الانقلاب على المكتب الشرعي لنقابة الصحفيين التونسيين جريمة لا تغتفر
محمد العيادي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7703
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لم تكن في نيتي الكتابة في هذا الموضوع – موضوع الإطاحة بالمكتب الشرعي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين – لاعتبارات عدة، أهمها أنني لست صحفيا، كما أن بعضا من صحافيينا الأحرار والشجعان أفاضوا في الدفاع عن نقابتهم إلى حد لم يتركوا مجالا لمتطفل مثلي في ولوج هذا الموضوع، أما الآن وقد جاوز الظالمون المدى، وسقطت كل دعوات المصالحة، وأصبح لا مفر من مؤتمر استثنائي قد يقلب الطالح على الصالح واليابس على الأخضر، فأجدني مجبرا على قول كلمة حق يراد بها حق. إن الانقلاب على المكتب الشرعي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بهذا الأسلوب المكشوف المتميز بإخراج رديء وديكور سيء وممثلين فاشلين، يمثل جريمة لا تغتفر في حق الصحافة أولا وفي حق العمل النقابي ثانيا.
جريمة لا تغتفر في حق الصحافة، لان لا ربيع صحفي في تونس دون نقابة قوية مستقلة تدافع بصدق عن ثوابت المهنة ولا تخاف في الحق لومة لائم، وقد مثل بعض أعضاء المكتب التنفيذي الحالي شعاع أمل من اجل فرض لون صحافي جديد يخرجنا من دائرة الصحافة الخشبية والصفراء ويعيد للصحافة صدقها وبريقها وللأقلام الصحافية المبدعة إشعاعها ومصداقيتها. لقد برز هؤلاء الصحافيون كنقطة بداية في طريق طويل وشاق من اجل فرض ربيع صحفي في تونس، خاصة بعد استماتتهم البطولية في الدفاع عن نقابتهم واستقلاليتها، ولهذا تعتبر الإطاحة بهم نحرا لهذا الأمل وسدا لكل منافذ هذا الطريق.
كما أن الانقلاب على هذا المكتب جريمة لا تغتفر في حق العمل النقابي المستقل، ذلك أن هذه النقابة الفتية مثلت تجربة جديدة في العمل النقابي المستقل خارج اطر الاتحاد العام التونسي للشغل، وكان يمكن أن تكون نواة لعمل نقابي واعد يخرجنا من دائرة اللون النقابي الواحد، وهو ما يمثل اثراءا للمشهد النقابي التونسي، ونشرا لثقافة وممارسة نقابية جديدة.
إن الإطاحة بهذا المكتب الشرعي هو ضرب صريح لهذه التجربة النقابية الفتية.
في النهاية فان الانقلاب على المكتب التنفيذي الشرعي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، والتدخل في شؤونها من أي طرف كان عمل مرفوض شرعا وقانونا وعرفا، وهو اعتداء سافر يصل إلى حد الجريمة، لكن على كل حال التاريخ يسجل كل شيء ولن يرحم أحدا وفي يوم ما من سنة 2100 قد تولد جائزة في الصحافة الحرة باسم ناجي البغوري او منجي الخضراوي او سكينة عبد الصمد، أما المنقلبون والمسيرون عن بعد بالريموت كنترول فلا ندري أي أوصاف قد تلتصق بهم.