البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تونس تتطهر

كاتب المقال فتحي العابد - تونس / إيطاليا    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5115


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


عُدت مبتهجا رغم مرارة الأحداث التي تأتينا تترى من مصر بعد أن اشتركت مع الآلاف من الرجال والنساء في مسيرة دعم الشرعية. عدت مع جملة من عاد من أمام الجامع الكبير بسوسة وأنا مطمئن على مستقبل تونس، لما رأيته من إصرار فئة كبيرة من الشعب التونسي على الإلتفاف حول بعضها البعض بغض النظر عن انتماآتهم الحزبية، وضرورة المواصلة في إنجاح المسار الحالي، والنحو نحو التهدئة بين مختلف فئات الشعب، وهذا راجع لخوفهم من إعادة سيناريو مصر في تونس لاقدر الله.

عرفت أن هؤلاء الشبان وكثيرون غيرهم لن يسكتوا بعد الآن على الظلم، ولن يتهاونوا في حماية وتحصين ثورتهم، ولن يهدأوا في وجه القمع البوليسي، ولن يتهاونوا في حقوقهم. سمعت منهم اعتراضات بأنهم قصّروا في محاسبة الحكومة الحالية، وأنهم أدركوا وإن متأخرين أن سكوتهم على بعض الأعمال التي أضرت بالبلاد، شجع بعض القوى الداخلية لإستمالة شريحة من المجتمع التونسي لتدافع عن جلادي الأمس.

أفرحني تمسكهم بالوحدة الوطنية، وحرصهم على إنجاح المرحلة الحالية بكل عيوبها وإيجابياتها، لأن أعداء الوطن في بيوتهم المكيفة يتفرجون، وهؤلاء الشباب في الساحات والشوارع في الحر وهم صائمون ينادون ويصيحون، أنه من عمل لتونس ومجدها فتونس حاضرة في المعانات والصدق والفضيلة، ومن عمل لحسابات شخصية أو حزبية، فالحسابات جاثمة في طيات مسالك الحياة الوضيعة..

فخروج هاته الجموع في الساحات والشوارع انتصارا لحقها لا يعني ضعف قوى الردة والظلام، بقدر ما يعني الأيمان الراسخ في نفوس المناضلين، والتحرر من أشكال السلطة القمعية، فالنضالات تجارب الشعوب، واختبار الحكام، ومحصلة ما يزرعه الحاكمون، فالعبيد قل ما يناضلون، ولا نصر لأمة حكامها متسلطون مستبدون، ولا هزيمة لشعب يحكمه أبناؤه، ويقرر له صفوته، وفي السلم لا حاكم ولا محكوم، وعند المساس بوحدة الوطن وهيبة البلاد كلهم متوحدون وعنه مدافعون، شرعهم الدستور وفيصلهم القانون وعنده متساوون.

الجموع المتظاهرة هنا أو في ميادين أخرى من مدن تونس ليست من نسيج مختلف أو من كوكب آخر. أين ذهبت اللغة الممسوخة والعبارات الهابطة والتعليقات التافهة التي أغرقتنا بها قنوات الإذاعة والتلفزة الرسمية على امتداد سنوات وسنوات، بحجة أن الشباب يريد هذا الإسفاف وهذه السفالات.. فجأة وقع اكتشاف أن هؤلاء الشباب خرجوا إلى الشوارع يريدون شيئا آخر، يريدون الإسلام، وقف التردي والإنهيار السياسي والثقافي والأخلاقي.

مرّت بي فترة طويلة وحزينة في الغرب، غلب عليها شعورالتشاؤم بمستقبل تونس. كان صعبا، أو مستحيلا، أن يحلم الشبان بمستقبل حر وواعد في وطنهم ويجمع كل التونسيين، وهم يسمعون كل يوم من وسائل الإعلام الحكومية روايات وتحقيقات تصورآباءهم، وأعمامهم وأفراد من عشيرتهم بأنهم تافهين في أحسن الأحوال، ومجرمين أو إرهابيين في معظم الأحوال.

كنت أسير معهم في المسيرة وكأني في حلم، هم كتلك الخيول التي تركض حلما بالحرية، أو كالنحل الذي لاينتظر علاوة أو تقديرا.. وعلى هذا النهج تستمر الحياة الراقية وتثمر السواعد العاتية وتزدهر النفوس بالحرية والطيبة، ليرتسم معنى المواطنة في أرجاء المجتمع.

عرفوا أن عناصر الفساد وخصوم الحرية لن يستسلموا قبل أن يسدّدوا لهم ضربات متلاحقة، بعد أن أثبت هؤلاء الشباب زيف اتهامهم بانتهاء صلاحيتهم. لن تهدأ قوى الظلام والحقد وإشعال النيران. حاولت الإنقلاب أكثر من مرة سواء بقتل جنود يؤدون الواجب الوطني أو سياسيين، وستحاول هاته القوى الإرهابية إعادة تونس إلى وداعة أو استسلام الشعب المقهور، والخائف والضائع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، مناصرة الشرعية، سوسة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-08-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  بيع الجمل ياعلي
  الهدهد واللقاء الأول
  البغولية
  ابني بدأ يكبر
  ثروة العقول
  حتى لا ننسى..
  الدعوشة إعاقة ذهنية
  الجدية قيمة مفقودة في تونس
  بومباي Pompei عبرة التاريخ
  معنوية النضال
  علاقة النهضة بمنزل حشاد
  حنبعل القائد العظيم
   زرادشتية حزب الله
  بناء الإنسان
  تجديد الفهم الديني
  منزل حشاد
  لطفي العبدلي مثال الإنحدار الأخلاقي
  النهضة بين الفاعل والمفعول به
  حركة النهضة بين شرعية الحكم ومشرعتها الشعبية
  التمرد على اللغة العربية في تونس
  قرية ساراشينسكو “Saracinesco” صفحة من الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيطالية
  هروب المغترب التونسي من واقعه
  سياسة إيران الإستفزازية
  محاصرة الدعاة والأئمة في تونس
  المعارضة الإنكشارية في تونس
  حجية الحج لوالديا هذا العام
  إعلام الغربان
  المسيرة المظفرة للمرأة التونسية عبر التاريخ
  رسالة إلى الشيخ راشد الغنوشي
  الدستور.. المستحيل ليس تونسيا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، كريم السليتي، حسن عثمان، عبد الله زيدان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سامر أبو رمان ، عمر غازي، ياسين أحمد، خبَّاب بن مروان الحمد، إيمى الأشقر، محمد يحي، علي الكاش، فتحي الزغل، سامح لطف الله، د - محمد بنيعيش، نادية سعد، عراق المطيري، عبد الله الفقير، سفيان عبد الكافي، بيلسان قيصر، فوزي مسعود ، يحيي البوليني، د. خالد الطراولي ، محمود سلطان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، يزيد بن الحسين، حاتم الصولي، صباح الموسوي ، ماهر عدنان قنديل، سلوى المغربي، طلال قسومي، د- جابر قميحة، د - المنجي الكعبي، رحاب اسعد بيوض التميمي، صفاء العربي، أحمد النعيمي، محمد شمام ، سيد السباعي، صلاح المختار، د - مصطفى فهمي، رمضان حينوني، طارق خفاجي، د - محمد بن موسى الشريف ، الهادي المثلوثي، رافد العزاوي، محمد الياسين، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، عزيز العرباوي، خالد الجاف ، د- هاني ابوالفتوح، د - الضاوي خوالدية، د. طارق عبد الحليم، د - شاكر الحوكي ، د - صالح المازقي، د. عبد الآله المالكي، أحمد الحباسي، عواطف منصور، محمود فاروق سيد شعبان، فتحي العابد، د- محمود علي عريقات، محمد العيادي، الناصر الرقيق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- محمد رحال، محمد أحمد عزوز، د. مصطفى يوسف اللداوي، فهمي شراب، رضا الدبّابي، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحـي قاره بيبـان، د. أحمد بشير، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمود طرشوبي، محمد علي العقربي، حميدة الطيلوش، مجدى داود، عمار غيلوفي، رافع القارصي، صفاء العراقي، كريم فارق، المولدي الفرجاني، علي عبد العال، د. أحمد محمد سليمان، العادل السمعلي، د - عادل رضا، إسراء أبو رمان، محمد عمر غرس الله، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الغني مزوز، مراد قميزة، مصطفى منيغ، سعود السبعاني، عبد العزيز كحيل، عبد الرزاق قيراط ، محرر "بوابتي"، أبو سمية، د. صلاح عودة الله ، محمد اسعد بيوض التميمي، سليمان أحمد أبو ستة، أشرف إبراهيم حجاج، تونسي، أحمد ملحم، المولدي اليوسفي، سلام الشماع، محمد الطرابلسي، صالح النعامي ، مصطفي زهران، حسن الطرابلسي، منجي باكير، الهيثم زعفان، أ.د. مصطفى رجب، وائل بنجدو، صلاح الحريري، أنس الشابي، أحمد بوادي، جاسم الرصيف، رشيد السيد أحمد،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز