صافي كاظم, الصحفية المرموقة ورحلتها مع "تحرير المرأة"
موقع مفكرة الإسلام بتصرف المشاهدات: 11387
"صافي ناز كاظم" ... اسم له وجوده وتأثيره في الأوساط الصحفية والأدبية، نتيجة للنجاح الذي حققته بداية العمل الصحفي التي بدأت في الخمسينيات، منذ أن تخرجت في كلية الآداب قسم الصحافة.
ولكن شهرة صافي ناز كاظم زادت بعد أن تطورت إلى الإسلام وعادت إلى جذورها الأصيلة. وهي طالما أغاظت الشيوعيين واليساريين والعلمانيين، الذين أصيبوا جميعا بالحسرة حينما انضمت هذه الصحفية البارزة إلى "القافلة الإسلامية" لتعطي لها تميزا خاصا، وعمقا جديدا.
سافرت إلى أمريكا عام 1960 وهي علمانية يسارية، لتدرس الفن والأدب العالمي وتزور العالم كله، فعادت عام 1966 ومعها ماجستير في المسرح، ولكنها عادت ومعها جذورها وأصالتها، ووضعت يدها على الإسلام كبداية صحيحة ومنطقية؟.
ونحن في هذا الحوار نقترب منها لنتعرف على فكرها وثقافتها وآرائها السياسية.
حاورتها/ د. ليلى بيومي, عن موقع "مفكرة الإسلام" بتصرف
* هل كانت البداية التي بدأها قاسم أمين هي البداية الصحيحة لقضية المرأة؟
** أولاً سنقسم الموضوع قسمين: فإذا كان من منطلق إسلامي ومن رؤية إسلامية فليس هناك شئ اسمه قضية المرأة، أما إذا كان من منظور المصطلح الذي ترسخ في الساحة فقاسم أمين أطلقوا عليه زوراً "محرر المرأة"، لكن معظم هؤلاء المتشدقين بقاسم أمين وكتبه لا أتصور أنهم قرءوها. فرغم أن له كتابا اسمه "تحرير المرأة"، وآخر اسمه "المرأة الجديدة" إلا أنه بقراءة متأنية لهذه الكتب نجد أن قاسم أمين كان مشغولا أكثر بقضية التغريب.. ففي كتابه "المصريون" الذي ألفه عام 1898م، استفز للرد على "اللوق داركور"، فأسلوب الدفاع كان أسلوبا انهزاميا يشعر بالصغر أمام النموذج الأوروبي، لأنه كان أمام مصر طريقان: محاكاة أوروبا، أو العودة إلى الإسلام، وقال قاسم: لقد اختارت مصر "محاكاة أوروبا"، فهو حتى لم يقل التمثل بأوروبا، أو استيحاء التقدم منها، أو الاقتداء بالنماذج الطيبة هناك، وإنما قال "محاكاة"، وهذا ما حدث فقد حاكينا أوروبا مثل الببغاوات بلا عقل، محاكاة تستحضر الشكل الأوروبي بصفة خاصة.
وفي كل كتب قاسم أمين كانت هذه هي نقطة اهتمامه الرئيسية، وفي هذا الإطار انتقد قاسم أمين وضع المرأة في المجتمعات الإسلامية، ولا شك أن في هذه المرحلة لم يكن وضع المرأة جيدا، لأنه كان قد سرقت منها حقوقها الإسلامية للأسف، فبدلا من أن يبين ما هي حقوق المرأة في الإسلام، وكيف اغتصبت منها، ندد بوضع المرأة واعتبر أن ما حدث للمرأة في المجتمعات الشرقية والإسلامية إنما هو نتيجة المدنية الإسلامية، ولو أنه في كتابه "تحرير المرأة" يبين بوضوح شديد وضع المرأة المتسامي في الإسلام، من خلال حق التعليم، وحق اختيار الزوج، وحق الميراث، وغيرها من الحقوق التي كانت قد اغتصبت منها حتى أصبحت المرأة في الفلاحين وفي الإقطاعيات الكبيرة لا ترث.
والمشكلة هنا أنه لم يقل إن هذه هي حرية المرأة في الإسلام، وأنه يجب تحريرها من خلال حقوقها الإسلامية، وإنما قال: إن المرأة المسلمة فقدت حقوقها فلتحتذي بالمرأة الأوروبية والغربية.
والاسم العلماني التغريبي لأزمة المرأة المسلمة هو "قضية المرأة"، فكان لا بد أن يكون هناك لافتة براقة كي يتم من ورائها الدس، وقد أوضحت ذلك في كتابي "في مسألة السفور والحجاب" وفيه فصل كامل عن قاسم أمين كتاجر شنطة ثقافية. لكن الإسلام فيه مساواة بين المرأة والرجل وهناك حقوق للمرأة واضحة تماماً. ومحاولة إعادة الحق للمرأة ليس واجباً نسائياً، ولكنه واجب كل مسلم ومسلمة مثل كل شكل من أشكال الظلم.
* بعد مرور أكثر من مائة سنة على دعوة قاسم أمين.. كيف تقيمين نتائجها والأفكار التي نادى بها؟
** لا أستطيع أن أقول: إن قاسم أمين نادى بشيء، ولكنه أحدث شوشرة بأسماء مختلفة عن حقيقتها.. فصيغة تحرير المرأة صيغة محببة جداً، ولكن هذا لم يكن اهتمامه.. لقد كان اهتمامه بالتغريب، ومن هنا فأنا لا أستطيع أن أقول قياسا على قاسم أمين الذي لم يفعل شيئا كما قلنا، والتي فعلت الفعل الجيد والمهم هي ملك حفني ناصف.
* يدعي العلمانيون والشيوعيون أن نظرة من يدعون الإسلام للمرأة متخلفة وأن واقع المرأة عندهم يعاني من تخلف الفكر والتطبيق.. هل هذا الاتهام صحيح؟
** نستطيع أن نقول: إن هذا الاتهام صحيح وغير صحيح.. فهناك موروثات لتقاليد جاهلية، المرأة المسلمة الملتزمة حديثا تقف بين دائرتين تتحديانها.
الدائرة الأولى: دائرة العلمانيين الذين يقولون: إن المرأة الملتزمة متخلفة ولا يسمح لها بالعمل أو إثبات وجودها الفعال في المجتمع، وهذه هي دائرة المتحاملين. وهناك أيضا من داخل الدائرة الإسلامية من يقولون: إن المرأة المسلمة عليها ألا تعمل وألا تخرج، وعليها أن تعتزل المجتمع، وتفقد فاعليتها، وهاتان الدائرتان رغم أنهما متناقضتان إلا أنهما متشابهتان. وعلى المرأة المسلمة الحديثة الملتزمة أن تخرج من إطار هاتين الدائرتين، وعليها أن تتمثل دينها الحق وتدرسه، وأن تعرف حقوقها الحقيقية في الإسلام ودور القدوات المسلمات الأوائل وتاريخهن، كنساء ملتزمات رساليات فاعلات عاملات سواء كانت السيدة خديجة التي وقفت في شعب أبي طالب تساند بالمال والجهد حصار قريش ضد المسلمين حتى ماتت بعد ثلاث سنوات من هذا الحصار، وأنا اعتبرها شهيدة الخبز، شهيدة قضية الخبز أو ضحية قضية الحصار الاقتصادي، وقفت وصمدت حتى ماتت جوعا، وكذلك معظم الفضليات الأوائل السيدة فاطمة، وعائشة، وحفصة، ونفيسة.. الخ. كلهن نماذج مضيئة في تاريخنا.
والآية القرآنية تقول [واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة] أي لا بد أن تكون المرأة قارئة كاتبة تقرأ القرآن والتفسير، وتكون مثل السيدة نفيسة تقرأ التفسير وتقول فيه، وتناقش وتعلم، وكان أئمة العلم الرجال يجلسون في مجلسها، ويتعلمون منها، وتراجعهم ويراجعونها.. هؤلاء النساء لم يأتين من فراغ، وإنما جئن من حظيرة الإسلام يعين دورهن تماماً، وهؤلاء هن القدوة التي يجب أن تقتديها المرأة المسلمة.
* في المقابل ما هي صورة المرأة داخل صفوف العلمانيين والشيوعيين؟ وهل حققوا للمرأة ما يعيبوا على المسلمين فيه؟
** [الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات والخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات] ففي كل مجموعة: الذكر والأنثى ممثلان، وفي دوائر العلمانيين لا شك أن هناك جوانب إيجابية، وبعضهم يؤمن بالله.. لكنه لم يصل بعد إلى مفهوم أو اقتناع يتمثل الرؤى الإسلامية، ومع احتكاكي بالدوائر العلمانية، ومع علمنا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمكن أن يدعو على المشركين فيتخلص منهم.. لكنه كان يعرف أن في أصلابهم من سيصبحون قوة مضافة للمؤمنين. وكذلك في المعسكر العلماني، هناك قوى تتدرب على تدريبات علمانية ولياقات فكرية من شأنها فيما بعد إذا فاءوا إلى أمر الله أن تصبح قوة مضافة إلى القوة الإسلامية.
فعلينا ألا نفقد الأمل في هؤلاء ولا نعتبرهم معسكر عداء نهائي خصوصا إذا كانوا مسلمين بالميلاد، وقد كنا في معسكر العلمانيين وهدانا الله تعالى، وسيدنا عمر بن الخطاب كان في يوم من الأيام في معسكر المشركين، ثم هداه الله تعالى.. وبعض دوائر العلمانيين المرأة فيها مبجلة ومحترمة، وفي البعض الآخر نجدها مبتذلة ومهانة.. وفي دوائر القوميين والعلمانيين رجال يضربون نساءهم ويجورون عليهن، وفي داخلهم نساء مظلومات تماما منهن أستاذات في الجامعة.. وفي الدائرة الإسلامية أيضا نجد إساءة من هذا القبيل وهنا يكون الواقع أبشع فالمفروض في المسلم المتدين أنه يتقي الله.
ولكني أستطيع أن أقول: إننا جميعا أبناء مجتمع واحد نتعرض لقهر معين فلا يستطيع الرجال مواجهة هذا القهر فيفرغونه على النماذج الأضعف سواء الأبناء أو الزوجات.
* كيف كان تحول فكر صافي ناز كاظم إلى الإسلام؟ وهل كانت الرحلة لأمريكا عاملاً مهماً في هذا التحول؟
** أنا لم أتحول إلى الإسلام.. وإنما تطورت فكريا لانعطاف أكثر نحو الالتزام الإسلامي.. لكنني دائما كنت مسلمة لأنني من أسرة مثقفة، والإسلام ركن أساسي في البيت الذي نشأت فيه.. لكن في شبابي لأني وجدت في مرحلة كانت لفحة التغريب شديدة جدا في الخمسينات والستينات، كنا لابد أن نطلع على الأدب العالمي، وهذا في حد ذاته ليس خطأ، كان لا بد أن نقرأ الأدب العالمي فنشتاق إلى تراثنا، ومن حصيلة الرصيد الغربي العالمي والرصيد الإسلامي والتراث ينزل المطر الخصب الذي يؤدي إلى ثمار جيدة جداً.
وهذا التطور لم يأت فجأة.. فرحلتي لأمريكا جعلتني أدرك أن تراثهم وجذورهم وهي الفكر الإغريقي والحضارة الإغريقية، وعندهم مادة اسمها (الحضارة الغربية) التي ركيزتها الفكر الإغريقي والحضارة الإغريقية.. فقلت لنفسي لكني لم آت من هنا.. وتساءلت في نفسي فمن أين أتيت إذن؟ فهذا أدى بي إلى أنني لا بد أن أعود لأقرأ تراثي العربي الإسلامي ، ومكثت في أمريكا من عام 1960 حتى عام 1966م.
09-07-2007
http://www.islammemo.cc
Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /htdocs/public/www/actualites-news-web-2-0.php on line 793