البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

فكرة الزعيم في العالم العربي.. هل تختفي قريبا؟

كاتب المقال رمضان حينوني - الجزائر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5990


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لقد أضحت فكرة الزعيم بدائية وبعيدة عن روح العصر، خصوصا في عالمنا العربي الذي أثبتت الأحداث المتلاحقة فيه أن غالبية الشعوب لا ئؤمن بوجود زعيم يستحق هذا اللقب حقيقة .. بل لم تعد تستريح أصلا لهذه التسمية التي بدت وكأنها رديف التجبر والتكبر والحكم المطلق وما ينجر عن ذلك كله من مآس يعانيها الضعفاء والمسحوقون والمثقفون وفئات أخرى من الشعب.

لا أتحدث هنا - على المطلق - عن قائد الأمة رئيسا كان أو أميرا أو ملكا، فلا بد للرعية من حاكم في كل الشرائع والمجتمعات، ولكنني أعني الزعامة التي تضفي على صاحبها هالة من التعظيم تصل حد التقديس عند فئة منتفعة أو جاهلة مخدوعة، حيث يتحول " الزعيم" إلى شبه إله، تعلق كل الآمال على قوله وفعله،، ويكيل له العامة والخاصة المدائح وعبارات الإعجاب، ويصور للآخرين وكأنه وحيد زمانه، أو كأن غيابه يؤدي لا محالة إلى خراب الدنيا، وضياع المجد .. وما إلى ذلك من الأفكار التي ظلت توهم الشعوب بأنها على هدى ونجاح وانتصارات، بينما هي أقرب إلى الهاوية والسقوط الذي يصيب الأمة في مقاتلها.

وعندما نتأمل هذه الظاهرة في العالم، لا نجدها الآن موجودة إلا في العالم المتخلف الباحث عن المجد الذي لا يتحقق، ففكرة الزعيم جاءت لتغطي على سيطرة الفرد على الجماعة، أو لترجمة جنون العظمة عند بعض الذين يتوهمون أنهم خلقوا ليجثموا على صدور الضعفاء، وينهبوا خيراتهم ويكتموا أصواتهم ويخربوا إنجازاتهم. ونحن واجدون الآن في صفحات التاريخ من الأدلة على ذلك عشرات الأمثلة بدء من بداية القرن الماضي إلى الآن.

أما في العالم الديمقراطي فإن الحاكم مهما علا شأنه في أمور الحكم والسياسة، فإنه لن يكون زعيما بل فرد مسؤول عن برنامجه ومخططاته في أمور المجتمع المختلفة، وبالتالي فهو يسأل ويحاسب ويراقب، وعندما يقول لشعبه شيئا فإنه لن يتجاوز الحقيقة، ولن يجرأ على تزييف الحقائق، وإذا حدث أن وقع منه مثل ذلك فمصيره دون عناء ولا كثير تفكير الاستقالة والاعتراف بالخطأ، ثم المحاكمة.

ولا أعيب على الزعيم زعامته إن كان جديرا بها، أو ترجمها حقا لصالح شعبه، ولكننا نرى أن الزعامة ادعاء أكثر منها حقيقة، وإلا كيف نفسر خيبات كثير ممن حملوا هذا اللقب وألقاب أخرى تترادف على أشخاصهم دون أن يكون في الواقع شيء يدل عليها؛ فهذا حامي حمى الأمة، وذاك ملك الملوك ، والآخر أمير المؤمنين، والرابع محقق الانتصارات وموحد الوطن ووو.. وعندما نتأمل وضعنا أمام أمم العالم الأخرى نجدها تسير إلى المجد، وننحدر نحن إلى التخلف والانحطاط والتبعية، لأن كثيرا ممن نسميهم زعماء تزعموا بني جلدتهم بالهراوات والسجون والاغتيالات بعد انقلابات أو انتخابات مزورة، لأن هدفهم كان خدمة أنفسهم وعائلاتهم وعشائرهم، فأوهموا طبقات الشعب بأنهم يضحون في سبيل العزة والرخاء، فعلقت صورهم في كل مكان، ورددت شعاراتهم في المسيرات والمهرجانات، وسبح الناس بأسمائهم أو كادوا، وجعلوها بعد اسم الله مباشرة، ومنهم من اخترع النظريات ليعلو نجمه أكثر ويلزم بها الناس إلزاما، والويل لمن لا يعمل بها ولا يفني العمر في ترويجها ، وهلم جرا..

وكان من نتائج ذلك شعوب مقهورة ومضلله، تحاول أن تصدق زعماءها فلا تستطيع ، ولكنها ملزمة بالتظاهر بحبها وتمجيدها؛ فكم هو سيء ذلك المشهد الذي ألفناه على امتداد عقود طويلة، ويظهر الجموع الغفيرة وهي تهتف باسم الزعيم وترفع صوره في أجمل أوضاعها، تلك الجموع التي تتقاسمها فئتان: فئة لا تستطيع أن تعيش إلا في ظل الزعيم لتحافظ على امتيازاتها ومصالحها، وفئة تفهم الواقع وتعرف زيفه، ولكنها تخرج مكرهة، خشية أن تتهم بالخيانة أو العمالة، لأن الوطنية في "نظرية الزعامة " هي أن تجهد نفسك في الصراخ بالوطنية وحب الزعيم ليسمعك الناس كلهم ويمنحوك شهادة حسن السيرة، وليست أمرا قلبيا يبرهن عنه في المواقف الحرجة.

وجاءت الثورات العربية فكشفت المستور، وكفر الناس بالزعامة والزعماء، وأدركوا أنهم في حاجة إلى ساسة يتقون الله فيهم، ويخضعون للمراقبة والمحاسبة،وينتخبهم الشعب بحرية ونزاهة بعيدا عن التزوير والتلاعب بمصائر الناس، وليس إلى زعماء ينهبون المال العام ويضعونه في البنوك الأجنبية، ويخططون لتوريث الحكم لأبنائهم بعد أن وضعوهم في المناصب الحساسة، ويعملون على قمع شعوبهم بكل ما أبدعته الآلة الحربية الغربية، وما توصلت إليه أدمغة المخابرات من وسائل الإرهاب والتعذيب، بينما العدو بالقرب منهم يمرح في الأرض المغتصبة مطمئنا ، ومستفيدا من الواقع المأساوي في منطقتنا معتبرا نفسه الكيان الديمقراطي الوحيد في المنطقة، ومن حقه أن يعيش على أشلائنا.

وبعد..
فإننا في زمن لا مكان فيه للغفلة والغافلين، ولا للزعيم الأوحد ونظرياته، ولا للشعارات الجوفاء التي لا تساوي الحبر التي كتبت به، ولا الهتافات الانفعالية التي لا تخيف عدوا ولا تقنع صديقا .. إن الحاجة الآن إلى الصرامة والصراحة والحرية والديمقراطية وكرامة الإنسان والعودة إلى صوت الشعب، لأنه هو ظهير الحكومات الذي يعول عليه في الشدائد. فالشعب الحر يصنع المعجزات في السياسة والاقتصاد والثقافة والعمران وسائر مجالات الحياة، ولنا الأمثلة الواضحة في محيطنا الإقليمي. فمتى نسمع للعرب نهضة تكون في مستوى الثروات المادية والروحية التي حباهم الله بها؟ ومتى ترى العربي يقول هذا صواب وهذا خطأ دون أن يخشى مداهمة ليلية؟ ومتى تراه يخرج إلى الشارع في مسيرات سلمية هادئة يبلغ رسالته إلى المسؤول فيفهمها دون أن يأمر بالهراوات والغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والحي والدبابات والطائرات وما جادت به التكنلوجيا من وسائل الدمار؟؟


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الفكر السياسي، الزعيم، تطور الفكر السياسي، الممارسة السياسية، الأنظمة العربية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 23-07-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  الشاعر العربي و مسألة الانتماء والالتزام
  معضلة الوجهين
  فكرة الزعيم في العالم العربي.. هل تختفي قريبا؟
  اللغة العربية عند خريج الجامعة الجزائرية
  المناهج النقدية المعاصرة و تغريب النص النقدي
  الهجرة غير الشرعية وأثرها على التركيبة الاجتماعية في تمنراست
  واقع الثقافة في ظل الاحتلال الفرنسي للجزائر
  آراء حول إشكالية السجع والإيقاع في القرآن الكريم
  صورة الذات في شعر الماغوط (دراسة موضوعاتية) -2
  صورة الذات في شعر الماغوط (دراسة موضوعاتية) -1
  واقع الجهاد و الاستشهاد في العصر الحديث
  الشعر الجزائري: ثورة نوفمبر1954
  المستشرقون و القرآن الكريم .. ليسوا سواء
  قراءة نقدية في :" الملك هو الملك " لـ: سعد الله ونوس
  الدراسات القرآنية و ظلال الفكر الاستشراقي
  العالم العربي بين العلم و العولمة

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
ماهر عدنان قنديل، صالح النعامي ، علي الكاش، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد الحباسي، سامر أبو رمان ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فهمي شراب، العادل السمعلي، الهادي المثلوثي، د- محمود علي عريقات، مصطفي زهران، د - الضاوي خوالدية، حاتم الصولي، سليمان أحمد أبو ستة، رمضان حينوني، د - مصطفى فهمي، د - محمد بنيعيش، أنس الشابي، عبد الغني مزوز، فوزي مسعود ، محمد عمر غرس الله، عبد الله زيدان، عمار غيلوفي، أحمد بوادي، د - شاكر الحوكي ، حسن عثمان، إسراء أبو رمان، رشيد السيد أحمد، رافد العزاوي، د- هاني ابوالفتوح، المولدي الفرجاني، ضحى عبد الرحمن، جاسم الرصيف، محمد الياسين، أحمد ملحم، صفاء العربي، عمر غازي، رضا الدبّابي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سلام الشماع، يزيد بن الحسين، د. صلاح عودة الله ، يحيي البوليني، صلاح المختار، د - صالح المازقي، سعود السبعاني، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- جابر قميحة، حميدة الطيلوش، إيمى الأشقر، مصطفى منيغ، الهيثم زعفان، عزيز العرباوي، أبو سمية، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عراق المطيري، علي عبد العال، د.محمد فتحي عبد العال، الناصر الرقيق، تونسي، د. خالد الطراولي ، نادية سعد، د - محمد بن موسى الشريف ، وائل بنجدو، محمد شمام ، صفاء العراقي، محمد اسعد بيوض التميمي، د. طارق عبد الحليم، صباح الموسوي ، محمود فاروق سيد شعبان، محمد العيادي، محمد يحي، صلاح الحريري، فتحـي قاره بيبـان، د. أحمد بشير، كريم السليتي، منجي باكير، أحمد بن عبد المحسن العساف ، خبَّاب بن مروان الحمد، رحاب اسعد بيوض التميمي، سامح لطف الله، محمود سلطان، أ.د. مصطفى رجب، إياد محمود حسين ، أحمد النعيمي، سفيان عبد الكافي، سيد السباعي، عواطف منصور، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. أحمد محمد سليمان، مجدى داود، محمد الطرابلسي، محمود طرشوبي، د- محمد رحال، كريم فارق، فتحي العابد، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. عبد الآله المالكي، سلوى المغربي، د - عادل رضا، خالد الجاف ، مراد قميزة، رافع القارصي، ياسين أحمد، عبد الله الفقير، عبد الرزاق قيراط ، طلال قسومي، محمد أحمد عزوز، أشرف إبراهيم حجاج، د - المنجي الكعبي، فتحي الزغل، محرر "بوابتي"، حسن الطرابلسي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة