هكذا ساعد تويتر الحكومة الصينية على تعزيز تطهير المسلمين
ريان غالاغر المشاهدات: 1953
ساهم موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، في الترويج لدعاية الحكومة الصينية المضللة حول معسكرات الاعتقال المثيرة للجدل في البلاد وتحديدا في منطقة شينجيانغ، وذلك وفقا لما كشفت عنه مراجعة أجريت لسجلات الدعاية الخاصة بالشركة. وبناء على ذلك، أعلنت شركة التواصل الاجتماعي اليوم عن إجرائها تغييرا في السياسة من شأنه أن يمنع هذا الترويج عقب استفسار قدمه موقع "الإنترسبت" حول الدعاية المتعلقة بالمظاهرات في هونغ كونغ.
في شينجيانغ، المقاطعة الغربية الواقعة في الصين، قدرت الأمم المتحدة أن مليون شخص من الأقلية العرقية الإيغور، بمن فيهم الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن والأشخاص ذوو الإعاقة، تم احتجازهم بذريعة محاربة التطرف. ووفقا لهيومن رايتس ووتش، فإن السلطات الصينية "ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان في شينجيانغ بشكل سري منذ عقود".
بالإضافة إلى ذلك، أظهر استعراض لإعلانات تويتر خلال الفترة الممتدة بين حزيران/ يونيو وآب/ أغسطس من هذه السنة، أن الموقع روج لأكثر من 50 تغريدة باللغة الإنجليزية من جلوبال تايمز، وهي مؤسسة إعلامية حكومية صينية. والجدير بالذكر أن العديد من التغريدات تعمد لإخفاء الحقيقة حول الوضع في شينجيانغ وتهاجم منتقدي نظام الحزب الشيوعي الحاكم في البلاد.
في الواقع، قدمت "جلوبال تايمز" مبالغ مالية لتويتر من أجل الترويج لتغريداتها لأكثر من 300 مليون مستخدم نشط على منصة التواصل الاجتماعي. وعموما، ظهرت التغريدات ضمن جداول زمنية معينة، بغض النظر عما إذا كانوا يتابعون حساب جلوبال تايمز. وفي تموز/ يوليو، وسط إدانة عالمية لمعاملة الإيغور في شينجيانغ، بدأ تويتر بالترويج للعديد من التغريدات من موقع جلوبال تايمز حول المنطقة.
في الواقع، تضمنت إحدى التغريدات التي تم الترويج لها، بداية من 11 تموز/ يوليو، فيديو مدمجا ادعى فيه رئيس تحرير جلوبال تايمز أن الأشخاص الذين يصفون المنشآت في شينجيانغ باسم "معسكرات الاعتقال الجماعي أساؤوا لسمعة مراكز التعليم والتدريب المهني". وأضاف رئيس التحرير أن هذه المنشآت تأسست "لمساعدة الناس على تجنب التطرف". كما هاجم السياسيين الأوروبيين والعاملين في مجال الإعلام، الذي ادعى أنهم "يحاولون الدفاع عن الأنشطة الإرهابية في شينجيانغ"، مضيفًا أن أيديهم "ملطخة بدماء الشعب الصيني الذي قتلوا خلال الهجمات العنيفة".
تضمّنت تغريدة أخرى تم الترويج إليها، بداية من الرابع من تموز/ يوليو، مقطع فيديو يُزعم أنه أُجري في شينجيانغ، يصور الناس وهم يتسوقون في الشارع ويأكلون في المطاعم ويستمعون لموسيقى البيانو. ويشير الفيديو إلى أن أعمال الشغب التي وقعت تعود لسنة 2009 في أورومتشي، عاصمة شينجيانغ. ويُذكر أن السكان هناك "يعيشون الآن حياة سعيدة وسلمية" لأنهم يعملون سوية لمحاربة الإرهاب والتطرف. كما لم يتطرق الفيديو البتة لمعسكرات الاعتقال الجماعي.
في شأن ذي صلة، تغطي إعلانات جلوبال تايمز الأخرى التي يروج لها تويتر مواضيع مشابهة، حيث تُقدم المنطقة كمكان سعيد وسلمي لا تقع فيه انتهاكات لحقوق الإنسان. وتتضمن إحدى التغريدات التي تم الترويج إليها، فيديو لامرأة مسنة تتلقى حزمة من الإمدادات الطبية من المسؤولين الحكوميين قبل أن تنهمر من عينيها دموع الفرح.
علاوة على ذلك، تزعم التغريدة أن نسبة الفقر تراجعت في المنطقة نظرا لأن السكان المحليين "يحصلون على رعاية طبية عالية الجودة وأدوية بتكلفة منخفضة". وفي هذا الصدد، قال باتريك بون، الباحث الصيني في منظمة العفو الدولية، إنه وجد أن ترويج تويتر للإعلانات أمر "مروع". وأضاف بون أن "هذه مسألة تعد مهمة للغاية وجدية وينبغي على شركة تويتر معالجتها. وفي الحقيقة، يساعد تويتر على الترويج لمزاعم كاذبة ودعاية حكومية، حيث يشكل السماح بمثل هذه الإعلانات سابقة تثير القلق".
في يوم الاثنين، صرح تويتر أنه لم يعد يقبل نشر الإعلانات المتأتية من وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة، من أجل "حماية الحوار السليم والمحادثة المفتوحة". وتجدر الإشارة إلى أن الإعلان نشر بعد ثلاث ساعات من اتصال موقع "الإنترسبت" بالشركة للتعليق على ترويجها لتغريدات جلوبال تايمز حول شينجيانغ. وفي وقت سابق من يوم الاثنين، سلط موقع "تك كرانش" الضوء على ترويج تويتر للتغريدات من هيئة أخبار حكومية مختلفة، وهي "شاينا نيوز"، التي صورت المظاهرات السلمية المؤيدة للديمقراطية إلى حد كبير في هونغ كونغ على أنها عنيفة.
بدا أن ترويج تويتر للدعاية الحكومية الصينية يتناقض مع سياساتها الخاصة، التي تنص على أن الإعلان على المنصة يجب أن يكون "صادقًا". كما قوضت الإعلانات تصريحات الرئيس التنفيذي لموقع توتير، جاك دورسي الذي أخبر لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ العام الماضي أن الشركة تعمل على مكافحة "الدعاية من خلال البوت والتنسيق الإنساني [و] حملات التضليل".
على غرار العديد من شركات التكنولوجيا الغربية، تتمتع شركة تويتر بعلاقة معقدة مع الصين، إذ تُحظر منصات التواصل الاجتماعي في البلاد ويصبح لا يمكن الوصول إليها دون استخدام تقنيات التحايل على الرقابة، مثل شبكة خاصة افتراضية أو خدمة وكيل. وفي الوقت نفسه، يدر تويتر بمبالغ طائلة من عائدات الإعلانات في الصين فضلا عن تنامي وجوده في البلاد.
في تموز/ يوليو، ذكر مدير شركة تويتر في الصين أن فريق الشركة تضاعف ثلاث مرات خلال السنة الماضية، وكان أسرع أقسام الشركة نموا. وفي شهر أيار/ مايو، عقدت شركة التواصل الاجتماعي العملاقة مؤتمر "تويتر للمسوقين" في بكين. وفي الأثناء، اتُّهم موقع تويتر بتطهير حسابات المنشقين الصينيين على المنصة. في المقابل، اعتبر القائمون على الموقع أن ذلك كان مجرد خطأ. علاوة على ذلك، أطلق الفنان الصيني، باديوكاو، حملة عبّر خلالها عن احتجاجه بعد أن رفض نشر رمز "هاش فلاغ" للاحتفال بالذكرى الثلاثين لمذبحة ميدان تيانانمن.
في هذا الصدد، قال بون إن الشرطة في الصين استهدفت بشكل متزايد المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد الذين ينشطون على التويتر خلال السنوات الأخيرة، مما أجبرهم على حذف حساباتهم أو إزالة منشورات محددة تنتقد الحكومة. والجدير بالذكر أنه تم الإبلاغ عن هذه الحالات على تويتر، لكن الشركة لم تتخذ أي إجراء يُذكر. وأضاف بون قائلا: "لقد سمح تويتر للحكومة الصينية بالإعلان عن دعايتها بينما التزموا الصمت عندما تعلّق الأمر بأولئك الذين اضطهدهم النظام الصيني. لذلك، نحن بحاجة إلى أن نستمع إلى تبرير الشركة حول هذا الأمر".
-------------
ريان غالاغر
صحفي استقصائي اسكتلندي
ترجمة وتحرير نون بوست
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: