الحديث بين أى أثنين ، بل وبين الأنسان ونفسه ليس إلا عن الهجوم الضارى الذى يشنه الصهاينة العنصريون على أهلنا فى غزة . جيش نظامى بطائراته ودباباته وصواريخه يحارب سكان مدنيين ، لا يفرق بين رجل وامرأة ، أو بين طفل وشيخ . ولا عجب فهؤلاء هم اليهود ، لا عهد لهم ولا ذمة ، وإن كنا مسلمين حقاً فعلينا أن نأخذ الدرس والعظة من قرآننا العظيم الذى يحدثنا كيف نقض اليهود غير مرة العهد مع رسولنا الكريم – صلوات الله عليه- لدرجة أنه أمر (بأذن من الله) يقطع نخيلهم وإحراقه ، وهو الذى كان – صلوات الله عليه- ينهى عن قطع الاشجار .
الغيظ ملأ صدرى من موقفين . الأول هو موقف رئيس السلطة الفلسطينية الذى يبدو وكأن الأمر لا يعنيه ، كأنه يشمت فى حماس ، كأن الذين يقتلون ليسوا فلسطينيون ، بل ويصف صواريخ المقاومة بأنها عبثية . هل هذا الرئيس يتخيل أن فلسطين انشطرت إلى قسمين ، فلسطين الشرقية وفلسطين الغربية مثلما حدث لالمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ، وهو قانع تماماً برئاسته لأحداها . رأيت هذا الرئيس على شاشة التليفزيون يرأس اجتماعاً ، مائدة الأجتماع كانت مكسوة بكسوة أنيقة ، وتقف عليها فى نظام بديع زجاجات المياه المعدنية ، والمجتمعون فى أبهى حللهم ، وربط العنق تزين صدورهم وكأنهم فى حفل أو مناسبة سعيدة . حتى من يتحدث من هؤلاء فى القنوات الفضائية تجدهم مهندمين ، غاية فى الأناقة ، وكلامهم بلا حرارة .
أقول لهؤلاء المهندمين المتأنقين أنه حين اجتاح الالمان الأراضى السوفيتية إبان حكم جوزيف ستالين كنت ترى الشعب ورئيسه بلا أناقة ولا هندمة ، وبلا ربط عنق ، وظلوا كذلك بعد انتهاء الحرب العالمية والانتصار لفترة طويلة . الشعب كله ورئيسه كانوا فى حداد يدل عليه عدم تأنقهم ، فلا وقت لديهم للتأنق والهندمة . ولكن عباس ورفاقه مشغولون بالتأنق وباختيار ربط العنق . هل يحسبون انه أذا تمكنت أسرائيل – ولن تتمكن بأذن الله- من القضاء على المقاومة الحماسية أن الدور لن يأتى عليهم ! ألا يتذكرون قصة الأسد والبقرات ، هل يحسبون أن لليهود عهوداً .
الموقف الثانى هو موقف المتظاهرين فى بعض البلاد العربية الذين يكيلون الشتائم والسباب لمصر ، فى الوقت الذى لم نسمع فيه كلمة واحدة تدين رئيس السلطة الفلسطنية الشرقية أو احدا من رفاقه المهندمين والمتأنقين . ولم نسمع كلمة تدين أى بلد عربى آخر كما تدان مصر ، وكأن مصر هى المعتدية على غزة .
نعم ... هى الشقيقة الكبرى ، وللعرب أن يعيشوا ويطمعوا فى عطفها وكرمها كما عودتهم دائما ، رغم ما يلاقيه مواطنوها لديهم من ازدراء وأعتقال وجلد . ولكن هل يستساغ ان يستغيث أحد بجار له بالسب والقذف ، بل وينتهك حرمة بيته يعربد ويدمر مثلما حدث فى الاعتداء على قنصليتنا بدولة عربية . هل إذا تبطأ الجار فى تقديم العون – لعذر- يكون جزاؤه الرجم . جيش مصر وفدائيوها كانوا أول من دخل فلسطين عام 1948 لتأديب اليهود والمحافظة على عروبة فلسطين وعلى شرف العرب . وخاضت مصر منذ ذلك التاريخ معارك وحروباً كبدتها – فوق طاقتها- أرواحاً ومالاً وجهداً. وتاريخ مصر يشهد بنصاعة بأنها هى التى أدبت التتار والصليبين ، ويشهد بمؤازرتها للثورات فى بعض أرجاء الوطن العربى . مصر هى قدوة العرب فى كل مناحى الحياة فيما يستحسن من الامور وحتى فيما يستهجن منها .
فهل إذا وعكت مصر يجهز عليها بدلا من تطبيبها . ومع ذلك ورغم الظروف القاسية التى تمر بها مصر ، فهى مازالت معطاءة ، كريمة ، تجود فى السر باضعاف ما تجود به فى العلن .
وما بال الدول العربية الأخرى المجاورة وغير المجاورة ، ألم تبلغ بعد سن الرشد والتكليف ليطالبه المتظهرون بما يطالبون به مصر ، ام أنهم هناك فقراء معدومون ليس لديهم ما يقدمونه ، أم أن ما يعوز شعوبهم محرم على ما يعوز الجار الملهوف .
تعقلوا أيها الناس ... وارفقوا بمصر ... واحذروا الوقيعة التى تتغياها اسرائيل . دعاؤنا للمقاومة فى غزة ، ولا تحسبوا العدوان شرا لكم ، هو خير والنصر آت بأذن الله .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: