يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعض صيغ الوثيقة (**)، أو هي في ظاهرها ومجملها، تبدو وكأنها ترسخ مبادئ الحق، والحرية، والمساواة، بيد أن الفاحص المتأني، يدرك أن هذه الصيغة أو الصياغة، استغلت تلك الشعارات البراقة لنشر الإباحية، وإغفال الدين، والأخلاق، مع ربط ذلك كله بزيادة السكان، وعلاقتها بالفقر، وأن الحد من النمو السكاني هو الطريق الأمثل لتحقيق التنمية، ورفع مستوى المعيشة، واحتواء الفقر .
وإذا كان الحد من النمو السكاني غاية، فإن الغاية تبرر الوسيلة -كما يقولون- ومن هنا تعددت الوسائل للوصول إلى هذه الغاية، ومن الأمثلة على ذلك، وليس على سبيل الحصر، ما يلي :
1 ـ جاء في الفقرة السابعة(37) مايلي : (يتعين على البلدان، بدعمٍ من المجتمع الدولي، أن تحمي، وتعزز حقوق المراهقين في التربية، والمعلومات، والرعاية المتصلة بالصحة الجنسية، والتناسلية).. وقد يكون هذا مقبولاً، مع ما فيه من غموض، وتنكير في الألفاظ، وخلط مفاهيم التربية مع المعلومات، مع الرعاية المتصلة بصحة الجنس، والتناسل .
إلا أن من غير المقبول، الدعوة لغل سلطة الدولة، والافتئات على سيادتها في إعطاء مقدمي خدمات الرعاية الصحية الحق في التدخل في الأسرة، وعزل الأبناء عن الآباء، لاتخاذ قرارات تتعلق بالجنس للمراهقين بمعزل عن الأسرة، وإسقاط توجيهها للأبناء.
انظر إلى ما جاء في ذلك(38)، ونصه : (يجب أن تزيل البلدان العوائق القانونية، والتنظيمية، والاجتماعية، التي تعترض سبيل توفير المعلومات، والرعاية الصحية، والجنسية، والتناسلية للمراهقين، كما يجب أن تضمن أن لا تحد مواقف مقدمي الرعاية الصحية من حصول المراهقين على الخدمات والمعلومات التي يحتاجونها، وفي إنجاز ذلك لابد للخدمات المقدمة إلى المراهقين أن تضمن حقوقهم في الخصوصية، والسرية، والموافقة الواعية والاحترام).
وهذا يعني أن إحدى وسائل الحد من النمو السكاني، يتم من خلال تقديم الثقافة والمعلومات الجنسية للمراهقين والمراهقات، ومن ثم إباحة الممارسات الجنسية لهذه الشريحة الاجتماعية من البشر في هذه السن الخطرة، من خلال حقهم في سرية هذه الأمور، وعدم انتهاكها من قبل المجتمع، بل والأسرة التي ينتمي إليها أولئك المراهقون.
2 ـ شرعية الإجهاض أو إباحته من قبل الأجهزة المعنية في الدولة، سبيل إلى الحد من النمو السكاني، ونظرًا لأن خطاب الناس بالنص الواضح من الكلم، تقابله النفوس بالرفض، استخدمت الوثيقة تعابير براقة عديدة، مضمونها وجوهرها تحقيق الهدف، وهو إباحة الإجهاض بصبغة نظامية، ومن ذلك مثلاً :
أ ـ (وينبغي بذل جهود خاصة لإشراك الرجل وتشجيعه على الاشتراك النشط في الأبوة المسؤولة، أو الصحة والسلوك الجنسيين والتناسليين... والوقاية من حالات الحمل غير المرغوب فيها) (39).
ب ـ الفقرة الثامنة/25 والفقرة البديلة(40) تطالبان بوضوح، بإجراء تغييرات تشريعية وسياسية، مناطها معالجة ما يسمى بالإجهاض غير المأمون، وهذه الدعوى أو المطالبة ليست موجهة إلى الحكومات وحسب، بل موجهة كذلك إلى الهيئات والمنظمات غير الحكومية، على اعتبار أن الإجهاض غير المأمون شاغلاً رئيسًا من شواغل الصحة العامة.
وترى الفقرة البديلة أنه في الأحوال التي يكون فيها الأجهاض قانونيًا، ينبغى أن توضع في متناول النساء اللائي يرغبن في إنهاء حملهن، معلومات موثوقة، ومشورة عطوفة، كما أنه لا يمكن تقرير أية تدابير لتوفير الإجهاض المأمون والقانوني، داخل النظام الصحي، إلا على الصعيد الوطني، عن طريق تغييرات في السياسة وعمليات تشريعية.
جـ ـ وتدعو الفقرة (7 -4) من الوثيقة إلى إنهاء الحمل، وتخفيف عواقب الإجهاض(41) وهي إلى جانب ذلك تنفر من ختان الأنثى(42) وترى أن التنفير يجب أن يكون جزءًا من برامج الرعاية الصحية، والجنسية، والتناسلية.
3 ـ الممارسات الجنسية التي تقع خارج نطاق العلاقات الشرعية بين الرجال والنساء، أمر تشجع عليه هذه الوثيقة، وتروّج له، وآية ذلك أنها -أي الوثيقة- فصلت بين الزواج، والجنس، والإنجاب، واعتبرتها موضوعات متباينة لا علاقة لبعضها بالآخر، ولا ارتباط بينهم قائم .
كما أنها عند الحديث عن الأسرة، ابتكرت مفهومًا بل مفاهيم حديثة لماهية الأسرة، خلا تمامًا من أي التزامات شرعية أو قانونية، أو حتى أخلاقية.. وها هو النص يقول في الفصل الخامس تحت عنوان الأسرة، وأدوارها وحقوقها، وتكوينها، وهيكلها : وتتمثل الأهداف فيما يلي :
ـ وضع سياسات، وقوانين، تقدم دعمًا أفضل للأسرة، وتسهم في استقرارها، وتأخذ في الاعتبار تعددية أشكالها!(43)
ثم جاء بعد ذلك في الوثيقة ما يفسر هذه التعددية بمثل زواج الجنس الواحد، والمعاشرة بدون زواج، والكل في الحقوق متساوٍ، لايخشى شيئًا، لأن هناك مطالبة ملحاحة في جعل هذه الأشكال الأسرية الشاذة أمرًا نابعًا من تشريعات تسنها الدول لرعاياها.
4 ـ وعقد النكاح، يشترط فيه جمهرة الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، أن تكون ألفاظه مشتقة من مادتي نكح، وزوّج، لجلال هذا العقد، وخطره، ولما فيه من معنى العبادة لله، بتكثير من يعبدونه في هذا العالم.
وهذا التأكيد على الشروط، والإغراق في الشكلية من قبل جمهرة أعلام الفقه الإسلامي، مناطه التحسب التام لخطورة هذا العقد، مع علمهم التام أيضًا -رضي الله عنهم جميعًا- بأن الأصل في العقود في الفقه الإسلامي، ومنها عقد الزواج، هو قيامها على التراضي بين الطرفين، هذا التراضي الذي يدل عليه التعبير الصحيح عن إرادة كل منهما، وبأي لغة يفهمها أطراف العقد(44). ومع علمهم التام أيضًا، بأن العبرة في العقود بالمعاني، لا بالألفاظ، والمباني .
أقول : هذا العقد، وهذا المفهوم السابق، أهدرته الوثيقة تمامًا، حيث دعت إلى القضاء على التمييز في السياسات، والممارسات المتعلقة بالزواج، وأشكال الاقتران الأخرى(45).. ما أبشع ذلك شكلاً ومعنى! الزواج، الذي هو صلة مشروعة بشرع الله، يجب إهداره من وجهة نظر القردة، والخنازير، وعبد الطاغوت، وعودة البشر إلى شيوعية الجنس، بل أكثر من ذلك، لأن شيوعية الجنس تعني أن تكون كل النساء حقًا مشاعًا لجميع الرجال، في المجتمع الحيواني موضوعًا، الآدمي شكلاً.. ووجه الأكثرية من هذه الشيوعية، أن هذه الوثيقة عندما تبيح كافة أنواع الاقتران الجنسي، فإن فعل قوم لوط داخل في تلكم الإباحية، واقتران النساء بالنساء داخل فيها كذلك.. شذوذ عجيب ما أعجبه!!
5 ـ حرية ممارسة الجنس للجميع، أمر مكفول بنص الوثيقة، ودون أي التزام ديني أو خلقي أو شرفي، ولا قيد على ذلك بتاتًا إلا قيد واحد فقط، هو أن تكون تكلم الممارسات آمنة صحيًا، ومن هنا لزم أهل المسؤولية -في نظر هذه الوثيقة- الترويج للسلوك الجنسي المأمون، والمسؤول، بما في ذلك العفة الطوعية، واستخدام الواقي الذكري.. وعلى المسؤولين عبء آخر، وهو إلغاء القوانين التي تحد من ممارسة الأفراد لنشاطهم الجنسي بحرية، واختيار، وحماية الحاملات سفاحًا، لأن ممارسة الجنس، والإنجاب، حرية شخصية، وليست مسؤولية جماعية(46).
6 ـ آخر عناصر الرؤية المجملة لوثيقة مؤتمر السكان، أو بالأحرى مؤتمر الإسكات لأهل الإسلام خاصة، ولباقى الدولة النامية عامة، يتلخص في الحقائق التالية :
أولاً : استخدم مشروع برنامج عمل المؤتمر في فقرات عديدة، مصطلحات كثيرة، منها على سبيل المثال :
1 ـ الصحة الجنسية Sexual Health
2 ـ صحة التكاثــر Reproductive Health
3 ـ حقوق التكاثر Reproductive Rights
وذلك دون بيان مراده من حقيقة هذه المصطلحات، أو بيان ماهيتها بيانًا جامعًا مانعًا، كما يقول أهل الأصول عندنا، أو حتى الإشارة إلى طبيعتها أو محتوياتها، أو مدى حدودها، وإنما ربط هذا الخطاب الغربي للعالم، هذه المصطلحات العجيبة بممارسة الجنس، على مستوى الأفراد، وليس داخل نطاق الأسرة فقط.. ومن العبارات الدالة على ذلك، قوله : إن لكل فرد، وليس لكل زوج أو زوجة فقط، أن يختار ممارسته أو ممارساته الجنسية، التي تصبح بالتالي حقًا تكاثريًا، كما أن من حق الأفراد أيضًا، أن ينشطوا جنسيًا دون التزام لتقبل المسؤوليات الناتجة عن هذا النشاط.. فالعلاقات غير الشرعية، بين الكافة بالطبع، ذكر مع أنثى أو مع ذكر، أو أنثى مع أنثى، تصبح جائزة مشروعة، عندما تكون آمنة من الناحية العضوية .
ثانيـــًا : أن هذه الإباحية الجنسية، هي أوسع الأبواب لآخر الأوبئة التى تجتاح الجنس البشري بقسوة، فلئن كان للإيدز أسبابًا عديدة، فإن الإجماع الطبي منعقد على أن أول الأسباب، وأخطرها بإطلاق، هو الإباحية الجنسية، وهذا يعني أن الدعوة إلى هذه الإباحية، وإطلاقها من كافة القيود، والالتزامات، خلا الالتزامات المرتبطة بالناحية العضوية، تناقض في بؤس وعمى الاتجاه العلمي العالمي لحماية الإنسان من وباء الإيدز(47).
ومن المفارقات العجيبة، أنه قبل فترة قليلة من انعقاد مؤتمر الإباحة الجنسية، انعقد في مدينة يوكاهاما في اليابان، مؤتمر عالمي موسع رفيع التمثيل، للتداول الجاد في مصيبة الإيدز.
ثالثــــــًا :
أ ـ إن الإجهاض، الذي تدعو إليه منظمة الأمم المتحدة، من خلال مؤتمرها هذا، صلته وثيقة بالإباحية للجنس، المسقطة للقيود والالتزامات، دونما شرع أو قواعد آمرة ضابطة، وعلينا الوعي بأن الحديث عن الإجهاض في هذا المؤتمر، لم يكن حديثًا عن كونه حكمًا، أو فتوى لحالة أو حالات معينة، وإنما كان الحديث عنه بحسبانه سياسة عامة، مما يعني أن الإجهاض بهذا المعنى، إسناد للإباحية، ومحاولة للتحكم في آثارها، وتشجيع عليها عن طريق الإيحاء بنجاعة هذا التحكم، فإذا ما أدركنا أن الإباحية لا تخرج عن كونها سلوكًا اجتماعيًا، لايقوم إلا على نقض حقائق الطب العلمية، علمنا بؤس هذا التوجه وبوادره .
ثم إن الإجهاض في ضوء هذا التصور، موقف يوسع مجال العلاقات غير الشرعية بين الرجل وال
28-03-2008
Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /htdocs/public/www/actualites-news-web-2-0.php on line 793
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
28-03-2008 / 08:50:39 التونسي
نلاحظ بما لا يدع مجالا للشك ان العديد من توصيات مؤتمرات المراة تطبق بحذافيرها في تونس، كاباحة الاجهاض والتشجيع عليه، وتوفير وسائل ممارسة العلاقات الجنسية المحرمة بامان عن طريق الحملات الاعلامية الداعية لاستعمال الواقيات الجنسية، والترويج لمايسمى الامهات العازبات، وغظ الطرف من السلطات عن الذين يقومون باعمال فسق كالحفلات الماجنة والسكن المختلط بين ممن ليسو بمحارم وخاصة الشباب الجامعي حيث يقطن العديد من الشباب والشابات مع بعضهم في مساكن مشتركة بدون وجود من يمنعهم وغير كذلك كثير من الماسي في بلادنا
28-03-2008 / 08:50:39 التونسي