البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

إسرائيل وحلم الاعتراف بكيانها

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - أنقرة    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4650 moustafa.leddawi@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لم يكن الكيان الصهيوني يحلم يوماً باعتراف الدول العربية والإسلامية بكيانه السياسي، وقد كان طموح قادته التاريخيين أن يشق كيانهم طريقه إلى الاعتراف وينال الشرعية العربية والإسلامية قبل الدولية، ذلك أنهم يدركون أنهم كيانٌ لقيطٌ غاصبٌ ومحتل، وأنه غير شرعي وإن حاز على الاعتراف الدولي، ونال الأغلبية في مجلس الأمن الدولي، وأصبحت أغلب دول العالم تعترف به.

إلا أن حلمهم بالاعتراف العربي والإسلامي يختلف، فهو اعتراف أصحاب الشأن وأهل الحق، وهو تنازلٌ منهم وقبول برضىً وموافقة، وهو عندهم الأهم ومناط الأمل والرجاء، إذ ما قيمة اعتراف من لا دخل له ولا شأن له به، ممن يبعدون عنه جغرافيا ولا يرتبطون به بمصلحة، ولاينتفعون منه ولا يلحقهم منه أذى ولا ضرر، فما قيمة اعتراف كل دول العالم إذا أنكره جيرانه ومحيطه، ورفضته المنطقة وأهلها، ونازعه أصحابُ الأرضِ والوطنٍ الشرعيةَ والوجود.

بذل الإسرائيليون وحلفاؤهم خاصة الولايات المتحدة الأمريكية جهوداً مضنية لإقناع الدول العربية والإسلامية بالإعتراف بالكيان الصهيوني، والقبول بها عضواً في المجتمع الدولي، وحرصت الحكومات الإسرائيلية على مخاطبة الحكومات العربية بكل السبل، وحضتها على الاعتراف بها، والجلوس معها على طاولة المفاوضات، وطلبت من حلفائها الأوربيين والولايات المتحدة الأمريكية الضغط على الحكومات العربية للاعتراف بها، والجلوس معها على طاولة المفاوضات، ونجحت الحكومات الإسرائيلية في إحداث اختراقٍ نسبي مع بعض الدول العربية، وقد شكل اعتراف بعضها بــ"إسرائيل" نصراً كبيراً لها، ونقلةً نوعية ما كانت لتصل إليها بالحروب التي سبقت، فعملت بناءً عليه على توسيع دائرة الاعترافات العربية والإسلامية بها، اعتقاداً منها أن اعترافهم بها سيقود إلى اعتراف شعوبهم وإقرارهم بشرعية وجود دولة "إسرائيل"، وتطبيع العلاقات معها، وإنهاء حالة الحرب والعداء القائمة بينهما.

لكن الاعتراف الأكبر والنصر المؤزر الذي حققته "إسرائيل" على العرب والفلسطينيين، كان في اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بها ضمن أوراق ومخاطبات اتفاقية أوسلو للسلام، حيث شكل اعتراف المنظمة انعطافة كبيرة في الأحلام الإسرائيلية، وحلماً وأملاً عملت "إسرائيل" لأجله كثيراً، واعتمدت عليه كونه اعتراف أصحاب القضية وممثلي الشعب، في اختراق وإضعاف الدول العربية والإسلامية، التي تتابع اعترافها، وتوالت علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية، ونجحت "إسرائيل" بالفعل في بناء شبكة علاقاتٍ عربية مغاربية وخليجية ومصرية وأردنية، وذلك استناداً إلى اعتراف منظمة التحرير الفسطينية بها.

اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية في أفضل تفسيراته بالكيان الصهيوني، هو إقرارٌ له بشرعية الأرض التي اغتصبها واحتلها وبنى عليها مستوطناته ومعسكراته، وأسكن فيها مهاجريه وأبناءه، وهي مساحةٌ تشكل 78% من أرض فلسطين التاريخية، والاعترافُ قبولٌ واضحٌ وصريح بدولةٍ فلسطينية فوق مساحةٍ لا تزيد عن 22% من مساحة فلسطين إلى جانب دولة "إسرائيل"، وذلك بموجب الحدود التي نشأت قبل حرب العام 1967، وهو تفريطٌ كبير بالحقوق وخيانةٌ عظيمة للعهود والأمانات.

ولكن الحكومات الإسرائيلية التي كانت تحلم بهذا الاعتراف والتنازل، لم تكتفِ باعتراف منظمة التحرير الفلسطينية، وشرعت تطالب القوى الفلسطينية الأخرى بأن تعترف بدورها بشرعية كيانهم، وأخذت تمارس عليهم ذات الضغوط التي مارستها على المنظمة، وعمدت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها دول أوروبا الغربية إلى تصنيف القوى والمنظمات التي لا تعترف بــــ"إسرائيل" بأنها قوىً إرهابية، وفرضت عليها طوقاًوحصاراً، في الوقت الذي لا تمارس فيه أي ضغطٍ على الحكومات الإسرائيلية، بل تسكت وقد تشجع ممارساتها ضد الفلسطينيين، وتقف صامتة إزاء اعتداءاتها وحروبها عليهم.

تشعر "إسرائيل" أنها حققت جزءاً كبيراً من هدفها وحلمها القديم، ونجحت نسبياً في إخضاع أصحاب الحق، ونالت من بعضهم تنازلاً وتسليماً واعترافاً وقبولاً، فانتقلت إلى مرحلةٍ جديدة من الأهداف والغايات، ضمن سياستها القديمة التي لا تتوقف ولا تشبع، فبدأت بمطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية كيانهم، وأنه كيانٌ خاص باليهود فقط، فلا ينبغي أن يساكنهم فيه عربيٌ مسلمٌ أو مسيحي، بما يعني تهجير من صمد فيه من الفلسطينيين، وطردهم وترحيلهم ضمن مشاريع ترانسفير قديمةٍ جديدة، وبدأت الدبلوماسية الإسرائيلية في حشد أكبر تأييد دولي لمطلبها الجديد وشرطها المسبق للفلسطينيين وهو الاعتراف بيهودية كيانهم.

ما كان "لإسرائيل" أن تحقق حلمها القديم، وأن تفكر في حلمها الجديد لولا أن منظمة التحرير الفلسطينية اعترفت بها، وسلمت لها وصدقت قادتها، فعلى القيادة الفلسطينية أن تعود إلى الأصول والثوابت، وأن تتراجع عما أقدمت عليه، إذ أن اعترافها باطل، فهي لا تملك هذا الحق، ولا يوجد فلسطيني يفوضها التفاوض باسمه أو التنازل عن حقه، ولتعلم أن إنكار وجود "إسرائيل" وعدم الاعتراف بها سلاح، فلا نسلم سلاحنا، ولا نتنازل عن حقوقنا، ولا نفرط للعدو بثوابتنا الوطنية، التي هي عدتنا وعقيدتنا، وهي أمانة الشعب والأجيال في أعناقنا، فلا نخون ولا نفرط، ولكن نعود ونصوب، ونسحب ما قدمنا، ونتراجع عما أعطينا، فهذا هو الحق وغيره هو الضلال والتيه والضياع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إسرائيل، الإعتراف باسرائيل، الإحتلال، الكيان الصهيوني، اليهود،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-02-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. عبد الآله المالكي، المولدي اليوسفي، علي عبد العال، د- محمد رحال، محمد شمام ، د- جابر قميحة، د. مصطفى يوسف اللداوي، حاتم الصولي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رافع القارصي، فتحي الزغل، نادية سعد، د - شاكر الحوكي ، مصطفي زهران، أبو سمية، تونسي، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الغني مزوز، يزيد بن الحسين، صلاح الحريري، د- محمود علي عريقات، د. أحمد محمد سليمان، د - الضاوي خوالدية، صلاح المختار، ماهر عدنان قنديل، خالد الجاف ، فتحي العابد، سيد السباعي، محمود طرشوبي، خبَّاب بن مروان الحمد، رضا الدبّابي، فوزي مسعود ، عبد الله الفقير، مصطفى منيغ، طارق خفاجي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بوادي، عمر غازي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د- هاني ابوالفتوح، محمد علي العقربي، الهيثم زعفان، عواطف منصور، د. طارق عبد الحليم، الناصر الرقيق، جاسم الرصيف، صالح النعامي ، أحمد النعيمي، أنس الشابي، سفيان عبد الكافي، د. خالد الطراولي ، فتحـي قاره بيبـان، طلال قسومي، حسن عثمان، أحمد ملحم، محمود فاروق سيد شعبان، فهمي شراب، محمد عمر غرس الله، د. صلاح عودة الله ، رافد العزاوي، عمار غيلوفي، د.محمد فتحي عبد العال، سعود السبعاني، رشيد السيد أحمد، وائل بنجدو، إسراء أبو رمان، علي الكاش، رمضان حينوني، د - مصطفى فهمي، د. أحمد بشير، عبد الله زيدان، صفاء العربي، صفاء العراقي، بيلسان قيصر، العادل السمعلي، مراد قميزة، أحمد الحباسي، د - محمد بنيعيش، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد الياسين، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - المنجي الكعبي، كريم فارق، محمد العيادي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - محمد بن موسى الشريف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، إيمى الأشقر، سامح لطف الله، محمد الطرابلسي، د - صالح المازقي، صباح الموسوي ، محرر "بوابتي"، منجي باكير، عزيز العرباوي، المولدي الفرجاني، سلوى المغربي، ضحى عبد الرحمن، ياسين أحمد، محمد أحمد عزوز، يحيي البوليني، الهادي المثلوثي، سلام الشماع، عراق المطيري، رحاب اسعد بيوض التميمي، إياد محمود حسين ، محمد يحي، عبد الرزاق قيراط ، أ.د. مصطفى رجب، د - عادل رضا، عبد العزيز كحيل، حميدة الطيلوش، حسن الطرابلسي، كريم السليتي، سليمان أحمد أبو ستة، محمود سلطان، أشرف إبراهيم حجاج، سامر أبو رمان ، مجدى داود،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز