رسالة عاجلة إلى وزير العدل: نحتاج إلى رجل دولة جريء يحقق قضاءا عادلا
كريم فارق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8187
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كان لتصريح السيد نور الدين البحيري الأخير حول إستقلال القضاء و عدم نية وزارة العدل إتخاذ أي خطوة لمحاسبة المجرمين و الفاسدين وقعا جيدا و مطمئنا على هؤلاء المجرمين و الفاسدين الذين سوف لن يجدوا في هذه الرسالة إلا إقرارا بضعف الحكومة مما يشجعهم على التآمر و الإنقلاب عليها لأن عقلية هؤولاء لا تؤمن إلا بالقوة و بموازين القوى.
أشبعنا السيد نور الدين البحيري كلاما على إستقلال القضاء وكأنه يعيش في دولة ديمقراطية ذات تقاليد عريقة تمتد في عمق التاريخ و مؤسسات نظيفة و مهنية ، ونسي أن هذا الشعب قام بثورة ضد دولة دكتاتورية ظالمة و مؤسسات نخرها الفساد تستوجب التطهير العاجل حتى لا تذهب الدماء التي سالت و تضحيات المناضلين و معاناة الشعب سدى و تقطع دابر المجرمين و الفاسدين ، و من ثم ينطلق الشعب في بناء تونس الجديدة بعد أن تعود له الثقة في العدالة وعلوية القانون
الفهم الخاطئ لاستقلال القضاء : القضاء لم و لن يكون مستقلا ما دام تحت سيطرة الفاسدين
إن إستقلال القضاء بمفهوم عدم تدخل الحكومة في شؤونه الهيكلية و تطهيره من الفاسدين و تركه على حاله ينخره الفساد المستشري هو بمثابة أكبر هدية للمجرمين و الفاسدين الذين كانوا يتحكمون في القضاء ولا زالوا و سيواصلون تحكمهم فيه و هذا لعمري تقصير كبير في حق الشعب و الثورة . فأين إستقلال القضاء عندما تكون العصابات المجرمة والفاسدة تتحكم فيه ؟
لا نريد قضاءا مستقلا عن الحكومة بل نريد قضاءا عادلا
لا نريد قضاءا مستقلا عن الحكومة بل نريد قضاءا عادلا و الإستقلالية عن جميع الجهات بما فيها الحكومة أحد شروطه
من مهام الدولة توفير و ضمان قضاءا عادلا للمواطنين . و القضاء العادل يستوجب وجود قوانين عادلة و قضاة اكفاء مهنيين، نزهاء و نظيفي اليد ، و على الحكومة أن توفر الظروف الملائمة المهنية و الأمنية و المعيشية للقاضي حتى يكون خارج دائرة التاثير من أي جهة كانت حكومية أو غيرها و أن تضع آليات للرقابة و المحاسبة لكي تضمن استقلالية القاضي عن المال الفاسد و الفاسدين . فهل وفرت الدولة هذه الشروط و بالخصوص اليد النظيفة التي تستوجب تطهير القضاء من الفاسدين حتى يكون القضاء عادلا ؟
وضع استثنائي يتطلب إجراءات استثنائية
من الأهمية بمكان الإشارة و التأكيد على أن من مهمات الحكومة التأسيس لدولة ديمقراطية مستقبلية، و أن ركائز هذه الدولة الديمقراطية غير قائمة الآن. نحن نعيش إذن فترة استثنائية من الإنتقال من نظام دكتاتوري ،قد غطرس على الحياة السياسية و ذيل مؤسسات المجتمع المدني، إلى دولة القانون و المؤسسات الديمقراطية. هذه الفترة الانتقالية و الإستثنائية تستوجب إتخاذ قرارات استثنائية ، جريئة، استعجالية و تطهيرية تقطع مع النظام البائد و تمكن الكفاءات الوطنية من بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية
أنواع التطهير
لو نظرنا في التاريخ الحديث لرأينا أن كل الثورات إبتداءا من الثورة الفرنسية وما تلاها من تحولات إلى الثورات في البلدان الشيوعية سابقا أو التغيرات في أنظمة الحكم في فرنسا و أروبا إبان الحرب العالمية الثانية قد اقترنت دائما بتطبيق
1 -التطهير الإداري
2-و التطهير المهني
3-و التطهير القضائي
4-و التطهير الإقتصادي و قد شمل هذا التطهير في هذه الدول كل مؤسسات الدولة (و الخاصة) و على رأسها القضاء و الإعلام . ولقد ثبت في هذه التجارب أن حرس النظام القديم قد فعل كل ما في وسعه لتعطيل عمل الحكومة لحماية مصالحهم و تعطيل المسار الديمقراطي و افشال كل القرارات الحكومية، فكان لابد من التطهير
نريد طلبا واحدا من الوزير : اقالة القضاة الفاسدين
الكل يعرف أن القضاء الفاسد هو حامي الفاسدين لذلك هو محط إهتمام المافيا الفاسدة التي تضغط على وزارة العدل والحكومة بكل الأشكال حتى لا يقع تطهير القضاء و المحاسبة، هذا إلى جانب الضغوط الخارجية . الكل يتفهم وضعية الحكومة والضغوط المسلطة عليها من كل جانب داخلية و خارجية، نقابية و إعلامية و حزبية و من رجال أعمال و يتفهم التحديات الصعبة الإقتصادية و الإجتماعية التي تواجهها و ضغط الفترة الإنتقالية القصيرة الباقية للحكومة ، لذلك نطالب فقط بنوع واحد من التطهير وهو اقالة القضاة الفاسدين
وفي الختام ألفت نظرك سيدي الوزير أن حكومتك تمتاز على كل الحكومات الشرعية في العالم بشرعيتين: شرعية شعبية وليدة شرعية ثورية مما يعطيها قوة غير عادية . ولتعلم سيدي أن الجمعيات المهنية و النقابية و المعارضة و القوى الخارجية لن ترضى عنك في كل الحالات : لو فعلت ،لماذا فعلت ؟ ولو لم تفعل، لماذا لم تفعل ؟
ولذلك طبق المقولة : القافلة تمر و الكلاب تنبح و اجعل كل قرار حربوشة
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: