صالح النعامي - فلسطين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9133
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كان عبد الله بن السيد بهاء الدين من التجار العراقيين الذين دأبوا في العشرينات على نقل البضائع من بلاد الشام الى ايران، وكان يمر في رحلته التي كان يقطعها على الجمال بمنطقة كركوك وخافقين في شمال العراق. وكانت تسكن هذه المنطقة طائفة متطرفة من الشيعة عرفت بإسم " العلياهية "، أجمع المسلمون سواء كانوا سنة أو شيعة على تكفيرهم. وفي احدى سفرات بهاء الدين في هذه المنطقة خرج عليه نفر من إحدى القرى التي تسكنها هذه الطائفة وسلبوا أمواله وبضاعته، واقتادوه الى شيخ القرية، طلب " الشيخ " من بعض الرجال أن يقطعوا رأس بهاء الدين فوراً، فهدى الله بهاء الدين الى الصراخ بصوت عال، فقال له الشيخ: لماذا تصرخ، فقال له بهاء الدين أتقتلونني وأنا من ذرية علي بن أبي طالب، ومد يده الى بطاقة كانت في جيبه كان مدوناً فيها حسابات التجارة، فقدمها للشيخ قائلاً: هذا ما يثبت نسبي، لم يكن " الشيخ " ولا أحد من رجاله يعرف القراءة، فما كان من الشيخ إلا أن قام بالركوع أمام بهاء الدين، وطلب من رجاله أن يركعوا له، وقاموا بتقديم المأكولات له، وأصبحوا ينادونه: يا سيدنا، وفي الليل عندما أخلد بهاء الدين للنوم، وهو يحلم أن يصبح صاحب حظوة في المكان بأسره، فإذا بأحد أفراد القبيلة يوقظه قائلاً :سيدنا، " الشيخ " يريد قتلك عند الصباح، صعق بهاء الدين: يقتلنني لماذا ؟، قال: لأنه لا يوجد في قريتنا قبر لولي نزوره، يوجد قبر لولي في قرية بيننا وبين أهلها ثارات كبيرة، ونخاف أن نذهب الى هناك، فيريدون قتلك حتى يتم دفنك هنا، وبالتالي يتحول قبرك الى مزار.. جن جنون بهاء الدين، وما أن نام القوم حتى انطلق هائماً على وجهه ولم يفق حتى وجد نفسه داخل الحدود الإيرانية.. إن حال الرئيس الأمريكي جورج بوش مع الديموقراطية كحال " الشيخ العليهاني "، مع بهاء الدين، فكما كان الأخير يريد تقديس بهاء الدين بقتله ودفنه، فأن بوش أيضاً يقدس الديموقراطية على الطريقة نفسها. فبوش الذي اعتبر أن أكبر مشكلة تواجه علاقات الولايات المتحدة بالعالم العربي هو غياب الأنظمة الديموقراطية، وسيادة الأنظمة الشمولية القمعية، وأعتبر أن مهمته الرئيسية ستكون العمل على نشر الديموقراطية. لكن ولع بوش بالديموقراطية لم يصمد طويلاً عندما جاءت صناديق الاقتراع بما لا يسره، فأنقلب على الديموقراطية، كما حدث مع الانتخابات الفلسطينية التي فازت فيها حركة حماس. وهاهو بوش نفسه يواصل مخططاته لوأد التجربة الديموقراطية في فلسطين عبر حصارها وفرض الاشتراطات على المنتصر فيها أملاً في تعطيل نتائجها، وكأنها لم تكن. " حماس " التي جاءت بها صناديق الاقتراع هي بالنسبة لبوش منظمة ارهابية يتوجب اقصاؤها وعدم التعامل معها لأنها تنادي بتدمير إسرائيل، وتعتمد العمل المسلح سبيلاً لتحرير فلسطين المحتلة. لكن بوش نفسه لا يجد غضاضة في كيل المديح ل " الديموقراطية " الإٍسرائيلية التي تأتي بمجرمي الحرب وأكابر السفاحين. الاغتيال لتكون أهم مركب في الجهد الأمني الصهيوني في مواجهة حركات المقاومة. من هنا فأنه من العار أن يسلم العرب بمعايير بوش الخرقاء للديموقراطية، فمن أوغل في قتل الفلسطينيين والعرب ظلماً وعدواناً بإمكانه أن يصبح على رأس دوائر صنع القرار في الدولة العبرية ويحظى باحترام بوش وتقديره، في حين من يقارع المحتل ذوداً عن نفسه وتشبثاً بالحياة الكريمة يتم نزع الشرعية عن وجوده