البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

دعوة الشيطان الأكبر للعشاء

كاتب المقال هيفاء زنكنة - لندن    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3616


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يبدو ان هناك تحولا تدريجيا في الدعاء الموجه إلى القوة العليا – أمريكا، في صفوف نظام «العراق الجديد»، برمته، لايستثني طائفة او عرقا. فنمو هذه الطبقة التي تأسست مع الاحتلال وتربت على يديه، سواء كانت من خارج أو داخل البلد، أصابها اليتم المفاجىء حين غادرها الأب الذي تعهدها ووفر لها الحماية، ولو كان رحيله غير كامل.

انعكست حالة اليتم المستدامة على سلوك وتصريحات ابناء حكومات الاحتلال بالنيابة، خاصة، وانهم لم يتمكنوا من كسب الناس، وتأسيس قاعدة شعبية توفر لهم الاستقرار والطمأنينة، على الرغم من لجوئهم، بداية، إلى اطلاق تصريحات مضللة للشعب عن السيادة والديمقراطية وحقوق الانسان، والأدهى من ذلك عن التحرر والتخلص من المحتل/الأب، بدون استبداله بأحد. ولأن هناك تفاوت، بين المنخرطين في النظام، في درجة الاحساس باليتم لاسباب ترتبط بالحاجة الآنية، والتاريخية الأسطورية، والمصلحة الشخصية، ومستوى الانغماس بالفساد، وضعف الوازع الاخلاقي، بالاضافة إلى تصاعد الطائفية والعرقية المؤسسة لما يطلق عليه د. سعد محيو «مشاريع الدويلات الأقوامية»، مقابل خفوت الولاء الوطني، طرحت في الاسواق الشعبية للاستهلاك المحلي، شعارات تبين حالة الشيزوفرينيا بين المحتمين بالمنطقة الخضراء، أنفسهم، من جهة وبينهم وبين من يدعون تمثيلهم من سنة وشيعة، من جهة ثانية. شعارات، على غرار «كلا.. كلا للمحتل»، تنثر مثل «حامض حلو» الاحتفالات على رؤوس المواطنين، في ذات الوقت الذي ينام فيه مطلقو الشعارات في سرير المحتل، بحثا عن دفء الأبوة.

في مستوى آخر للنيات المبيتة لمستقبل العراق، استنادا إلى واقع الحال اليومي، يواجهنا سيل تصريحات مضللة، بحاجة إلى الرصد، يطلقها الساسة عبر مختلف اجهزة الاعلام، بعد تغليفها بملابس الامبراطور العاري، أي محاربة الارهاب أو القاعدة أو داعش أو… أي مسمى آخر يتم استنباطه لتمديد أجل الفساد، والاحتلال، والاستيلاء على النفط بعد تفتيت البلد، وهو الأمر السائر نحو التنفيذ.

هناك من يحاجج من بين قيادة المليشيات، لتبرير الترحيب بالمحتل، ايا كانت جنسيته، بأنهم يرحبون بأية مساعدة كانت من أي بلد كان، لحماية بغداد. مما يعيد إلى الأذهان اصواتهم وهم يستنجدون بمن هدم ودمر بغداد في عام 2003. فهل تكرار الاستجداء، تحت غطاء مغاير، أمر يشكل صلب هذه القوى أم انه مرض الزهايمر الذي محا من الذاكرة قصف « الصدمة والترويع» لبغداد وأهلها؟ واذا كانت مساعدة أمريكا لداعش، كما يؤكد أحد قادة المليشيات «ليست موضع شك»، فلم الاستنجاد بها إلى حد انزال القوات العسكرية على الارض كما حدث أخيرا؟

أما في داخل البرلمان، فأن الاصوات المؤيدة للاستنجاد باية قوة خارجية تساوي اصوات دعاة الانفصال والتقسيم لحماية هذه الفئة من تلك، وتلك من هذه، والديمقراطية من الارهاب. وتسارع وفود الساسة والاحزاب، بشكل علني وسري – علني، إلى الحج اما إلى أمريكا أو السعودية أو إيران. هاهو تحالف القوى العراقية ( تكتل سني)، يرحب ( 23 كانون الثاني)، بنشر قوات أمريكية برية لأنه « سيعجل من عمليات تحرير المدن السنية المغتصبة»، حسب عضو المكتب السياسي للتحالف النائب محمد الكربولي، الذي حاول تدارك الطائفية والاستنجاد بالمحتل، قائلا: «إن ترحيبنا بنشر قوات برية أمريكية ليس قبولا بنمط جديد من الاحتلال». ما هو أذن؟ الا يقودنا هذا التبرير المبتذل إلى من حاولوا بيع الاحتلال باعتباره تحريرا، متسترين بالمظلومية، أم ان عمالة 2003 صارت تحريرا في 2016؟

هل ترون الصورة معقدة؟ استمعوا، اذن، إلى رأي علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الاسلامي الإيراني (24 كانون الثاني/يناير)، محاججا، اثناء وجوده ببغداد: «كانوا يقولون إننا نحارب لأنه ليس هناك ديمقراطية في سوريا، ولكن هل الديمقراطية مفقودة هنا؟»، يعني ان العراق يعيش الديمقراطية بأبهى صورها، مؤكدا، لمن قد ينتابه الشك، ان «المشكلة ليست مشكلة ديمقراطية» وأن العراق طلب المساعدة لمحاربة الارهاب فاستجابت إيران. ولن أدخل في تفاصيل المشكلة، حسب لاريجاني، لأنها ستجرنا إلى متاهة من الذي خلق أولا البيضة أم الدجاجة، الا ان متابعة جرائم المليشيات التي وصلت أعدادها الأربعين، المدعومة إيرانيا، أكبرها مليشيا بدر عصائب أهل الحق، وهي مليشيا لا تجد حرجا في توجيه التهديدات وارتكاب الجرائم يمينا ويسارا، تحت عباءة حركة المقاومة الاسلامية، سيرينا نوعية وكيفية «استجابة» إيران لنجدة النظام العراقي، ولمصلحة من.

ما الذي يعنيه اطلاق نداء الترحيب بعودة قوات الغزو؟ هل اندملت جروح الاغتصاب في معتقلات المحتل ومرتزقته؟ أم أن الاستهانة بالمظلومين باتت مألوفة ومقبولة، في زمن اصبح الولاء فيه لغيرالعراق عاديا، وتهمة الداعشية جاهزة لأخراس وتخويف أي صوت مغاير، ومفهوم الوطنية اجتهاد في الرطانة، ومقاومة المحتل عمل غير حضاري؟

يقول الشيوعي المخضرم آرا خاجادور، في كتابه الرائع «نبض السنين- حول الصراعات داخل الحركة اليسارية والوطنية العراقية»، ردا على ما يسميه الفهم اليساري المسطح للتحضر، الذي يطرح حاليا، ويرى فيه نموذجا للذين يزرعون ويوزعون الأوهام: «كأن الاحتلال ليس ذروة اللاحضارة، وما علينا الا ان نتوسل إلى الاحتلال لكي يخرج من بلادنا، وهو سوف لن يتوانى عن فعل ذلك». متوصلا إلى خلاصة مفادها: «ان اي تجاهل لوجود الاحتلال الجاثم على انفاس شعبنا هو سقطة أخلاقية مروعة قبل مئات التوصيفات المروعة الأخرى». وهذا هو، بالضبط، اساس البلاء الذي يمر به عراقنا، اليوم، ولن يتمكن شعبنا من الصمود امام أعاصير الطائفية واللاوطنية، ما لم يتم الاعتراف بهذا الاساس وضرورة التخلص منه، لا استدعائه والترحيب به كلما ارتدى قناعا جديدا.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، الصراعات المذهبية، الارهاب، داعش، الشيعة، السنة، التدخل الايراني، التدخل الامريكي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 26-01-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
ضحى عبد الرحمن، أحمد ملحم، أحمد بوادي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الله الفقير، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد الياسين، الناصر الرقيق، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - صالح المازقي، إياد محمود حسين ، رمضان حينوني، رضا الدبّابي، صفاء العراقي، رشيد السيد أحمد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سلام الشماع، أحمد النعيمي، فتحي الزغل، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صالح النعامي ، يحيي البوليني، حسني إبراهيم عبد العظيم، علي عبد العال، محمد الطرابلسي، أ.د. مصطفى رجب، محمد يحي، مصطفي زهران، عبد الغني مزوز، رافد العزاوي، مراد قميزة، طارق خفاجي، ماهر عدنان قنديل، طلال قسومي، محمد عمر غرس الله، فهمي شراب، عواطف منصور، حميدة الطيلوش، د - محمد بنيعيش، صلاح المختار، عراق المطيري، فتحـي قاره بيبـان، بيلسان قيصر، د. صلاح عودة الله ، إسراء أبو رمان، د - شاكر الحوكي ، د- هاني ابوالفتوح، د- محمد رحال، د. طارق عبد الحليم، يزيد بن الحسين، مجدى داود، رافع القارصي، نادية سعد، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. عبد الآله المالكي، عمر غازي، محمد العيادي، د - محمد بن موسى الشريف ، د- جابر قميحة، أشرف إبراهيم حجاج، تونسي، فتحي العابد، د. أحمد بشير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمود طرشوبي، منجي باكير، محرر "بوابتي"، العادل السمعلي، الهادي المثلوثي، محمد شمام ، د.محمد فتحي عبد العال، صفاء العربي، مصطفى منيغ، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الله زيدان، عمار غيلوفي، محمد علي العقربي، ياسين أحمد، الهيثم زعفان، علي الكاش، سامر أبو رمان ، عبد العزيز كحيل، د- محمود علي عريقات، فوزي مسعود ، د - عادل رضا، المولدي اليوسفي، حسن الطرابلسي، عبد الرزاق قيراط ، أحمد الحباسي، أبو سمية، صباح الموسوي ، إيمى الأشقر، كريم السليتي، سفيان عبد الكافي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. خالد الطراولي ، كريم فارق، د - المنجي الكعبي، سامح لطف الله، د. ضرغام عبد الله الدباغ، جاسم الرصيف، أنس الشابي، وائل بنجدو، المولدي الفرجاني، خالد الجاف ، د - مصطفى فهمي، محمود سلطان، د - الضاوي خوالدية، سعود السبعاني، محمود فاروق سيد شعبان، سيد السباعي، صلاح الحريري، د. أحمد محمد سليمان، سليمان أحمد أبو ستة، عزيز العرباوي، حاتم الصولي، محمد أحمد عزوز، حسن عثمان، سلوى المغربي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز