البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

رؤوس 'الفتنة' في أوروبا

كاتب المقال د.محمد مسلم الحسيني- بروكسل   
 المشاهدات: 8850



أنتج الزعيم اليميني المتطرف "غيرت ويلدرز" في هولندا فلما قصيرا لا يزيد عن خمس عشرة دقيقة، أسماه (فتنة). يتعرض فيه للإسلام، ويتهمه بأنه دين خطير، وعلى أوربا أن تتخلص من آثاره. و"غيرت ويلدرز"، محامي هولندي وزعيم لحزب الحرية اليميني، وهو من الأحزاب المتطرفة في هولندا. وقد حاولد "غيرت ويلدرز" من خلال عرض هذا الفيلم، أن يحدث صدمة في المجتمع الهولندي، على حد قوله، لمنع انتشار المد الإسلامي و"أسلمة" هولندا.

لقد طالبت بعض الحكومات الإسلامية وكثير من المنظمات الدولية من الحكومة الهولندية ومن القضاء الهولندي، التدخل ومنع عرض هذا الفلم، الذي يمس بمشاعر المسلمين ويتعرض إلى رموزهم. كما توقعت بعض الأوساط الإعلامية أن تحصل ردود أفعال عنيفة في الشارع الهولندي، بوجه خاص، وعلى صعيد العالم أيضا في حالة عرض هذا الفيلم. الحرب الكلامية والإعلامية تتشابه في وجوه عديدة مع الحروب العسكرية الكلاسيكية، ومن أوجه التشابه هذه أن يهاجم العدو خصمه، رافعا شعارات برّاقة لا تمت إلى الحقيقة بصلة، الهدف منها استهواء وإغواء البسطاء، وجرّهم إلى الهدف المطلوب.

كما يتم الهجوم العسكري في أغلب الأحيان بطريق المناورة، بحيث لا يفهم المدافع مكان ووجهة الهجوم الحقيقي، وما هي الأهداف الإستراتيجية التي يتوخاها المهاجم. القائد المحنّك والعسكري الذي يجيد الدفاع عن قطعاته، يستطيع أن يكشف أهداف خصمه ويحاول إفشال خططه، حتى لا يقع فريسة سهلة في شباك حيلة الحرب ومكرها!

الأمر ينطبق تماما على الحرب الإعلامية والكلامية التي يثيرها البعض ضد الآخر، حيث يظهر المهاجم أسبابا معلنة ويخفي أسباب هجومه الحقيقية. كما أنه يهاجم من باب صغيرة، وهدفه الحقيقي هو الباب الكبرى. فعلى المدافع أمام الهجوم الإعلامي أن يتوخى الحذر والحيطة وأن يكشف أهداف الهجوم الحقيقية كي لا يقع في الحفرة التي صممت له ويكون ضحية الخديعة والمكر.

تعرض الفكر الإسلامي منذ القدم إلى كثير من الانتقادات والتشهير والاستهزاء من قبل بعض وسائل الإعلام الغربية وبعض الكتّاب المسلمين وغير المسلمين، إلاّ أن انتشار وسائل الإعلام بشكلها المتطور الحالي، قد جعل من العالم مدينة صغيرة واحدة، يشهد فيها الداني ما يقوله أو يعمله القاصي وبنفس اللحظة، حيث تنتشر الكلمة أو الخبر، كانتشار ضوء الشمس على ربوع الطبيعة.

كما أن أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001م، وبعض الحوادث الإجرامية التي تعرضت لها بعض المدن الأوربية، والتي اتهمت فيها بعض المجاميع الإسلامية، كانت قد أثارت سخطا ومخاوف كثيرة لدى المواطن الأوربي تجاه الإسلام والمسلمين بشكل عام.

هذه النظرة العامة في دول الغرب قد وفرت فرصة ملائمة وأرضا خصبة لبعض المتشددين والمتطرفين من روّاد الحركات العنصرية أو الصهيونية، لنشر أفكارهم ورؤاهم من أجل كسب أصوات المواطنين الغربيين، ومن ثم الوثوب على السلطة وتمرير أجندتهم المتشددة إلى حيز الواقع والوجود.

أمثلة هؤلاء الزعماء المتطرفين الذين استفادوا من وقائع الأمور وكسبوا أصوات المواطنين كثيرة، فقد وصل الزعيم العنصري المتطرف جان ماري لوبان إلى المركز الثاني في نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2002م، كما صعد الزعيم النمساوي اليميني المتطرف جورج هايدر إلى المشاركة الفعالة في سدة الحكم عام 2000م. وفاز نيكولا ساركوزي في انتخابات فرنسا الرئاسية عام 2007م، حينما رفع شعارات برّاقة ضد هجرة الأجانب. كما فاز الملياردير السويسري، كرستوف بلوشر، حينما رفع شعارات تطالب بمنع بناء المنارات في الجوامع والمساجد الإسلامية. ولولا اغتيال الزعيم الهولندي المتطرف بيم فورتين عام 2002م، لكانت نسبة الأصوات التي حصدها بين أصوات الهولنديين كبيرة إلى درجة أن توقع المحللون فوزه الساحق!

كما أن الرسوم الكاريكاتيرية لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم، التي نشرت في الدانمارك وكتابات سلمان رشدي التي نشرت في بريطانيا وكتابات بعض الكتاب العرب وأقوالهم، التي تستهجن آيات السيف في القرآن الكريم وغبرها من الندوات واللقاءات، تدور في نفس المدار المخطط له من قبل هذه الدوائر المتطرفة ذات التوجهات المعادية في غاياتها وتفاصيلها، والتي تحاول الاستيلاء على السلطة وكسب النفوذ.

لم يكن "غيرت ويلدرز" مختلفا عن أولئك الزعماء السياسيين الذين يسعون إلى توسيع رقعتهم الانتخابية وكسب الأصوات على حساب محاربة ونبذ الأجانب، فقد عرف من أين تؤكل الكتف وكيف يضرب على الأوتار الحساسة. وهكذا خرج اليوم بفيلمه "فتنة"، عسى أن يحدث فتنة بين المسلمين القاطنين في هولندا، وهم الأقلية والهولنديين الأصليين وهم الأكثرية، فيكون نجمه قد سطع وأفكاره قد حققت صحتها حينما حذر من خطر الإسلام والمسلمين على الحضارة الغربية.

والرد على هذا الفلم بالطرق الغوغائية وبالضجيج والعنف سوف لن ينفع قضية المسلمين في أوربا ولن يحل مشاكلهم، بل يزيدها صعوبة وتعقيدا. كما أن هذا هو الهدف بعينه الذي يسعى لتحقيقه "غيرت ويلدرز"، والذي ينتظر من ورائه إحداث الضجة التي ستخيف الهولنديين من أعمال المسلمين وأفعالهم، فيصوتون عليه، ويربح سباق الانتخابات القادمة!

الدليل القاطع على هذا، أن هذا الفيلم هو من لبنات خيال زعيم يميني متطرف، برنامجه موجه ضد الأجانب، ويسعى إلى الاستيلاء على السلطة، رافعا شعارات تخلب عقل الناخب الهولندي وتستهويه.

سيرة "غيرت ويلدرز" وأحاديثه وحواراته مع وسائل الإعلام المختلفة المحلية والأجنبية، هي برهان دامغ على أن لهذا الرجل توجها سياسيا، يعمل على تمريره، فقد صرّح في شهر فبراير المنصرم لجريدة الغاردين البريطانية، بأن الإسلام هو دين خطير، والقرآن يجب أن يمنع من التداول في الأسواق والمساجد والبيوت في هولندا، لأن فيه آيات تحرّض على قتل غير المسلمين، وهو كتاب فاشي ليس له مكان في المجتمعات المتحضرة، وقد شبهه بكتاب هتلر" ماين كامبف"! أو "كفاحي".

على هذا الأساس، فإن "غيرت ويلدرز"، يرى ضرورة منع هجرة المسلمين إلى هولندا وطرد المسلمين المقيمين فيها، وإعطائهم بعض المال لترتيب شؤونهم في بلدانهم الأصلية، لأنهم يشكلون خطرا ماحقا على المجتمع الهولندي، كما أفصح عن رغبته في إجراء تغييرات هامة في القانون الهولندي تجاه المسلمين المتجنسين بالجنسية الهولندية.

من هذه التغيرات المزمع طرحها، هو سحب الجنسية الهولندية من المسلمين، الذين يقترفون جرائم وإرسالهم فورا إلى بلدانهم الأصلية، كما أبدى تخوفات واضحة من اليوم الذي قد "تتدين" فيه هولندا، بسبب الأعداد المتزايدة من المسلمين الذين يقطنون أراضيها.

على شعوب العالم الإسلامي أن تتصرف بحكمة وبصيرة تجاه هذه القضية وغيرها من القضايا الأخرى، التي هي أصلا موجودة على الساحة، أو التي يحضّر لها في المستقبل القريب والبعيد، والتي تهدف غالى إثارة المسلمين وتحفيزهم على القيام بأعمال عنف يكون المستفيد الأوحد منها هم أصحاب تلك الأجندات الملغومة.

والاحتجاجات الرسمية والضغوط الحكومية على الحكومات الأوربية، وضمن القنوات الدبلوماسية المتعارف عليها، ستكون فعّالة بشكل كبير، وستحفظ سمعة المسلمين في العالم، ولا تظهرهم بصورة مخيفة، أو متلبسين بردود أفعال متطرفة يستفيد منها من يتصيّد في الماء العكر ....


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 31-03-2008   alasr.ws

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

' size="50" readonly>

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /htdocs/public/www/actualites-news-web-2-0.php on line 793

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د.محمد فتحي عبد العال، مصطفى منيغ، عزيز العرباوي، إياد محمود حسين ، د. خالد الطراولي ، جاسم الرصيف، مجدى داود، خالد الجاف ، محمد اسعد بيوض التميمي، إيمى الأشقر، علي عبد العال، د. طارق عبد الحليم، سامر أبو رمان ، رافد العزاوي، د- هاني ابوالفتوح، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صالح النعامي ، رشيد السيد أحمد، د - محمد بنيعيش، عمر غازي، عبد الله الفقير، محمد عمر غرس الله، حاتم الصولي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. عبد الآله المالكي، أ.د. مصطفى رجب، عبد الغني مزوز، الناصر الرقيق، د - الضاوي خوالدية، د - مصطفى فهمي، عواطف منصور، محمود طرشوبي، كريم فارق، ضحى عبد الرحمن، محمد يحي، حسني إبراهيم عبد العظيم، العادل السمعلي، مراد قميزة، د. عادل محمد عايش الأسطل، صفاء العربي، أشرف إبراهيم حجاج، محرر "بوابتي"، د - عادل رضا، وائل بنجدو، د. كاظم عبد الحسين عباس ، بيلسان قيصر، محمد أحمد عزوز، سلام الشماع، ماهر عدنان قنديل، سعود السبعاني، تونسي، عبد الله زيدان، فتحي العابد، فتحي الزغل، صلاح المختار، أحمد النعيمي، صباح الموسوي ، صلاح الحريري، منجي باكير، د - صالح المازقي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حميدة الطيلوش، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، طارق خفاجي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد الياسين، عمار غيلوفي، محمد شمام ، رمضان حينوني، سفيان عبد الكافي، رافع القارصي، د. أحمد محمد سليمان، د- جابر قميحة، كريم السليتي، رضا الدبّابي، الهادي المثلوثي، عراق المطيري، الهيثم زعفان، د. صلاح عودة الله ، سلوى المغربي، سامح لطف الله، د. مصطفى يوسف اللداوي، نادية سعد، د. أحمد بشير، فتحـي قاره بيبـان، المولدي الفرجاني، صفاء العراقي، فهمي شراب، مصطفي زهران، أحمد بوادي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، يزيد بن الحسين، حسن عثمان، أبو سمية، محمود سلطان، طلال قسومي، سيد السباعي، إسراء أبو رمان، ياسين أحمد، د - المنجي الكعبي، فوزي مسعود ، عبد العزيز كحيل، محمد العيادي، يحيي البوليني، أحمد ملحم، علي الكاش، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد الطرابلسي، حسن الطرابلسي، سليمان أحمد أبو ستة، د- محمود علي عريقات، عبد الرزاق قيراط ، د- محمد رحال، المولدي اليوسفي، د - شاكر الحوكي ، محمد علي العقربي، أنس الشابي، أحمد الحباسي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز