احمد الدراجي - العراق
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4031
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مما لاشك فيه أن نظرية عدالة الصحابة شغلت مساحة شاسعة في الفكر الإسلامي، بل إنها تُعدُّ محورا رئيسيا في البحوث العقائدية والكلامية والتفسيرية والفقهية والأصولية، ولها انعكاسات على فكر وسلوك ومواقف الفرد المسلم بسبب الاختلاف المتأصِّل الحاصل في تحديد معنى الصحبة وحدودها ودائرتها، حتى وصل الأمر إلى السب والتمزق والفرقة والتكفير والاقتتال الذي يُغذِّيه ويُعمِّقه الطائفيُّون الإنتهازيُّون الذين وجدوا في الطائفية المقيتة زادهم ومؤونتهم، ولقد انتقد وعاب الشيعة على أهل السنة تمسكهم بهذه النظرية وإطلاقها،
ولسنا هنا بصدد الخوض في تفاصيل هذه القضية وتفريعاتها وملابساتها، وإنما نريد أن نشير إلى ظاهرة متفشية تمثل توأماً لتلك النظرية، وصورة مستنسخة منها وان اختلفت العناوين والتطبيقيات، إن لم تكن أوسع دائرة في المعنى والتطبيق، فنظرية عدالة الصحابة بلباسها الشيعي صارت ثقافة ونهج معتمد في الأفكار والمواقف والسلوكيات التي يتبناها الشيعة ( علماء وقادة وأفراد)، إذْ مُنحت وأعطيت العدالة لكل مَن يُحسب على الشيعة زيفا وبهتانا وإنْ كان فاسقا أو منحرفا أو خارجا عن ولاية أهل البيت، أو لا يقرُّ بإمامتهم ‘عليهم السلام’، وادعى الإمامة، ومن ثم النبوة، ومن ثم الإلوهيَّة والحلوليَّة، حتى وصل عدد مَن أعطي العدالة من الشيعة يُضاعِف أضعاف مضاعفة ذلك العدد الذي كان ولا يزال الشيعة يستبعدون وقوعه في الخارج ويقولون : كيف نتوقع عدالة هذه الآلاف من الصحابة ؟، فوضعوا الخطوط الحمراء والحصانة التي تُحرِّم وتمنع عن توجيه النقد العلمي والنقاش والقدح والذم في مواقف وسلوكيات وأفكار كل مَن يُحسب على مذهب أهل البيت، وكأنهم معصومين (كالأئمة ‘عليهم السلام’) ولا يدخل ساحتهم الخطأ والزلل والعصيان والانحراف، كل هذا يعود إلى عدم اعتماد المنهج الشرعي الأخلاقي والعلمي في التقييم والمفاضلة،وسيطرة وتحكُّم النعرات والميول الطائفية والمذهبية، قال الإمام الباقر ‘عليه السلام’ :( مَن كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ, وما تُنال ولايتنا إلّا بالعمل والورع).
ولقد أشار السيد الصرخي الحسني إلى هذه القضية في محاضرته التاسعة ضمن ‘سلسة محاضرات تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي’ والتي نافش فيها آراء السيد السيستاني حول صلاح المختار وعقيدته،حيث قال سماحته : ((نُعيب على أعزائنا السنة بقضية نظرية عدالة الصحابة أ خذت المحور الرئيس الفكري العقائدي في البحوث العقائدية والكلامية والتفسيرية والحديثية والأصولية والفقهية في مذهبنا ونقول: كيف نتوقع عدالة هذا العدد وهذه الآلاف من الصحابة؟ وإذا بنا نعطي ونثبت العدالة لأضعاف مضاعَفة عن أولئك’.))
وأضاف سماحته ((أعطينا العدالة لكل من انتمى وطُبِّق عليه اسم التشيع زيفا وبهتانا حتى من لا يعتقد بإمامة أهل البيت (سلام الله عليهم) حتى من خرج عن أهل البيت ومن ولاية أهل البيت وإمامة أهل البيت حتى من ادعى الإمامة، قبِلَ النبوة لنفسه، ثم حتى من ادعى الإلوهية والحلولية لنفسه، فضلا عن عدالة وتقديس الوكلاء والمراجع قبل الوكلاء والمعتمدين))
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: