البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الواقعية أفضل من الأمل الكاذب

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 3599



أسبوع لا يخلو من توجس. حرب أخرى محتملة في الخليج. دول الحصار تمنح قطر 48 ساعة للاستسلام. مؤشرات الحرب أكثر من مؤشرات التهدئة. ماكين مطمئن إلى سلامة القاعدة في قطر كأنه يأذن بالحرب كما أذنت السفيرة إياها لصدام ليدخل الكويت. العقلاء يقولون إنها حرب ليس فيها رابح. والساخرون يتحدثون عن ركلات الترجيح بعد المهلة وبعضهم مغرم بالحارس القطري الذي سيفوز بالكأس فالمهاجمون تورطوا في لعبة أكبر منهم.

المولعون بالتحليل الإجمالي والذين يزعمون التخصص في قراءة مآلات الربيع العربي يرون أن قطر خرجت بعد من الأزمة ولا يقفون هناك بل يذهبون إلى أن خط قطر السياسي الذي نجد فيه تركيا والإخوان المسلمين سيقود ثورة مضادة للثورة المضادة ويرون العسكري المصري منهارا وسيلقي أسلحته ويخضع للديمقراطية. بينما ينتظر الخط الآخر وله محللوه الإجماليون أيضا والذي يقوده الإماراتي والسعودي والعسكري المصري على أهبة الاستعداد للحسم والقضاء على خرافة الربيع العربي التي جعلت دويلة صغيرة مثل قطر ترفع رأسها في وجه الأخ الأكبر المتحكم في الاعتدال. ولكن ما مدى واقعية هذه التحاليل التي تقف متواجهة باختلاف 180 درجة من العناد المكابرة واحتقار الشعوب. إني أرى مرحلة من التوجس والخوف والعجز دون الموقف القومي الذي صار الآن يوطوبيا أو حلم أطفال طيبين.

لا حرب حول مصادر الطاقة

اعتبر أن هذا معطى مهم يجب دوما أخذه بعين الاعتبار فالطاقات البديلة بما في ذلك الاحتياطي الأمريكي من غاز الشيست والمدخر من النفط لا يغني عن تجديد الاحتياط والتزود الدائم فضلا عن قوى أخرى تعيش بالطاقة الخليجية (غاز قطر ونفط السعودية والكويت العراق الذي يمر من مضيق هرمز) كالصين مثلا. والمحتاجون للطاقة عملوا دوما على تأمين مساراتها من المنبع إلى الموئل لذلك هم أكثر من يعرف أن حربا بذلك المربع الضيق لن تسمح بخروج آمن للطاقة. ولهذا السبب بالذات لن يسمحوا بالحرب وسيخطئ من يحلل بأن القرار السياسي وقرار الحرب بيد الدول التي تشن الحصار على قطر.

ربما ود الأمريكي أن تحترق المنطقة ويفنى فيها البشر والحجر ويبقى له النفط ولكن دون ذلك حرب لا يريدها ولذلك سيعمل رغم طرمب المغامر على منعها.

فضلا عن ذلك فإن مغامرة الحرب في العراق كشفت للأميركي خطر إيران التي لم تخض الحرب ولكنها غنمت العراق بلا ثمن وهي تستولي على الأرض في سوريا دون دفع جندي واحد من جنودها. وهو لا يضمن أن لا يأتي الإيراني مرة أخرى لجمع فيء حرب أخرى يترقب اندلاعها ويعرف كيف يحمي حدوده. وعندما يبدأ المتحاربون في حساب الخسائر يكون هو بصدد فرك أصابعه وحساب المرابيح. منذ ربع قرن خاض الأمريكيون حروبا في المنطقة مباشرة أو بالوكالة ولكن غنائم إيران منها كانت أكثر. فهل ستغيب عنه لعبة الشطرنج مرة أخرى ويحرض حربا بين حلفائه فيُخْسِرهم ويَخْسَرهم؟

ولكن عدم وقوع الحرب لا يعني أن دول الخليج ستعود كما كانت لقد انشطرت وتشظت ولن يقوم لها قائمة. وجل وتوجس وخوف وكثير من شماتة فقراء العرب في أغنيائهم الذين يبددون ثروات رهيبة فيما تقبع أقطار الأمة في الفقر والخصاصة.

العسكري المصري مستقر في التردي

احتفل العسكري المصري بأربع سنوات على المجزرة الديمقراطية وهو سعيد بتفكك الصف الوطني الذي واجهه. ويرى أمامه سنوات استقرار قادمة فالجمهور الواسع فقد الأمل فالدعوة النخبوية التي أطلقتها قوى تزعم الديمقراطية لرفض بيع الجزيرتين لم تحرض الشارع في قضايا السيادة هي قضايا نخبوية. والشارع مضطهد في قوت يومه. وقد عرف العسكري كيف يجوعه ويقطع رجاءه في حياة أفضل ولو بعد حين وهذا أسلوب العسكر حيث ما حكموا. التجويع والترويع ومحق الأمل. والشعب المصري الآن هناك عاجز ومقهور من العسكر ومن النخب التي قاولت مع العسكر وقبضت الريح. إنه شرخ غير قابل للرتق. لقد أفلح العسكر في فصل الشارع عن النخب والذنب ليس ذنب الشارع ولكن العسكري يعرف أين يوجه ضرباته. وقد أفلح، لذلك يكتفي المظلومون بالدعاء.

لقد لمعت رسالة الإخوان المسلمين التقييمية في هذه الظلام فالخطايا الإجمالية الأربعة التي أقروا بها والتي تضم ملايين الأخطاء الصغيرة التنفيذية ليست كافية كقاعدة لشراكة وطنية قادمة لأن هناك معضلة لم تحل في الشارع العربي عامة وهي معضلة لقاء التيارات الإسلامية وبغيرها. الإسلاميون مرفوضون ولو خرجوا من جلودهم ولن يقبلوا كطرف سياسي وطني في مصر أو في غيرها. والعسكري يعرف ذلك إلى حد أنه لم يعد يمنح رشى من أي نوع لأية جهة في الداخل. كثيرون يريدون قواعد الإخوان (التيارات الإسلامية عامة) أصواتا في صناديق رقيهم الانتخابي ولكن أن يصبح هؤلاء شركاء فلا.

مصر المعسكرة خرجت من معادلة الثورة العربية لسنوات طويلة أخرى وقد عرفت كيف تسند نفسها بعدوها فلا يهتز لها جفن، وأمام الشارع المصري طريق طويلة ليصعد ربوة الديمقراطية من جديد ولن يقدم خصوم الإخوان نقدا ذاتيا أبدا. ففضلة العسكر أفضل من مائدة الإخوان. مصر بلد يحبط أمة بعد أن كان يقودها وإذا وضع قوته العسكرية في حرب خليجية أخرى وهو يعرض خدماته مقابل إنقاذ اقتصادي آخر فسيكون أمامه ربيع عسكري جميل وسيكون أمام القائلين بمصر القائدة صبر طويل وإحباط أطول.

بتغني لمين يا حمام؟

كاتب المقال لا يؤمن بالمعجزات. فقد غادر سريعا مقعد قراء الخرافة. لذلك فإنه لا ينتظر أن يقفز عسكري وطني من داخل جيش المعونة على المارشال المزيف ليحرر مصر من قبضته كما لا ينتظر ثورة داخل البيت السعودي تعيد تصحيح مسار العائلة وإرجاعها إلى صواب الأمة (في الحقيقة هل لهذه الأمة صواب يحتكم إليه منذ ستين عاما؟). معطيات الميدان الآن ضد الربيع العربي. و قناة الجزيرة طائر يغرد وحيدا فوق شجرة جرداء.

أما النخب الموكول إليها نظريا قيادة الشارع فباعت لمن اشترى وسعت وراء مكاسبها الفردية. أما الشارع الثائر منذ ديسمبر التونسي سنة 2010 فقد رتب قناعاته على أنه يعجز بنفسه ويعجز بنخبه أو تعجزه نخبه ولن يخرج للرصاص ثانية مقابل أن تضحك عليه التلفزة وهو بائت في عراء الشوارع العربية.

هل من جملة متفائلة وراء هذه اللوحة السوداء؟

بودي أن أجدها لأستمر في الكتابة لكني تعلمت درسا جيدا وهو الأمل الوحيد في المشهد. هذا الجيل جيلي يجب أن يتوقف عن صناعة الانتصارات الموهومة ويترك الشارع المقهور ليعيد تشكيل وعيه. فالواقعية الشعبية الفجة أفضل من آمال النخب الكاذبة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

قطر، الإمارات العربية المتحدة، حصار قطر، محمد بن زايد، محمد بن سلمان، السعودية، آل سعود،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-07-2017   موقع: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حسني إبراهيم عبد العظيم، د. خالد الطراولي ، ماهر عدنان قنديل، مصطفى منيغ، محمد العيادي، د - المنجي الكعبي، الناصر الرقيق، فتحي العابد، رمضان حينوني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سعود السبعاني، محرر "بوابتي"، جاسم الرصيف، الهيثم زعفان، محمد عمر غرس الله، د - محمد بنيعيش، رافع القارصي، منجي باكير، صالح النعامي ، فهمي شراب، كريم فارق، عمر غازي، د. أحمد بشير، د. طارق عبد الحليم، محمد الطرابلسي، ضحى عبد الرحمن، ياسين أحمد، صباح الموسوي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، نادية سعد، العادل السمعلي، محمود فاروق سيد شعبان، رافد العزاوي، عبد الله الفقير، أحمد الحباسي، حميدة الطيلوش، الهادي المثلوثي، أشرف إبراهيم حجاج، مصطفي زهران، محمد اسعد بيوض التميمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، علي عبد العال، المولدي اليوسفي، عبد الغني مزوز، حسن الطرابلسي، يحيي البوليني، فتحي الزغل، عواطف منصور، كريم السليتي، تونسي، حاتم الصولي، رحاب اسعد بيوض التميمي، مجدى داود، د- هاني ابوالفتوح، أ.د. مصطفى رجب، فتحـي قاره بيبـان، د- محمد رحال، صلاح الحريري، أحمد بوادي، عمار غيلوفي، د- محمود علي عريقات، طارق خفاجي، د - مصطفى فهمي، إياد محمود حسين ، خبَّاب بن مروان الحمد، وائل بنجدو، د - الضاوي خوالدية، محمود سلطان، د - صالح المازقي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد الياسين، أحمد ملحم، سفيان عبد الكافي، حسن عثمان، د. عبد الآله المالكي، بيلسان قيصر، سلوى المغربي، محمد شمام ، د.محمد فتحي عبد العال، إسراء أبو رمان، د. صلاح عودة الله ، طلال قسومي، يزيد بن الحسين، أنس الشابي، عبد الرزاق قيراط ، عبد العزيز كحيل، محمود طرشوبي، المولدي الفرجاني، صفاء العراقي، د- جابر قميحة، د - شاكر الحوكي ، أحمد النعيمي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد أحمد عزوز، عزيز العرباوي، سامر أبو رمان ، خالد الجاف ، د - عادل رضا، عراق المطيري، د - محمد بن موسى الشريف ، صلاح المختار، رشيد السيد أحمد، فوزي مسعود ، د. عادل محمد عايش الأسطل، مراد قميزة، صفاء العربي، عبد الله زيدان، علي الكاش، سلام الشماع، رضا الدبّابي، محمد علي العقربي، سامح لطف الله، أبو سمية، سيد السباعي، محمد يحي، د. أحمد محمد سليمان، إيمى الأشقر،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز