى:﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾
كتبها: (يرسل الرياح) وإنما هي بصيغة المضارع لهذا الفعل في سورة الأعراف في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)﴾ (الأعراف).
10- (ج6 ص643)
سهو عن تفسير آية من سورة عبس، وهي قوله تعالى: ﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى﴾ االآية 7. فقد انتقل من الآيتين 5 و 6 الى الآيتين 8 و 9، بدون ربط مع ما قبلها.
11- (ج6 ص644 السطر الأخير)
أيضاً في سورة عبس نقص الآية 12 فيما كتبه (بين حاصرتين باللون الأخضر) من آياتها الأخيرة من 11 الى 16، وهي قوله تعالى ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾.
12- (ج٦ ص652)
أيضاً في سورة عبس خطأ في ترقيم الآية 38 وهي قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ﴾.
13- (ج6 ص787)
خطأ في الآية 253 من سورة البقرة، فقد أوردها في سياق تفسير سورة البينة كالآتي: (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءهم البينات ولكن اختفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر) والخطأ في الفعل (اختفوا) والصواب ﴿اخْتَلَفُوا﴾ من قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾.
14- (ج3 ص225)
أخطأ في معنى السين وسوف في قوله تعالى ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ 98 يوسف.
يقول: «فطلبوا من أبيهم النبي الصالح أن يطلب له من الله أن يغفر لهم التجاوزات التي وقعوا فيها وأن يمحو ذنوبهم. فأجابهم أنه سيفعل ذلك. ولاحظ المتتبعون للتعبير القرآني أنه لم يستجب لهم بطلب مغفرة ذنوبهم في الحال ولكنه سيفعل ذلك في المستقبل على ما تفيده السين الداخلة على استغفل (كذا والصحيح استغفر). وخرجوا المعنى على أن يلازم الاستغفار لهم حاضراً ومستقبلا».
وفي كلامه هنا خطآن، الخطأ الأول في معنى السين وسوف، فقد عكس الدلالة على الزمن القريب للسين، والاستمرار في الزمن المستقبل مع الوعيد بسوف. والخطأ الثاني مطبعي في قوله: «السين الداخلة على استغفل» والصواب ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ﴾ لا كما توهم (سأستغفر).
***
وفي جميع هذه المواضع صوب الخطأ دون إشارة، فقط أبقى على الخطإ في مواضع ستّ، منها المتعلق بالآية في ج 6 ص 787 في قوله تعالى: ﴿وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا﴾ فقد تركها كما يلي: اختفوا، بسقوط اللام من الكلمة.
وفي الأخير نشير الى خطإ في آية أخرى، أوردناه في المراجعة الرابعة من كتابنا «تقويم نهج البيان» (ص 86)، وعلقنا عليه بما يلي:
«... أولاً: خطأ في: (لا يكلف الله نفس إلا وسعها) (ج1 ص209)، هكذا كتب باللون الأخضر علامة على كونها آية! والصحيح: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا﴾. وفضلاً على الخطإ النحوي هناك الزيادة فيما أورده من لفظها».
وتم تصحيح هذا الخطأ في الطبعة الثانية دون إشارة كالسابق، وتوضحه المقابلة بين الطبعتين في الأخير.
وملاحظة أخيرة على فساد تعامله مع أمانة العلم أنه في أحد نقوله من عملي على هذا التفسير لتصويب ما فيه من أخطاء في آيات الله تعالى، وهو سدّ السهو الذي أشرت اليه بحق الآية السابعة من سورة عبس التي قفز عليها الى ما بعدها من الآيات في السورة (ج6 ص643)، فنراه في طبعته الجديدة يثبت الآية ولكنه غفل عن قولي إنه لم يفسّرها، وكان ينبغي وقد استدرك هذا النقص بفضل توجيهي نظره اليها أن يفسّرها كغيرها لا أن يهمل تفسيرها.
***
وعدم الالتزام بالتبليغ عن بيانات كل طبعة، كما تقتضي أصول النشر المعمول بها في الدول المتقدمة الحريصة على سلامة مواصفات الكتاب، تضع صاحبها أمام مسؤولية جسيمة وفق ما قررته ونصت عليه الهيئات الدولية المختصة والمنظمات الراعية لحقوق التأليف.
ولنا عتب على كل من كتب على هذا التفسير للشيخ السلامي أو عرض لصدوره أو قدّمه في مقال بالصحافة أو محاضرة على منبر من المنابر، أن يتجاهل ما كتبنا عن الموضوع من نقد ويغفل حتى عن أبسط إشارة الى أنه كان محل تنويه من أحد أو دراسة حتى دون ذكر الإسم.
والأظلم أن يعود بعضهم للتقديم لهذا التفسير في طبعته الثانية، منوهاً ومفاخراً ومطنباً في تفصيل ما سماه «المجهودات الكبيرة لإصلاح الأخطاء المطبعية التي تسرّبت الى طبعته الأولى» (محمد العزيز الساحلي، كتاب «نهج البيان في تفسير القرآن» لسماحة الشيخ محمد المختار السلامي. صدر هذا المقال بالنسخة الورقية للشروق - تاريخ النشر 15/7/2019. والملاحظ أن صورة الغلاف المرفقة بالمقال المذكور هي صورة الطبعة الأولى دون انتباه لاختلاف اسم الناشر واختلاف الغلاف! هذا والمقال يكرر معظم ما قاله كاتبه في مقاله الأول عن الكتاب حين صدور طبعته الأولى، ونشر المقال بجريدة الصباح بتاريخ الجمعة 11 مارس 6102 فقط أضاف اليه أمثلة ساقها من اجتهادات الشيخ دون أن يتفطن أيضاً الى نقدنا لتلك الاجتهادات في مراجعاتنا لها في مقالنا التصحيحي الأول.)، دون أن يدّعي على الأقل أنه، وهو تلميذ الشيخ المؤلف، قد ساهم في تلك المجهودات. لأنه وإن لم يخوّل لنفسه أن يدعي ذلك كذباً فقد خوّل لنفسه أن يجحد علمه بكل حلقات المعركة التي أثرناها بمقالاتنا لتصحيح مؤلف هذا التفسير في الصحافة، ومواجهته بأخطائه البليغة في عدد كبير من الآيات، فضلاً عن غيرها كالشعر والحديث واللغة، ونحو ذلك مما قررناه في كتابنا، الذي - للعلم - أصدرناه قبل نشر هذه الطبعة الثانية بأكثر من عامين، حتى أننا كنا أول من نصحناه بأن يسحبه من التداول بقصد تصحيحه في طبعة لاحقة.
وبعض ما نشرناه في الصحافة لا يمكن أن يكون غاب عن صاحب المقال لأنه نشر في الجريدة نفسها تقديمه لهذا تفسير.
***
ونريد هنا بعد إبدائنا لمآخذنا العلمية على هذه الطبعة، من حيث اعتدائها على حقوق التأليف المحفوظة لغيرها، أن نتوقف على ملاحظتين تؤكدان تعمد صاحبها إخفاء كونها طبعة جديدة مصححة ومنقحة، هما: احتفاظه بنفس الرقم الدولي للكتاب، والثانية هو الايهام بتاريخ متقدم بسنتين لإصدارها.
وهنا لا بد من الإشارة كذلك أن قانون المطبوعات يوجب على كل مؤلف تسجيل الكتاب تحت رقم دولي للكتاب لكل طبعة جديدة للعنوان نفسه في طبعة سابقة في صورة تغيير في التجليد أو تغيير في النص أو تغيير في اسم الناشر. وهذه الأمور كلها مجتمعة في هذه الطبعة الثانية لتفسير الشيخ السلامي، التي راعى صاحبها فيما يبدو التستر عن فعله، بإهمال أخذ رقم دولي للكتاب جديد طبقاً للأصول، وعمد الى تسجيل تاريخ مغلوط أو مغالط بأعلاه، يوهم أن إصدار هذه الطبعة كان بعد شهور قليلة من الطبعة الأولى، ونسي أن الايداع القانوني الذي قام به لدى الجهة الرسمية المعنية يؤرخ للتاريخ الحقيقي لإصداره، بدقة شهر على الأكثر. وهنا كشفنا عن عدم صحة التاريخ الذي وضعه لهذه الطبعة وهو 1438/ 2017. وهو تاريخ سابق بسنتين تقريباً عن التاريخ الحقيقي للايداع القانوني كما هو مسجل لدى دار الكتب الوطنية وهو 16/2/2019 . ولا يخفى أن تعمده التأريخ لطبعته الثانية بذلك التاريخ السابق بوقت طويل القصد منه هو إنكار كل ادعاء عليه من كل قائم بالحق لحفظ الحقوق. لأن كتابي في تقويم أخطاء الشيخ السلامي في تفسيره، كُتبت مقالاته المنشورة بالصحافة بتاريخ 6102، أي في نفس العام الذي ظهر فيه التفسير، وطُبع الكتاب - أي كتابي - في أواخر سنة 7102، ورقم إيداعه القانوني بدار الوطنية التونسية يشهد عليه وهو 21/2/7102. فلم يتفطن هذا المغالط الى أن مقالات هذا الكتاب - المصحِّحة للتفسير - ظهر معظمها قبل 7102، وأوّلها مؤرخ في 91/4/6102. وفي كل الاحتمالات لا يمكن تقدير أن تكون الطبعة الثانية من هذا التفسير قد أنجزت قبل تبيّن ما وقع فيها من أخطاء في آيات قرآنية من خلال ما عَرضتُ لبعضه القليل في مقالاتي بالصحافة دون استقصاء كامل. لأن الايداع القانوني للطبعة الأولى منه كان بتاريخ 31/3/6102.
وحتى لو افترضنا أن هذه الطبعة قد أنجزت بعيد ظهور الطبعة الأولى بقليل، فلا يمكن عملياً أن يتم تصويب ما جاء فيها من أخطاء، تحدثت أنا عنها ووقع استغلالها بدقة في مقالاتي اللاحقة شهراً بعد ظهور هذا التفسير وامتدت شهوراً بين ردود منه وتعقيبات عليه، وتكونَ طبعته الثانية جاهزة بأجزائها الستة في التاريخ الذي كُتب عليها وهو 7102 وبالكمية من السحب منها تناهز الثلاثة آلاف نسخة مع الخياطة والتجليد، لا يمكن. ولكن تاريخ إيداعها المسجل - كما ذكرنا - بتاريخ 61/4/9102، هو الأقرب للمعقول والمنطقي والمقبول.
وتكون هذه الطبعة الثانية المصححة قد قَرّت بها عين مؤلفه قبل وفاته التي كانت في تاريخ 91 أوت 9102، رحمه الله. وقد تكون مصححة دون علم منه إذا قدرنا حسن الظن به، لأنه لم يبين ذلك في مقدمتها أو يعتذر على ما حصل في التي قبلها من أخطاء.
وما دام تَعلق بهذا التفسير هذا السيل من الحبر للأخطاء القرآنية التي شابته بكثرة كثيرة، مع نفاد طبعته بسرعة هائلة رغم الكمية الكبيرة نسبياً من نسخه البالغة ستة آلاف عدداً، حتى تلتها في الحين طبعة ثانية مع المخالفات القانونية والحقوقية التي أوضحنا جوانب منها هنا، فلسائل أن يسأل ما إذا كان سعره الزهيد جداً هو الذي حدد نفاده بسرعة، على تقدير التخلص منه دون خسارة كبيرة للأخطاء الكثيرة التي تبينت فيه، وأن إخفاء تلك التصويبات بالمئات التي أحصيت فيه ولم يصحبها به عند تسويقه بغرض عدم تحرج الناس من التأثم بشرائه لوجود تلك الأخطاء. ولما تبين في الصحافة عن طريق مقالاتي أن أفظع تلك الأخطاء حصل في عدد كبير من الآيات، كشف عنها نقدي له في المقالة الأولى سقط في يد الشيخ، وعجل ذلك بتوزيع الكتاب في أقل من شهرين من صدوره، نصف كميته عن طريق دار سحنون والنصف الآخر عن طريق المؤلف، بفضل ما اقتنته منه على سبيل الدعم الجهات المصرفية التي كان الشيخ على صلة وثيقة بها علمية وعملية واستشارية ليسمح لنفسه بتصريف بضاعته لديها دون تحمل تكاليف ما أنفقه على طبعها طبعة أولى وثانية وهو الذي لم يغفل عن اقتضاء جميع الحقوق فيهما محفوظة لنفسه، ما أوحى لبعض الخبراء الى اشتمام تبييض أموال من وراء مثل هذه العمليات.
وقد استرعانا اهتمام بعض البنوك الاسلامية بتونس بهذا التفسير للشيخ السلامي، ومنها من مضى الى أبعد في الترويج له. وذلك بعرض تطبيق إلكتروني مجاني يسمح بتصفحه على أجهزة الهاتف الذكي واللوحة (الآيباد) والآيبود. وقام بهذه الخدمة الجليلة بنك البركة على الرابط التالي:
https://apps.apple.com/fr/app/نهج-البيان-في-تفسير-القرآن/id1356513894.
وعرّف به كالتالي: «تطبيق (نهج البيان في تفسير القرآن) هو عرض متكامل للقرآن الكريم يسمح بتصفح السور والآيات بكل سهولة بين يدي المستخدم، ويحتوي على نصّ التفسير للعلّامة الزيتوني التونسي فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي، مفتي الجمهورية التونسية سابقا. ويجمع هذا التطبيق بين جمال التصميم وسهولة الاستخدام ووضوح التفسير وجمالية صوت القارئ التونسي المتميّز فضيلة الشيخ علي البراق رحمه الله (...) ويتميّز هذا الكتاب بسهولة عباراته في شرح الألفاظ التي وردت في القرآن وبيان معاني الآيات».
دون إشارة الى تصويبات تم إدخالها على هذا التفسير. ونقصد التصويبات بالمئات التي أحصاها صاحبه في أوراق طيارة أودعها ظرفاً خالية من كل عنوان للكتاب! بعد أن كشفنا في مقالاتنا عن الأخطاء الجسيمة فيه، ولم نشغل أنفسنا باستقصاء غيرها، وإنما ركزنا فقط على أهمها، وهي الآيات الخاطئة التي صادفناها في مراجعاتنا لدعواه بأنه خالف في مواضع من تفسيره جميع المفسرين أو جاء بفكر يرجح فكرهم في فهم آيات بعينها، وإلا لكنا وجدنا بالصدفة كذلك آيات أخرى كثيرة خاطئة.
وأيضاً لا إشارة الى كتابنا «تقويم (نهج البيان) ...» الذي أثبتنا فيه مقالاتنا وردوده ومراجعاتنا عليه، كما لا إشارة فيه الى صدور طبعة ثانية من هذا التفسير، بما يقتضي تنزيل إصدار ثان من هذا التطبيق. (انظر الصورة المرفقة لهذا التطبيق وفوقها تاريخ التقاطنا لها).
وللصلة التي تحدثنا عنها في مقالنا الأول بين مؤلف هذا التفسير وبنك الزيتونة الذي ذكرنا أنه بمجرد أن بلغه خبر عن انشغالنا بطبع تفسير الشيخ الصادق السياري الذي أنجزنا تحقيقه وتتميمه، لما طرأ من نقص على مخطوطه، حتى اتصل بنا للحصول على نسخة من هذا التفسير للاطلاع عليه بقصد دعمه. ولكننا اكتشفنا بعد تسويف طويل لاسترجاع تلك النسخة وهي نسخة ما قبل السحب منه، حتى تبين لنا أنه كان مطلوباً بغرض اطلاع الشيخ السلامي عليه ثم ردّه الينا. ولكنه تأخر عنده مدة طويلة دون علمنا، مما اضطرنا لاستخراج تجربة جديدة لإنهاء العمل في إخراج هذا التفسير الذي تأخر بسبب ذلك بضع شهور.
بحيث نعتقد أن المصارف، التي قد تكون مثل بنك البركة وبنك الزيتونة ممن اقتنوا كمية من تفسير الشيخ السلامي في طبعته الأولى، قد اطلعت على نقدنا لتلك الطبعة، لوجود مختصين فيها من علماء الشرعية المالية في الإسلام، ولعله لم يفتهم أن ينبهوا كل من مكنوه من نسخة منه الى الآيات الخاطئة ليصححها، وربما تعويضه بطبعة التفسير الثانية المصححة على الأقل، بالقدر الذي أسهمنا في تصحيحها به في حدود المائتي صفحة في مواضع متفرقة، راجعناها ليس بقصد التثبت من صحة القرآن فيها ولكن بالأساس مناقشة ادعاء المؤلف مخالفة المفسرين السابقين في تفسير آيات بعينها أو ترجيح رأيه على آراء لهم في بعضها.
وفي الصفحات التالية يجد القارئ الصفحات المتقابلة من الطبعتين لتفسير الشيخ السلامي للوقوف على ما قصدنا هنا الإشهاد به على الجهد الذي بذلناه لتصحيح العلم لأنه به يكون التقدم وبه تحفظ الحقوق.
----------
تونس في 01 ربيع الأول 1441 ه
7 نوفمبر 9102 م
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: