الإسلام يُوحدنا والعصبيات والقوميات الجاهلية تُفرقنا
رحاب أسعد بيوض التميمي - الأردن
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4208
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
(ﻻ يأتيني الناس بأعمالهم وتأتونني بأنسابكم) عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهماـ قال((كنا في غزوة (بني المصطلق) فكسع(ضرب) رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري : يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين،فسمع ذاك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال:ما بال دعوى جاهلية؟، قالوا يا رسول الله: كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال دعوها فإنها منتنة،فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال:فعلوها؟،أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ،فبلغ النبي ـ صلى الله عليه وسلم-،فقام عمر فقال:يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق،فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم -: دَعْه،لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه).
فبنص الحديث كل من يدعو إلى عصبية أو قبلية أو جهوية فهو منافق,لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يُنكرعلى عمر موقفه من العصبيات التي كادت أن تشعل نار الفتنة بين المهاجرين والأنصار والتي تم إحياؤها في مجتمعاتنا في زماننا بأشكال مختلفة .
فعندما تم إحتلال فلسطين من قبل الصهيونية اليهودية العنصرية البغيضة،التي تفرق بين الناس حسب العرق والمنشأ حيث قامت الصليبية العالمية بنزع القلب(فلسطين)من جسد اﻷمة الإسلامية ووضعه في الخداج،وتقسيم الجسد الواحد إلى أردني وفلسطيني وسوري ولبناني وعراقي،حتى لحق التقسيم بلاد المغرب العربي،وتم تقسيم المُقسم الى شمالي وجنوبي ...،ضمن ما عرف ب(إتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا)هذه الإتفاقية الجهنمية الشيطانية التي لا زلنا نعيش تبعاتها الى يومنا هذا،والتي تم بموجبها تقزيم القضية الفلسطينية وتفريغها من بُعدها ومضمونها
الديني،وكأنها قضية خاصة لشعب إحتلت أرضه وليست قضية أمة إنتزعت منها روحها بالتعدي على مقدساتها بإعتبارها حاضنة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين(القدس)والتي هي جزء من عقيدة كل مسلم،بإشغال الناس بفتنة الانتصار للعرق والقومية،بدل الانتصار للعقيدة والدين،التي تنادي بتداعي الجسد بالسهر والحمى إذا اشتكى منه عضو،فكيف إذا تم التعدي على توأم مكة والمدينة وهي القدس والأرض المباركة.
وفعلاً وللأسف إستطاع اﻹستعمار بالتعاون مع عملائه الذين تم تجنيدهم تمزيق هذا الجسد وطعنه مرات ومرا ت من أجل إبقاء الجسد في حالة مرض,ونتيجة هذا المرض الطويل تعفن الجسد وبدأت تخرج منه رائحة(منتنة،عفنة)وهذه الرائحة هي رائحة التعصب للقومية وللدولة ثم للعشيرة ثم وصل التعصب الى العائلة ثم للأسرة,حتى أنسانا هذا التعصب ما يجمعنا وما يُوحدنا ويُوحد مشاعرنا ومصيرنا ويجعلنا كالجسد الواحد وهواﻹسلام،وليست القومية العربية ولا الهويات الوطنية التي صنعتها سا يكس بيكو ،لأن كل مسلم هو جزء من هذا الجسد حتى لو لم يتكلم العربية،وكل من ينسب نفسه للقوميات ويعتز بغيرالاسلام فهو خارج هذا الجسد حتى لو تكلم العربية,حتى ذهب البعض يستشهد بقوله تعالى
((الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ))] التوبة:97 [
وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يستشهدآ بالأية دون فهم معناها,متخذاً من الأية ذريعة لتفريغ عصبيته ولو قصد الكريم سبحانه باﻷعراب البدو،رعاة الغنم خاصة لعطل الله سبحانه ذهابه عليه الصلاة والسلام إلى البادية عند((حليمة السعدية)) كبقية أطفال السادة ليشتد عوده،ولما إشتغل عليه الصلاة والسلام وغيره من اﻷنبياء في رعي الغنم,ولما ورد ذكر البداوة في أكتر من موضع في القرأن الكريم مرتبطاً بنشأة اﻷنبياء كما جاء في قصة سيدنا يوسف
((وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)) ] يوسف:100 [
في قوله تعالى اذ جاء بكم من البدو,فيوسف النبي وأخوته اﻷنبياء جاءوا من البادية وإن كان خرج قبلهم منها،إذاً ليس المقصود باﻷعراب البدو بالذات,فاﻷعراب المقصودين بهذه اﻷية قديماً هم العرب الذين قست قلوبهم نتيجة حب الجاه والسلطان,وإعتبروا أن اﻹسلام جاء لينازعهم سيادتهم من خلال الدعوة الى عبادة الله وحده وإنهاء عهد العبودية بدعوته إلى تحرير العبيد،فشعروا وكأنه سيسلبهم ملكهم فوقفوا في وجهه لأنه يتعارض مع مصالحهم وأهوائهم،وإختاروا البقاء على عبادة اﻷصنام لأنها ﻻ تستطيع معارضة ما يطمحون إليه ،تماماً كما يحصل اﻷن عندما إستبدلوا عبادة اﻷصنام بعبادة اﻷشخاص،حرصاًعلى ما يطمحون إليه من النفوذ,وهؤلاء حالياً عدى عن الحكام ومن والهم ومن نافقهم ومن دعى إلى عبادة اﻷشخاص من دون الله ك(الناصريين وأصدقاء جيفارا ومن يدعون الى نصرة القومية العربية)تحدياً لله،وهؤلاء ﻻ تحكمهم جغرافيا وﻻ مكان مُتكاثرين في كل بلاد العرب والمسلمين،يسعون ليردوا الناس عن دينهم كما إرتدوا هم,فهؤلاء الذين وصفهم سبحانه وتعالى بأنهم أجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله،لأنهم حتى ولو علموها وعلموا ما تحمل من خير سيحاربوها إستكباراً وعناداً لأنها تتعارض مع مصالحهم كما نشاهد اﻷن بأم أعيننا من دعاة العلمانية،ممن ليس لهم هدف في الحياة إلا مُعادة الإسلام،فكل((عربي يدعي اﻹسلام يعرض عن حكم الله،ويدعوا الى قومية أوعصبية ويعيش بين المسلمين،ويُعلي القومية العربية على اﻹسلام))فهو اﻷعرابي المذموم،حتى لو حصل على أعلى الدرجات العلمية،وكل من((إستبدل عبادة اﻷصنام بعبادة اﻷشخاص))فهو أعرابي مذموم بغض النظر عن مكان إقامته،والدليل أنه ظهرت من تجاوزت قلوبهم في قساوتها قساوة الحجارة رغم المدنية والتحضر المادي،ممن يُروجون للعلمانية والقومية العربية ويحاربون ويصدون عن سبيل الله،ويبغونها عوجاً،ممن نراهم ونشاهدهم عبر وسائل النت والتلفاز ،ممن غلبوا أعراب الجاهلية الأولى بفُجرهم ثم تأتي اﻷية التي تتبعها لتزيل الغمام بتميز الفئة الصالحة عن الفئة الضالة من اﻷعراب حتى ﻻ يقع الناس في اللبس اﻹشكال وهذا ما يعززه قوله ((وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) ] التوبة:99 [
أولو كان الوﻻء للعشيرة والقومية لما نزلت أيات تتلى في حق أبي لهب عم الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة،ولما تبرأ سيدنا ابراهيم من والده بعد أن علم أنه عدو لله ،ولما ترك نوح إبنه يُواجه قدره.
لقد حقق اﻹنتصار للقومية،والعشائرية إنجازته البغيضة حينما عامل الانسان حسب هويته وإنتمائه،وحاصره في رزقه في بلاد المسلمين،وفرق بينه وبين أهل البلد بدعوى الأحقية وليست الجدارة(سواء في العمل أوتخفيف التكلفة أوجزء منها عن التعليم والترويج للوساطة بدعوى الولاء)وبعد ذلك تم إقحام العوام للنيل ممن يعتبرونهم دخيلين عليهم،حتى شعر الطرف الأخربأنه يُعاني من العنصرية،فإنعكست العنصرية على أرض الواقع فعلاً وردة فعل،وكأننا لسنا أصحاب قضية واحدة.
والخطر اﻷكبر أن يتم تفعيل دعوى الجاهلية هذه وبعثرة أوراقها عند الحاجة لتنشيط الحقد عند(العوام والرويبضة)حتى لو حملوا أعلى الشهادات,لتمريرما يريدوه السياسيون المجردون من الدين والخلق،كما حصل ويحصل في مصر الأن بإطلاق حملة إعلامية فضائية لتشويه الفلسطينين بالتعاون مع سلطة العدو،في صورة من أبشع ما يكون بإقحامهم فيما يحصل في مصر،بتصويرهم كأنهم سبب ما يجري في مصر من أحداث ,ليكرههم العوام،والسطحيين وينفروا من نصرة قضية فلسطين عند إختلاط اﻷوراق خدمة لليهود بإظهار أهل فلسطين أمام العالم بأنهم سبب المشاكل ويستحقون ما يُفعل بهم،وأن اليهود يتفضلوا عليهم.
الشاهد في الموضوع أن كل منا يقع عليه جزء من هذه المسؤلية حتى ﻻيقع في إثمها إقراراً أو رفضاً سواء في المساهمة في توسيع هذه الدائرة أو العمل على تضييقها حسب موقعه بالعمل على إقرارها بالكلام،وإحياءها في المجالس،أو حين يتم التعيين في الوظائف حسب المنشأ،وليس الكفائة،وحين يكون قبل السؤال عن الدين في الزواج،السؤال عن البلد التي ينتمي اليها فيكون الرفض والقبول حسب بلد المشأ،وللأسف أكثر ما يُزعج أن تصدرهذه العنصرية ممن يحملون الشهادات العلمية،يدعو ن ويروجون لها،ويبرهنون بسطحية أن التجربة اثبتت أن البلد الفلاني ﻻ يناسب أهله أو ﻻ يُصاحب أبنائه،مستشهدين بفشل بعض التجارب,موقعين فشل التجربة على سوء تربية هذه العائلة حتى لو تبرئت من أفعاله،ولأن الانسان العنصري ضيق اﻷفق ﻻ يستطيع أن يرى أبعد من نظره،نسينا أننا بطبيعتنا نقيس واقعة فاشلة قد تحصل بين أفراد الاسرة الواحدة عند إنصهارهم في النسب،على شعب بأكمله,وكأن كل من تصاهر مع أقربائه أو أبناء بلدته يعيش في سمن وعسل،وكأنه لم تقطع أرحام بين أبناء العائلة الواحدة بسبب النسب،وننسى وسط المعانة انه يحُرم أخذ أحد بجريرة أحد,فكيف بإلقاء التهمة على البلد ولو كانت هذه التهم حقيقية لما عانى أهل البلد الواحد أو العائلة الواحدة من أي فشل عند الزواج أو في نطاق العمل،وحلت المشاكل لكننا دائماً نحب أن نُصدر أي فشل على أقرب زاوية نرمي حملنا عليها.
إن الاسلام حرم العنصرية ولعنها ولعن من يوقظها،ومن يروج لها،لأنها تتناقض مع روح الاسلام الذي جعل التقوى هي ميزان التمايز بين المسلمين
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) ] الحجرات:13 [
أو صدق الرسول الكريم
((من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه ))
)) لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم ((
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: