البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أبواب الصلح لحل الأزمة

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 1845


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


القضاء لا يقضي لجهة ضد جهة إلا مجازاً وإنما يقضي بالعدل، فتَشعر كل جهة بالارتياح لأنها كانت مظلومة أو متظلمة عن غير حق. حتى قال الله تعالى (ولن تعدلوا). وهي حكمة جوهرية، لأن المقاييس في الكون، والعدل مقياسٌ، ليست مطلقة الصحة والدقة بل هي نسبية. ومنه التنظير للنسبية علمياً. فليس في الإنسان فما بالك بغيره عديلٌ في جسمه من الأطراف هو نفسه لعديله في الطرف الآخر،

فالمحكمة الدستورية لو كانت موجودة لوفت بالعدل بين السلطات المتنازعة على الصلاحيات التي لها في الدولة الحديثة منذ قيامها عندنا بالقوانين الدستورية وغيرها. وشأنها من قبل كان بمِلْك يد واحدة.

وبعضهم يقول الاحتكام الى الشعب في ظل غياب الدستور أو ركن من أركانه، ولكن ينسى ما تخلفه هذه الحكومة، حكومة الشعب كثورة أو شبهها من بأس على الجميع، لأن العقاب يعمّ الكافة ولا يشمل إلا الخاصة، أي المعاقبين الذين ينتفض في وجوههم من ينتفض فيأتي على الأخضر واليابس لينزع السلطة منهم بالمرة. والحروب من هذا النوع لا تستثني الأديرة والرباطات إلا لمنع الاحتصان فيها للأعداء، وإلا فإن العابدين فيها مستثنون من القتال.

فلو ذهبنا الى الصلح وقد انسدت أبواب التقاضي قبل أن ييأس الناس في خروج قريب من أزمة. أزمة هذا التنازع على السلطة، الذي بان أكثر ما استبان بعد الثورة، لأن السلطات التي كانت ممسكةٌ يد عليا واحدة بها من حديد انحلت وانسخلت، فلم تعد غير مسمى مفرغ من هيبة السلطة وحرمتها رغم ما فيها من نقص، فلو ذهبنا الى الصلح لكان الأمثل بنا كتونسيين.

فأصبح صاحب كل سلطة من السلطات الثلاث نقصد الرئاسة والحكومة والبرلمان، زائد القضاء والإعلام والنقابات والمجتمع المدني والتدخل الخارجي، كلها لا يجمعها جامع إلا التنابز والتنافر والتطاول والامتهان والتدخل الفج، ولا عاصم.

وغدَا كلّ صاحب ذي وجه بالديمقراطية وحقوق الانسان والحريات العامة ونظافة اليد، ذا وجوه متعددة وهو في هذه السلطة أو تلك بعكس ما كان عليه في سلطة المعارضة أو الاستقلالية إذا صحت التسمية.

وإذا كان الباب مفتوحاً من قبلُ للتأويلات الدستورية كل على شاكلة مزاجه أو مخططاته فالمتوقع أن تنفتح أمام أصحاب الأغراض المريبة أبواب التراشق بالتهم الخطرة لتعكير الأجواء والتأليب على الآخر، ما يؤدي إلا مزيد من التوتر والاجتراء داخل الصفوف، فتنبثق الفوضى العارمة ويتآكل النظام على رأس أقطابه الكافرين بنعمة الثورة لحساب شرعياتهم الحالية ومنافساتهم الانتخابية مستقبلًا.

فلا يجب أن يَعدَم أصحابُ الرأي الحيلة لاقتعاد الأطراف المتصارعة حول صيغة صُلحية تحفظ ماء الوجه وتجنب الفتنة بين الفرقاء في ظل أزمة خانقة وباءً وغلاءً وفقراً وتهميشاً وبطالة، فلا يسقط اعتراض الرئيس على ثقة البرلمان ولا تسقط ثقة البرلمان أمام اعتراض الرئيس على إمضاء التحوير، فيُصان ظاهر الدستور كما يقرأه الرئيس أوْلى من احتذاء قانون داخلي بالمجلس يؤسس لقواعد حكومية، وإن كانت منطلقة من إرادة تشريعية، ولكنها ليس بالأساس تعديلات دستورية أو لا ترقى الى تعديلات دستورية إلا ضمنيا كآلية التوافق التي أقحمت إقحاماً بأعمال المجلس كمقدمة للتصويت إجهاضاً للديمقراطية العادية في المداولات البرلمانية، خصوصاً في مجلس هو نفسه متناقض على نفسه ومأخوذة أطرافه من الأنف في الغالب لعقد الصفقات الفاسدة بكل المقاييس الدينية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

أما إذا بقيت الأبواب موصدة عن كل معقول ومقبول فـإن كل متعنّت في إدارة ومؤسسة سيركب رأسه من غد ويفتعل كل تعلة للتصلب والتشدد. والناس على أمثال حكامها. وعندها لا يكون سماع إلا للجماهير المتألبة على واقعها المرير للإدالة به ولو بالنار والدم.


-------------------------------
تونس في ١٨ جمادى الآخرة ١٤٤٢ ه‍‍
غرة فيفري ٢٠٢١م


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، ذكرى الثورة، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 2-02-2021  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ‏حرب يتحمل تبعاتها الطرف المتسبب
  ‏لا خيار أمام ترامب غير خيار الحق
  لابن خلدون نظر وتحقيق
  ‌في ذكرى انبعاث الطوفان لحمل العدو وآلته العسكرية إلى حيث مصيره
  قتل بحجم النصر لقضية ‏المتوفى
  الإسلاموية في فرنسا
  حبر الانتخاب أو بيعة الرضوان
  ‌قدس يسوى أغلى من حسن وهنية
  ‏لينعم السيد حسن نصر الله باستشهاده
  ‌‏بقتل سيد المقاومة اللبنانية تخسر ‏ إسرائيل
  الرمز يُعلى بالإستشهاد ولا يسقط بالموت
  اللائكية كدين يستقلع الأديان ليحل محلها
  الحرب سجال والإنتصار قتال
  قليل من قلة الذوق ‏والشعارات الفارغة
  عملية أللنبي الأخيرة
  جامعة وكلية وقانون‏ ونفوس معقدة من مخلفات الاستعمار ومقبلات الاستقلال
  المستقبل السعيد
  ونقول للمحسن أحسنت
  ‌الرد المستور أقوى من الرد المكشوف الظهر
  ‌الحرب من أجل أمريكا والعالم
  ويذيق بعضكم بأس بعض
  ‌‏الرد الممدود
  ‌نُصرت بالرعب
  سفرة ناتنياهو إلى واشنطن استئذان بايدن على قتل هنية
  ‌إسرائيل أخطأت بقتل هنية بناتنياهو أي وهي تريد ناتنياه
  تناقل أقوال تشومسكي عضو بيت الحكمة في تونس
  مخطوط قيرواني نادر الوجود في بيت آل الكعبي
  وثائق زيتونية شابية عن إحالة الأستاذ الدكتور المنجي الكعبي على مجلس التأديب بتاريخ 25/03/1991
  تحلّ المشاكل بالأقوياء لأنها تنشأ بالضعفاء
  حادث بمثقال ‏الحادي عشر من سبتمبر

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمر غازي، صلاح الحريري، سامر أبو رمان ، العادل السمعلي، رشيد السيد أحمد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سفيان عبد الكافي، حميدة الطيلوش، محمد أحمد عزوز، محمد الطرابلسي، مصطفي زهران، رافع القارصي، ياسين أحمد، رمضان حينوني، خالد الجاف ، محمد عمر غرس الله، صالح النعامي ، أشرف إبراهيم حجاج، حسن الطرابلسي، طلال قسومي، يزيد بن الحسين، سعود السبعاني، تونسي، أ.د. مصطفى رجب، فتحـي قاره بيبـان، عبد الغني مزوز، د.محمد فتحي عبد العال، محمد يحي، أحمد الحباسي، د - المنجي الكعبي، مراد قميزة، محمد الياسين، علي الكاش، يحيي البوليني، عبد الرزاق قيراط ، د. أحمد بشير، أحمد النعيمي، د- جابر قميحة، إسراء أبو رمان، المولدي اليوسفي، محمود فاروق سيد شعبان، الهيثم زعفان، عمار غيلوفي، علي عبد العال، أحمد بوادي، وائل بنجدو، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن عثمان، محمود طرشوبي، د - الضاوي خوالدية، المولدي الفرجاني، حاتم الصولي، رافد العزاوي، فوزي مسعود ، الهادي المثلوثي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- هاني ابوالفتوح، رحاب اسعد بيوض التميمي، مجدى داود، عراق المطيري، محمد شمام ، فتحي الزغل، د- محمود علي عريقات، د. ضرغام عبد الله الدباغ، رضا الدبّابي، نادية سعد، د. عبد الآله المالكي، ماهر عدنان قنديل، طارق خفاجي، د - صالح المازقي، إياد محمود حسين ، سيد السباعي، حسني إبراهيم عبد العظيم، عزيز العرباوي، صباح الموسوي ، أبو سمية، سامح لطف الله، عواطف منصور، د - محمد بنيعيش، محمد اسعد بيوض التميمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- محمد رحال، سلام الشماع، د. أحمد محمد سليمان، عبد الله زيدان، محمد العيادي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. صلاح عودة الله ، محمد علي العقربي، كريم فارق، د. طارق عبد الحليم، صفاء العربي، خبَّاب بن مروان الحمد، جاسم الرصيف، د - مصطفى فهمي، مصطفى منيغ، فهمي شراب، د. عادل محمد عايش الأسطل، أنس الشابي، محرر "بوابتي"، إيمى الأشقر، د - محمد بن موسى الشريف ، صلاح المختار، د. خالد الطراولي ، سليمان أحمد أبو ستة، د - شاكر الحوكي ، ضحى عبد الرحمن، عبد الله الفقير، كريم السليتي، صفاء العراقي، محمود سلطان، د - عادل رضا، أحمد ملحم، فتحي العابد، منجي باكير، سلوى المغربي، الناصر الرقيق، عبد العزيز كحيل، بيلسان قيصر،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة