البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

نذُر الحرب حذَر العدوى

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2228


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


عندما أطلق الرئيس الفرنسي ماكرون إعلان الحرب في قولته الشهيرة نحن في حرب لا على جيوش ولا على دولة ولكن على فيروس، لم يفعل سوى أنه شابه الحالة بالحالة.

لأن الوباء هو عدو في ذهنه، وربما في ذهن الكثيرين من زعماء العالم المستقوين بسلاحهم النووي الرادع، المحظور على من دونهم امتلاكه، كسائر الأعداء، وربما أطلقته دولة من الدول أو جيش من الجيوش في شكل فيروس مسيّر، كالأقمار الاصطناعية للتجسس أو كالطائرات المسيرة ( الدرون ) ثم أعجزها التحكم فيه بلقاح أو دواء.

ولذلك يمكن أن يخطر بباله أن الكورونا كوفيد - ١٩، التي انطلقت الإصابات به من الصين، أكبر دولة نووية متقدمة صناعياً واقتصادياً وجغرافياً يخشونها بعد سقوط الشيوعية في روسيا، هي الجهة الأنسب للاتهام به كوباء حربي وتحمل مسؤولياته.

فإذا تقرر هذا في ذهن الرئيس ماكرون أو ترامب أو بو جو في المملكة المتحدة، لا يبقى إلا أن نتصور أن كل قراراتهم الاستثانية التي تولوها بمناسبة هذا الفيروس لا تصب إلا في صالح الاستعداد للحرب وخوضها بالأسلحة المناسبة، منعاً للانهيار الاقتصادي المهدد لدولهم، وهو الأهم بالنسبة اليهم من كل انهيار في أية ميادين أخرى.

ولذلك خاطب ماكرون الدول الإفريقية في شخص قادتها الفرنكوفونيين، لعقد العزم وإياهم على الربح معاً في هذه المواجهة.

ومثله ترامب في مسارعته للمساعدة بآلاف ملايين الدولارات للفلسطينيين، التي كان منعها عنهم بالأمس، تخفيفاً لوطئ الفيروس على حليفته إسرائيل، أن تأتيها العدوى به من ناحيتهم. لا خشية أن يكون الله قد سلط عليها هذا العذاب في نظرهم انتقاماً لهم منها ومنه.

وربما يتطور رد الفعل بإعلان حرب على العالم على خلفية مقاومة الكورونا الضاربة أطنابها في كثير من دوله، كحربهم على الإرهاب الذي استوصفوه بالإسلامي إقحاماً لدول الإسلام لمحاربته بزعامتهم وأموال تلك الدول نفسها.

والحرب على من يُعدي يعني الحرب على الآخر في قاموسهم، باعتبارهم ليسوا المتسببين في منشإ هذا الفيروس المستجد، أي مأتاه من غيرهم.

وسائر الدول قِبْلتها الوحيدة هي المنظمة الأممية، التي يشكك كلهم تقريباً في حريتها للقيام بدورها، كما تنص عليه لوائحها ومقرراتها. ولكنهم يعرفون أن سيف الفيتو المرفوع على رأس كل قضية تعرض لمشروع قرار لفائدتهم، إلا ومآله السقوط أو الإهمال في سلة التقادم، إذا ما يتم الالتفاف عليه بصياغة توافقية لإحكام الطوق به على أصحابه بدل تحرير طاقاتهم.

وهذه الدول الصغرى ما دامت تعاني التفرقة والصرعات المريرة، من ذات أنفسها ومن الخارج، بقيت وفي كثير من الأزمات، عاجزة عن تدارك وضعها بين الأمم، رغم ما عرفه تاريخها القريب من ثورات بملايين الشهداء قطعاً لدابر الاستعمار فوق أرضها الطاهرة.

وهذه أزمة جديدة. فلا نعلم ما تخبئ الدول من استراتيجيات لها، لأن ما قبلها سيكون حتماً خلافاً لما بعدها.

ونحن أمة شابة بالمعني الديموغرافي، حباها الله بثروات نحسد عليها. فلو أحكمنا تراص صفوفنا بمناسبة هذه الأزمة، لكانت لنا فرصة خلاقة لتجنيد كافة طاقاتنا وتحويل ظرفية الحجر الصحي، أو الحذر الصحي بعده، الى ظرفية لخوض معركة الحياة والموت ولأمكننا صنع المعجزات في سبيل التقدم ببلادنا كما لم نكن نحلم سابقاً.

وتكون هذه الأوامر الحكومية والرئاسية والتشريعات النيابية المقتضاة لمدافعة هذا الوباء محل تدبر وإقبال لا موضوع قهر عليها وعناد ومواربة. والدولة محمولة على القهر من أجل الصالح العام. وهذه الأزمة عرّت عن انحرافات كبيرة سلوكية وأخلاقية لا بد من القطع معها لإصلاح ما أفسدته السياسات الثقافية والتربوية والاجتماعية لأجيال، أصبحنا نشاهد آثارها السلبية في عديد من الطبقات والفئات منذ الثورة والى أن داهمتنا هذه الأزمة بفيروسها القاتل.

وبإمكاننا أن نبدّل فقرنا بغنى وبؤسنا بنعيم وخلافنا بصلح، إذا كانت تضحياتنا بسبب هذا الفيروس أكثر من النفوس المريضة مجتمعياً منه بالنفوس المريضة جرثومياً. لأن العلاج في استساغة الدواء جزء من مفعول الدواء نفسه.

وكم مبادرات كانت محل شجب وارتياب تصبح مقبولة بطعم المصائب العامة، كوقف الاقتتال وتلاحم الشعوب وتقاسم الحظوظ. والأزمات أمهات المعجزات. وما التباعد الاجتماعي الذي نعالجه من أجل منع العدوى بهذا الفيروس، إلا فرصة كبرى للدول لتوطيد التقارب الروحي والفكري والعاطفي بين أفرادها وجماعاتها من أجل عالم أكثر إنسانية وسماحة وتعاون، بدل إعلان الحرب وتجييش النفوس.

تونس في ٢٥ شعبان ١٤٤١ه‍‍‍

١٨ أفريل ٢٠٢٠م


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

كورونا، الوباء، الأوبئة، المرض، فرنسا، أمريكا، ترامب، ماكرون،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-04-2020  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ‏حرب يتحمل تبعاتها الطرف المتسبب
  ‏لا خيار أمام ترامب غير خيار الحق
  لابن خلدون نظر وتحقيق
  ‌في ذكرى انبعاث الطوفان لحمل العدو وآلته العسكرية إلى حيث مصيره
  قتل بحجم النصر لقضية ‏المتوفى
  الإسلاموية في فرنسا
  حبر الانتخاب أو بيعة الرضوان
  ‌قدس يسوى أغلى من حسن وهنية
  ‏لينعم السيد حسن نصر الله باستشهاده
  ‌‏بقتل سيد المقاومة اللبنانية تخسر ‏ إسرائيل
  الرمز يُعلى بالإستشهاد ولا يسقط بالموت
  اللائكية كدين يستقلع الأديان ليحل محلها
  الحرب سجال والإنتصار قتال
  قليل من قلة الذوق ‏والشعارات الفارغة
  عملية أللنبي الأخيرة
  جامعة وكلية وقانون‏ ونفوس معقدة من مخلفات الاستعمار ومقبلات الاستقلال
  المستقبل السعيد
  ونقول للمحسن أحسنت
  ‌الرد المستور أقوى من الرد المكشوف الظهر
  ‌الحرب من أجل أمريكا والعالم
  ويذيق بعضكم بأس بعض
  ‌‏الرد الممدود
  ‌نُصرت بالرعب
  سفرة ناتنياهو إلى واشنطن استئذان بايدن على قتل هنية
  ‌إسرائيل أخطأت بقتل هنية بناتنياهو أي وهي تريد ناتنياه
  تناقل أقوال تشومسكي عضو بيت الحكمة في تونس
  مخطوط قيرواني نادر الوجود في بيت آل الكعبي
  وثائق زيتونية شابية عن إحالة الأستاذ الدكتور المنجي الكعبي على مجلس التأديب بتاريخ 25/03/1991
  تحلّ المشاكل بالأقوياء لأنها تنشأ بالضعفاء
  حادث بمثقال ‏الحادي عشر من سبتمبر

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - محمد بن موسى الشريف ، تونسي، محمد العيادي، سلام الشماع، د - صالح المازقي، د. أحمد محمد سليمان، إياد محمود حسين ، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - المنجي الكعبي، د - عادل رضا، وائل بنجدو، د. أحمد بشير، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد عمر غرس الله، أ.د. مصطفى رجب، مصطفى منيغ، محمد الطرابلسي، ضحى عبد الرحمن، عبد الرزاق قيراط ، عمار غيلوفي، إيمى الأشقر، فتحي العابد، حاتم الصولي، طارق خفاجي، د. خالد الطراولي ، د. عبد الآله المالكي، جاسم الرصيف، رضا الدبّابي، سامر أبو رمان ، عزيز العرباوي، علي عبد العال، حميدة الطيلوش، فتحي الزغل، سعود السبعاني، كريم السليتي، د - مصطفى فهمي، صباح الموسوي ، أحمد النعيمي، محمود فاروق سيد شعبان، فتحـي قاره بيبـان، أحمد بوادي، د - شاكر الحوكي ، رافد العزاوي، محمد أحمد عزوز، عبد الله الفقير، أحمد ملحم، محمد اسعد بيوض التميمي، إسراء أبو رمان، محمود طرشوبي، سفيان عبد الكافي، رشيد السيد أحمد، الهادي المثلوثي، طلال قسومي، أحمد الحباسي، العادل السمعلي، سليمان أحمد أبو ستة، صالح النعامي ، خبَّاب بن مروان الحمد، د- جابر قميحة، فوزي مسعود ، محمود سلطان، عمر غازي، عواطف منصور، منجي باكير، مجدى داود، رافع القارصي، فهمي شراب، مراد قميزة، محمد الياسين، بيلسان قيصر، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عراق المطيري، د.محمد فتحي عبد العال، د - الضاوي خوالدية، د. صلاح عودة الله ، أنس الشابي، حسن الطرابلسي، صفاء العربي، ياسين أحمد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الغني مزوز، سيد السباعي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- محمود علي عريقات، د - محمد بنيعيش، صلاح المختار، حسني إبراهيم عبد العظيم، الهيثم زعفان، ماهر عدنان قنديل، محمد شمام ، خالد الجاف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد علي العقربي، د. طارق عبد الحليم، صلاح الحريري، علي الكاش، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- محمد رحال، عبد العزيز كحيل، عبد الله زيدان، حسن عثمان، د- هاني ابوالفتوح، المولدي الفرجاني، أشرف إبراهيم حجاج، صفاء العراقي، نادية سعد، يزيد بن الحسين، يحيي البوليني، رمضان حينوني، الناصر الرقيق، محمد يحي، كريم فارق، سلوى المغربي، المولدي اليوسفي، سامح لطف الله، مصطفي زهران، أبو سمية، محرر "بوابتي"،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة