ياسين أحمد
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8737
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تحمل أحدى أفلام جيمس بوند البريطاني أو رامبو الأمريكي، عنواناً كهذا على ما أذكر، ولست من هواه الأفلام الخرافية، ولكن الشيء بالشيء يذكر. فكاتب الرواية بريطاني، والتمثيل والإخراج أمريكي، هي أفلام سينمائية تهدف عدا الربح، ألقاء الرعب في قلوب عباد الله من البشر، ولكن الواقع يدعونا على التأمل بأخلاق الأمريكان والإنكليز، ولو أن المسألة نسبية(اقصد الأخلاق)، والله وحده يعلم ما هي الأخلاق عندهم والأمريكان والإنكليز دخلوا في حرب مع العراق، والله وحده يعلم متى سوف تنتهي ؟
وزير الخارجية الأمريكية كولن باول جنرال سابق في الجيش الأمريكي، وقد قاتل في فيثنام، وهذا أمر لا يشرفه كثيراً، فمن المؤكد أنه قد اقترف بنفسه أو بقوات يقودها جرائم لا تشرف مقاتلاً فارساً، وإن لم يكن برتبة ساموراي، طالما نحن بصدد الحديث عن ثقافة جنوب شرق آسيا ! ثم أن بلاده قد هزمت وطردت شر طردة من هناك، ولعله يحسد نفسه بالخروج منها سالماً، عائداً على بلاده مدحوراً منحنى الظهر ذلاً وهواناً، ولكنها على أية حال أفضل من العودة محمولاً بالوضع الأفقي !
بيد أن هذا الجنرال البائس عاد ليحارب مرة أخرى في العراق، وليرتكب المزيد من الجرائم. ففي الحرب الأولى 1991 كان رئيساً للأركان الجيش، وفي الحرب الثانية 2003 كان وزيراً للخارجية سجله المراقبون على قائمة الحمائم في الإدارة الأمريكية، وإما يكون الحمام هكذا وإلا فلا ! ولكنه جلس هذه المرة في مقعد بلاده في مجلس الأمن، وهو يعرض خرائط وصور جوية لمصانع لأسلحة الدمار الشامل نووية وكيمياوية وبايولوجية مع أنه كانت صور لكراجات ومخازن لمواد غذائية، تستطيع حتى عارضات الأزياء أدراك ذلك، وليس جنرالاً حربياً من الطراز الأول ..
ولكن الجنرال المتقاعد القاتل في فيثنام ومجرم الحرب في الحرب الأولى على العراق، يتحول إلى لاعب غشاش قشاش في الحرب الثانية، فيجهد نفسه وهو يحاول إقناع مجلس الأمن على أن الصور صحيحة، وأن أقمارهم لا تخطئ، وبناء على ذلك هيا .. فلنذهب إلى الحرب.
ولكن أحداً لم يصدق صورهم وخرائطهم، فارتكبوا جريمة جديدة. والجريمة هذه المرة هي تحفة جرائم التاريخ القديم والحديث: إنهم ذبحوا بلداً بأسره، ماضيه وحاضرة ومستقبله في جريمة فريدة من نوعها مع سبق الإصرار والترصد، وهي أعلى مراتب جرائم القتل العمد، ولكن بصورة جماعية ضد بلد قديم علم العالم الحرف والرقم .. جريمة يستحقون عليها فعلاً لعنة التاريخ !
وبنفس الحجم من الكذب المدهش وقف بلير، توني أمام مجلس عمومه، ليزيل آخر غشاوة من عيون وأذهان الناس، بأن هذا المجلس ليس هو المجلس الذي شرع الاستعمار وساق شعوباً كعبيد في الإنتاج، وإلى جبهات القتال في الحروب الاستعمارية، في محاولة بائسة ليقنعنا أن هذا المجلس محترم ويستحق الأحترام ! وبدوه تبارى في الكذب مع باول حتى ليحار المرء أيهما أكذب من الآخر، ولتدخل هذه المشاهد التاريخ : رئيس وزراء بريطانيا العظمى يكذب جهاراً نهاراً أمام مجلس العموم البريطاني ! وهو يحمل خرائط وصور كاذبة، من أجل انتزاع قرارا بإنزال أمطار سوداء من القنابل وصواريخ كروز على شعب صغير آمن !
لم يصدق توني الكاذب وخرائطه وصوره أحد، بل لم يصدقه حتى بعض وزراءه ومنهم وزير خارجية بريطانيا السابق كوك !
والأكثر غرابة، ويقال أن الكذاب لا يستطيع النظر في عيون محدثيه، ولكن اشهر كذابين في التاريخ كانا يكذبان بصلافة تثير الدهشة هكذا، في رابعة النهار وأمام عدسات تلفزيونات العالم، أحدهما أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي لم تعد متحدة، والآخر أمام مجلس كان له تاريخ محتشم في الرذيلة، وقد بلغنا، أو كنا متوهمين، أو نوهم أنفسنا بأنهم سادة جنتلمان يعرفون كيف يشدون ربطة العنق، ويفهمون في الموسيقى الكلاسيك.
حسناً أيها السادة، لقد ترتب على كذب أبطال التاريخ في الكذب الأسود الموشى بالبارود والمطرز بصواريخ كروز جرائم لا يمكن حصرها أو وصفها، ولنرى كيف تصرف أبطال هذا العرض الدموي :
حاول الوزير باول أن يبدو بمظهر العسكري الشريف، فأعترف بأنه غش مجلس الأمن وأعتذر !!!
يا له من اعتذار لا يرد الروح حتى لنملة سحقت، أو لعله بذلك يريد أن يقول من أعترف بذنبه فلا ذنب عليه، أو ربما أن يبدو أفضل من الكذاب أو أن يخفف من لعنة التاريخ وعدسات التلفاز، والمصورين: لا ينفع، فالجريمة تسري في عروقة منذ نعومة أضفاره في العسكرية التي لم يتعلم منها إلا أن يكون قاتلاً وليس مقاتلاً، والفرق كبير بين الاثنين لو يعلم باول، ولكنه لا يعلم، الشعب الفيثنامي والعراقي يعلمان ماذا تكلف الأكاذيب الصاروخية ، وكم رخيصة، بل تافهة هي هذه الاعتذارات.
أما توني الشقي، فقد فضل أن يصر على الكذب بما هو أفضع من الكذب، فهو أقر بأن المعلومات التي أدلى بها كانت كاذبة، وأختفى من المسرح خبير الأسلحة البريطاني في ظروف غامضة مرتبة اشد الترتيب توحي لك بأنها من سيناريو وإخراج أجهزة لها باع طويل في الإجرام، جريمة تخفي أن رئيس وزراء بريطانيا يكذب كالذباب على مجلس العموم واللوردات والشعب والصحافة والناس أجمعين .. ولكنه أمتنع عن الاعتذار، فالاعتذار يعني إدانة مرحلة هو المسئول الأول عنها، وهو لا يدرك أن الإدانة حاصلة، ولكنه بصلافة يحاول مرة أخرى أن يتنصل منها.
الكذابون ينكرون، القتلة يتهمون غيرهم والخونة ينفون بغباء بينما يواصلون قتل شعبهم يداً بيد مع المحتلين، ويصرون على تسمية الجريمة ... عملية سياسية .....
المجرمون يعترفون بجرائمهم ضد الشعوب بعد أن يحالون على التقاعد، أو يأكل السرطان أجسامهم بعد أم ألتهم عقولهم ..
صدق أو لا تصدق .. العالم بيد مجانين وتجار حروب وحفة مهووسين بالإمبراطوريات الطائفية والعنصرية ..
وهكذا الجميع متورط بأوحاله ..
ولكن الشعب العراقي يدفع الفواتير دماً بعد أن دفعها حصاراً قاتلاً ..
ترى ماذا يفعلون بعد بعد عقد من السنين ..؟
عندما ينشر العراق قوائمه .. وحقائقه
الكذابون سيحتمون بالحصانة، والخونة سيختفون بعد أن يغيرون اسمائهم ويجرون عمليات جراحية يغيرون ألوان عيونهم
والحكومات التي ساهمت في مسخرة أو مجزرة الحرب على العراق ستصاب بالخرس ..
الكذب كلف الشعب العراقي بضعة الآف من صواريخ كروز، مئات ألوف الضحايا، أرقام فلكية من الخسائر المادية، وجروح لا تندمل ولا تنسى، والقائمة مفتوحة بعد !!!
والمطلوب أغبياء ليصدقوا الاعتذار ... وليقبلوه ...
الوزير باول لحكماء مجلس الأمن: أنتبهوا رجاء أيها السادة .. في هذه الأنبوبة
اسلحة الدمار الشامل ..!