البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الهروب الأمريكي الكبير من العراق

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4127


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يجدر بنا تذكّر أيام العراق الخالية يوم أن كان خلالها قوةً كبرى، تُمثل درعاً واقياً للأمتين العربية والإسلامية، ومصدر تهديد حقيقي لإسرائيل وأعوانها، قبل أن نقوم بذكر كم من القوى المتكالبة الآن التي تجِدُّ في نخره بلا هوادة ومن كل جانب، حتى بات أضعف ما يكون.

منذ أن قامت الولايات المتحدة بغزو ترابه في أوائل 2003، كانت ترمي بالدرجة الأولى إلى شطبه سياسياً وعسكرياً، ثم ليكون تابعاً مفيداً ومطيعاً ليس إلاّ، وكلّنا يعلم بسلسلة الإجراءات الأمريكية والحليفة التي اتبعتها منذ بداية الغزو وإلى الآن، للوصول إلى هذه المرحلة القاسية والتي لم تنتهِ بعد.

فبموازاة قيامها بتقويض أركانه ومؤسساته، ومحو قوّته بأسلحتها وعتادها، قامت بتهديمه وبصورةٍ أشد وبخبثٍ أكبر، من خلال تركيزها على فسخ النسيج الاجتماعي، بإمعانها في نشر ثقافة الفتنة وترسيخ كراهية الغير، وإفساحها المجال للكل في الداخل والخارج، ليباشر نشاطاته العدوانية ضد العراق أرضاً وشعباً ومقدّسات، وكان الانسحاب الصوري الذي أتمّته أواخر 2011، هو الأساس باتجاه أن لا يستمر على ما كان.

فبقدر النشاطات السياسية التي نشأت عن الدولة فيما بعد، والتي تهدف إلى ترقيع الحياة العراقية بجملتها، بقدر النشاطات التخريبية المختلفة، التي كانت تُمارس ضد هذا الترقيع، من قِبل جماعات وحركات وأحزاب وملل وطوائف أخرى مدفوعة، التي كان لها تحت سمع وبصر دوليّين، إمكانية هدم البقية الباقية من مكونات العراق ومقدراته.

كما كذب على الكل الرئيس الأمريكي "جورج بوش الإبن" إمعاناً وترسيخاً لكذب أبيه من قبل، من أنه سيجعل العراق أنموذجاً ديمقراطياً يُحتذى به، حين جعله ألعوبة على مدار فترتين من حكمه، بين أجهزته العسكرية والمخابراتية ومؤسسة الموساد الإسرائيلي وجهات أخرى، لتعيث به فساداً وتخريباً، بدءاً باستنهاض أصول الكراهية والفتن من جانب، وإطلاق عصابات وفئات تابعة ما لها من وزن من جانبٍ آخر، فقد كذب علينا الرئيس اللاحق "باراك أوباما" أيضاً على مدار فترتين متتاليتين، حينما أوحى إلينا بأنه مسؤول أخلاقياً عن إعادة العراق إلى ما كان عليه، قبل ومنذ لحظة اندحار جيشه من التراب العراقي، لأن الذي حدث هو العكس، حيث استمرت على وتيرتها أنشطة العنف الدامية، وتعالت إلى الأعلى ألسنة الفتن بدعوى الفئوية والطائفية، حتى بدا العراق وكأنّه اعتاد رؤية الدم واشتمام رائحة البارود، والتي تنتشر إلى يومنا هذا، حيث قُتل آلاف الناس وهربوا في كل اتجاه.

مشاهد العنف والفوضى في الأنحاء لا تكاد تهدأ لحظة واحدة، والإدارة في واشنطن لا تكاد تفعل شيئاً ولا تريد أن تفعل، منذ الماضي وإلى الآن، على الرغم من تفاقم الأوضاع العسكرية، وانهيار الجيش العراقي أمام سيطرة ما يسمى، بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، على أجزاء كبيرة من المدن العراقية – محافظة نينوى -، ما حدا بإقدام جهات في أنحاء عراقية متفرقة بالسيطرة على مناطق مختلفة، وأخرى كانت خاضعة لاتفاقات حكومية خاصة، بحجة الدفاع عنها في مواجهة داعش الزاحفة، مثلما حصل وأقدمت البشمركة الكردية على فرض سيطرتها ولأول مرة، على منطقة كركوك، - المتنازع عليها بين العرب والأكراد - في سابقة خطيرة قد تمهّد الطريق أمام انفصالها عن المركز.

اضطر الرئيس الأمريكي "أوباما" إلى التفوّه – على استحياء- بضرورة القيام بعمل عسكري للحيلولة دون تفاقم الأوضاع القائمة، لكن واقعه يميل إلى الهروب تماماً أمام الأزمة، حتى هذه الأثناء على الأقل، بسبب أن أيّة تدخلات عسكريّة أمريكية تتوجب فقط، عند تهديد المصالح الحيوية والمرتبطة بالأمن القومي الأمريكي. وكان البيت الأبيض قد أكّد في أوقات سابقة، بأن التدخل العسكري غير وارد، وأن لا خطط متوقعة لديه برغم التمددات الدّاعشية داخل المدن العراقية، والتي تتم على حساب نظام الحكم الذي كابدت واشنطن في إنشاءه وداومت الحرص على دعمه واستمراره، خاصةً في ظل وجود قرابة 35 ألف جندي في منطقة الشرق الأوسط، ومن بينهم 10 آلاف داخل الكويت بمحاذاة الحدود، وليس هذا وحسب، بل أبدى معارضته لإرسال طائرات مُسيّرة للمساهمة دون تدهور الأوضاع، كما هو حاصل في مناطق متفرقة من العالم (أفغانستان، باكستان، الصومال، اليمن، ومناطق أخرى)، مكتفياً بالإعلان عن دعم الحكومة العراقية بمعدات وأسلحة عسكرية فقط، ما يُثير علامات تعجب واستفهام متعددة، مع العلم بأن هذه الأسلحة، ليست مرتبطة بالوضع العسكري القائم، وإنما بحسب اتفاقيات سابقة.

العراق اليوم، هو مسؤول بالدرجة الأولى من رئيس الوزراء القديم - الجديد "نوري المالكي" على الرغم من تواجده بين المطرقة المحلية والسندان الأمريكي، فكما كان محل اتهام لدى الكثيرين في الداخل بأنه يعمل على التمييز ضد السنّة واضطهادهم، وباتهام إدارته بأنها هي من أوصلت الأمور إلى هذا المنحنى الخطير، فهو لدى الأمريكيين – كما يبدو- شخصية لا تستوجب المساعدة.

على أيّ حال، وبغض النظر عن الموقف الأمريكي، وسواء بالنسبة للعراق ككل أو بالنسبة إلى "المالكي" على نحوٍ خاص، فإن العراق لا يحتاج إلى تدخلات عسكرية وسياسة أمريكية، بل هو في حاجة إلى أهله كافة (سنّة وشيعة، كرد وتركمان، وآخرين) كونهم وحدهم يستطيعون فكاك العراق من القرار الخارجي، والأخذ به عن أيّة صلةٍ بفكرٍ مُخالف، أو تصوّرات طائفية مقيتة، وإنقاذه ممّا يُحاق به من المكر.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، المالكي، داعش، إنتفاضة العشائر، الدولة الإسلامية بالعراق والشام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 13-06-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
إياد محمود حسين ، كريم فارق، عبد الرزاق قيراط ، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الله الفقير، إيمى الأشقر، المولدي الفرجاني، صالح النعامي ، محرر "بوابتي"، عراق المطيري، المولدي اليوسفي، أ.د. مصطفى رجب، خبَّاب بن مروان الحمد، سامح لطف الله، جاسم الرصيف، د - الضاوي خوالدية، بيلسان قيصر، عمار غيلوفي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فهمي شراب، محمد الياسين، محمد الطرابلسي، د- محمد رحال، سامر أبو رمان ، محمد علي العقربي، كريم السليتي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رافع القارصي، الهادي المثلوثي، منجي باكير، سلام الشماع، يحيي البوليني، محمد يحي، سعود السبعاني، عبد العزيز كحيل، د- جابر قميحة، أحمد ملحم، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد عمر غرس الله، د - المنجي الكعبي، د.محمد فتحي عبد العال، فتحي العابد، فوزي مسعود ، الهيثم زعفان، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمود طرشوبي، د. صلاح عودة الله ، د. طارق عبد الحليم، ضحى عبد الرحمن، تونسي، د. خالد الطراولي ، عواطف منصور، نادية سعد، د- هاني ابوالفتوح، محمود سلطان، حسن الطرابلسي، د. مصطفى يوسف اللداوي، مجدى داود، وائل بنجدو، مراد قميزة، محمد اسعد بيوض التميمي، مصطفي زهران، طلال قسومي، عمر غازي، محمد أحمد عزوز، ياسين أحمد، ماهر عدنان قنديل، د- محمود علي عريقات، عبد الغني مزوز، إسراء أبو رمان، علي الكاش، رشيد السيد أحمد، أبو سمية، عبد الله زيدان، حسن عثمان، سلوى المغربي، د. عبد الآله المالكي، سيد السباعي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، علي عبد العال، د - عادل رضا، فتحـي قاره بيبـان، صفاء العراقي، حاتم الصولي، أنس الشابي، أحمد الحباسي، طارق خفاجي، أشرف إبراهيم حجاج، د. أحمد محمد سليمان، سفيان عبد الكافي، صلاح المختار، صلاح الحريري، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - صالح المازقي، أحمد بوادي، رضا الدبّابي، د - مصطفى فهمي، خالد الجاف ، يزيد بن الحسين، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد شمام ، صفاء العربي، سليمان أحمد أبو ستة، رافد العزاوي، أحمد النعيمي، مصطفى منيغ، العادل السمعلي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رمضان حينوني، د. أحمد بشير، فتحي الزغل، حميدة الطيلوش، محمد العيادي، عزيز العرباوي، الناصر الرقيق، د - محمد بنيعيش، د - شاكر الحوكي ، صباح الموسوي ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز