ايمن الهلالي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3564
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يقول الأصمعي دخلت البادية ، فإذا بعجوز بين يديها شاةٌ مقتولة وعليها آثار افتراس وبجانبها جرو ذئب ٍ مُقع ٍ ( جالس على مؤخرته ) يلعق بقيةً من دماء لوثت فمه ، فسألتها : ما هذا يا أختاه ؟ قالت : جرو ذئب ٍ أدخلناه بيتنا وأرضعناه من حليب شاتنا هذه وربَّيناه ، فلما اشتد عودُه وكبر قليلاً قتل شاتنا وافترسها !! فقال الأصمعي هذه الأبيات :
بَقَرتَ شُوَيهَتِي وَفَجَعتَ قلبي وأنتَ لشاتِنا ابنٌ ربيـب ُ
غُـذِّيـتَ بِـدَرِّها ورَبـيـت َ فينا فمن أنباكِ أن أباك ذيب ُ
إذا كان الطـبـاع ُ طـبـاعَ سـوء ٍ فلا أدبٌ يُفيدُ ولا طبيبُ
هذه القصة الواقعية تشير إلى طبيعة الذئاب حيث لا أمان لها فهدفها دائماً الافتراس ولا يتوقع أنها تتربص من أجل النظر لجمال الفريسة أو الاستمتاع برشاقة حركتها بل إن الذئب يأدوا للغزال ليأكله كما قالت العرب عن تجربة . وإذ ترينا الدهور أن بعض البشر هم أختل من ذئب يتربصون بالآخرين الدوائر فعلى العاقل أن لا يأمن لإنسان بمثل هذه الصفات لأنه سوف يكون أسرع غدرة به وينسى العهود والمواثيق وينسى حليب الشاة الذي تغذى منه .
ولقد ذكرني بالذئب وغدره حادثة التفجير التي حدثت في دولة قطر في أحد المطاعم والتي ذهب ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى والتي سارعت وزارة الداخلية القطرية إلى تبرير سببها إلى انفجار أسطوانة غاز ، ويعتقد البعض أن مثل هذه الخسائر الكبيرة لا تنتج عن تفجير أسطوانة غاز إضافة إلى كون الحادث في مطعم تركي وقرب محطة تعبئة وقود فهذا له دلالات كما لا يخفى .
وإذا سايرنا الرأي الذي يتوقع أن الانفجار بفعل فاعل فسوف تكون إيران من الجهات التي يمكن أن تدور حولها الشبهات وتوجه لها التهمة بالوقوف وراء التفجير رغم أن ظاهر علاقة إيران بقطر قد تبدو جيدة حتى وصل بالبعض أن يؤكد بوجود حلف بين قطر وإيران والإخوان المسلمين على الأبواب .
لكن المتتبع لسياسة إيران يجد أن هناك عدة أمور مهمة تحكمها ، والأمر الأول والمهم هو اعتقاد إيران أنها هي راعية المنطقة وأن دول المنطقة الموجودة هي أساساً جزءاً من أراضي إمبراطوريتها وهذا يعني السعي الدائم لإعادة ضمها من جديد للإمبراطورية ، وهي في نفس الوقت تعرف من أين تؤكل الكتف ولهذا تجدها تضع لها موطئ قدم هنا وهناك لتنفيذ سياستها التوسعية بتحسين علاقتها بهذه الدولة أو تلك ولكن في النتيجة لن تنجو منها أية دولة من دول المنطقة ، فإيران التي تتدخل في دول بعيدة عنها مثل لبنان وسوريا ، وهي التي تدخلت في السيطرة على دول قوية مثل العراق ودول واسعة المساحة مثل اليمن لن تتوانى عن التدخل في يوم ما في شؤون قطر أو احتلالها بعد أن تأكل دول المنطقة الواحدة تلو الأخرى .
فعلى دولة قطر أن لا تأمن لإيران لأنها ذئب المنطقة الذي ينتظر افتراس كل دولها عندما تسنح له الفرصة وبهذا الصدد أتذكر كلمة المرجع العراقي العربي السيد الصرخي عندما شخص حالة الذئب الإيراني بقوله ( أنّها تفتعل الأزمات والصراعات المذهبية والعرقية في الدول المجاورة لها كل ذلك من أجل تنفيذ مشروع توسعي إمبراطوري وكما صَرَّحَتْ عنه مؤخرًا بإنشاء إمبراطورية فارسية وعاصمتها بغداد ) ويشير أيضاً بأن ( التمدد الإيراني لن يتوقف عند حدّ ، ما دامت الدول والشعوب مستكينة وخاضعة ولا تملك العزم والقوة والقرار للوقوف بوجه الغزو والتمدد القادم والفاتك بهم ) موضحاً أن ( السياسة والحكم التسلطي والمشاريع الإمبراطورية التوسعية تفعلُ كلَّ شيء وتقلِبُ كلَّ الحقائق ، من أجل الحفاظ على وجودِها وتسلّطِها وتنفيذ مشاريعها ) مؤكداً على ضرورة وجود الموقف بقوله ( فلابد من موقف جادّ شجاع من الدول الإسلامية وشعوبها لإيقاف هذا التمدد الامبراطوري الشعوبي العنصري القاتل وإياكم إياكم من تكرار الأخطاء ) .
وعلى دولة قطر الانتباه إلى أن من يتعاون ضد إخوته ويساهم في إضعافهم فإنه سوف يأتيه يوماً ليكون هو المستهدف وكما قيل عندما تترك أخا لك لتأكله الذئاب ، ستجوع الذئاب يوماً ما ولن تجد سواك لتأكله .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: