رسالة عاجلة للحكومة: أولوية الأولويات تطهير الإعلام و فتح ملفات فساده
كريم فارق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8779
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من المعلوم بالسياسة بالضرورة أن الإعلام هو من يصنع أفكار الناس وهو اللذي يوجههم إلى حيث أراد، فالإعلام يصنع من الأنذال أبطال ومن الأحرار خونة، و يزين الباطل حتى يظهر بمظهر الحق، و يبث الفتن و يشيع الأكاذيب والإشاعات فيطيح بالحكومات ويصنع الثورات، وهو الخط الأمامي اللذي يقدم و يهيأ الرأي العام لشن الحروب، والأداة الفعالة لإرباك الخصوم وربح المعركة قبل بدئها
العجب العجاب لا يحدث إلا في تونس
من الأعاجيب التي لم نسمع بها إلا في تونس أن تكون الأقلية المعارضة مستحوذة على كل وسائل الإعلام الممولة بعرق الشعب أو الخاصة سواءا المرئية أو المسموعة أو المكتوبة، و تقود ثورة مضادة لثورة الشعب بينما ليس هناك وسيلة إعلام واحدة تمكن الحكومة الشرعية من إبلاغ صوتها إلى الشعب بكل أمانة !!! أهذه حرية الإعلام و إستقلاليته وحياده ؟ أفبإسم الحرية و الإستقلالية و الحيادية يقمع الإعلام الحكومة الشرعية ويحاربها و يكون بوقا لتخريب إقتصاد البلاد وأمنها ؟
ضجة إعلامية و تحركات الأحزاب الصفرية و من والاها من الجمعيات و النقابات لتكبيل أيادي الحكومة
حرية الإعلام و استقلاليته و حياده هي شعارات مطلوب تحقيقها على أرض الواقع. لكنها كلمة حق أريد بها باطل قد استغلتها و رفعتها الأحزاب الصفرية و بعض جمعيات المجتمع المدني الموالية لها و نقابة الصحفيين (اللتي لا تستفيق من غيبوبتها إلا للدفاع على بقايا النظام لتكريس الواقع الإعلامي المريض باسم هذه الشعارات ) في وجه الحكومة لتشن عليها حربا نفسية لمحاصرتها و حتى يبقى الإعلام أسيرا بين هذه الأيادي الخبيثة للمزيد من توظيفه لحرق البلاد. فبإسم الإستقلالية تحتكر الأقلية وسائل الإعلام ، و باسم الحرية يستغل الإعلام عذبات و آهات المستضعفٍين والفقراء والبطالين الموروثة من خمسين سنة من التهميش و التفقير ليدعوهم إلى الفوضى و إلى التمرد على الحكومة الشرعية المولود الجديد من رحم الشعب
الوجوه الإعلامية الإنتهازية اللتي اشمأز منها الشعب
لا يختلف إثنان أن الإعلام في بلادنا في حاجة ماسة إلى المهنية و الحرفية مما أصابه من تلوث عميق و تهميش للمهنة و الحرفية و سيطرة الإنتهازيين عليه و اللذين اشتهروا بالخبرة و المهارة في الزندقة و التبندير و التكمبين و قلب الحقائق مقابل مآكل على موائد بن علي من المناصب و الإمتيازات والرشاوي . فالشرفاء فيه كانوا مهمشين ولزال البعض منهم كذلك و هرب البعض الآخر حيث استطاع، ولم يبق فاعل فيه إلا متزلف و إنتهازي. والسؤول المطروح و بإلحاح: هل يمكن بناء إعلام ثوري و شعبي في خدمة الوطن بأشباح صحفيين إهترئت حرفيتهم و احترقت أخلاق مهنيتهم في خدمة الدكتاتور بن علي و ساندوه بالفكر والقلم وسعوا على مدى 23 سنة حتى آخر لحظات حكمه إلى تجميل فعله وتبرير جرائمه... ؟ ويأتي الجواب سريعا حيث لم ينتهي هذا العهر الإعلامي إلى هذا الحد بل واصل بعد الثورة ليكون أداة مضادة لها و محاولا وأدها. ثم يستمر السيناريو، فبعد 23 أكتوبر إستفاق اعلامنا على شرف مفقود، ليسعى إلى الإستحواذ على الخطاب الثوري مهددا ومتوعدا الحكومة تحت غطاء الدفاع عن حرية الإعلام و استقلاليته حتى يضمن إستمرارية سيطرة بقايا بن علي على المشهد الإعلامي ليقود الثورة المضادة
لا نجاح للثورة بدون إعلام منحاز إلى الشعب و الثورة
من المسلمات أن التركة اللتي يخلفها أي نظام دكتاتوري و ترثها الثورة تركة ثقيلة جدا منها إنتشار البطالة و الفقر و خراب المؤسسات و إنحراف العقليات و ضعف القيم الأخلاقية في المعاملات و غياب الوازع الوطني. و لا يختلف إثنان عاقلاًن في أن الفترة التي تلي أي ثورة هي حساسة جدا و مفصلية، و لذلك يتم مباشرة بعد إنتصار أي ثورة في الشروع و بالتوازي مع ثورة البناء الإقتصادي في ثورة ثقافية تبني الإنسان و تمكن من نشر الوعي في أوساط الجماهير. ولا يتم هذا إلا عبر إعلام لا نقول مستقلا و حرا و حياديا فحسب، فهذا لايكفي، وانما يتم عبر إعلام ثوري منحاز إلى الشعب وإلى الثورة و اهدافها. إعلام يعبر على مشاغل الشعب و مشاكله و طموحاته، إعلام يكون منبرا للكفاءات التونسية التي تناقش الأزمة الاقتصادية و سبل الخروج منها و تقديم حلول و مشاريع اقتصادية تمكن من تشغيل البطالين و تساهم في إزدهار البلاد، و تفتح المجال للتعريف بالخبرات التونسية في الداخل والخارج و تشجع المخترعين، و تنشر ثقافة وطنية تنمي حب الوطن و القيام بالواجب الوطني في بناء تونس الجديدة بالعمل و التعاون والمحافطة على مكتسبات البلاد وتشجع على شراء المنتوج التونسي و على السياحة الداخلية.
تحرير الإعلام أحد أهم مطالب الثورة
إن تحرير الإعلام كان و لا يزال مطلبا من المطالب الأساسية للثورة وهو ما يجب تحقيقه سريعا وبدون أدنى تأخير و ذلك :
1- بتغيير وجوه بقايا النظام الفاسدة و يتم ذلك بإشراف من الحكومة و بتشجيع منها و بأخذها زمام المبادرة و بتسريع هذا المسار عبر ضبط رزنامة زمنية يحددها ممثلين عنها بالتعاون مع شرفاء المهنة
2- فتح ملفات الفساد حالا و محاسبة المسؤولين السابقين و تطهير الإعلام من كل الإعلاميين الذين ساهموا بشكل أو بآخر في جعل الإعلام بوقا للدكتاتورية. إنّ الفساد ليس ماليا فحسب، وانما فساد إداري وفساد إعلامي وفساد أخلاقي. وكلّ تلك الأشكال يجب أن تُشكّل إطارا للتقصّي في ما جناه النظام البائد وبيادقه على المهنة الصحفية
3- تجريم الصحافيين الذين يدعون الى العنف والكراهية والتمرد على القوانين، واللذين يبثون الفتن والأكاذيب والإشاعات، و معاقبة كل من لا يمتثل إلى الحرفية و الأخلاق المهنية للصحافي
----------
وقع إختصار العنوان الأصلي للمقال كما وردنا وذلك لطوله
محرر موقع بوابتي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: