البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا.. الدروس والعبر المستوحاة!

كاتب المقال د. وسام الدين العكلة   
 المشاهدات: 3726



مرة أخرى أثبت الشعب التركي أنه الرقم الأصعب في المعادلة السياسية وحتى العسكرية في تركيا ودخل التاريخ من أوسع أبوابه وسطر حروفه من ذهب، وألغى وللأبد القاعدة المعروفة في تركيا بأن الجيش هو "حامي العلمانية بتركيا" في إشارة إلى الأيديولوجية الكمالية التي تعتبر حتى قبل هذا المحاولة الفاشلة العقيدة الرسمية للدولة، واستبدلها بقاعدة جديدة هي "الشعب حامي الديمقراطية والدستور"، وأن الشعب الذي لمس الديمقراطية الحقيقية وعايشها لن يرضى بالرجوع إلى عهد الانقلابات الدامية وبالخضوع لحكم "البسطار العسكري" مجددًا مهما كان الثمن.

لا شك أن المحاولة الانقلابية كان مخطط لها بأحكام ودقة متناهية من حيث التنفيذ والتوقيت حيث تزامنت مع بدء عطلة الأسبوع التي يذهب معظم الناس فيها بما فيهم السياسيين للراحة بعد أيام طويلة من العمل، إلى جانب التنسيق العالي بين قادة الانقلاب في جميع المحافظات وإن تم التركيز إعلامياً على المحافظتين الرئيستين (أنقرة، إسطنبول)، واستخدام سلاح الجو وهو السلاح الأقوى في الجيش، والسيطرة على التلفزيون الحكومي وبث بيان الانقلاب الذي حاول فيه قادة الانقلاب توجيه رسالة طمأنة للمجتمع الدولي بأنهم سيحترمون جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، إلى جانب السيطرة على المؤسسات الحيوية في الدولة الأمر الذي أدى إلى إثارة حالة من القلق والترقب داخل تركيا وخارجها.

في الأسباب والدوافع، لا شك أن هناك جهات خارجية شجعت ودبرت هذا الانقلاب وحصر هذه الجهات بجماعة "فتح الله غولن" أمر مبالغ فيه وستثبت التحقيقات خلال الأيام القليلة المقبلة أن هناك دول وأجهزة مخابرات خططت ودعمت وربما شاركت بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه المحاولة الفاشلة.

ولا يمكننا تحميل الحكومة التركية أي مسؤولية في التقصير للحيلولة دون وقوع ما حدث بالأمس لكن يتوجب عليها أن تعيد النظر في سياستها مستقبلاً وأن تطهر وبحزم جميع مؤسسات الدولة من مثل هؤلاء الذين باعوا أنفسهم ووطنهم لولاءات ضيقة داخلية وخارجية، لكن ما يؤخذ على الحكومة التركية هو انشغالها في السنة الأخيرة بالانتخابات وملفات أخرى كالعمليات الإرهابية التي ضربت البلاد، في حين يمكن القول أنه كان هناك نوع من التراخي في متابعة خيوط وخلايا "الكيان الموازي" داخل المؤسسة العسكرية وفي باقي مؤسسات الدولة مقارنة بالحملة القوية التي شنتها الحكومة ضد عناصر ومؤيدي هذا الكيان خلال السنة الأولى لاكتشافه في نهاية عام 2013 واستمرت طيلة عام 2014.

الحكومة التركية تعاملت باحترافية عالية وحنكة سياسية مع الأزمة وحافظت على تماسكها ووقوفها ضد الانقلاب على الديمقراطية، وما يلفت النظر وقوف قادة المعارضة الرئيسية إلى جانب الحكومة الشرعية الأمر الذي ساهم في إفشال الانقلاب وزاد من التماسك بين جميع مكونات الشعب وعدم الانجرار نحو الفوضى.

الرئيس "رجب طيب أردوغان" كان له الدور الأكبر في إفشال المحاولة الانقلابية عندما دعا المواطنين عبر " السكايب" إلى النزول إلى الشارع لرفض ما جرى والجرأة التي تحلى بها في المواجهة، وفي الوقت الذي كانت تروّج فيه بعض وسائل الإعلام عن مغادرته البلاد وطلبه اللجوء إلى ألمانيا كانت طائرته تتجه نحو مطار إسطنبول رغم المخاطر الكبيرة التي قد تواجهه من الناحية الأمنية خاصة وأن أجواء اسطنبول كانت مزدحمة بالطيران الحربي.

سيسجل التاريخ أن ليلة الخامس عشر من تموز/ يوليو 2016 كانت من أصعب الليالي في تاريخ تركيا الحديث كما كانت ليلة التضامن ما بين الحكومة والمعارضة والشعب والقادة الحاليين والسابقين وتحلى الجميع بالحكمة رغم الخلافات التي كانت سائدة قبل ذلك حتى داخل حزب العدالة والتنمية وهنا لا يمكننا إلا توجيه الشكر والتقدير والاحترام لهم جميعاً ونخص بالذكر السيد "عبدالله غُل" الرئيس التركي السابق، والسيد "أحمد داود أوغلو " رئيس الحكومة السابق، والسيد "كمال كلتشدار أوغلو" رئيس الحزب الجمهوري، والسيد "دولت بهتشيلي" رئيس الحركة القومية لتغليبهم المصلحة الوطنية العليا للبلاد على جميع الاعتبارات الأخرى، والشكر الأكبر للجنرال "هاكان فيدان" رئيس جهاز المخابرات العامة الذي أثبت أن الهوية والانتماء الوطني فوق أي انتماء آخر، وللأخوة الأكراد في جنوب شرق تركيا الذين خرجوا إلى الشوارع دعمًا للحكومة الشرعية ولم يستغلوا حالة الفوضى التي سادت وأثبتوا أيضاً عمق انتمائهم وتمسكهم بوطنهم على خلاف الأحزاب السياسية والمسلحة التي تدعي تمثيلهم.

لا شك ما قام به الشعب التركي بالأمس درس يتضمن الكثير من العبر التي يجب أن يستفيد منها العالم أجمع وعلى الأخص الحكومات والأنظمة العربية إلى جانب الشعوب العربية أيضًا، وأن يُدّرس في كليات الحقوق وأكاديميات العلوم السياسية لتستفيد منه الأجيال القادمة وتعلم أن إرادة الشعب فوق كل الاعتبارات الأخرى مهما أحيطت بقدسية.

بالنهاية نوجه تحية إجلال واكبار للشعب التركي البطل وللقوات الأمنية التي رفضت الانخراط في هذه الجريمة ولكل من وقف إلى جانب الديمقراطية والشرعية، والرحمة للشهداء الذين سقطوا دفاعًا عن بلدهم وشعبهم، وللإعلام التركي المستقل الذي رفض السير مع الانقلابيين، ولملايين السوريين في تركيا الذين سهروا حتى الصباح يتضرعون بالدعاء لفشل الانقلاب، والخزي والعار لكل من تآمر وخطط ونفذ وتمنى داخل نفسه أن تنجح هذه المحاولة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تركيا، محاولة الإنقلاب، الإنقلاب بتركيا، أردوغان،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-07-2016   ترك برس

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
صلاح المختار، إياد محمود حسين ، سفيان عبد الكافي، الهادي المثلوثي، محمد اسعد بيوض التميمي، تونسي، د- محمد رحال، محمد أحمد عزوز، عبد الغني مزوز، عراق المطيري، طلال قسومي، خبَّاب بن مروان الحمد، سليمان أحمد أبو ستة، د. صلاح عودة الله ، رافع القارصي، محمد يحي، يزيد بن الحسين، سامر أبو رمان ، د. خالد الطراولي ، د. أحمد بشير، سلام الشماع، فهمي شراب، إسراء أبو رمان، محرر "بوابتي"، د - محمد بنيعيش، أشرف إبراهيم حجاج، مصطفي زهران، رضا الدبّابي، د. طارق عبد الحليم، حميدة الطيلوش، علي الكاش، رمضان حينوني، محمد العيادي، نادية سعد، د. مصطفى يوسف اللداوي، مجدى داود، محمود فاروق سيد شعبان، فتحي العابد، أبو سمية، سلوى المغربي، د- محمود علي عريقات، عبد الله الفقير، رشيد السيد أحمد، أنس الشابي، أحمد ملحم، المولدي الفرجاني، محمد الطرابلسي، عمر غازي، منجي باكير، عمار غيلوفي، حسن عثمان، ماهر عدنان قنديل، مراد قميزة، وائل بنجدو، عواطف منصور، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فتحي الزغل، د - صالح المازقي، رافد العزاوي، إيمى الأشقر، أحمد الحباسي، د - شاكر الحوكي ، فوزي مسعود ، د- هاني ابوالفتوح، فتحـي قاره بيبـان، محمود طرشوبي، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسن الطرابلسي، د. عبد الآله المالكي، يحيي البوليني، صفاء العربي، حاتم الصولي، صالح النعامي ، الهيثم زعفان، محمود سلطان، حسني إبراهيم عبد العظيم، عزيز العرباوي، أحمد النعيمي، الناصر الرقيق، د - مصطفى فهمي، كريم السليتي، صباح الموسوي ، خالد الجاف ، د - المنجي الكعبي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، العادل السمعلي، د.محمد فتحي عبد العال، جاسم الرصيف، د- جابر قميحة، صفاء العراقي، د - عادل رضا، د - محمد بن موسى الشريف ، سعود السبعاني، محمد شمام ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. أحمد محمد سليمان، أحمد بوادي، سيد السباعي، سامح لطف الله، صلاح الحريري، كريم فارق، أ.د. مصطفى رجب، ياسين أحمد، ضحى عبد الرحمن، عبد الرزاق قيراط ، مصطفى منيغ، علي عبد العال، د - الضاوي خوالدية، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الله زيدان، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، محمد الياسين،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة