البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

غزة تحت النار (13) الوسطاء

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4311


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يبدو أن الوسطاء الدوليين بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي في هذه الحرب محدودون أو قلة، إذ يصعب القول إنهم معدومون أو غير موجودين، ولكن الحقيقة أنهم قلة جداً، ينتظرون أن يطلب منهم التدخل، أو يتقدمون على استحياء، ويعرضون خدماتهم بترددٍ وبدلوماسيةٍ عالية.

بعضهم غير فاعلٍ، أو ليس في عجلةٍ من أمره، فهو يضمن مهمته، ولا يخاف على مكانته، فهو قديمٌ وخبير، وعنده تجربة ولديه دراية، وله حصة، وعنده دور، وله على الطاولة أوراق، وأجندته حاضرة لا تغيب، يعرفها الأطراف ويقر بها المتحاربون، وعيونه تراقب وتتابع، وأجهزته ترصد وتسجل، لكنه يترقب وينتظر اللحظة المناسبة، والتوقيت الأفضل بالنسبة له، إذ يرغب في أن يكسب، أو أن يشارك في اقتسام الغنيمة، ويريد أن تُراعى مصالحه، وتحفظ حقوقه عندما تضع الحرب أوزارها، وتعود الجيوش أدراجها، تلك هي مصر.

وبعضهم الآخر غير مقبول، من أحد الطرفين أو من كليهما على السواء، فلا يقوى على التدخل، ولا يستطيع عرض جهوده، أو تقديم خدماته، رغم أن عنده مغريات وعطاءات، وفيه مطمع ولديه مكسب، وقد لا تكون له حسابات خاصة، وليس لديه أوراق على الطاولة، ولا يطمع أن يسجل سبقاً، أو أن يحقق كسباً، بل كل همه أن تتوقف الحرب، وتنتهي المعاناة، وتعود الحياة إلى الجانبين، فلا يتهدد حياة المدنيين خطر حرب، ولا جوع حصار، ولا معاناة عقاب، إن منهم قطر وتركيا.

أما الوسيط الثالث فهم منحازٌ كلياً إلى جانب العدو الصهيوني، ويعمل له وبإمرته، وينفذ تعليماته ويعمل على تحقيق مصالحه، لا يهمه الإنصاف، ولا يعيبه تحالفه مع القاتل، ولا يؤنبه ضميره أن يقتل المدنيون بسلاحه، وأن يحتمي القاتل بقوته ونفوذه، وأن يكون ظهيراً للباطل، وعوناً للظالم، وسكيناً في يد المجرم، فهو لا يرى نفسه إلا خادماً للدولة العبرية، ومنفذاً لرغباتها، ومستجيباً لتوجيهاتها، تلك هي الولايات المتحدة.

وآخرون يراهم الكيان الصهيوني عدواً، وإن لم تكن بينهم عداوة، ولم تنشب بينهم حروب، وهم لا يملكون القدرة على الضغط على العدو، وربما لا يحبون خصمه، ولا يعنيهم نصره، بل يخيفهم وجوده، ويريدون زواله، لكن بغير هذه الطريقة العنيفة القاسية، الهمجية الدموية المدمرة، فهي تحرجهم أمام شعوبهم، وتضعفهم أمام غيرهم، وتفضحهم أمام الرأي العام، وتعري حقيقتهم، وتكشف عن سوء نواياهم، لذا فإنهم يلجأون إلى المؤسسات الدولية، والدول الكبرى، لتصدر قراراً أو تمارس ضغطاً، كي توقف الحرب وتمنع القتال، وإلا فإنهم لن يستطيعوا أن يدافعوا عن صمتهم، أو أن يبرروا لشعوبهم عجزهم وسكوتهم، أولئك هم بقية العرب.

تعثر الوساطات، وتأخر الوسطاء، وعدم اتفاقهم على وسيطٍ فاعلٍ وقوي، محترمٍ ومقدر، وضامنٍ وكافل، يدل على أن الحرب ما زالت مستمرة، وأن الظروف لم تنضج بعد لقيام الوسطاء بالدور المطلوب منهم، والوظيفة المكلفين بها، وأنه ما زال في الوقت متسع للمزيد من الصواريخ والقذائف المتبادلة، ولعددٍ آخر من الضحايا والقتلى، والإصابات والبيوت المدمرة والمؤسسات والهيئات المخربة.

إذ عودتنا الحروبُ السابقة التي يعلنها الكيان الصهيوني على غزة أو على لبنان، أنه يستمر في عدوانه، ويصم آذانه، ولا يصغي لأحد، ولا يسمح لأي وسيطٍ بأن يلعب دوراً، في حال اعتقاده بأنه متفوق، وأن الغلبة له، وأن خصمه سيضعف أو سيهزم، ولن تكون لديه القدرة على الصمود أو الثبات، وأن قدراته ستتراجع، ومخزونه من السلاح سينضب، وأن كثافة نيرانه ستقل، وقدرته على إطلاق الصواريخ ستتقلص كثيراً، بعد استهداف منصاته، وقتل مشغلينها والعاملين فيها، تخزيناً وتلقيماً وقصفاً، وأن الحاضنة التي ترعاه، والبيئة التي تحفظه، ستنتفض عليه وستغضب، وستضيق عليه وستطالبه بموقفٍ ينهي المعاناة، ويضع حداً للقصف القتل.

في نهاية المطاف ستطلب حكومة الكيان الصهيوني من الوسيط الأول، القديم صاحب الخبرة والتجربة، الذي يملك القدرة على الضغط والإكراه، وممارسة السلطة والنفوذ، والذي يستطيع أن يضمن ويكفل، في اللحظة المناسبة، وفي التوقيت المحدد، الذي تفرضه الجبهة الإسرائيلية المتآكلة، والإنهيار الشعبي المتزايد، الذي سيضغط على حكومة كيانهم، لتوافق على هدنةٍ تحميهم، وتنهي حالة الاستنفار لديهم، وتصل إلى وقفٍ لإطلاق النار جديدٍ أو يحيي القديم، ليعيد إليهم الحياة ويعيدهم إليها.

الحمعة 17:25 الموافق 11/7/2014


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الهجوم على غزة، حماس، إسرائيل، العدوان على غزة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 12-07-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فوزي مسعود ، عبد الرزاق قيراط ، د. صلاح عودة الله ، نادية سعد، إياد محمود حسين ، صفاء العراقي، صلاح الحريري، ماهر عدنان قنديل، حاتم الصولي، حسن الطرابلسي، فتحي العابد، محمود فاروق سيد شعبان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسني إبراهيم عبد العظيم، أبو سمية، يزيد بن الحسين، بيلسان قيصر، أحمد بوادي، طارق خفاجي، عزيز العرباوي، محمد شمام ، د.محمد فتحي عبد العال، د. أحمد بشير، أ.د. مصطفى رجب، محمد يحي، عمر غازي، خبَّاب بن مروان الحمد، صلاح المختار، د. طارق عبد الحليم، المولدي الفرجاني، سعود السبعاني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إسراء أبو رمان، مجدى داود، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حميدة الطيلوش، فتحي الزغل، د - شاكر الحوكي ، الهادي المثلوثي، د- محمد رحال، رمضان حينوني، أحمد الحباسي، محمد الياسين، كريم السليتي، أنس الشابي، طلال قسومي، د. أحمد محمد سليمان، سامر أبو رمان ، د - مصطفى فهمي، ضحى عبد الرحمن، د - محمد بنيعيش، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحـي قاره بيبـان، د. عادل محمد عايش الأسطل، سيد السباعي، سلام الشماع، عبد العزيز كحيل، محمد علي العقربي، د- محمود علي عريقات، كريم فارق، رضا الدبّابي، د. عبد الآله المالكي، الهيثم زعفان، علي عبد العال، مصطفى منيغ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - الضاوي خوالدية، إيمى الأشقر، محمود طرشوبي، عواطف منصور، د - صالح المازقي، المولدي اليوسفي، رافد العزاوي، عبد الغني مزوز، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. خالد الطراولي ، د- هاني ابوالفتوح، سفيان عبد الكافي، جاسم الرصيف، محمد أحمد عزوز، رافع القارصي، أشرف إبراهيم حجاج، د - عادل رضا، الناصر الرقيق، صفاء العربي، يحيي البوليني، مصطفي زهران، علي الكاش، د - محمد بن موسى الشريف ، د- جابر قميحة، فهمي شراب، سامح لطف الله، محمد العيادي، عبد الله زيدان، سلوى المغربي، صالح النعامي ، منجي باكير، محمد اسعد بيوض التميمي، صباح الموسوي ، محمد عمر غرس الله، أحمد ملحم، عبد الله الفقير، ياسين أحمد، رحاب اسعد بيوض التميمي، عراق المطيري، تونسي، وائل بنجدو، محمود سلطان، عمار غيلوفي، مراد قميزة، العادل السمعلي، حسن عثمان، محمد الطرابلسي، رشيد السيد أحمد، د - المنجي الكعبي، أحمد النعيمي، محرر "بوابتي"، سليمان أحمد أبو ستة، خالد الجاف ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز