د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2245
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أداء اليمين عند تولي المهام العامة يخضع عادة الى ضوابط ومثله في المناسبات الرسمية والأعياد التي يحترم فيها المرء اللباس المتعين على كل صنف من الأصناف المشاركة فيها التقيد به.
ولفت نظري في موكب أداء اليمين أمام السيد رئيس الجمهورية من طرف أعضاء الحكومة، أن الأداء غير جماعي كما في مجلس نواب الشعب، وإلا لما كنا شاهدنا الخطأ في اليد وفي اللسان، لأننا رأينا مثلاً رئيس الحكومة السيد إلياس الفخفاخ أخطأ أربعة أخطاء لغوية في جملة من خمس عبارات. وأن وزيرة الشؤون الثقافية السيدة شيراز العتيري التي تكسر كل ما ينصب من عبارات القسم ولم تحسنه كما أحسنتها السيدة كاتبة الدولة للموارد المائية الآنسة أقصى البحري، وإن انفردت هذه عن بقية سيدات الحكومة بارتداء شال كشال اليهود بخطوطه وبألوانه المعهودة للمرأة في المناسبات الدينية، وإن كانت كما بينا في تصحيح اسمها باجتهاد منا وبالرجوع الى شجرة أنساب آل البحري هو (أقصى) كرضوى، وليس عاقصة أو عقيصة، أو عاكسة كما تَلفّظ به أول مرة السيد رئيس الحكومة عند اقتراحها يوم إعلان الحكومة.
ولم يراع البروتوكول عند المناداة عليها لأداء القسم إلا بالاسم (عاقصة) الذي ربما بقيت تصر على تسمية نفسها به للشهرة بتلفظه أو رسمه بالطريقة التي رأتها له في سائر حياتها المهنية وفي الخارج، لأننا لم نعرف رفضاً له أو تشكيكاً في مطابقته لمضمون ولادتها، في أي رد على مقالنا الذي نشرناه في صفحتنا المفتوحة للعموم في التواصل الأجتماعي وفي عدة جرائد إلكترونية ونقلته عن مصدره عدة مواقع إخبارية وراسلنا به رئاسة الجمهورية في موقعها للتواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية.
وخشينا وقتها أن يكون تقديرنا لطرد العلاقة بينها وبين صورتها المتداولة بالحلي الذي يطوق عنقها وتتدلى منه على صدرها ما يشبه في شكله النجمة اليهودية السداسية الأطراف، هو تأكيد للزينة والقيمة الثمينة لا للرمزية الدينية. فهل يمكننا الحمل عليه كذلك بالنسبة للشال الذي وضعته على رأسها كغطاء إسلامي عند القسم على القرآن الكريم؟
وخاب ظننا في المكلفة الإعلامية بالرئاسة، أن تلفتنا الى غير حرجها من قرابة في الحكومة باللقب أن يكون ذلك من تحت راسها كما يقال، لأن دعوتها للتحقق من دعواها بعدم القرابة تنفيه بالعكس الشجرة الموثوقة التي أشارت اليها على موقع أنساب في الانترنت، بالصلة في الجد الأعلى قبل التفرع الى جدها من أصحاب الحرف وجد غيرها من الملقبين بنفس اللقب من شيوخ الدين.
هذا وكل عهد من عهودنا في الحكم إلا واتسم بتغيير في الشارة والزي الرسمي وفي الألقاب، فقد أسقط مثلاً الحكم الجمهوري اللباس الشبيه بالعسكري للمدنيين المتولين للوزارة في المملكة واحتفظ به فقط للولاة والمعتمدين. واتخذ بورقيبة في الصورة الرسمية المتداولة لحكمه هيئة تشبه هيئة رئيس الجمهورية الفرنسية في النظام المعاصر له.
وربما يضبط لأداء القسم ضوابط جديدة حتى لا تتكرر المفاجآت به في مثل هذه المناسبات التي مرت بنا بعد الثورة.
ولم نر الرئيس قيس سعيد كالمخلوع عندما تولى، إذ بادر بتقليد صورة الرئيس بورقيبة الرسمية، وعممها على المؤسسات الحكومية، حتى أنه للسرعة التي أنجزها بها أخطأ في صورة العلم الى جانبه، فبدا نجمه مقلوباً، فجاء طرفه المتوسط بين طرفي الهلال على غير الأصل في وضعه، كالنجم في العلم الجزائري، لأن التآخي بين العلمين قائم من هذا الجانب. الأمر الذي جعله يأذن عندما تفطن اليه بعد وقت طويل الى إصدار قانون سنة ١٩٩٩ لضبط أوصاف العلم ليطابق تماماً العلم الخاطئ في الصورة الرسمية له. دون أن يراعي تاريخ العلم والشهداء الذين توفوا وهو على صدورهم أو تحمله سواعدهم، ولكن بدعوى التصحيح لما هو رائج من أخطاء في رسمه حتى لا يكشف عن تسرعه باغتصاب السلطة بدستور تأوّلَ فصوله كما يريد وعدّل قوانينه كما يريد، حتى أنه وجه بالوثيقة الطبية التي تشرع للعجز باللغة الفرنسية وليس باللغة العربية كما يقتضي الدستور، ولكن دون اعتراض أحد من النواب ولا انتباه من رئيس المجلس.
ومر هذا القانون على السمع والبصر دون أن يحرك من وجّهنا اليهم من الرسميين في أول الثورة رسائل لتدارك هذا التزييف في العلم.
وكنا كتبنا في حينه عن هذين الأمرين ولكن كما يقول لي بعض المخلصين إنه لو يقرأ لك المسؤولون ما تكتبه لكنت في محنة منذ وقت بعيد. ولكن الرسميين في تونس لا يقرؤون لك وحتى إن بلغهم علم بما تكتب يتجاهلونك ويرون ذلك أسلم، لما تركته من أثر في حياتك النيابية وفي اللجنة المركزية بكتابيك المنشورين وغيرهما من منشوراتك السياسية الأخرى.
وهذه ملاحظات لا تقلل من تقاليدنا في أن أهل السلطة علىدينملوكهم،ولو كانت الشخصيات المختارة ليست مناسبة لتوجهاتهم ورؤآهم واستراتيجاتهم كما نقول اليوم لتعذر عليهم الحكم بما تقتضيه أهداف دولتهم ومباديها المؤسسة عليها. فالثقةالعلياأوالبيعةهي المعطاة لهم وليست المعطاة لمن دونهم في المسؤولية.
تونس في ٤ مارس ٢٠٢٠
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: