البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

قطر وفشل الحصار والمحاصرين

كاتب المقال محمد هنيد - تونس   
 المشاهدات: 3550



رغم استماته الإعلام الرسمي الخليجي في رفض توصيف الإجراءات الأخيرة ضد دولة قطر بأنه حصار وإصرارهم على أنها مسألة مقاطعة فحسب فإن كل الدلائل والتصريحات الرسمية السعودية تؤكد أن الفعل حصار في شهر رمضان. فقد صرّح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير من الولايات المتحدة بأن السعودية مستعدة لتلبية كل الحاجيات الغذائية التي تحتاجها قطر وهو اعتراف رسمي بأن العملية حصار ممنهج ومدروس.

ليس مدار الحديث هنا عن الحدود الأخلاقية للعملية التي تمت في الشهر الحرام من أجل تركيع القرار القطري ونزع السيادة عن دولة عضو مؤسس لمجلس التعاون الخليجي. بل مدار الحديث هنا عن رفض المحاصرين الاعتراف بحصارهم الذي لا تخطئه العين. صحيح أن السحر انقلب على الساحر وصحيح أيضا أن مشروع الهجمة على قطر قد سقط في الماء بسبب ردود الفعل غير المتوقعة من طرف الرأي العام العربي والخليجي بشكل خاص وأساسا من داخل الدول التي خططت للحصار ونفذته.

لكن نعتقد جازمين أن استهداف قطر ليس سوى المرحلة الأولى في مسلسل طويل يستهدف المنطقة العربية والخليج العربي بشكل خاص. نقول ذلك لأن السياق السياسي والدبلوماسي الذي تنزل فيه الحملة الأخيرة ضد قطر ليس سياقا عربيا عربيا ولا سياقا ثنائيا بقدر ما هو جزء من مشهد كامل هو بصدد التشكل داخل المنطقة.

في وسط هذا المشهد تتمركز القمة الأمريكية العربية التي انعقدت في الرياض وحضرها عراب المشهد الجديد دونالد ترمب. فليس من الصعب ولا من معجزات التحليل الربط المباشر بين الزيارة الأمريكية وبين الحصار الذي ضرب على قطر مباشرة بعد الزيارة "المشؤومة".

ثم من ناحية أخرى تتنزل الزيارة الأمريكية في سياق حساس لا تمثل المليارات التي دفعت فيها إلا رأس جبل الجديد الذي ستشكل مياهه مستقبل المنطقة العربية من جديد. فالانقلابات العسكرية على ثورات الشعوب التي أتمت دورتها كاملة اليوم تمثل انتصارا دمويا حاسما لقوى الثورة المضادة في مواجهة الربيع العربي ومطالبه بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

بناء عليه ووعيا من قوى الاستبداد العربي بأنه تمت تصفية المكاسب الثورية الأولى فإن نفس هذه القوى تقوم اليوم بتصفية الإرث المتبقي من ثورات الربيع باستهداف مركز القوى والوعي التي لا تزال ترفض التخندق ضد الثورات وضد مكاسبها ولو كانت هذه المكاسب مكاسب رمزية مثل حرية التعبير أو حرية الحركة والتنقل أو حتى حرية التعاطف.

المشروع الكبير إذن هو إعادة رسم المنطقة العربية بشكل يعيد مكونات الاستبداد العربي ومفاصله المركزية إلى مكانها الذي كانت عليه قبل الانفجار التونسي الكبير في تونس لكن بشروط تحصنه من الهزات القادمة. أي أن النظام العالمي يسعى إلى ترميم منظومة الاستبداد العربية مع إضافة مكون جديد يمنع تجدد شروط الربيع العربي وفعل الثورات المصاحبة له من أجل تحصينه من السقوط.

في هذا السياق العام تتنزل حرب الحصار الأخيرة التي شنّت ضد دولة قطر وفي هذا الاطار أيضا يتنزل الانقلاب التركي الفاشل خلال الصيف الماضي باعتبار أن الهدف من العملتين واحد وهو تطويع الدول التي ترفض الاعتراف بتصفية ثورات الشعوب والارث الناسل عن هذه الثورات. لكن ما له يكن متوقعا هو الفشل الذريع الذي مني به مشروع تصفية إرث الربيع العربي سواء بعد فشل الانقلاب التركي من ناحية وفشل إعادة منظومة الاستبداد كاملة وكذلك فشل الحصار على القوى التي ترفض الاعتراف بالانقلابات.

هذا الفشل الكبير ليس فقط نصرا لدولة قطر وللقوى المتحالفة معها وعلى رأسها الجماهير التي آمنت بثورات الربيع العربي وبالقدرة على التخلص من الإرث الثقيل للاستبداد العربي بل هو قبل كل شيء نصر لإرادة التغيير داخل الأمة العربية والمسلمة وهي الارادة التي لا تزال تدفع عنها ثقافة الموت والقبول بالموت تحت أحذية الطغيان العربي.

سقوط حصار رمضان درس جليل في تغير الوعي العربي وفي بداية انكفاء الوعي القديم الذي كان حارسا لمنظومة الاستبداد العربية طيلة عقود من الزمان. لكنه من ناحية أخرى مؤشر بارز على اتساع الشرخ العربي الذي طال منطقة كنا نعتبرها الجزء الأسلم من المنطقة العربية وهي منطقة الخليج العربي ودول مجلس التعاون الخليجي.

إن أهم الخلاصات التي يجب الوقوف عندها بعد الأزمة الخليجية الأخيرة إنما تتمثل أساسا في الوعي بأن إعادة ترميم النظام الاستبدادي العربي أمر مستحيل إجرائيا. كما أن الاعتقاد بقدرة المؤسسات العربية الإقليمية مثل جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي على الصمود في وجه المتغيرات السريعة التي تعصف بالمنطقة لا يمثل اليوم إلا تعميقا لمأساة الأمة التي تتهددها المخاطر من كل صوب.

إن فشل حصار قطر تعبير صارخ على أن الوضع العربي اليوم هو غير الوضع الذي كان قبل ثورات الربيع وأن مصير كل محاولة لإلغاء هذا الفعل الجماهيري العظيم مآلها الفشل والفشل الذريع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

قطر، السعودية، آل سعود، الإمارات العربية، الثورة المضادة، حصار قطر،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-06-2017   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
تونسي، نادية سعد، فهمي شراب، مراد قميزة، عزيز العرباوي، المولدي الفرجاني، أنس الشابي، طلال قسومي، صلاح الحريري، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رشيد السيد أحمد، محمد عمر غرس الله، حاتم الصولي، صفاء العراقي، جاسم الرصيف، يزيد بن الحسين، د. صلاح عودة الله ، سلام الشماع، عبد الله الفقير، سعود السبعاني، مجدى داود، عراق المطيري، حسني إبراهيم عبد العظيم، رافع القارصي، ضحى عبد الرحمن، طارق خفاجي، سامر أبو رمان ، وائل بنجدو، ياسين أحمد، خبَّاب بن مروان الحمد، د.محمد فتحي عبد العال، محمد اسعد بيوض التميمي، د- محمد رحال، كريم فارق، عبد الله زيدان، علي عبد العال، مصطفى منيغ، خالد الجاف ، علي الكاش، فتحـي قاره بيبـان، مصطفي زهران، العادل السمعلي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، بيلسان قيصر، عبد الغني مزوز، د. خالد الطراولي ، محمد شمام ، محمود فاروق سيد شعبان، د - المنجي الكعبي، د. طارق عبد الحليم، د. مصطفى يوسف اللداوي، فوزي مسعود ، عمار غيلوفي، سامح لطف الله، أحمد بوادي، د. عبد الآله المالكي، د - صالح المازقي، د- هاني ابوالفتوح، أحمد النعيمي، محمد الطرابلسي، د - شاكر الحوكي ، محمد الياسين، رمضان حينوني، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- محمود علي عريقات، رافد العزاوي، أحمد ملحم، د. أحمد محمد سليمان، د- جابر قميحة، محمود طرشوبي، محمد العيادي، محمد يحي، المولدي اليوسفي، حسن الطرابلسي، عواطف منصور، إسراء أبو رمان، أ.د. مصطفى رجب، صلاح المختار، محمد أحمد عزوز، الهادي المثلوثي، إيمى الأشقر، حميدة الطيلوش، د. أحمد بشير، سيد السباعي، د - الضاوي خوالدية، عبد العزيز كحيل، فتحي العابد، أحمد بن عبد المحسن العساف ، يحيي البوليني، د - محمد بن موسى الشريف ، ماهر عدنان قنديل، د - محمد بنيعيش، أبو سمية، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد الحباسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، كريم السليتي، أشرف إبراهيم حجاج، سلوى المغربي، رضا الدبّابي، الناصر الرقيق، محمود سلطان، عمر غازي، إياد محمود حسين ، د - عادل رضا، سفيان عبد الكافي، صباح الموسوي ، حسن عثمان، د - مصطفى فهمي، محرر "بوابتي"، الهيثم زعفان، محمد علي العقربي، صفاء العربي، صالح النعامي ، منجي باكير، فتحي الزغل، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الرزاق قيراط ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز