البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

رئيس غريب الأطوار ثم بعد ذلك كذّاب

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 8889


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


ما انفك هذا الذي عينته حركة "النهضة" رئيسا على التونسيين، يراكم التصرفات الاّطبيعية التي يتراوح تصنيفها بين الطريفة وبين الغريبة وهو ما يجعل البعض يقول أن هذا الرئيس غريب الأطوار، بينما يطالب البعض الآخر بالتثبت من مداركه العقلية، ولعل مما يعطي مصداقية لهذا المطلب هو استقباله أخيرا واعتذاره باسم رئاسة الجمهورية لإحداهن من ضحايا عمليات الإلحاق الثقافي ممن ترى التسيب والسهر لساعات الصباح خارج البيت واتخاذ الخلاّن خارج نطاق الزواج أمرا طبيعيا، بما يعني أن هذا الشخص المستأمن استغل منصب الرئاسة للترويج لمواقف إيديولوجية تصادم هويتنا.

ثم إن هذا الرئيس وُضع في حال أصبح يعاني فيه من أوقات فراغ كبيرة، ولذلك فإن مجمل النشاطات الغريبة التي يأتيها إنما تدخل في نطاق هوايته المفضلة في البحث عما يملئ به فائض الوقت لديه من بعدما سحبت منه مجمل الصلاحيات. ولعل التونسيين يملكون حظا أن دُفعوا لجعل هذا الرئيس الطريف على هذا القدر الضئيل من الصلاحيات وإلا لكانت أزماتنا معه أشد.

وإذا كان مفهوما أن يعاني هذا الرئيس الظريف من أحاسيس الاستنقاص أن تُرك مهملا يكاد يكون بلا دور، فإنه يبقى غير مفهوم أن يسرف في استغلال المناسبات حد افتعالها.
وإذا كان مقبولا أن يسعى لاستغلال المناسبات للظهور، فإنه يبقى غير مقبول ممن تبوأ الرئاسة أن يتصرف بكيفية تراوح بين الخفة وبين الهذر أحيانا وبين الانتهازية والتظاهر الفج أحيانا أخرى.

فلسبب ما فإن هذا الرئيس يبدو مولعا بتنظيم حفلات التكريم والاستقبال، وهو يملك جدولا خاصا للمناسبات التي يحتفل بها، إذ هو يحوز على مناسبات قُدت على حسابه من دون تلك التي يعرفها كل التونسيين.
وهو يملك قائمات خاصة لمن يستحقون التكريم، قائمات قُدّت على حسابه هو من دون عُرف كل التونسيين، فهو الوحيد الذي يحوز أسرار و شروط من يجب أن تستقبله وتكرمه الرئاسة.

فهذا الرئيس غريب الأطوار يستقبل منظمات نسائية مشبوهة ممن تغالب الثورة وممن تدعو للنمط الثقافي الغربي وهي بعد ذلك كانت متحالفة موضوعيا من بن علي، وهو بالمقابل يستثني من استقبالاته وتكريماته المنظمات النسائية التي تنشط بها تونسيات صادقات قاومن ظلم بن علي ودخلن السجون وهن بعد ذلك من المفتخرات بدينهن المنضبطات به.

وهذا الرئيس لا يفتأ يتهجم على فتية متّقدين عنفوانا وغيرة على دينهم وإن أظهروا أحيانا شيئا من غلو، ولا ينفك على وصفهم بأقذع الصفات كالحشرات والطفيليات والجراثيم، وهو بالمقابل يظهر سعة صدر وتفهم لتلك الشراذم التي يسوئها رؤية تمدد الإسلام بالمجتمع التونسي وأوبة الناس لدينهم، هؤلاء الذين يتهجمون على عقائد التونسيين تحت مزاعم الفن وحرية التعبير، هؤلاء الذين ينتشرون كالجراد بأدوات التثقيف الجماهيري كالإعلام والثقافة والتعليم، وهي المناصب التي استولوا عليها أيام تحالفهم مع سيئ الذكر أو زمن بن علي.

وهذا الرئيس يبدو ذا حقد فريد ومتميز ضد كل من يناهض تصوراته الفكرية والثقافية، فهو لا يكتفي بالتهجم على حملة مشعل الهوية بتونس، بل انه يعاديهم حتى وهو خارج البلاد، ويسفههم ويقزّمهم ويستعدي عليهم العالم ويحاول التضييق عليهم.

وهذا الرئيس يصر على التصرف على أنه حامل فكر منبت متطرف ذي خلفية عقدية غربية وليس رئيس دولة ممثل لكل التونسيين، فهو مثلا لا يجد حرجا أن يتهجم على أبناء وطنه خارج البلاد لا لشيء إلا لأنهم يخالفون فكره، وما يهمه هو إدخال البهجة على مخاطبيه الغربيين أكثر من همّه بوجوب الانضباط بمسؤولية الرئاسة التي توجب عليه التحفظ.

وهذا الرئيس يبدو على قدر محترم في مواهب الكذب والتضليل، إذ يقول أن الإسلاميين لم يشاركوا في الثورة، وهل قامت الثورة إلا بالتراكمات النضالية التي أنتجها الإسلاميون، وهل كان الإسلاميون يتحلّقون مثله أمام التلفاز في باريس طيلة أيام الثورة، مختبئا مرعوبا إشفاقا من أن يقع فتح باب الشقة حيث يقيم.

ولعله يحسن تذكير هذا الرئيس انه حينما كان أغلب من يكرمهم الآن يداوون أكفّهم من شدة التصفيق لبن علي ويعالجون بحّة أصواتهم من شدة هتافهم لل"سيدة الفاضلة"، كان الإسلاميون لا يجدون من يداوي جراحهم بالمعتقلات والسجون، وحينما كان مناضلو الدقائق الأخيرة ممن اكتشفوا فقط يوم 17 ديسمبر 2010 أن بن علي مجرم وجب الإطاحة به، حينما كان هؤلاء في تسعينات القرن العشرين في أحسن الحالات صبية غرّا يلعبون الورق ويكتشفون الدنيا ولا يسمعون بكلمات كالمبدأ والتضحية، كان الإسلاميون يقدمون النفس والمستقبل من أجل المبادئ، وحينما كان هؤلاء الذين يكرمهم الرئيس يناضلون في العلب الليلية ويسعون لاصطياد العاهرات كان شق من الإسلاميين يمتشقون السلاح في ساحات النضال ضد بن علي سعيا للإطاحة به.
ثم هل يلزم الناس أن تكون على قدر متقدم من الغباء مثل البعض حتى تتصور أن الإسلاميين حينما يشاركون في المظاهرات يجب عليهم أن يعلقوا بطاقات تثبت أنهم كذلك.
وموطن التعجب من كلام هذا الذي وضعوه رئيسا أنه يمكن تفهم أن يكون البعض ضعيف التفكير بحيث تكون استنباطاته وتحليلاته ضعيفة، ولكن يصعب تفهم أن يصر احدهم على خوائه بل وانه لينشر كذبه خارج البلاد إرضاء لمن يواليهم في الثقافة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، العلمانيون، اليسار المتطرف، المنصف المرزوقي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 6-10-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  تماثيل شكري بلعيد، أعمال عدائية يجب أن تزال
  لقد أثبتت الأحداث أن تُهَمَكم ضد "النهضة" باطلة: من يجعل مُغالِبه مسطرة فلن تنتظر منه غير الهزيمة
  "الوطد" ليس هو المسؤول الأول ولا الوحيد عن سوئنا، وماهو إلا مجرد مقاول صغير
  "الكيل بمكيالين": نموذج لصيغ الإخضاع الذهني
  حول اغتصاب الفلسطينيات
  من يدعو لترك الفرز الايديولوجي إنما يريد تسهيل عمليات إخضاعنا
  "المعارضة الديموقراطية": المسلمة الفاسدة التي تصر على إلزامك بتأسيسات تونس الاولى
  المفاضلة بين درجات السوء تنزع عن مواقفك السند الأخلاقي: نموذج حادث الفتيات السائبات
  الوعي الموجه، ظاهره جيد وباطنه تأسيس للإمّعية الذهنية
  خواطر حول الجمال والمنفعة
  الخضوع الذهني التلقائي للفرد التابع
  تعاملنا مع الأفعال نقطيا يجعل الأخطاء حتمية
  الأعمال التلفزية المتهتكة يجب رفضها لأصلها وليس لتفاصيلها
  نقاشات التونسيين حول الديموقراطية والحرية، تشبه عراك ركاب حافلة
  التضاد في المصطلحات: "على مسؤوليتي"، "إسلام التسامح"
  الاذاعات والتلفزات التونسية تمثل أكبر مصدر للتعفين الذهني: بداية من السجناء السياسيين وصولا لعموم الناس
  الدروس الوعظية تشوش وعي الناس ولاتخدمهم
  تناول مشاكل واقعنا من خلال نقاش الحرية والتنمية والديموقراطية، كحال من يرمّم بيتا خربا
  الإكتفاء بالتقييم المعياري يعيق فهمنا الحقيقة
  الإسلام ورموزه ليسوا في حاجة للأساطير
  الناس لديهم طاقات للفعل لكنهم يقمعون أنفسهم ويفضلون السلبية
  هل يقيّم ويقدّر الإنسان لفعله أو لفعل غيره به
  الإسراف في نقل أحداث الواقع انفعال وغياب للتفكير
  حول حضور "صلاة الجمعة" التي تخضع للسلطات
  حول مسألة الحج، في ظل سلطة آل سعود
  في المجال العام لا يكفي التعامل مع الفعل ببعده المادي، وانما علينا النظر للمحرك العقدي للفعل
  "الحل في الديموقراطية": نموذج للأخطاء التصورية
  أخلاق القوة وأخلاق الضعف: إذا لزم قول "لا" فقلها مباشرة وبوضوح
  لا نقيّم تفاصيل أمر، ما لم يكن صوابا في أوله
  نموذج هجرة الإسلاميين المطاردين وتحولهم لأدوات إقناع بالتبعية للغرب

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
نادية سعد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، جاسم الرصيف، محمود طرشوبي، سيد السباعي، محمد العيادي، حسن عثمان، فتحي الزغل، يزيد بن الحسين، أشرف إبراهيم حجاج، د - محمد بن موسى الشريف ، د- محمود علي عريقات، أحمد بوادي، خالد الجاف ، عبد الغني مزوز، د. أحمد محمد سليمان، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، أحمد ملحم، مصطفى منيغ، عراق المطيري، سلوى المغربي، سلام الشماع، صفاء العراقي، عواطف منصور، سامر أبو رمان ، سفيان عبد الكافي، منجي باكير، د - المنجي الكعبي، الهادي المثلوثي، محمد الطرابلسي، أحمد الحباسي، د- محمد رحال، طلال قسومي، د - الضاوي خوالدية، خبَّاب بن مروان الحمد، صفاء العربي، صباح الموسوي ، محمد يحي، عمار غيلوفي، محمد الياسين، حسن الطرابلسي، العادل السمعلي، صالح النعامي ، د. صلاح عودة الله ، إياد محمود حسين ، أنس الشابي، مصطفي زهران، محمد عمر غرس الله، عمر غازي، المولدي الفرجاني، د. أحمد بشير، د - محمد بنيعيش، إسراء أبو رمان، كريم السليتي، عبد الرزاق قيراط ، إيمى الأشقر، عبد الله زيدان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أ.د. مصطفى رجب، د. عبد الآله المالكي، عزيز العرباوي، رمضان حينوني، د - عادل رضا، حميدة الطيلوش، د - شاكر الحوكي ، مراد قميزة، رافع القارصي، فوزي مسعود ، د- هاني ابوالفتوح، الهيثم زعفان، محمد شمام ، تونسي، أبو سمية، يحيي البوليني، محمود سلطان، محمود فاروق سيد شعبان، د.محمد فتحي عبد العال، وائل بنجدو، فهمي شراب، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. طارق عبد الحليم، علي عبد العال، فتحي العابد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. مصطفى يوسف اللداوي، كريم فارق، د - مصطفى فهمي، فتحـي قاره بيبـان، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، ياسين أحمد، صلاح الحريري، سعود السبعاني، رافد العزاوي، الناصر الرقيق، صلاح المختار، محرر "بوابتي"، سليمان أحمد أبو ستة، محمد أحمد عزوز، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، مجدى داود، رضا الدبّابي، ضحى عبد الرحمن، د. خالد الطراولي ، د - صالح المازقي، سامح لطف الله، أحمد النعيمي، رشيد السيد أحمد، حاتم الصولي، د- جابر قميحة، ماهر عدنان قنديل، علي الكاش،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة